يوم الأربعاء حطمت غرفة الجنايات الابتدائية لدى محكمة الاستئناف بالدار البيضاء، خلال جلستها المنعقدة بالقاعة 7 برئاسة الأستاذ مصطفى قابيل وعضوية المستشارين سعد سعيد وسعيد بدر، بحضور ممثل النيابة العامة الأستاذ مصطفى الذهبي وبمساعدة كاتب الضبط نجيب أغوينيت، حطمت الرقم القياسي في عدد الملفات المدرجة بها إذ بلغت مائة وتسعة (109) ملفات (!؟)، توبع فيها أكثر من مائة وخمسين (150) متهما في حالة اعتقال وآخرون في حالة سراح (!؟). لن أعلق على هذه الجلسة اليوم، ولكن سأكتفي بالقول (اللهم إن هذا منكرَ) نعم منكر تسبب فيه من يعرقل إصلاح القضاء وعدم توظيف قضاة جدد وكتاب وكاتبات للضبط للتخفيف عن العنصر البشري بشكل عام بمجموع محاكم هذا الوطن. اسألوا أعضاء الهيئة متى انتهوا من مناقشة حوالي ثلاثين (30) ملفا تمكنوا من تجهيزها خلال تلك الجلسة؟ ومتى انتهوا من المداولات بشأنها؟ ومتى عادوا للقاعة لينطق الرئيس بالأحكام التي أصدروها ضد المتابعين فيها؟ ومتى غادروا المحكمة؟ ومتى وصلوا لمنازلهم؟ هل وجدوا أبناءهم نياما أم مستيقظين لاستقبالهم؟ ومتى وصلوا للنوم؟ وفي أي ساعة استيقظوا في اليوم الموالي؟ وكم تطلب ذلك من الوقت لتحرير الأحكام؟ إن عدم توظيف قضاة وكاتبات للضبط رغم وجود حملة الدكتوراه ودبلوم الدراسات العليا، والمعمقة والإجازة في القانون،يجعل معاناة فئة واسعة من القضاة والكتاب يعانون معاناة لا حدود لها قد تؤثر لا محالة على صحة ونفسية وحياة البعض منهم بمن فيها العائلية، مما يستوجب الاسراع في العمل على تجنبها تفاديا لما قد تأتي به الأيام. وبما أن الشيء يذكر، فإن العديد من المحامين وكذلك المعتقلين والضحايا وذويهم يعانون من كثرة الملفات المدرجة أمام الهيئات ليس فقط المكلفة بالجنايات، ولكن كذلك بالجنح، حيث تضطر الهيئة إلى تأخير بعض الملفات لعدم إحضار المعتقلين من سجن عكاشة ومطالبة بعض رؤساء الجلسات للدفاع بتقصير المرافعة، حتى تتمكن الهيئة من المداولة لمدة أطول في كل ملف وتنهي عملها في وقت معقول بدل العمل ساعات خارج أوقات العمل الادارية بدون تعويضات مالية أو معنوية. إن القضاء الجنحي والجنائي اليوم يستقبل سنويا أكثر من مليون ملفا فيما قضاة وموظفو المحاكم قليلون جدا بالنسبة لكل التخصصات، فإن لم يتم الإسراع في دعمهم بالعنصر البشري في أقرب الآجال فلا تستبعدوا أن تظهر بعض الحركات داخل جسم القضاة كما برزت داخل هيئة كتابة الضبط التي خلفت سلبيات على السير العام لوزارة العدل ومجموع المحاكم بهذا الوطن وما يتداوله المتقاضون وعموم الناس داخل المحاكم وخارجها..