أفاد الوالي المدير العام للتعاون الدولي بوزارة الداخلية، محمد مفكر، يوم الخميس بالرباط، بأن السلطات المغربية فككت، منذ هجمات 11 شتنبر 2001 بالولايات المتحدة، 168 خلية إرهابية. وأوضح مفكر، في مداخلة حول «المقاربة الأمنية المغربية في محاربة الإرهاب» ألقاها خلال ندوة حول «محاربة الإرهاب والتطرف العنيف في البحر الأبيض المتوسط، أي تعاون بين الضفتين؟ (المغرب نموذجا)»، أن حوالي 50 خلية من ضمن هذه الخلايا المفككة ذات صلة بمناطق التوتر، على الخصوص بالمنطقة الأفغانية والباكستانية والعراق وسورية ومنطقة الساحل. وأضاف أن العمليات النوعية أسفرت عن إلقاء القبض على 2963 مشتبها فيه، وإحباط 341 مخططا إجراميا. وتابع أن المعطيات والمعلومات المتوفرة تشير إلى أن أكثر من 1600 مواطن مغربي تطوعوا للقتال ببؤر التوتر، 147 منهم عادوا إلى المغرب وجرى التحقيق معهم، فيما تم توقيف 132 شخصا وتقديمهم للعدالة، إلى جانب توقيف ستة أشخاص عند محاولتهم مغادرة التراب الوطني. وكشف أن هذه العمليات أسفرت أيضا عن حجز العديد من الأسلحة النارية والمواد المستعملة في إعداد المتفجرات، مضيفا أن السلطات ضبطت منذ 2013، 45 خلية إرهابية ذات علاقة مباشرة ببؤرة الصراع السورية العراقية. وقال إن المقاربة المغربية بشأن مكافحة الإرهاب تتجاوز الجانب الزجري الصرف لتشمل الأبعاد السياسية والروحية والاجتماعية والاقتصادية والبشرية والبيئية، كما تم التأكيد على ذلك في الخطاب الملكي السامي بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب في 20 غشت 2016. وأكد أن الاستراتيجية المغربية في مجال مكافحة الإرهاب اتخذت من الشمولية والاستباقية قاعدة لها، مع تعزيز الترسانة القانونية وإصلاح الحقل الديني والدفع بعجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان واحترام الحريات الأساسية مع إيلاء أهمية قصوى للتعاون الثنائي ومتعدد الأطراف من أجل التصدي للإرهاب. وأشار إلى أن المغرب كثف من تعاونه الأمني مع مختلف الشركاء، مستشهدا بنموذج التنسيق مع اسبانيا، الذي مكن من تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية بطريقة منسقة ومتزامنة، على الخصوص الشبكات التي تنشط في مجال تجنيد الإرهابيين لإلحاقهم ببؤر التوتر. وعلى صعيد التعاون الإقليمي، قال مفكر إن المغرب يضطلع بدور محوري قناعة منه بضرورة التنسيق المكثف في مجال مكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة، فيما وضعت المملكة، في مجال التعاون جنوب-جنوب، تجربتها في هذا المجال على كافة المستويات رهن إشارة شركائها في إفريقيا، خصوصا دول الصحراء الكبرى والساحل الإفريقي، فضلا عن سعي المغرب إلى إعطاء دينامية أكبر للتعاون الأمني المغاربي. وأكد أن المغرب يبقى يقظا وحذرا إزاء الآثار الناجمة عن تحركات الجماعات الإرهابية التي تنشط بمناطق التوتر، على الخصوص سورية والعراق والساحل والصحراء، موضحا أن هذه التنظيمات الإرهابية تشكل مصدر قلق كبير نظرا لقدرتها على استقطاب عدد من الشباب المتشبعين بفكر السلفية الجهادية المغرر بهم وضخهم في بؤر التوتر. وأضاف أن التكاثر المتسارع لبؤر التوتر وتنامي قدرات التنظيمات الإرهابية على استقطاب المقاتلين والزج بهم في صفوف الجماعات الإرهابية المسلحة، يشكل مصدر خطر يحدق بأمن كل دول العالم لاكتساب هؤلاء المقاتلين مهارات عسكرية تخول لهم استعمال الأسلحة والمتفجرات وتنفيذ العمليات الإجرامية بكل احترافية. وقال إن احتمال عودة المقاتلين الإرهابيين يزيد من حدة هذه الإشكالية، الأمر الذي يضاعف من فرضية تنفيذهم للأعمال الإجرامية والإرهابية، مؤكدا أن الأمر يتعلق بمشكلة تؤرق أجهزة الأمن والاستخبارات. وخلص إلى أن التعاطي الحازم للمغربية مع الخلايا المفككة أبرز بشكل واضح التحديات الأمنية الجمة التي تواجهها السلطات المغربية، خاصة تلك المرتبطة بمنطقة الساحل التي تشهد تنامي أنشطة «تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي»، مما يشكل خطرا إقليميا وجب التعامل معه بكل حزم. وأشار إلى أن إحداث المكتب المركزي للأبحاث القضائية سنة 2015 شكل رسالة قوية إلى الخلايا المتطرفة والأشخاص المغرر بهم، تتجلى في انخراط كل مكونات المجتمع المغربي في جهود محاربة ثقافة العنف الدخيلة على المجتمع. وتندرج هذه الندوة، التي نظمها مجلس المستشارين، في سياق زيارة لوفد عن الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط، يمثلون دول مجموعة الحوار (5+5)، إلى المغرب، ما بين ثامن و11 فبراير الجاري. ويتناول هذا اللقاء موضوع الإرهاب والتطرف من مختلف جوانبه الأمنية والدينية والتربوية، من خلال ثلاثة محاور، تهم «المقاربة الأمنية المغربية في محاربة الإرهاب»، و«إصلاح الشأن الديني في المغرب، كواجهة لمحاربة التطرف»، و»دور المؤسسات التربوية في نشر قيم التسامح والاعتدال». ومن جانبه أكد الوزير المنتدب لدى وزير الداخلية الشرقي الضريس، يوم الخميس بالرباط، على فعالية ونجاعة المقاربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب وذكر بلاغ لوزارة الداخلية، أن الضريس أوضح في لقاء عقده مع وفد عن الجمعية البرلمانية للبحر الأبيض المتوسط (مجموعة الحوار 5+5)، أن المقاربة المغربية في مجال مكافحة الإرهاب « لا ترتكز فقط على التناول الأمني الصرف، بل تتجاوزها إلى الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والدينية والثقافية، في إطار منهجية شاملة متكاملة وتشاركية»، مبرزا المجهودات التي تبذلها الأجهزة الأمنية المغربية والتي مكنت من تفكيك عدد من الخلايا الإرهابية وتوقيف العديد من المتهمين بالإرهاب وإحباط العديد من المخططات التي كانت تستهدف المملكة. وأشار الوزير المنتدب في هذا الصدد، إلى انخراط المغرب في الجهود الدولية والإقليمية وتكثيف تعاونها الأمني مع مختلف الشركاء، على غرار دول الجوار المتوسطي والأوروبي، مبرزا في نفس الإطار وضع المغرب لتجربته في مجال الإرهاب رهن إشارة شركائه في إفريقيا. وبخصوص مكافحة الهجرة غير الشرعية، أبرز البلاغ أنه تم استعراض الخطوط العريضة للسياسة الوطنية الجديدة للهجرة واللجوء التي سنها المغرب بمبادرة من جلالة الملك محمد السادس، والتي تعطي الأولوية للبعد الإنساني من خلال صون حقوق وكرامة المهاجر وتسهيل اندماجه في النسيج الاقتصادي والاجتماعي. وهكذا تم سنة 2014، يضيف البلاغ، إطلاق عملية التسوية الاستثنائية للمهاجرين، والتي تجددت ابتداء من يناير 2017، حيث، وبناء على التعليمات الملكية السامية، تم الرفع من مدة صلاحية بطاقة الإقامة الخاصة بالمهاجرين إلى ثلاث سنوات، بعد أن أثار جلالة الملك انتباه القطاعات الحكومية المعنية إلى أن تحديد مدة صلاحية بطاقة الإقامة التي تمنح للأجانب في سنة واحدة، يطرح العديد من الإكراهات بالنسبة للمهاجرين. وقد شكل هذا اللقاء فرصة استعرض من خلالها الضريس المجهودات التي تبذلها المملكة كفاعل أساسي في المنطقة المتوسطية للتصدي لمختلف التهديدات، وفي طليعتها الإرهاب والجريمة المنظمة العابرة للحدود، خصوصا مع تنامي بؤر التوتر. من جانبهم، ثمن أعضاء وفد الجمعية البرلمانية للمتوسط في مداخلاتهم، المجهودات القيمة التي تبذلها المملكة للمساهمة في استتباب الأمن والسلم في الفضاء المتوسطي، بما يخدم نمو وازدهار دول وشعوب هذه المنطقة. يشار إلى أن هذا اللقاء جرى على هامش الندوة التي يستضيفها مجلس المستشارين تحت عنوان «محاربة الإرهاب والتطرف العنيف في البحر الأبيض المتوسط، أي تعاون بين الضفتين؟(المغرب نموذجا)».