بعد عشرات السنين من العيش في الطمأنينة والهدوء، وجد سكان دوار البراهمة الكائن بجماعة ابن امعاشو، مجبرين على المثول أمام القضاء، بعد أن ولجت شركة مختصة في استغلال مقالع الأحجار والحصى منطقتهم وأخذت في «غزو» أراضيهم. بعد عشرات السنين من العيش في الطمأنينة والهدوء، وجد سكان دوار البراهمة الكائن بجماعة ابن امعاشو، مجبرين على المثول أمام القضاء، بعد أن ولجت شركة مختصة في استغلال مقالع الأحجار والحصى منطقتهم وأخذت في «غزو» أراضيهم. الشركة المذكورة مُنحت رخصة من طرف وكالة الحوض المائي لنهر أم الربيع، لنقل الحجارة من داخل أم الربيع إلى المقلع التابع لها بدوار البراهمة، لكن مع مباشرة عملها ، قبل أربع سنوات، ستجد نفسها في مواجهة مباشرة مع سكان المنطقة، الذين لجؤوا اليوم الى الاعتصام أمام المقلع وتثبيت خيام مطالبين بتدخل الجهات المسؤولة للفصل بينهم وبين الشركة. يقول أحد الشباب القاطنين بالدوار، «بالفعل نظمنا وقفات ضد هذه الشركة، لكن قرار سكان الدوار جاء بعد اتصالات بالمسؤولين لإحاطتهم علما بأن آلات الشركة لا تحترم الملتزم به في عملية نقل الحجارة، إذ تخترق أراضي سكان الدوار الفلاحية لاستخراج الحجارة منها أيضا». رجل في السبعينات من العمر كان مشاركا في الوقفة التي نظمها السكان يوم الأحد الماضي، صرح لنا بأن الشركة «ترامت على أربعة هكتارات» من أرضه ولم يعد يستغلها، وأصر على أن ننتقل إليها لمعاينتها، كما أصر عدد من سكان الدوار أن نزور أراضيهم التي جرفت أجزاء منها آلات الشركة، وهو ما اعتبروه تراميا على ممتلكاتهم، بل إن الأمر، يضيف متضرر آخر ، تجاوز أراضي السكان الي مقبرة قديمة، حيث تظهر للعيان ما فعلته الآلات ببعض القبور التي هُدمت وخرجت منها ما تبقى من عظام من ووروا الثرى بها! يشرح أحد المتضررين ونحن نجوب هذه الأراضي، أن الشركة التي تقاضيهم، التجأت إلى «طرق ملتوية كي تفعل آلاتها ما شاءت بالأرض»، إذ يعتبر معظم المتضررين، أن القانون يسمح للشركة باستغلال ما مساحته ستة أمتار من على جنبات النهر اليمنى واليسرى، انطلاقا من أعلى نسبة لفيضان النهر، لكن المشرفين على الشركة وحسب السكان دائما يغيرون مجرى النهر لاكتساح مساحات أكبر للأراضي المجاورة له ، وهو ما حول معظم الجنبات الى بحيرات مائية ملوثة. «لقد طالبنا المسؤولين - تقول إحدى النساء - بمدنا بدفتر التحملات الخاص بهذه الشركة، وعقد أهلنا لقاءات مع ممثلي السلطة، لكنهم خرجوا بخفي حنين. أنا شخصيا أكتري لهذه الشركة ، تضيف هذه السيدة، جزءا من أرضي كي تستغلها كمقلع ، لكن الشركة رفضت أداء واجبات هذا الكراء». تصريح هذه السيدة كرره آخرون، الذين أكدوا كراء أرضهم لكنهم لم يتقاضوا مستحقاتهم. الترامي على الأرض، لم يكن وحده المشكل الذي بسطه سكان دوار البراهمة، بل تطرقوا إلى مشاكل أخرى منها أن الشركة تتسبب في تلويث مياه النهر من خلال انتشار زيوت الآلات على مياهه، وهو ما تنجمه عنه أضرار لمواشيهم، التي أحجموا عن تركها تقصد النهر مخافة أن تصاب بأذى، إذ ليس فقط مشكل التلوث هو المطروح، بل أيضا عمق النهر بفعل عمليات الحفر، الشيء الذي قد يؤدي الى غرق هذه المواشي! المتضررون، صرحوا لنا أيضا بأن آلات وشاحنات الشركة، ألحقت أضرارا بالطريق المؤدية الى الدوار، متسببة في آثار صحية للسكان بفعل الغبار، أضف إلى ذلك، أن الشركة ، ومنذ استغلالها للمنطقة، لم تعمل على تشجيع التشغيل بحيث لم تمنح فرصة عمل إلا لشخص واحد من أبناء الدوار. اعتصام سكان دوار البراهمة اعتبرته الشركة في دعوى قضائية تقدمت بها إلى المحكمة ضدهم، «عرقلة لأشغالها، مشيرة الى أنها تعمل وفق الضوابط ، الشيء الي أضر بمصالحها ومصالح المتعاملين معها». أمام موقف الشركة وغضب السكان، اكتفت الجهات المسؤولة وعلى رأسها وكالة الحوض المائي لنهر أم الربيع، باتخاذ موقع المتفرج، دون توضيح الأمور للمتنازعين وحماية حقوق كل منهما!