علمت الجريدة من مصادر نقابية أن الوزير الأول، عباس الفاسي، دعا الأمناء العامين للمركزيات النقابية الخمس إلى اجتماعات عاجلة لم تكن مبرمجة من قبل على هامش الحوار الاجتماعي الذي انطلق بداية الأسبوع المنصرم. ذات المصادر شددت على أن محاولة عباس الفاسي ترمي إلى إقناع محمد نوبير الأموي بالجلوس إلى طاولة الحوار التي قاطعتها الكنفدرالية الديمقراطية للشغل في جولة الأسبوع الماضي، مهددة بإضراب عام وتثبيت النقابات المشاركة إلى طاولة الحوار بعدما بدأت بوادر غضب وفودها من غياب إرادة واضحة لدى الحكومة ووزير ماليتها صلاح الدين مزوار، الذي لم يحضر الاجتماع الأخير، وكلف «تكنوقراطيا»، بتعبير أحد النقابيين، لينوب عنه، حيث اكتفى مسؤول الميزانية بتقديم عرضه المتضمن لكلفة الحوار الاجتماعي والمحددة في 43 مليار درهم، منها 16 مليار مجرد مستحقات قانونية للطبقة العاملة، مرتبطة بملف الترقية الاستثنائية التى يعود أغلبها إلى سنة 2003، في حين أن 7 مليارات درهم مجرد إعفاءات ضريبية، بينما يهم الباقي الزيادة في الأجور. مصادر نقابية أكدت أن ممثل وزير المالية دافع عن مقاربة تقنية، إذ أكد أن هذه المبالغ ستزيد من عجز الميزانية، وهو ما علق عليه في اتصال بالجريدة، عربي الحبشي، ممثل الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بأن الأمر غير مقبول، ولا يتماشى مع الحراك السياسي والمجتمعي الذي تعرفه البلاد. وشدد الحبشي على «أن الإصلاحات الدستورية والسياسية لن تنجح إذا لم يتم تحفيز الشغيلة المغربية عبر إجراءات فورية تعود عليها بما يضمن حماية قدراتها الشرائية وضمان كرامتها..». وتستمر يومه الاثنين جولة الحوار الاجتماعي في شقيه القطاع العام والقطاع الخاص، وسط أجواء مشحونة من طرف النقابات القطاعية، التي أعلنت إضرابات احتجاجية في كل من العدل، حيث أعلنت النقابة الديمقراطية، العضو بالفيدرالية، عن خوض إضراب يوم 15 أبريل «لمناهضة الفساد والمفسدين»، إذ أكد بيان النقابة أنها استنفدت حسن نواياها في مواجهة غياب إرادة حقيقية لحل المشكل. وقد عبر المكتب الوطني للنقابة الديمقراطية للعدل، العضو في الف.د.ش في اجتماعه الثلاثاء الماضي عن استغرابه الشديد لطبيعة المنهجية الارتجالية التي يتم بها التعاطي مع مطالب العدليين. واعتبر في بيان له، أن النقابة لن تقف مكتوفة الأيدي أمام حجم خيبة الأمل المتنامية لدى عموم شغيلة القطاع. وهو ما يعني حسب إفادة أكثر من مصدر نقابي، أن العدليين قد يدخلون في سلسلة إضرابات جديدة، طالما أن النظام الأساسي وفق الصيغة المتوافق عليها مع وزارة العدل لم يخرج بعد، وذلك بالموازاة مع الإدماج الفوري للتقنيين والمتصرفين وتمكينهم من كافة مستحقاتهم من التعويضات وبأثر رجعي. من جهتها تخوض النقابة الديمقراطية للجماعات المحلية، العضو بالفيدرالية الديمقراطية، احتجاجا على ما سمته النقابة «استخفاف وزارة الداخلية بمطالب الشغيلة..» وتنخرط في هذا الإضراب، الذي حدد في يومي 13 و14 وكذا 26 - 27 من الشهر الجاري نقابات أخرى. إلى ذلك قررت خمس مركزيات وطنية ( نقابات الفيدرالية الديمقراطية للشغل، الكونفدرالية الديمقراطية للشغل، الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، والاتحاد المغربي للشغل)، خوض إضراب عام وطني لقطاع الصحة، يوم غد الثلاثاء 12 أبريل. وأرجع ممثلو الف.د.ش، في اجتماع استثنائي للمكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحة العمومية بالمقر المركزي للف.د.ش بالدار البيضاء، يوم الأربعاء الماضي، دواعي الإضراب إلى عدم التعامل الإيجابي للحكومة مع المطالب المستعجلة، وإلى ما أسماه بيان المكتب الوطني ب «استخفافها بالملف المطلبي لرجال الصحة»، وحدد المكتب الوطني، الذي دخل في تنسيق عام مع باقي النقابات، لتنفيذ قرار الإضراب العام الوطني، النقاط محط نزاع اجتماعي في 15 نقطة، تتوزع بين شقين استراتيجيين، مادي وأدبي. تنامي ظاهرة الإضرابات القطاعية، رغم تأكيد مصادر نقابية أن عباس الفاسي أصدر تعليماته لكافة الوزارات من أجل مباشرة «حوار جدي ومنتج»، يعود لكون النقابات تتوجس من غياب إرادة حقيقية لتلبية مطالبها العالقة، كما تشكك في انسجام المخاطبين لديها.