نشرت صحيفة «فيلت» الألمانية، تقريرا حول «فريق القراصنة» التابع للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، والذي يتهم بالضلوع في تنفيذ عدة هجمات إلكترونية على أهداف غربية، منها حسابات الحزب الديمقراطي الأمريكي، وحواسيب البرلمان الألماني. وقالت الصحيفة في تقريرها إن السلطات الروسية دأبت منذ فترة على نشر مقاطع فيديو ترويجية في وسائل التواصل الاجتماعي، تدعو الشباب الروسي وطلبة الجامعات الذين يتمتعون بمهارات في مجال الحاسوب والشبكات الإعلامية؛ إلى الانضمام لوزارة الدفاع الروسية، للعمل ضمن «الوحدة العلمية». وأضافت أن روسيا كانت تبحث لسنوات طويلة عن انتداب جنود ذوي مهارات خاصة يخوضون الحرب الإلكترونية، «ففي شهر كانون الأول/ ديسمبر الماضي؛ وقّع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على خطة جديدة حول السلامة المعلوماتية». وتنص هذه الوثيقة على أن «الهجمات التي تستهدف الحواسيب الروسية والبنية التحتية؛ بدأت تتزايد وتصبح أكثر تعقيدا وتنسيقا، ولذلك فإنه يتوجب على روسيا تطوير قدراتها في مجال الحوسبة والإنترنت». وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المعلومات تؤكدها تصريحات صدرت مؤخرا عن شركة «روستيليكوم» التي توفر خدمات الإنترنت والاتصال للمؤسسات الحكومية، والتي أعلنت هذا الأسبوع أنها نجحت في صد هجوم كان يهدف إلى حرمان البنوك الروسية من خدمة الإنترنت. وتابعت الصحيفة: «بالتالي؛ يتم باستمرار تذكير الرأي العام في روسيا بأن البلاد مستهدفة، وأنها تحتاج إلى الدفاع عن نفسها ضد القراصنة الأجانب». وأضافت أن «روسيا ليست مجرد ضحية للهجمات الإلكترونية، ولديها فريق من القراصنة التابعين للأجهزة الرسمية؛ يشتبه في أنهم شنوا هجمات على درجة عالية من التعقيد والتطور ضد أهداف في دول حلف الناتو». من جهة أخرى؛ ترجح وكالة الاستخبارات الأمريكية أن روسيا تدخلت في السباق الانتخابي الأمريكي لمساعدة دونالد ترامب على الفوز، كما أن حسابات البريد الإلكتروني التابعة للحزب الديمقراطي التي تم اختراقها؛ تبين أن المتورطين فيها على علاقة بالحكومة الروسية. وقالت الصحيفة إن شركة «كراود سترايك» الأمريكية، التي تكفلت بالتحقيق في الهجمات الإلكترونية التي تعرض لها الحزب الديمقراطي؛ قدمت أدلة خلال الصيف الماضي على أن الهجمات يقف وراءها فريقان من القراصنة الروس، أحدهما يسمى «الدببة الرائعة»، والآخر يسمى «الدببة الدافئة»، و»هما فريقان تديرهما السلطات الروسية، إلا أن المعلومات الأخرى المتعلقة بعددهم والمسؤول المباشر عنهم؛ لا تزال غامضة». ونقلت الصحيفة عن ديمتري ألبيروفيتش، وهو أحد مؤسسي شركة «كراود سترايك»، وينحدر من أصول روسية، ويعد من أفضل خبراء الحاسوب في العالم، قوله إن «كل المعطيات التقنية، والمعلومات التي تحصلنا عليها؛ تشير إلى أن مجموعة (الدببة الرائعة) مرتبطة بالمخابرات العسكرية الروسية». وأشارت الصحيفة إلى أن هذه المجموعة يشتبه أيضا في أنها تقف وراء الهجوم الإلكتروني الذي استهدف حواسيب البرلمان الألماني. وقد أعلنت حينها شركة «كراود سترايك» أن ذلك الهجوم تميز بالذكاء والتعقيد بشكل غير مسبوق. وأعلنت شركة «كراود سترايك» أن مجموعة «الدببة الدافئة» قامت في نهاية شهر آب/ أغسطس الماضي، بمهاجمة قواعد معلومات تابعة لعدد من مراكز الدراسات الأمريكية، وحذر ألبيروفيتش من أن هجمات مماثلة ستتعرض لها دول أوروبية، مثل ألمانيا وفرنسا، في السنة المقبلة، مع اقتراب موعد الانتخابات. ونقلت الصحيفة عن الخبير الروسي في مجال المخابرات والإنترنت، أندري سولداتوف، قوله إن «فرضية ارتباط هجمات القراصنة بالسلطات الروسية أصبحت مرجحة أكثر من أي وقت مضى، وقد تزايدت الأدلة عليها خلال السنتين الماضيتين بشكل درامي». وأضاف سولداتوف أنه «في الماضي كانت هذه الهجمات بسيطة، ولكن تحول الأمر الآن إلى عمليات تجسس، حيث إنهم أصبحوا قادرين على اختراق بعض الحواسيب وشبكات المعلومات، والبقاء فيها لأشهر، والتجسس، وجمع المعلومات، دون أن يتم التفطن إليهم». وتساءلت الصحيفة حول الصيغة التي تربط هؤلاء القراصنة بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزارة الدفاع الروسية، خاصة أنهم لم يتركوا أي أدلة دامغة حول هويتهم. وفي هذا السياق تبرز ثلاث فرضيات، و»تتمثل الفرضية الأولى في أنهم ضباط في الجيش الروسي يمتلكون خبرة في مجال الكمبيوتر، خاصة وأن قدرات الجيش الروسي في السنوات الأخيرة تطورت بشكل لافت، حيث أعلنت روسيا في سنة 2014 عن تجهيز مخططات لصد هجمات إلكترونية على البنية التحتية للبلاد، من خلال تركيز وحدة مكونة من علماء رياضيات وبرمجيات كمبيوتر، ومختصين إلكترونيين». أما الفرضية الثانية التي طرحتها الصحيفة، فتتمثل في أن «مجموعات من القراصنة الروس تم التعاقد معها من قبل السلطات للقيام بمهام معينة»، وفي هذا السياق قال ألبيروفيتش، إن «الطاقة والموارد التي كانت سابقا تخصص لتنفيذ الجرائم والعمليات العسكرية السرية؛ أصبحت الآن تخصص للهجمات الإلكترونية، والتجسس عبر الإنترنت لفائدة الدولة الروسية، خاصة أن روسيا تمتلك مجموعة من أكثر القراصنة مهارة في العالم، إلا أنهم ليسوا بالضرورة منتمين للمؤسسات الرسمية الروسية». أما الفرضية الثالثة؛ فهي أن هؤلاء القراصنة «منتمون إلى شركات تكنولوجيات اتصالات روسية»، وفي هذا الصدد؛ صرح أندري سولداتوف بأن «الدولة الروسية تبحث بشكل متزايد عن المساعدة من قبل القطاع الخاص وشركات السلامة المعلوماتية، وكمثال على ذلك؛ توجد شركة كراتور المتخصصة في مجال تكنولوجيات الاتصال، والتي تقدم خدمات متعلقة بالحماية من هجمات الحرمان من خدمة الإنترنت». وفي الختام؛ بينت الصحيفة أن هذه الشركات لا تقوم بمهام دفاعية فقط، بل أصبحت بدورها تشن هجمات لحرمان بعض الأهداف الخارجية من خدمة الإنترنت، مثل تلك التي تم شنها على وزارة الدفاع الأوكرانية، وعلى بعض المواقع الروسية المستقلة والمعارضة.