الحكم الذي أصدرته المحلقة الاستئنافية بسلا فيما أصبح يسمى بفضيحة التعاضدية العامة لموظفي الادارات العمومية ورئيسها المخلوع محماد الفراع، يطرح سؤالا عريضا حول الاشارات التي كان من المفروض أن يبعث بها أصحاب القرار إلى الرأي العام الوطني وقواه الحية في هذه البلاد، وفي مقدمتهم حركة 20 فبراير من أجل التأكيد على أنه بالفعل هناك توجه حقيقي لمحاربة الفساد والمفسدين، لكن ما حدث في هذا الملف لا يرقى شكلا ومضمونا مع من كان مؤملا من القضاء المغربي الذي يتحدث الكل عن نقاط ضعفه وعدم استقلاليته. فحجم الاختلاسات والنهب الذي طال هذه المؤسسة الاجتماعية والتي قاربت 117 مليار بالتمام والكمال (وهو رقم لا يجمعه إلا الفم) كما يقال لا يتماشى والأحكام الصادرة في حق المدانين، فبغض النظر عن العقوبات الحبسية النافذة والموقوفة التي شملت المدانين في هذا الملف الثقيل، إذ لم تتجاوز هذه الأحكام أربع سنوات سجنا ،منها 30 شهرا نافذة في حق الفاعل الرئيسي محماد الفراع، إلا أن الخطير في الأمر أن المحكمة حكمت بأداء مبلغ مليار سنتيم فقط من طرف الفراع ومن معه تضامنا لصالح التعاضدية وهو المبلغ الذي يبقى هزيلا، ولن يدفع التعاضدية لتلملم جراحها وتوقف النزيف التي تعاني منه نتيجة الطعنات الموجهة إليها من طرف رئيسها السابق ومن معه، خاصة إذا علمنا أن الأموال المهدورة دمها تعود إلى أكثر من مليون و200 ألف مغربي ومغربية المنخرطين الذين ينتمون إلى 2600 قطاع عمومي ومؤسسة عمومية وشبه عمومية وجماعة محلية وهم في أمس الحاجة إلى استرجاع أموالهم المنهوبة، حتى يعاد التوازن إلى مالية التعاضدية. بالمقابل وهو ما يجب استحضاره، أنه في غياب عدم استعادة التعاضدية ل 117 مليار يبقى ميزان مالية هذه المؤسسة مختلا، وبذلك يكون القضاء قد حكم حين أصدر حكمه، بضياع حقوق مليون و200 ألف مغربي ومغربية. ويبقى التساؤل أيضا مشروعا حول عدم اعتقال محماد الفراع الذي يعتبر المتهم الرئيسي في هذا الملف في حين يوجد المشاركون في هذه القضية في حالة اعتقال وهو ما يثير أكثر من علامة استفهام حول جوهر العدالة في بلادنا. وفي انتظار أن يتم إصلاح ما أفسدته « التسويات»ينتظر الرأي العام الوطني أن يتم إصلاح هذا الاعوجاج في المرحلة الاستئنافية وإعطاء إشارة قوية في محاربة الفساد والمفسدين.