ليس للكاتب إلا شيء واحد أو شيئين في حياته ليقوله، ولكنه رغم ذلك يتمسك بالتعبير عنه [عنهما]. فهو يُلحّ بشدة على تركه [أو تركهما]حتى يكون عادلا تجاه الحياة. وهذه الأشياء التي لا يهتم الكاتب بالاحتفاظ بها لنفسه تحمل اسم عمل أدبي. وعليه، تتحدد قيمة العمل الأدبي من خلال حدوده أولا، ثم عبر ضرورته [ثانيا]. ****** يمتلك الكاتب الإنسان إحساسا بما هو ملائم له، وفي المقابل يُحصِّن نفسه من كل ما قد يسبب له إزعاجا؛ وذلك بالاعتماد على غريزة تبلغ في دقتها دقة تلك التي تمتلكها الحيوانات. لهذا يبدو عنيدا، حتى إنه يزيح جانبا عمدا كل ما يأتيه من الآخرين. ويتطلب الأمر معجزة بالفعل حتى يكون الشيء المعطى هو نفسه المراد. وبالتالي فالكاتب إنسان لا يمكن بحال لأي أحد أن يغريه. ****** إن الكاتب إنسان تغازله كل الأشياء [المحيطة به]، ليس تلك التي تُقدَّم له، بل التي يُقدِّمها لنفسه؛ أي كل ما يحصل له في حياته؛ بعبارة أوضح: اليومي. فالإنسان الذي يسمح لنفسه في كل يوم بأن يبتعد عن أعماله الأدبية، بسبب انسياقه وراء الأحداث التي تقع، لا يهتم بها؛ لذلك فهو لا يستحق صفة الكاتب. غير أنه، على العكس من هذا، يخبرنا الإنسان الذي لا يلقي بالا لليومي وما يقدمه من أحداث مجانية أنه يركز أكثر، وبشكل طواعي، على تكوينه الشخصي. وهذا الإنسان لا يستحق، أكثر من النوع الأول، صفة الكاتب؛ ومن هنا ضرورة إدماج اليومي في عملية الكتابة. يناير 1938. * هذه ترجمة للمبحث الثالث المُعَنْوَن ب: L'écrivain et l'événement، من القسم الثالث: Suite sur l'écriture، من كتاب: Bernard Grasset, Les Chemins De L'écriture, Ed: Bernard Grasset, Paris, 1942, pp: 23-24. وقد آثرنا ترجمة «événement» الواردة في العنوان بال «اليومي» عوض «الحدث»؛ وذلك بالنظر إلى السياق العام لفكرة النص. * برنارد غراسي (1955-1881)، ناشر فرنسي مشهور، له العديد من الإسهامات الفكرية والنقدية والإبداعية، منها على سبيل المثال: Psychologie de l'immortalité ; (سيكولوجيا الخلود) Remarques sur le bonheur ; (ملاحظات حول السعادة) Une rencontre ; (لقاء) (...)