يعتقد الكثير من الآباء أو الأولياء خطأ على أن أبناءهم الصغار قد لا يتعرضون للمحاكمة والحبس خلافاً على ما ينص عليه قانون المسطرة الجنائية الذي يمنع سجن الطفل الذي لم يبلغ 12 سنة ويجيز سجن الطفل الذي يتراوح عمره بين 12 و 18 سنة في حالة ارتكاب جنحة أو جناية. قضية اليوم شبيهة بغيرها من قضايا الضرب والجرح بالسلاح بين التلاميذ في طريقهم للمدرسة أو بالقرب منها وكان مسرحها أحد جنبات الثانوية التي يدرسون بها برحدى المناطق التابعة ترابياً لنفوذ محكمة الاستئناف بسطات، حيث تم إخبار مركز الدرك بأحد السوالم أن تلميذاً يوجد أرضاً جراء إصابته بطعنة من تلميذ آخر ويحتاج إلى الإسعاف. وبالفعل، أسرع رجال الدرك والوقاية المدنية قرب الثانوية وحملوا الضحية متجهين به نحو المستشفى بمدينة برشيد، لكن سبق ما سبق علم الله وقدره، إذ أسلم الروح لباريها. عناصر فرقة الدرك تمكنوا من إلقاء القبض بكل سهولة وبمسرح الجريمة على الجاني الحدث (لكونه من مواليد 1992) الذي كان بعض المواطنين الحاضرين والمعاينين للجريمة قد منعوه من الهروب. بالرجوع للمحضر المنجز في هذه القضية، نجد أن التصريحات المنسوبة للمتهم تفيد أنه كان ينتظر زميلا له بالقرب من الثانوية، إلى أن التحق به أخوه وتلميذ آخر له شخصياً عداوة سابقة معه ناتجة عن لعب البيار، وبعد شعورهما بنظرات بعضهما البعض تبادلا السب والشتم، مما جعل خصمه يخرج سكيناً ويهدده به لكن أخاه (صديق المسلح) تدخل بينهما وفض النزاع، ليواصل الجاني طريقه لكنه شعر بالضحية يتعقبه ويباغته بطعنة، لكنه تمكن من مقاومته وانتزاع السكين وطعنه به. بعد انتهاء عناصر الضابطة القضائية من إنجاز المحاضر، أحالتها والمشتبه فيه على الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف بسطات الذي بعد الاطلاع على المحاضر، التمس إجراء تحقيق من أجل جناية القتل العمد طبقاً لمقتضيات الفصل 392 من القانون الجنائي الذي تصل فيه العقوبة حد الإعدام. قاضي التحقيق الذي استدعى المصرحين بالمحاضر وحقق في تفاصيل القضية، ارتأى أن يتابع المتهم بمقتضيات الفصل 403 من القانون الجنائي التي تنص على أنه: »إذا كان الجرح أو الضرب أو غيرهما من وسائل الإيداء أو العنف قد ارتكب عمداً، ولكن دون نية القتل، ومع ذلك ترتب عنه الموت، فإن العقوبة تكون السجن من 10 الى 20 سنة...« وأحاله على غرفة الجنايات للأحداث لمحاكمته طبقا للقانون. أمام هيئة المحكمة، أوضح الجاني أنه لم تكن لديه نية القتل، وإنما أراد فقط الدفاع عن نفسه، وهو ما شفع له وجعل الهيئة الحاكمة تمتعه بظروف التخفيف وتحكم عليه فقط بسبع (07) سنوات سجناً. بعد الاستماع للشهود وتلاوة تقرير التشريح الطبي الذي أكد على أن طعنة كانت مميتة أصابت القلب. وقد أودع المدان الحدث بجناح الأطفال بسجن عين علي مومن بسطات، حيث توجد أقسام لمتابعة الدراسة، فهل سيتابع دراسته ويستفيد من خطئه أم سيتحول إلى جانح؟ ذلك ما ستكشفه السنوات الخمس القادمة، إذ قد يستفيد من العفو قبل نهاية المدة المحكوم بها.