دعا صندوق النقد الدولي إلى مزيد من اليقظة والحذر بشأن تنامي القروض المتعثرة للبنوك المغربية. وأشار نيكولا بلانشيه، رئيس بعثة الصندوق للمغرب، إلى أن الحجم الذي بلغته القروض المتعثرة، والذي يناهز حاليا نسبة 7.7 في المئة من إجمالي الإقراض المصرفي، لا يعتبر عاليا مقارنة مع دول أخرى، غير أن استمرار القروض المتعثرة في الانخفاض هو الذي يتطلب الحذر واليقظة والمتابعة عن قرب. وأضاف بلانشيه، الذي كان يتحدث خلال ندوة صحافية أول أمس عقب انتهاء بعثته للمغرب التي دامت من 16 نونبر إلى فاتح دجنبر، أن مجموعة محدودة من المخاطر لا تزال تواجه الاستقرار المالي للبلاد رغم أن القطاع المالي المغربي يتمتع بمستوى جيد من الرسملة. وأضاف "رغم تزايد القروض المتعثرة، فإن هناك مخصصات كافية لمواجهتها. غير أنه من الضروري مواصلة تخفيض التركز الائتماني، وتوجيه اهتمام خاص للمخاطر المتعلقة بتوسع البنوك المغربية في إفريقيا. وفي هذا الصدد، تعتبر تقوية الرقابة المصرفية وتوثيق التعاون عبر الحدود أمراً يستحق الترحيب"، في إشارة إلى الجهود التي يقوم بها بنك المغرب في تتبع توسع القطاع المالي المغربي خارج الحدود وحرصه على إخضاع الفروع الخارجية للبنوك المغربية للمعايير الاحترازية التي يعتمدها، إضافة إلى إبرام بنك المغرب لعدة اتفاقيات تعاون مع هيئات الرقابة المصرفية في البلدان المضيفة. وأضاف بلانشيه أن بعثة صندوق النقد الدولي "تشيد بتقدم السلطات في تنفيذ توصيات برنامج تقييم القطاع المالي. كذلك تواصل البعثة دعم الجهود الرامية إلى تعزيز فرص الحصول على التمويل، وخاصة بالنسبة للمشروعات الصغيرة والمتوسطة. وبالإضافة إلى ذلك، توصي البعثة بسرعة اعتماد القانون الأساسي الجديد لبنك المغرب والذي سيؤدي إلى دعم استقلاليته وتعزيز دوره في إرساء الاستقرار المالي". وحول أداء الاقتصاد الوطني قال بلانشيه "من المتوقع أن يتباطأ نمو الاقتصاد المغربي في عام 2016 بما يتراوح بين 1.5 في المئة و 2 في المئة نتيجة لضعف محصول الحبوب والانخفاض النسبي في نشاط القطاع غير الزراعي. ولا يزال التضخم والنمو الائتماني معتدلين. ومن المتوقع حدوث ارتفاع طفيف في عجز الحساب الجاري ليصل إلى 2.9 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وذلك في الأساس نتيجة لزيادة واردات السلع الرأسمالية والمواد الغذائية وانخفاض أسعار الفوسفاط، رغم ديناميكية قطاعات التصدير الجديدة. ومع أخذ التدفقات الداخلة من الاستثمار الأجنبي المباشر في الحسبان، بلغت الاحتياطيات الدولية ما يعادل 6.8 شهور من الواردات". وأشار إلى أن الاقتصاد الوطني "استفاد في السنوات الأخيرة من استمرار السياسات الاقتصادية الكلية الحذرة والإصلاحات الهيكلية، بالإضافة إلى التطورت المواتية في أسعار النفط. وأدى تحسن إدارة المالية العامة وتنويع النشاط الاقتصادي إلى تعزيز صلابة الاقتصاد. غير أن الكثير لا يزال مطلوبا لتحقيق نمو أعلى وأكثر استمرارية واحتواءً لكل الشرائح السكانية. ولا تزال البطالة مرتفعة، ولا سيما بين الشباب. وقد بدأ إجراء إصلاحات هيكلية كبيرة، ومن الضروري الإسراع بتنفيذها لزيادة مكاسب الإنتاجية وخلق فرص العمل ورفع إمكانات النمو. ومن أهم الأولويات في هذا الصدد تحسين جودة النظام التعليمي، وكفاءة سوق العمل، ومشاركة النساء في سوق العمل، ومواصلة الجهود لتحقيق تحسن أكبر في بيئة الأعمال". ورحب بلانشيه بإصلاح الصندوق المغربي للتقاعد، الذي قال إنه دخل حيز التنفيد مند سبتمبر الماضي. وقال إن هذا الإصلاح الجزئي قد عالج إشكالية ذات طابع استعجالي، وأن على الحكومة أن تنكب على الإصلاح الشامل لأنظمة التقاعد. وأشار بهذا الخصوص إلى اجتماعه مع النقابات خلال بعثته بالمغرب، وأنه لامس أن هناك اقتناعا وتوافقا حول ضرورة إجراء إصلاح شمولي للتقاعد رغم اختلاف المواقف والأطروحات. وحول سياسة سعر صرف الدرهم، قال بلانشيه "نحن ندعم عزم الحكومة بدء التحول التدريجي إلى نظام أكثر مرونة لسعر الصرف واستهداف التضخم. وسيؤدي هذا النظام إلى تيسير الاندماج في الاقتصاد العالمي، بالحفاظ على التنافسية وتعزيز القدرة على استيعاب الصدمات الخارجية. ونحن نواصل العمل مع السلطات لوضع اللمسات الأخيرة على خارطة الطريق التي وضعتها لإجراء هذا التحول". وقال "بخلاف العديد من الدول التي قامت بهذه الإصلاح تحت الضغط، فإن المغرب اختار إصلاح سياسة سعر الصرف وهو مرتاح، واختار المضي في ذلك بشكل متدرج". واستبعد أن يؤدي الانتقال إلى سعر صرف مرن إلى تخفيض قيمة العملة الوطنية، مشيرا إلى أن قيمة الدرهم حاليا متوازنة. وللإشارة، فسعر الدرهم حاليا، يحدد على أساس سلة من العملات يشكل اليورو نسبة 60 في المئة منها والدولار نحو 40 في المئة. ويهدف هذا الإصلاح إلى إخضاع سعر صرف الدرهم تدريجيا إلى آلية السوق عبر العرض والطلب.