أشرف جلالة الملك محمد السادس، يوم الخميس بالمدينة الخضراء لبنجرير، على تدشين جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، قطب البحث والتكوين والابتكار رفيع المستوى، الذي يعد حلقة وصل بين المغرب وإفريقيا والعالم. وتشكل الجامعة الجديدة، التي تعد مؤسسة من مستوى دولي، حجر الزاوية بالمدينة الخضراء «محمد السادس» ببنجرير، الحاضرة الأولى من نوعها بالقارة الإفريقية التي توفر بنيات تحتية ملائمة، وفضاء إيكولوجيا، وحياة اجتماعية منظمة، وإطارا للعيش كفيل بضمان الراحة والتنوع والتفتح الاجتماعي والثقافي. وترتكز هذه الجامعة من الجيل الجديد على خمسة مبادئ مؤسسة، هي البحث التطبيقي، الابتكار والمقاولة، الإجابة على رهانات التنمية السوسيو- اقتصادية بالقارة الإفريقية، تبني مقاربة تشاركية، الانفتاح على العالم مع تكريس الامتداد الوطني، الاستحقاق والإنصاف الاجتماعي. وتطمح الجامعة، الموجودة في قلب منظومة من أقطاب التميز المحدثة للتكاملات، من خلال برامج للبحث المستهدف (الماء، الفلاحة والبيئة، الموارد المائية والأمن الغذائي، البيوتكنولوجيا والهندسة البيو- طبية، الهندسة، التعمير وإعداد التراب، الهندسة الصناعية والكيميائية، والطاقات المتجددة)، لتقديم إجابات على التحديات والرهانات الجوهرية التي تواجهها القارة الإفريقية، من قبيل الأمن الغذائي، والتنمية الاقتصادية، والتصنيع المستدام، والسياسة العمومية. وتشتمل هذه المؤسسة، التي تعتمد نموذجا للتعليم والبحث موجه بشكل كلي نحو الابتكار والتجريب، على مجموعة من البنيات والمرافق، لاسيما مدرسة للتسيير الصناعي، ومركز للبحث، ومركز للمؤتمرات، وإقامات جامعية، ومركب رياضي، وهي البنيات التي تم تصميمها وفق هندسة حديثة تتماشى مع مفاهيم الاستدامة واقتصاد الطاقة وتوفر جميع وسائل الراحة الضرورية للطلبة. وتضم الجامعة، أيضا، مواقع للتجريب، مفتوحة في وجه المجتمع العلمي، والتي تمكن الطلبة الباحثين المنتمين للجامعات الشريكة من تجريب حلول على أرض الواقع في مجالات جوهرية. من جهة أخرى، تقوم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بتعميم نموذجها الأكاديمي على المستوى الجهوي من خلال التواجد بعدة مواقع، وذلك سعيا إلى إضفاء الدينامية على منظومة الابتكار. وهي بالتالي حاضرة بالدار البيضاء من خلال «أفريكا بيزنس سكول»، والجديدة وآسفي، فضلا عن العيون على مستوى القطب التكنولوجي لفم الواد. من جانبها، تحتضن مدينة الرباط كلية الحكامة، والعلوم الاقتصادية والاجتماعية، المؤسسة التابعة للجامعة التي تهدف إلى تكوين أطر من مستوى عال بهدف تطوير وتدبير السياسات العمومية. وتروم جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، التي ستساهم في تكوين الباحثين والمقاولين المغاربة والأجانب، المساهمة في إقلاع التعليم العالي والبحث التطبيقي بإفريقيا، من خلال نسج شراكات مع النسيج الجامعي الإفريقي، لاسيما في التكوين بسلك الدكتوراه. وتعمل الجامعة على تطوير شبكات للتعاون مع عدد من الشركاء الأكاديميين والصناعيين الأجانب من المستوى الأول، ومن ثم الانخراط في دينامية من المستوى الدولي. وتظل الجامعة منفتحة على العالم، أيضا، من خلال توجهها الرقمي. فهي تعتمد نماذج تعليمية مبتكرة من خلال مضامين وحصص عن بعد، تقوم على تكنولوجيات رقمية متطورة. ويستفيد من هذه الحصص جميع الطلبة، بما يمكنهم من تعلم غير مرتبط بالأماكن التي يتواجدون بها. وبهدف تعزيز بعدها الدولي، تستعين جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية بخدمات أساتذة وباحثين مغاربة وأجانب مرموقين. وعبر تنوع أصولهم وتكامل كفاءاتهم، سيكونون بمثابة المؤسسين لمنظومة معرفية حقيقية. وتعتمد الجامعة، التي تعد مؤسسة مواطنة ومسؤولة، في قبول طلبتها، سياسة للمنح تقوم على التميز الأكاديمي والإنصاف الاجتماعي. وتمنح هذه المقاربة القائمة على الاستحقاق، والتي تعتمد على المتطلبات الأولوية للتميز الدراسي، الطالب، أفضل الآليات من أجل الاندماج بشكل أفضل في نموذج التكوين. كما يتم تقديم منح لمشاريع البحث التطبيقي، لفائدة باحثين مقاولين وللمرشحين الذين يقترحون مشاريع في خدمة المجتمع. وقد وضع تصور جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، القريبة من بيئتها والمطبوعة بالتزامها الاجتماعي والاقتصادي، وفق نموذج تنموي واقعي، يقوم على آليات هامة تضمن استدامة واستقلالية الجامعة. وتوفر الجامعة التي تحفز التميز الأكاديمي، مداخيل من منتوجات البحث، وواجبات التمدرس وتثمين ممتلكاتها العقارية. ويضمن تثمين ملكيتها العقارية استدامة الجامعة عبر أنشطة مدرة للربح، كما يمكنها من أن تكون انتقائية في خياراتها المتعلقة بقبول الطلبة، وبالتالي التوفر على عائدات تمكنها من تقديم منحها الخاصة. وقد حازت البناية التعليمية لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، التي تنسجم مع المدينة الذكية «سمارت سيتي»، العلامة الدولية للريادة في مجال الطاقة والتصميم البيئي، بما جعلها أول مشروع يحظى بهذه الشهادة بالمغرب. وتميز حفل التدشين بعرض شريط مؤسساتي حول جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، مع شهادات لطلبة مغاربة وأجانب وأخرى للأطر التعليمية. كما أشرف جلالة الملك محمد السادس بنفس المدينة على تدشين المنصة العالمية للبحث والاختبار والتكوين في مجال الطاقة الشمسية «غرين انيرجي بارك» (مركز الطاقة الخضراء)، الأولى من نوعها في أفريقيا، والتي ستتيح تجميع الموارد، وإرساء التعاون وتمكين المغرب من التموقع كنموذج رائد في الابتكار في ميادين الطاقات المستدامة. ويجسد إطلاق هذا المشروع الرائد الذي تطلب استثمارا بقيمة 210 مليون درهم ، الاهتمام الخاص الذي يوليه جلالة الملك لتطوير البحث العلمي، وكذا حرص جلالته على تحسين استغلال الموارد الطبيعية للمغرب والحفاظ على محيطه البيئي، وتعزيز تنميته الاقتصادية والاجتماعية وضمان مستقبل واعد لأجياله المقبلة. وستشتغل فرق البحث في هذه المنصة التي تم تطويرها من قبل معهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات الجديدة بدعم من وزارة الطاقة والمعادن والماء والبيئة وكذا مجموعة المكتب الشريف للفوسفاط، على المواضيع ذات الأولوية التي تغطي كل مراحل سلسلة قيمة البحث والتطوير، ابتداء من العنصر الأساسي وصولا إلى الأنظمة المعقدة وذلك من أجل تلبية الاحتياجات الوطنية والإفريقية. وتشكل مواضيع من قبيل معالجة وتحلية المياه باستخدام الطاقة الشمسية وتطوير وحدات شمسية في بيئة صحراوية وتصميم حلول التخزين الحراري والكهربائي الجديدة وتطوير التطبيقات الصناعية للطاقة الشمسية الحرارية، أبرز الاهتمامات لمركز الطاقة الخضراء. ويحتوي «غرين انيرجي بارك» الذي أنجز على مساحة 8 هكتارات، على منصة داخلية للاختبار تمتد على أكثر من 3000 متر مربع والتي تدمج العديد من المختبرات في ميادين الطاقة الكهروضوئية والطاقة الشمسية الحرارية المركزة. كما يحتوي المركز على مختبر لإنتاج الخلايا الكهروضوئية، ذات طبقات رفيعة ومختبرا للمعالجة والتخزين الحراري وإنتاج الخلايا الكهروضوئية ومختبرا داخليا للإنتاج وتجريب المكونات الشمسية ومختبرا لدراسة مدى تدهور المواد ومركزا لقياس ونمذجة الموارد. ويضم مركز الطاقة الخضراء أيضا منصة خارجية للاختبار والوصف في الهواء الطلق، فضلا عن العديد من المشاريع النموذجية على مساحة إجمالية قدرها 6,5 هكتار. وتوفر هذه المنصات مساحة جذابة للابتكار وريادة الأعمال لكل من العالم الأكاديمي والعالم السوسيو اقتصادي. وكجزء من النظام الإيكولوجي لجامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، منفتح على جميع المؤسسات الجامعية المغربية، ربط مركز الطاقة الخضراء، عدة شراكات استراتيجية مع مراكز البحث الدولية الرئيسية والصناعات لضمان نقل التكنولوجيا مع تطوير التعاون العلمي في الاتجاهين. ويعد «غرين إنرجي بارك» أول شبكة لمنصات البحث في مجال الطاقات المتجددة. ويبقى الهدف المسطر للمركز على المدى المتوسط، هو إنشاء مجموعة من مراكز البحوث المثالية في مجالات البناء الأخضر والنجاعة الطاقية وتحلية مياه البحر ومعالجة المياه، والطاقة النظيفة (واتر انيرجي بارك) و(بيو إنيرجي بارك). وسيتم قريبا إطلاق مشروع إنجاز « البنايات الخضراء الذكية»، « غرين- سمارت بيلدينغ بارك» باستثمار إجمالي يقدر ب 120 مليون درهم، في أفق الشروع في استغلالها ابتداء من سنة .2019 وستمتد المنصة التجريبية للبحث والتكوين في ميادين النجاعة الطاقية والبنايات الخضراء والشبكات الذكية على مساحة 4 هكتارات، وستضم بناية مركزية (مختبرات) وفضاء خارجيا للاختبار والبحوث وكذا 15 وحدة سكنية صغرى شيدت عبر اعتماد مختلف المنظومات (مواد البناء- العزل الحراري، إنتاج الطاقة والحرارة). وسيحتضن « غرين- سمارت بيلدينغ بارك» أيضا أول نسخة من (سولار ديكاتلون) بإفريقيا سنة 2019 وهي مسابقة دولية في مجال الإنشاءات المبتكرة والمستدامة مفتوحة في وجه الطلبة من كافة دول العالم. وبهذه المناسبة، سلم المدير العام لمعهد البحث في الطاقة الشمسية والطاقات المتجددة لجلالة الملك، أول خلية كهروضوئية إفريقية للطبقات الدقيقة مصنوعة بتقنية البلازما ب «غرين انريجي بارك». إثر ذلك، سلم جلالة الملك لجمعيات بالمنطقة، مفاتيح أربع سيارات كهربائية تم اقتناؤها في إطار برنامج طموح يروم دراسة أهم الإشكالات التي تعيق تطوير إنتاج السيارة الكهربائية بالمغرب ( السعر، أمد البطاريات) وكذا تأثير استعمال هذا الصنف من السيارات في شبكة التوزيع وتقييم معدل رضا المستعملين في المغرب.