كتب الموقع الأمريكي (ميدل إيست كونفيدانشل)، المتخصص في القضايا الاستراتيجية بمنطقة الشرق الأوسط، أن النظام الجزائري، الذي يوجد على «حافة الانهيار»، اختار أن يواجه ب»يد من حديد» المطالب الشعبية وأعمال الشغب التي تهز البلاد احتجاجا على ارتفاع تكاليف العيش بشكل لا يطاق. وأوضح (ميدل إيست كونفيدانشل) أنه «عوض الاستجابة للمطالب الشعبية من خلال تجميد الزيادات في الأسعار التي تضرب القدرة الشرائية للجزائريين، هددت السلطات الجزائرية بالتدخل بيد من حديد ضد كل من يجرؤ على زعزعة أمن البلاد». في مقال بعنوان «الجزائر: غضب وشغب يهددان استقرار البلاد»، يصف كاتب المقال جزائرا «تهزها الاحتجاجات الشعبية منذ بداية السنة ضد قرار الحكومة القاضي بالزيادة في الضرائب وفي أسعار الكهرباء والغازوال والسلع الاستهلاكية الأساسية». ولاحظ أن أعمال الشغب هاته «تأتي في وقت تتفاقم فيه الأزمة السياسية بالجزائر بسبب مطالب اجتماعية مختلفة»، مضيفا أن هذا الوضع «يزيد من المخاوف على المستويين الإقليمي والدولي حول استقرار ومستقبل الجزائر، التي تخلى نظامها عن سلسلة من المشاريع لعدم وجود الأموال اللازمة لتنفيذها». وأشار الموقع الأمريكي إلى أن الجزائريين بدأوا يستشعرون، في هذه الظرفية، «الآثار السلبية لانخفاض قيمة الدينار مقابل الدولار واليورو، في وقت لم تعد فيه السلع المصنعة بالخارج في متناول القدرة الشرائية لغالبية المواطنين»، مسجلا أن هذا الوضع ازداد سوءا بعد تراجع عائدات النفط بأكثر من 50 في المئة. وأمام الوضع السياسي والأمني في الجزائر، ذكرت (ميدل إيست كونفيدانشل) بأن العديد من البلدان الغربية، بما فيها الولاياتالمتحدة، حذرت مواطنيها من السفر إلى الجزائر «بسبب ارتفاع خطر وقوع هجمات إرهابية في هذا البلد، الذي يعيش على حافة الانهيار». من جهتها كتبت جريدة (لوسوار) البلجيكية الواسعة الانتشار أن النظام الجزائري الغامض لم تعد له الوسائل لشراء السلم الاجتماعي، وذلك في تعليقها على أحداث العنف التي هزت مدينة بجايةالجزائرية. وتساءلت الجريدة « لماذا تقع الجزائر فريسة لأعمال عنف ؟ « مشيرة إلى أن النظام الجزائري بطبيعته الغامضة لم تعد له الوسائل لشراء السلم الاجتماعي. « ماذا يقع في الجزائر ؟» تضيف (لوسوار) مسجلة أنه «وأمام الاضطرابات التي اندلعت أيضا في أحياء من الجزائر العاصمة، لم يعد الجزائريون يدركون إلى أين يلجأون». وأوضحت اليومية البلجيكية أن « غموض النظام الذي يحكمهم منذ الاستقلال سنة 1962 زاد من حدته مرض رئيسهم عبد العزيز بوتفليقة، وهو ما يفتح الباب أمام تكهنات أصحاب السلطة الحقيقيين، وهي سلطة تستمد قوتها من المؤسسة العسكرية، والتي، وكما يعتقد الكثيرون، تختفي وراء جهاز بيروقراطي غامض وفاسد». وتحت عنوان «الريع في خطر»، أكدت (لوسوار) أن «الاضطرابات الاجتماعية التي تنتشر هنا وهناك في الجزائر منذ بضعة سنوات تتزامن مع انخفاض أسعار النفط. وقالت إنه مع تراجع سعر برميل النفط الخام من 112 دولارا في 2014 إلى 45 نهاية السنة الماضية، فإن نظاما للريع بأكمله يدخل مرحلة اضطراب. وأضافت الجريدة أن النظام الجزائري اعتاد، خاصة منذ الربيع العربي في 2011، على شراء السلم الاجتماعي بفضل النفط، من خلال المساعدات العمومية (الرفع من الأسعار، المواد الأساسية المدعمة، السكن الاجتماعي، والأشغال الكبرى،... الخ). وأوضحت الجريدة أن « أمراض الاقتصاد الجزائري، الذي لا ينتج قط ويستورد الكثير، بدأت تظهر للعيان، ومن بينها الارتفاع الصاروخي للاقتصاد». وعادت (لوسوار) إلى مسلسل الاضطرابات التي عرفتها الجزائر منذ الاستقلال إلى يومنا هذا. وذكرت بأعمال الشغب الخطيرة التي هزت البلاد، في 1988 و«القمع» الذي ووجهت به والذي خلف مقتل المئات من الأشخاص. كما توقفت عند الانقلاب الذي قاده الجيش في 1992 والذي ألغى الانتخابات، مما أدخل البلاد في «حرب قذرة» خلفت 200 ألف قتيل. وأشارت (لوسوار) أيضا إلى أنه في 1999 أصبح عبد العزيز بوتفليقة رئيسا، وما زال متشبثا بالسلطة بدعم من أصحاب القرار الحقيقيين رغم إصابته بسكتة دماغية. كما كتبت صحيفة (لوموند) الفرنسية ان الاحداث والصدامات التي شهدتها مدينة بجاية بمنطقة القبائل الجزائرية، تندرج في سياق قلق متزايد، مرتبط بانهيار اسعار البترول، التي كان لها تأثير على الوضع الاقتصادي للجزائر. وأضافت الصحيفة في مقال تحت عنوان «في الجزائربجاية مسرح لصدامات في سياق الازمة الاقتصادية» أن اعمال العنف تفجرت يوم الاعلان عن اضراب للتجار، من اجل الاحتجاج على ارتفاع الضرائب برسم قانون المالية 2017 الذي دخل حيز التنفيذ في فاتح يناير. وأكدت الصحيفة ان الجزائر التي تعاني من الاختناق جراء انخفاض اسعار الخام،موردها الرئيسي، أضحت مجبرة على مراجعة ميزانيتها، مشيرة الى ان الحكومة تحاول التقليص من النفقات وزيادة إيراداتها خاصة بالرفع من الضرائب. وقالت الصحيفة استنادا إلى موقع «كل شيىء عن الجزائر» ان المظاهرة التي انطلقت سلمية، تحولت الى مواجهات بين شباب وقوات الأمن وتخريب مباني عمومية وتجارية. وخلصت الصحيفة الى ان بعض السكان لا يخفون تخوفهم من تكرار أحداث 1988 ، عندما اندلعت اضطرابات عمت مختلف انحاء البلاد، أو أحداث 2001 عندما تم قمع حراك منطقة القبائل بوحشية.