حكيمي يطمئن المغاربة: عدت أقوى... والكان هدف أمامي    العلم تطلق زاوية "يوميات الكان" لمواكبة كأس الأمم الإفريقية المغرب 2025    " الاتحاد الوطني للشغل": تسريبات لجنة الأخلاقيات تكشف خطيرة وتضرب في عمق التنظيم الذاتي للمهنة    ليلى بنعلي: المغرب يكرس موقعه كقطب إفريقي لقيادة التحول الاستراتيجي في المعادن    مراكش تحتضن أكبر ملتقى عالمي للأمن: انطلاق أشغال الدورة 93 للجمعية العامة للأنتربول    الحافظ يترأس اشغال الدورة العادية للمجلس الإقليمي لحزب الاستقلال بسيدي قاسم    ميناء الحسيمة : انخفاض نسبة كمية مفرغات الصيد البحري    إساكن.. تجديد فرع النقابة الوطنية للتعليم بعد التحاق جماعي لنساء ورجال التعليم بCDT    اتحاد حماية المستهلكين: منتوج زيت الزيتون المغربي سليم وآمن للاستهلاك    حكيمي: "أشعر بتحسن.. وهدفي الوصول إلى كأس أفريقيا في أفضل حال"    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    دراسة علمية تشير لإمكانية إعادة البصر لمصابي كسل العين        وقفة احتجاجية بتطوان تضامنا مع فلسطين والسودان ورفضا للتطبيع            اعتداء على أستاذة حامل يشعل غضب الجامعة الحرة للتعليم بأولاد فرج والتنظيم النقابي يحمّل المديرية الإقليمية المسؤولية    بنعليلو: الزمن السياسي يفرض علينا الانتقال من رصد جهود مكافحة الفساد إلى قياس النتائج ومساءلة الأثر        المغرب ‬قطب ‬للإشعاع ‬الإفريقي ‬ولبناء ‬المستقبل ‬الواعد ‬للقارة ‬السمراء    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الارتفاع    إسرائيل ترفع تأهب الدفاع الجوي غداة اغتيالها قياديا ب"حزب الله".. وتستعد لردود فعل    احتجاجات صامتة في الملاعب الألمانية ضد خطط حكومية مقيدة للجماهير    ألونسو: هذه هي الكرة حققنا بداية جيدة والآن النتائج لا تسير كما نتمنى    سيناتور يمينية متطرفة ترتدي "البرقع" بمجلس الشيوخ الأسترالي وتثير ضجة بالبرلمان    إقالة وتوبيخ ضباط إسرائيليين كبار بسبب الفشل في توقع هجوم 7 أكتوبر    الجيش السوداني يرفض اقتراح اللجنة الرباعية لوقف إطلاق النار ويصفها ب"غير محايدة"    بغلاف ‬مالي ‬يصل ‬إلى ‬6.‬4 ‬مليون ‬درهم.. ‬إطلاق ‬خطة ‬استراتيجية ‬لمواجهة ‬‮«‬ضغط ‬السكن‮»‬    إجراءات ‬مشددة ‬تواكب ‬انطلاق ‬اختبارات ‬ولوج ‬مهن ‬التدريس ‬بالمغرب ‬    تسوية قضائية تُعيد لحمزة الفيلالي حريته    وفاة الممثل الألماني وأيقونة هوليوود أودو كير عن 81 عاماً        أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الاثنين    "منتدى الزهراء" ينتخب مكتبه الجديد خلال جمعه العام بالرباط    "التوحيد والإصلاح": تضارب المصالح في الصفقات والمس باستقلالية الصحافة استهتار بالقانون وإساءة للمؤسسات    إطلاق دفعة جديدة من أقمار ستارلينك الأمريكية    جمعية التحدي تدق ناقوس الخطر بشأن تفاقم العنف ضد النساء وتجدد مطالبتها بإصلاح تشريعي شامل    من الديون التقنية إلى سيادة البيانات.. أين تتجه مخاطر الذكاء الاصطناعي؟    تتويج أبطال وبطلات المغرب للدراجات الجبلية في أجواء ساحرة بلالة تكركوست    مملكة القصب " بمهرجان الدوحة السينمائي في أول عرض له بشمال إفريقيا والشرق الأوسط    المخرج ياسر عاشور في مهرجان الدوحة السينمائي يتحدث عن فيلم "قصتي" حول الفنان جمال سليمان:    لجنة الأفلام في مدينة الإعلام – قطر تُبرم شراكة مع Parrot Analytics لتعزيز استراتيجية الاستثمار في المحتوى        تحديد ساعات التدريس من منظور مقارن    العثور على ستيني جثة هامدة داخل منزله بالمدينة العتيقة لطنجة        الوداد يحقق فوزا مهما على نيروبي يونايتد في كأس الكونفدرالية    تكريم الفنانة المغربية لطيفة أحرار في افتتاح أيام قرطاج المسرحية بتونس    مزاد خيري يبيع كاميرا البابا فرنسيس بأكثر من 7 ملايين دولار    أرقام جديدة تؤكد الإقبال المتزايد على تعلم الإسبانية في المغرب    دراسة: استخدام الأصابع في الحساب يمهد للتفوق في الرياضيات    أجهزة قياس السكري المستمر بين الحياة والألم    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    جمعية "السرطان... كلنا معنيون" بتطوان تشارك في مؤتمر عالمي للتحالف الدولي للرعاية الشخصية للسرطان PCCA    معمار النص... نص المعمار    الوصايا العشر في سورة الأنعام: قراءة فقهيّة تأمليّة في ضوء منهج القرآن التحويلي    المسلم والإسلامي..    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خديجة قرياني, الكاتبة الوطنية للقطاع النسائي الاتحادي .. نقاط أربع في المسألة النسائية والإصلاح الدستوري

تناول المسألة النسائية في إطار الإصلاح الدستوري لا يعني عزلها في خلوة تحكمية عن مسار المسألة الاجتماعية بصفة عامة, لكن فقط لضرورات إبراز بعض الخصوصيات الناتجة عن الوضع الاجتماعي الناتج حتما عن التأخر التاريخي عن موعد الحداثة والذي تكشفه مظاهر الوضعية الاجتماعية للمرأة بالمغرب .
هي إذن فرصة تاريخية لا يجدر التخلف عنها لطرح القضايا المرتبطة بوضعية المرأة على طاولة الإصلاح الدستوري .
ما هي إذن الحقوق والقضايا التي يتعين أن يتناولها الإصلاح الدستوري حتى تكون شاخصة في الدستور المرتقب والمفترضة حداثيته .
من الممكن أن ننطلق في جرد الحقوق بصيغة مطلبية إزاء وضعية المرأة المغربية لكن ذلك لن يكون مؤسسا .
لذلك من المسوغ أن ننطلق من قواعد ومبادئ جوهرية لا حل لنا فيها إلا أن تكون ذات طابع معياري مادام الأمر يتعلق بحقوق أساسية عبر عنها المجتمع الإنساني عبر مسيرته التاريخية بتداخل الحضارات والثقافات ويقينا أن الديانات ليست معزولة عن هذا التطور الذي تبلور عبر المعايير الدولية لحقوق الإنسان بمفهومها العام .
ولذلك فإن طرح المسألة النسائية لا يعني تحاشي تناول التدبير السياسي للشأن المجتمعي كما يجب أن يقنن في إطار الدستور, لكن ذلك يأتي مفهوما في إطار سياق طرح الحقوق المطلوب تأملها دستوريا وإقرارها قانونيا وضمان ممارستها فعليا, ثلاثة مسارات ذات طابع تراتبي مترابط ، ومن منطلق موقعنا في إطار الحركة النسائية ولو أني أتحدث من موقع قطاع ناشئ حزبي
2
لابد أن نطرح مطالب ومستلزمات المسألة النسائية في إطار الإصلاح الدستوري من موقع خصوصية هذه المسألة نفسها كما أسلفنا القول .
ومن هذا المنطلق يبدو لي أن أؤكد على المبادئ الجوهرية التالية :
أولا : مبدأ المساواة
دون شك يرتبط هذا المبدأ بكرامة الإنسان وجوهرية تعريفه ككائن بشري وعلى هذا الأساس لا يمكن قبول أي تمييز بسبب الجنس, ولذلك فإن النص على قاعدة المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق المدنية والسياسية والحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية يبدو كأولوية بديهية لتسجيل دخول الدستور المقبل بوابة الحداثة .
غير أن هذا النص لن يكون كافيا في إطار الدستور بسبب مستوى التأخر التاريخي للمجتمع الذي أجحف في حق المرأة وسيكون من الملائم أن ينصفها في هذه اللحظة التاريخية من منطلق جبر الضرر الجماعي, بل المجتمعي وذلك بالنص في إطار الدستور على أن التدابير التشجيعية والتشريعية في أفق المناصفة في الحقوق بين الجنسين لا تعتبر ضربا لمبدأ المساواة وذلك حتى لا يتم فهم أو الطعن في تدابير « الحصة « المعتمدة لتسريع وتيرة المساواة بين الجنسين بتبرير مناقصتها لمبدأ المساواة خاصة ونحن نسعى لتوسيع دائرة مراقبة دستورية القوانين . وإذن فالتأصيل لمبدأ المساواة بمفهوم شمولي يشكل مرجعية ضرورية وأساسية لإصدار القوانين والتدابير لإعمال هذا المبدأ تشريعيا وواقعيا . ويبقى فيما بعد بيد الحركة النسائية بجميع مكوناتها في أن تراقب مدى احترام هذا التأصيل كمرجعية لمطالباتها ومرافعاتها ورسم سياسات أنشطتها ويبدو, وهذا المبدأ كقاعدة أساسية يصعب تحديها لارتباطها بكرامة الإنسان ولا يمكن تحت أية ذريعة تقويضها أو المساس بها وبالتالي, فإن أي تحفظ أو تردد بشأنها سيبدو واهيا ولن يبرر في نهاية الأمر إلا بمنطلق الذكورية الذي لا ينهي إلا انتهازية في الاستبداد بوضع تاريخي وقع تجاوزه في تجارب الشعوب والحضارات التي حققت تقدما وتطورا في المجال الاجتماعي . ولسنا مجبرين على أن نتخذ من التجارب المتخلفة قاعدة لنا ما دمنا نرنو إلى مغرب ديمقراطي تسود فيه العدالة الاجتماعية .
المساواة إذن مبدأ جوهري وعليه أن يخيم على ظلال الدستور ومنطلق ذلك المساواة الشاملة بين الجنسين كقطيعة حداثية مع منطق وثقافة التخلف التي ساهمت بقسط وافر في تكبيل قدراتنا المجتمعية .
إننا بهذا الإنجاز سوف نحل كثيرا من القضايا الاجتماعية ليست لها علاقة فقط بحقوق المرأة كجنس تحديدا, بل لها آثار اجتماعية على المستوى الأسري والاجتماعي والثقافي قد يسمح لي المقام بالإشارة فقط إلى محو تلك الصورة الدونية لكائن بشري ومجتمعي التي تلخص المرأة في موضوع وأداة .
كفانا إذن من هذا التحقير الذي يمس الكرامة الإنسانية وليكن الإصلاح الدستوري مقدمة للانخراط في مرحلة جديدة أسمح لنفسي بتسميتها ب : الإنصاف بمفهوم رفع الحيف والانخراط في زمن الحداثة .
إن كل المقومات تفرض ذلك ولن يعكر عليها بعض الادعاءات لخصوصيات وهمية باسم الدين أو الأعراف, فمثل هذه الادعاءات ثبت طابعها الإيديولوجي ولا تستطيع أن تقف أمام القراءات التاريخية والعلمية لمرجعيات هذه الادعاءات المتجاوزة .
كما أن انخراطنا في المعايير الدولية لحقوق الإنسان وشراكتنا مع فرقائنا المتوسطيين تفرض علينا أن نكون قادرين على إثبات قدراتنا على إنجاز التزاماتنا وهو نفس الالتزام المفروض علينا في إطار اتفاقيات التبادل الحر, وليس ذلك استجابة لالتزام مكره ,لكنه كما يعرف الجميع لا يتخذ غير المنظومة الدولية لحقوق الإنسان كمرجع للتعامل وهو ما لا يمكن التنكر له مرجعيا وآثارا .
ثانيا : الحقوق
الخاصة للنساء
قد يكون هذا الانتقال إلى الحقوق الخاصة مسا بمبدأ المساواة, لكن هذا الانطباع السريع سرعان ما يتبدد بمجابهتنا للوظيفة الاجتماعية التي تنجزها المرأة وهي على كل حال ليست وظيفة ذاتية أو عائلية صرفة, بل هي وظيفة لها امتدادها ونفعها الاجتماعي .
ومن تم, فإن المجتمع مطالب بتوفير كل الشروط الملائمة لإنجاز هذه الوظيفة بهذا الوصف الاجتماعي .
لذلك يبدو لي أن تخصيص قاعدة دستورية لتحريم العنف وكل أشكال المعاملة الحاطة بالكرامة الإنسانية للمرأة كالاتجار فيها للدعارة مثلا مسألة ضرورية كإعلان عن تكريم خاص للمرأة والقطع مع النظرة المجتمعية القائمة على منطق ذكوري متخلف. وهو ما سيكون مرجعا ملزما لإصدار التشريعات واتخاذ التدابير الكفيلة بضمان الكرامة الإنسانية للمرأة في مجتمعنا .
ثالثا : دسترة الحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والبيئية
على الرغم مما يبدو من كون هذا المطلب عام, فإن التأكيد عليه لإعطائه بعدا دستوريا يؤدي إلى إنصاف فعلي للمرأة باعتبار الحيف الذي يطالها في التمتع بهذه الحقوق .
وهكذا فلا أحد يجادل في أن الضحية الأولى لعدم تعميم التمدرس وعدم التمتع بالشغل اللائق والصحة الجيدة والاستفادة من الخدمات العمومية والثروات الطبيعية وغيرها من الحقوق الاجتماعية والاقتصادية هي المرأة بدرجة أساسية, ومن تم فإن التأصيل الدستوري لهذه الحقوق والتمتع بها على قاعدة المساواة يستهدف بالأساس رفع الظلم الاجتماعي المسلط على النساء .
رابعا : إنشاء المجلس
الأعلى للمرأة
يهدف هذا المطلب إلى إعطاء المسألة النسائية اهتماما وموقعا خاصا ضمن أجهزة الحكامة والمراقبة ، ذلك أن معالجة قضايا المرأة من منطلق المساواة ورفع الحيف وإقرار الإنصاف الاجتماعي والإنساني تتطلب وضع هذه القضايا ضمن أولويات السياسات العمومية وهو ما يتطلب إقامة أجهزة للمراقبة التشاركية باعتبارها إحدى أدوات الحكامة الرشيدة في تدبير الشأن العام وسيكون من مهام هذا المجلس إقرار وإنجاز سياسة ثقافية وإعلامية من أجل نشر قيم المساواة والنهوض بحقوق المرأة .
كما سيكون من مهامه متابعة المبادرات التشريعية والتدابير الأخرى المتخذة في مجال إعمال حقوق المرأة وتقديم الاقتراحات في هذا الإطار .
والواقع أن هذا المطلب موضوع إجماع الآن من طرف كل التنظيمات النسائية والتنظيمات الحقوقية وبعض المنظمات السياسية وهو ما يعطيه مصداقية ومشروعية اجتماعية كفيلة بالوصول به إلى الإقناع المؤدي للتحقق وهو ما يترجم من جهة أخرى البعد المجتمعي للمسألة النسائية . والذي نأمل ألا يقف عند حدود الترافع للتأصيل الدستوري لحقوق المرأة بل يجب أن يتخذ مسارا نافذا في مرحلة ما بعد الدستور ضمن الإصلاحات السياسية والاجتماعية, لأن ذلك هو ما يعطي مصداقية لوجود إرادة سياسية حقيقية للتعاطي مع المسألة النسائية من لدن كل الفاعلين السياسيين والجمعويين .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.