لقاء يجمع وهبي بجمعية هيئات المحامين    نهاية أزمة طلبة الطب والصيدلة: اتفاق شامل يلبي مطالب الطلبة ويعيدهم إلى الدراسة    الحكومة: سيتم العمل على تكوين 20 ألف مستفيد في مجال الرقمنة بحلول 2026    أسعار الغذاء العالمية ترتفع لأعلى مستوى في 18 شهرا    هولندا.. إيقاف 62 شخصا للاشتباه في ارتباطهم بشغب أحداث أمستردام    التصفيات المؤهلة لكأس إفريقيا لكرة السلة 2025.. المنتخب المغربي يدخل معسكرا تحضيريا ابتداء من 11 نونبر الجاري بالرباط    الطفرة الصناعية في طنجة تجلعها ثاني أكبر مدينة في المغرب من حيث السكان    دوري الأمم الأوروبية.. دي لا فوينتي يكشف عن قائمة المنتخب الإسباني لكرة القدم    امستردام .. مواجهات عنيفة بين إسرائيليين ومؤيدين لفلسطين (فيديو)    من مراكش.. انطلاق أشغال الدورة الثانية والعشرين للمؤتمر العالمي حول تقنية المساعدة الطبية على الإنجاب    الحجوي: ارتفاع التمويلات الأجنبية للجمعيات بقيمة 800 مليون درهم في 2024    هذه الحصيلة الإجمالية لضحايا فيضانات إسبانيا ضمن أفراد الجالية المغربية    المغرب يشرع في استيراد آلاف الأطنان من زيت الزيتون البرازيلي    ظاهرة "السليت والعْصِير" أمام المدارس والكلام الساقط.. تترجم حال واقع التعليم بالمغرب! (فيديو)    بيع أول لوحة فنية من توقيع روبوت بأكثر من مليون دولار في مزاد    "إل جي" تطلق متجرا إلكترونيا في المغرب    الأمانة العامة للحكومة تطلق ورش تحيين ومراجعة النصوص التشريعية والتنظيمية وتُعد دليلا للمساطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    كوشنر صهر ترامب يستبعد الانضمام لإدارته الجديدة    بورصة البيضاء تستهل التداول بأداء إيجابي    بعد 11 شهرا من الاحتقان.. مؤسسة الوسيط تعلن نهاية أزمة طلبة كلية الطب والصيدلة    هزة أرضية خفيفة نواحي إقليم الحوز    "أيا" تطلق مصنع كبير لمعالجة 2000 طن من الفضة يوميا في زكوندر        نقطة واحدة تشعل الصراع بين اتحاد يعقوب المنصور وشباب بن جرير    الهوية المغربية تناقَش بالشارقة .. روافدُ وصداماتٌ وحاجة إلى "التسامي بالجذور"    مصدر من داخل المنتخب يكشف الأسباب الحقيقية وراء استبعاد زياش    بحضور زياش.. غلطة سراي يلحق الهزيمة الأولى بتوتنهام والنصيري يزور شباك ألكمار    الجولة ال10 من البطولة الاحترافية تنطلق اليوم الجمعة بإجراء مبارتين    طواف الشمال يجوب أقاليم جهة طنجة بمشاركة نخبة من المتسابقين المغاربة والأجانب    الجنسية المغربية للبطلان إسماعيل وإسلام نورديف    مجلة إسبانية: 49 عاما من التقدم والتنمية في الصحراء المغربية    متوسط عدد أفراد الأسرة المغربية ينخفض إلى 3,9 و7 مدن تضم 37.8% من السكان    رضوان الحسيني: المغرب بلد رائد في مجال مكافحة العنف ضد الأطفال    ارتفاع أسعار الذهب عقب خفض مجلس الاحتياطي الفدرالي لأسعار الفائدة    كيف ضاع الحلم يا شعوب المغرب الكبير!؟    تحليل اقتصادي: نقص الشفافية وتأخر القرارات وتعقيد الإجراءات البيروقراطية تُضعف التجارة في المغرب        تقييد المبادلات التجارية بين البلدين.. الجزائر تنفي وفرنسا لا علم لها    إدوارد سعيد: فلاسفة فرنسيون والصراع في الشرق الأوسط    طوفان الأقصى ومأزق العمل السياسي..    حظر ذ بح إناث الماشية يثير الجدل بين مهنيي اللحوم الحمراء    المنصوري: وزراء الPPS سيروا قطاع الإسكان 9 سنوات ولم يشتغلوا والآن يعطون الدروس عن الصفيح    طلبة الطب يضعون حدا لإضرابهم بتوقيع اتفاق مع الحكومة إثر تصويت ثاني لصالح العودة للدراسة    خمسة جرحى من قوات اليونيفيل في غارة إسرائيلية على مدينة جنوب لبنان    إسبانيا تمنع رسو سفن محملة بأسلحة لإسرائيل في موانئها    غياب علماء الدين عن النقاش العمومي.. سكنفل: علماء الأمة ليسوا مثيرين للفتنة ولا ساكتين عن الحق    جرافات الهدم تطال مقابر أسرة محمد علي باشا في مصر القديمة    "المعجم التاريخي للغة العربية" .. مشروع حضاري يثمرُ 127 مجلّدا بالشارقة    قد يستخدم في سرقة الأموال!.. تحذير مقلق يخص "شات جي بي تي"    الأمازيغية تبصم في مهرجان السينما والهجرة ب"إيقاعات تمازغا" و"بوقساس بوتفوناست"    الرباط تستضيف أول ورشة إقليمية حول الرعاية التلطيفية للأطفال    وزارة الصحة المغربية تطلق الحملة الوطنية للتلقيح ضد الأنفلونزا الموسمية    خبراء أمراض الدم المناعية يبرزون أعراض نقص الحديد    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    برنامج الأمم المتحدة المشترك المعني بالسيدا يعلن تعيين الفنانة "أوم" سفيرة وطنية للنوايا الحسنة    كيفية صلاة الشفع والوتر .. حكمها وفضلها وعدد ركعاتها    مختارات من ديوان «أوتار البصيرة»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في حوار سابق مع الراحل إدريس بنزكري ل: «الاتحاد الاشتراكي» .. التوصيات تضمنت تقديم مشاريع إصلاح جوهرية

- كتقدير أولي، هل تعتقد أنكم أجبتم عن كل المناطق المعتمة والبياضات نفسها، التي أحاطت او تخللت حياة حقوق الانسان والتي سجلتها منذ كنت حقوقيا، او أنت تتابع؟
- « بصفة عامة، يمكن القول إننا أجبنا عن القضايا الاساسية ومجمل القضايا التي طرحت منذ التسعينات في هذا الموضوع? وحتى بعض مناطق الظل التي بقيت، اكتشفنا فيها عناصر مهمة ومؤشرات وأدلة، ووضعنا اسس مسطرة البحث في شفافية أكبر وظروف مناسبة أكثر? لا بالنسبة لطرق البحث الملائمة ولا بالنسبة لمشاركة السلطات بطريقة اكثر احترافية من السابق? في ما مضى، لم يكن التلكؤ والبطء وحدهما سمة التعامل ، بل هناك ايضا صعوبات ترجع الى عقليات بيروقراطية قديمة وتخوفات? وعليه، فحتى القضايا التي مازال يشوبها الالتباس والغموض هناك امكانية الآن، ان تقدم فيها، خلال امد معقول, التوضيحات اللازمة. وبصفة عامة، فأهم القضايا الاساسية والاشكالات والتحديات الرئيسية، عالجناها بما يجب من التزام وموضوعية والدقة في التثبت والتأكد من الاشياء التي بحثنا فيها.
- وماذا عن القضايا التي مازالت عالقة؟
- في الحقيقة، طرحت مشكلات كبيرة، طرحت بدورها على هيئة الإنصاف والمصالحة البحث في الحقيقة، وتوضيح السياقات التي وقعت في اطارها هذه الانتهاكات والمسؤوليات فيها، سواء مسؤوليات الدولة او غير الدولة. وبأن هذا العمل المتعلق بالحقيقة، يجب ان يتم في اطار مفتوح وليس حبيس الصالونات والاماكن المغلقة, وهذا ربما يفسر لماذا اعتمدت الهيأة، بالرغم من ابحاثها وتحرياتها الخاصة على الشهادات واستشارة الناس وإخبارهم بمجريات الأمور، فاتحة في الآن ذاته نقاشا عموميا. ربما استخف البعض او لم يفهم ذلك، لكن الندوات حول الاشكالات، منها الجرائم السياسية، كان مهما، فنحن نعرف ما معنى الجريمة السياسية ويمكن لنقاش الصالونات بدوره ان يقدم الكثير في هذا الباب، لكن اللجوء الى خبرة الممارسين في المهن القانونية يمكننا من ان نعرف مساهماتهم وتقييماتهم وتقديراتهم ووجهات نظرهم المتعددة والمتباينة، كما فعلنا في التاريخ والعنف السياسي ومواضيع أخرى? اذن الحقيقة هنا في هذا الامر جانبان، الاول يرتبط بالبحث والتحري والتحقيق، والثاني يتعلق باستخراج قراءات تعددية، بخلاف لجن اخرى غامرت، اي لجن الحقيقة التي كانت تحت ضغط النظام السياسي الذي خلقها او موازين القوى التي افرزتها، كي تحاول خلق قراءة اجماعية، او حكي وطني إجماعي، يفسر امورا من هذا القبيل ادى الى بروز مشكل عصي. نحن لم نختر هذا الباب، فعلى مستوى مجهولي المصير، بحثنا وتناولنا 742 حالة في حين بقيت 66 حالة، لا يمكن القول أنها كلها حالات يلفها الغموض المطلق، بل فتحنا فيها ابوابا ومجالات توضيح، كنموذج قضية المهدي بن بركة والمانوزي، اضافة الى حالات اخرى حاصرنا فيها ضيق الوقت، والالتزام بالاجل المحدد لعملنا ولضرورة تفادي الروتين والرتابة، فقد تقدمنا فيها بتوصيات دقيقة تخص كيفية استمرار عملية البحث، كما حددنا التزامات الدولة في هذا الصدد? والوجهة التي يجب ان يتجه اليها البحث والتحري، ويمكن لآلية التتبع ان تحل هذه المشاكل.
المستوى الثاني، والمتعلق بالقراءة التاريخية لسياقات الانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان، بعض الجوانب واضحة لدينا، مثلا كل ما هو في متناولنا ويمكننا ان نحدد فيه الاطار القانوني الذي تم فيه كل ما ذكر وماهي الاجهزة التي كانت وراء ما وقع، الاطار القانوني او اللاقانوني لذلك، بعض الملابسات للسياق العام، اما بخصوص اصدار حكم عام تاريخي فقد اعتبرناه مهمة المؤرخين ولا سيما في الحدث الذي لا نملك بخصوصه وثائق ذات صدقية معينة. اما لانعدام هذه الوثائق او قلتها، واما لأن الشهادات بالرغم من اهميتها وقيمتها الانسانية المهمة، تظل انتقائية وتحتاج الى مؤرخ يعتمدها لينتقل منها الى معطيات ومستويات اخرى... ولذلك نقول، ان هذه الملفات ليست عائقا او معرقلة، بل حققنا فيها تراكما وجمعنا موادها وعناصرها, بل حددنا مسطرتها القابلة للتنفيذ اذا وجدت آلية المتابعة لذلك، ولنا عودة الى هذا الموضوع.
الاشكال الاخر، يتعلق بالمستوى الثاني الذي لا يقف عند المعاينة والرصد. فنحن رصدنا فعلا المسؤوليات ومكامنها لدى اجهزة الدولة وتداخلها, وسجلنا ان مسؤولية الدولة ثابتة في هذه الانتهاكات. فحتى عندما لا تكون المسؤولية ثابتة كفعل، فهي ثابتة كسياق او كتغاض او إهمال او عدم التدخل. والأهم، في هذا الباب، هو ما يرتبط بالاصلاحات، فنحن عادة ما نتكلم عن الاصلاحات القانونية والدستورية والمؤسساتية، وقد تسنى لنا بالفعل ان نحدد بالضبط المكمن الذي يجب ان يتم الاصلاح على مستواه.
ولذلك دققنا في التوصيات واعتبرناها دراسة خبرة، ولهذا، ربما فاجأ المجهود بعض الناس، لأنه تضمن تقديم مشاريع اصلاحات جوهرية وليست صدفة أيضا. فنحن جزء من هذا المجتمع، وسيكتشف المغاربة أننا نلتقي مع مشروع الاصلاح العام الواسع، وبكل صدق وصراحة سررنا كثيرا لكون جلالة الملك، يصدر أمره، مباشرة بعد اطلاعه على التقرير بنشره, ويقول جلالته «خاص الشعب يعرف هاذ الشي»، ليفتح نقاش حول الموضوع.
- من القضايا التي تحدد افق انتظارات الناس، او الملفات المعيارية، هناك قضية الشهيد المهدي بن بركة, ما الذي وقع حتى لم تحدد الحقيقة كاملة ؟
- الحقيقة ان هناك تفاصيل وتفصيلات اشتغالنا في هذه المواضيع. وبصفة عامة فإن الفكرة التي تقول بأن عدم الجواب عن قضية بعينها يعني فشلا، فكرة غير مقبولة.
صحيح انه يمكن فهمها في إطار سجال او نقاش، لكن لايمكن اعتبارها فكرة سليمة, فكل ملف له خصوصيته.
ونحن درسنا، أولا، الظاهرة بصفة عامة دون تمييز على اعتبار أن الظاهرة بحد ذاتها خطيرة, واكتشفنا ، في هذا الاطار، ان المفهوم نفسه يشوبه الالتباس، احيانا نتحدث عن الاختفاء القسري، في حين يكون القصد «أشخاص مجهولي المصير»، والعكس.. الخ. قمنا بعمل توضيحي وأركيولوجي مهم، على الاقل، بالنسبة للأجيال الصاعدة وبالنسبة للباحثين وغيرهم.
من جهة أخرى، كانت الامور، مع الضحايا بشكل مباشر، واضحة. إذ نتوفر على ملفاتهم ودرسنا كل ملف على حدة بما يستحق من جدية، وقد توفقنا في أغلبيتها، ومازالت بعض الحالات ,عالقة. ملف المهدي بن بركة درسناه من كل الجوانب، وذلك لأنه، اولا، ملف يهمنا, ولأننا، ثانيا استقبلنا العائلة وتحدثنا إليها وبدأنا بحثنا, وجدنا ان بعض ملابسات قضية المهدي معقدة. هناك جزء يهم الدولة الفرنسية لم تسلط عليه اضواء التوضيح أبدا. وبطبيعة الحال، فإن الدعوى المرفوعة الآن أمام القضاء من طرف العائلة تركز على بعض الجوانب من الامر، في حين لاحظنا ان هناك أشياء لم تتوضح، بالنسبة للمسؤولية في ما يخص ماوقع بالضبط في مكان الاختطاف. دققنا كثيرا في كل ما قيل ونشر وروي ونعتبر أنه لابد من المزيد من التدقيق، ولدينا تقارير مفصلة في هذا الشأن، وهناك ما يلزم التدقيق فيه، ونعتبر أن هناك ما يستدعي الاستمرار في البحث، وما يهمنا أيضا هو أن للدولة مسؤولية كبيرة لمساعدة العائلة ولمساعدة بلادنا لتقدم كل ما تملكه من معطيات لتلبية طلب الضحية والمجتمع في معرفة، أولا الملابسات التي تلف الموضوع بالغموض، وثانيا مصير المهدي بن بركة, ومنها العمل الذي قمنا به في السابق والمتعلق ببحث العدالة عن تلبية الانابة القضائية، بالرغم من الصعوبات التي اعترضت الامر والتي لامجال لذكرها، والمهم ان القرار تم ، وبمواصلة هذا المجهود مع القضاء الفرنسي لفائدة العائلة.
من ناحية البحث الذي قمنا به، صادفتنا صعوبات كبيرة في غياب أرشيفات ذات صدقية كبيرة، استجوبنا مسؤولين سابقين، وردت أسماؤهم او تم اتهامهم، فقدموا لنا معطيات غير كافية ولكنها جد مهمة بالنسبة للبحث الذي سنستمر فيه. ولذلك لم نقدم جوابا قاطعا عن السؤال: أين دفن المهدي؟
المؤكد هو أننا وجدنا طرقا وخيطا للتحري وسنتحدث مع العائلة في الموضوع، ولكن سجلنا مسؤولية الدولة وضرورة مواصلة التزامها بمساعدة العائلة بكل المعطيات التي هي في حاجة إليها.
ونحن نريد، ما يتجاوز هذا النطاق، اي معرفة المسؤولية والاشياء التي تم السكوت عنها، والجوانب التي مازالت تحوم حولها نقط الاستفهام او تساؤلات حول الدولة، مثلا الفرنسيون الذين شاركوا في القتل، وجيء بهم الى المغرب, لدينا معلومات تفصيلية حول حياتهم ووجودهم كيف كان، بقيت أشياء.
زرت مراكز الاعتقال الشهيرة PF2، PF3، PF5 وشاهدت وضعها واستخلصت أنه لاشيء الآن فيها يمكن ان يفيد في الموضوع, نواصل النقاش اليوم والبحث من أجل الحقيقة واكتشاف ارشيفات, وفي كل الاحوال، عبرت الدولة عن استعدادها للكشف عن الحقيقة والمطلوب تعزيز هذا الالتزام,والمادة التي نتوفر عليها الآن، يمكن لآلية التتبع التي ستأتي ضمن التوصيات، يمكنها أن تقدم توضيحات في المستقبل القريب.
- ماذا عن آلية المتابعة؟
- استفادتنا من لجن الحقيقة في تجارب دول أخرى كانت أساسية، حيث خلصنا الى أن العمل الجبار مثل الذي قمنا به، يجب ألا ينتهي على شكل تقرير فقط بين يدي الدولة، التي تضعه رهن الجميع، ليأخذ منه كل من شاء مايشاء. وبطبيعة الحال، البرلمان، الحكومة والفاعلون السياسيون معنيون، لكن لابد من إطار يتوفر على خارطة الطريق، من خلال التوصيات والمقترحات وما يتبقى استكماله من الناحية التنفيذية، ليقوم بهذا كله.
فدار بيننا نقاش طويل خلصنا من خلاله الى أن هذا الإطار يمكن أن يكون من داخل المجلس الاستشاري لحقوق الانسان، باعتباره المؤسسة الرئيسية في مجال حقوق الانسان، ولديها ضوابط قانونية يمكن ان يتشكل من داخلها إطار أو لجنة متخصصة تتولى متابعة تنفيذ خارطة الطريق. هناك، بالفعل الجانب المعياري المؤسساتي الذي يدخل في إطار عمل المجلس ويمكنه أن يدمجه في عمله، كأن يصدر تقاريره الدورية لرصد ما تم عمله من طرف البرلمان والحكومة في المجال التشريعي والتربوي والافلات من العقاب وتنفيذ القوانين ومراقبتها.
في مجال جبر الضرر والتعويض كل الملفات جاهزة، يلزم فقط، الاتصال بالعائلات من أجل التنفيذ وتسليم المستحقات والأخذ بيدها وانشاء مركز التتبع على المستوى الصحي, وتنفيذ برامج جبر الضرر التي بدأت بالفعل، مع مختلف المؤسسات الحكومية.
في مجال التحري في الملفات، يلزمنا أولا التوضيح للعائلات كما نفعل الآن مع ضحايا أحداث 1981، وأما الملفات التي لايوجد فيها جواب رسمي لحد الآن، فإننا لانتوفر الى حدود الآن، على معطيات بخصوصها، يمكن ان يتكون، داخل تلك اللجنة، فريق خاص يعمل مع مختلف الاجهزة التي تتوفر على معطيات خاصة بالملف، على استكمال البحث، والتعاون مع العائلات حتى يتم حل المشكل.
- العمل سيصبح آنذاك عمل المجلس إذن؟
- نعم ، لأن الهيئة انتهت مدتها وصارت اللجنة المكونة تتوفر على كل الصلاحيات التي تخول لها الحق في البت في القضايا.
- بمعنى آخر، الهيئة نفسها ستصبح هي اللجنة على اعتبار ان أعضاء الهيئة الذين اشتغلوا في الملف هم الذين سيواصلون البحث فيه...؟
- ليس بالضرورة، لأن هناك تقارير وتفاصيل في المواضيع يمكن لأي مسؤول يحال عليه الملف ان يواصل العمل فيها فقد تم رصد الاشياء وتنظيمها بطريقة منهجية ومضبوطة وببحث مدقق.
- ماذا عن آراء الاطراف السياسية؟
- لحد الآن لم نتلق أي رد من أي طرف، وهذا أمر طبيعي، لأن الاطلاع على التقرير لم يتسن الا مؤخرا، صحيح اننا أجرينا لقاءات أولية ووزعنا ونشرنا الملخصات، في انتظار استكمال كل الجوانب التقنية كالطبع مثلا - للتقرير الشامل، وقتها سيصبح بين أيدي كل الاطراف المعنية، وقتها سيكون بإمكانها أن تدرس وتنظر فيه وتقرر مواقفها. من المؤكد أن النتائج العامة للابحاث معروفة الان، وسنحاول أن نشرح للناس التفاصيل بالنسبة للتوصيات والتي نعتبرها جوهرية بالنسبة للمستقبل، قيل وعرف الاساسي منها، لكننا سنشرح التفاصيل والتحاليل.
- أجريتم لقاءات سياسية وحكومية، كيف تمت؟
- نعم، اجرينا، هذه اللقاءات، وقد كانت مهمة للغاية, التقينا بالحكومة والتي عبرت عن موقفها الايجابي والالتزام بالنظر في هذا التقرير وتتبع ما ورد فيه في ما يخص الاصلاحات المقترحة او في تنفيذ التعويضات، فالحكومة معنية بطبيعة الحال ولابد من ان تنظر في الامر وتجد له بندا في الميزانية، ونفس الشيء بالنسبة لبرامج جبر الضرر والجانب الاقتصادي والاجتماعي في ما يخص مجموعة من المناطق التي اقترحنا فيها برنامجا مدققا، وقد بدأ تنفيذه عمليا، كما في حال زاكورة وتازمامارت.
على المستوى البرلماني التقينا برئيسي الغرفتين ورؤساء الفرق البرلمانية وكان اللقاء إخباريا تلاه نقاش وتوضيحات، وقد اهتموا بطبيعة الحال بالجانب الذي يهمهم كسلطة تشريعية? واعتقد انهم سينظرون في الآلية والطريقة التي تجسد بها الاصلاحات التي يمكن للحكومة أن تصدر فيها مشاريع قوانين? من جانبنا وضعنا المعايير وفسرنا لكل مقام أسبابه وضروراته.. ويمكن للبرلمان أن يبادر كما يمكن للفرق السياسية أيضا أن تأخذ المبادرة وتأخذ على عاتقها هذا الامر وتطوره وربما أن تذهب به أبعد مما هو مقترح.
- بخصوص التوصيات الواردة والمحكومة بأفق واحد هو «حتى لايتكرر هذا», ماهي الزاوية التي عالجتم منها هذا الامر؟
- النظام الاساسي للهيئة وبرامج عملها تتجسد في غالبها نحو اقتراح اصلاحات واجراءات وتدابير وسياسات لعدم تكرار مامضى، والشيء الذي يفترض أن يبرز اثناء التحليل، ما الذي جرى في الماضي وحتى لا تتكرر الاتهامات عموما والانتهاكات الجسيمة والخطيرة على وجه الخصوص، حسب التشخيص في المسؤوليات، مسؤولية الدولة والمسؤولية الفردية التي أحصياناها, لكنها تظل في طي السرية، لأنه ليس من اختصاص الهيئة طرح أسماء للعلن.
{ العدد مثلا...
صعب أن أحدد العدد في فترة تغطي 43 سنة. هناك مستويات عديدة ومختلفة تلزمها دراسات تحليلية دقيقة، فلا يمكن مثلا أن تحدد المسؤوليات بعمومية.هناك من له مشكلة مع «المقدم» مثلا إلخ, فلابد من دراسة عينية وتحليلية لتسلسل الاوامر وتراتبية القرار الامني والسياسي وكيفية تطبيقه وتنفيذه وكيف تخلق الاضرار، وللخلاصة فمسؤولية الدولة كدولة التي اعترفت بهذا الامر واقرته اعطانا امكانية لكي نصل إلى تحديد الخلل ومكمنه في القرار السياسي والامني وكيف يتجسد في الواقع? ولهذا كانت الاقتراحات مهمة في مجال الاصلاح ويجب أن يندرج كل هذا في اطار استراتيجية وطنية لترسيخ سيادة القانون ومحاربة الافلات من القانون على المدى الطويل، وعليه وضعنا سلسلة من الاقتراحات والتدابير المؤسساتية ونروم اصلاح مؤسسات من الضروري والجوهري إصلاحها اصلاحا عميقا، كالقضاء. وقد تقدمنا بخصوصها بإصلاحات وتدابير جديدة ومهمة لا تقف فقط عند الضمانات الدستورية لفصل السلط ,بل أيضا حتى في ما يخص استقلالية القضاء عمليا.
{ ما هي الأشياء الأساسية الجديدة في ما يخص القضاء؟
درسنا القضاء وخلصنا الى ضرورة تعزيز وتدعيم استقلالية القضاء، حتى تكون هناك فعلا سلطة قضائية. ولابد أن يضمن الدستور هذا الأمر، حتى لا تحدث قرائن أخرى تخرب هذا العمل. وأعتقد أيضا أنه لابد من تدبير جديد على المستوى المؤسساتي، يصل إلى حد إعادة النظر في المؤسسات الأساسية والمهمة في القضاء وخاصة المجلس الأعلى للقضاء، الذي لابد من إعادة تنظيمه. ونقترح في هذا الباب، وهو اجتهاد ويمكن أن يقابله اجتهاد آخر، فصله تماما عن الحكومة من حيث الرئاسة حتى لا يكون للجهاز التنفيذي أي يد عليه، ولابد من افراز قيادته من داخل المجلس الأعلى للقضاء? وعنصر التجديد الثاني يخص تكوين المجلس، ونقترح أن ينفتح المجلس، بالإضافة الى سلك القضاء، على قطاعات خارج سلك القضاء، وهو أمر تسير عليه الدول المتقدمة، ولاشك أنه سيعطي قوة استقلالية و غنى في العمل، سلك القضاء لابد له من حرمة, ولكن لابد له أيضا من نجاعة وفعالية.
واعتبرنا أن من الأشياء الأساسية تعزيز وتأصيل دستوري لضمان حقوق الإنسان بصفة عامة. فهناك العديد من الحقوق الأساسية كحرية التعبير مثلا، الموجودة في الدستور ولكن لابد من تعزيز محتواها La teneur، وحقيقة وقعت تطورات مهمة منذ السبعينات والثمانينات، لكن لابد من إعادة الصياغة والبلورة والتدقيق، حتى يتم بالفعل ترسيخ تلك الدعامة الأساسية في قضية فصل السلط.
وبعد هذا، انتقلنا الى تفصيلات في المؤسسات الأمنية والمجال التربوي وجبر الضرر، والأرشيف والذاكرة وآلية التتبع, وهذه الآلية، بالاضافة إلى كل ما يمكن أن يقوم به البرلمان والحكومة والقوى الفاعلة في المجتمع ستسهر على التنفيذ وفتح نقاش عمومي حول كل توصيات الهيئة. اقترحنا أن تكون هذه الآلية من داخل المجلس للتتبع والمساعدة على التنفيذ، وهو ما يتطلب بعض المراجعات والتدقيقات في اختصاصات المجلس حتى تتقوى.
1965* الأسطورة المؤسسة...
+ ما أثارنا، وحتى إن لم يفاجئنا، لكنه اكتشاف بالنسبة لنا كجيل وكباحثين، أننا وجدنا أنفسنا أمام معطيات وشائعات وتقديرات، تم تداولها لسنوات طوال، بدون أبحاث دقيقة ورصينة. من الصعب بالفعل الحكم عليها، هل هي صائبة أم خاطئة.. لأنها مبنية فقط على القيل والقال، أي أن الأشخاص الذين عاشوا وقتها، حكوا عن أشياء ونسجوا أشياء واستخلصوا أشياء وركبوا وتم خلق ما راج، لم نجد، أي دليل مادي يثبت بأي شكل من الأشكال كل ما راج حول العدد، فلا مصدر موثوق يحدد عدد الضحايا الذين سقطوا ، ألف أو ألفان كما يقول الناس، بالفعل، قيل كلام كثير ونشر على صفحات الجرائد وتم تداوله اعلاميا، ولم يتم أي بحث للتحري، بدورنا لم نستطع القيام بهذا البحث الذي لايمكن أن يقوم به سوى المؤرخين الذين يملكون الوقت الكافي لذلك.
المنهج الذي اعتمدناه هو أننا لجأنا إلى المصادر الموثوقة ولم نجد أبدا أي شيء يثبت كل ما قيل، وقد اعتمدنا مصادر متنوعة، منها الشهادات (شهود العصر) والأرشيف عندما يكون في المتناول كالأمن والجيش والدرك, والمصدر الآخر، الذي اكتشفناه من بعد، في حالة الوفيات الناجمة عن جروح أو وفاة عنيفة أو قتل، الأرشيفات المهمة للمستشفيات ومراكز حفظ الأموات وأحيانا حفارو القبور والمحافظون على المقابر. صحيح أن الوثائق بقيت منظمة ومركبة علميا، لكن هناك وثائق وذاكرة وأرشيف. في ما يخص 65 دائما، اطلعنا على كل ما كتب، من دراسات سوسيولوجية حول ظروف الحدث وسياقاته وسنعمل على نشره من بعد، توجهنا بعدها إلى الأرشيفات ووجدنا بها مؤشرات ومعطيات لدى الشرطة والجهات المعنية ومراكز حفظ الأموات والمستشفيات واكتشفنا أرشيفات. والمثير أننا توصلنا بعدد هزيل جدا بالطلبات بخصوص 65! ومن جهتنا اتصلنا بشهود العصر سعيا منا لبناء سياق الأحداث فوجدنا تناقضا بين التصريحات.
وقد وجدنا المقابر ...
« ونفس الشيء وقع في أحداث 60 و 64 أو ما يسمى مجموعة شيخ العرب، بالنسبة لأحداث 1960 فلم يتقدم أي أحد بطلب، بما في ذلك المنظمات الحقوقية..والموضوع طاله النسيان، باستثناء بعض الإخوة في الاتحاد والمقاومين الذين طرحوا المشكل، وقد وجدنا القبور بالفعل واستطعنا اعادة تركيب الحدث بالرغم من بعض الالتباس الذي مازال يلفه. وبصفة عامة، ظهر السياق السياسي والظروف التي تميزت بالغليان من 1959 إلى 1960 .
بالنسبة لشيخ العرب، استغربنا لكون الكثير من المسؤولين أنفسهم كانوا ضحية اشاعات مسؤولين آخرين أرادوا من ورائها اتلاف الحقيقة، لهذا توجهنا إلى الأرشيف بالأمن الاقليمي والمستشفيات وحفظ الأموات. وقد كان البحث مشوقا بالفعل وفيه عناصر كثيرة من المفاجأة, حيث تجد مثلا متوفى تحت اسم x بن x [أي مجهول] في حين تكتشف أنه في الأرشيف باسمه الكامل، فقد تجد أيضا أحمد فوزي المدعو شيخ العرب المتوفى يوم كذا وكذا، بكل التفاصيل لأن الأطباء سجلوا ذلك بطريقة مهنية صرفة.
من بعد يأتي دور جهة أخرى التي تتناول الملف ويصير في ملكها? فكان علينا أن نتوجه إلى هذه الأطراف كحفظ الأموات والمقابر واستطعنا الوصول إلى أشخاص بعينهم أثبتوا الامر، اكتشفنا أيضا أن رفاق شيخ العرب، وهم أربعة تأكد لدينا أنهم مروا بدرب مولاي الشريف، كبوزاليم وأشخيض .. الخ. من بعد ثبت أنهم قُتلوا، وأشاع رجال الأمن أن شيخ العرب هو الذي قتلهم في إطار الانتقام والتصفية. وقد وجدنا قبور المغتالين، ولم يبق الغموض يلف سوى حالة أو حالتين!
ملحوظة: سبق أن نشر هذا الحوار في أعقاب انتهاء لجنة الإنصاف والمصالحة من عملها وتسليم تقريرها إلى جلالة الملك


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.