إن أهم ما يمكن أن يخدش كرامة الإنسان، هو المس بماله أو عرضه أو أرضه ، و تبقى الأرض هي الحياة و الاستمرار، والبقاء، و بسبب الأرض تألم سكان مدينة فجيج كثيرا و مازالوا، من جراء فقدان مساحات شاسعة منها من طرف الجارة الجزائر ، و لذلك فموضوع الأرض له وقع خاص في نفوس الساكنة بهذه المدينة ، التي مازالت تلازمها ذكريات بساتينها التي راحت، وراح معها جهد أجيال توالت دون أي تعويض، إثره انقلبت أوضاع العديد من العائلات حيث وجدوا أنفسهم يبدأون من الصفر. ولا أعتقد أن هذه الجراح ستتعافى، رغم أن هذا الموضوع خارج عن الإرادة، وربما هذا ما يواسي العديد من المتضررين، لكن أن تأتي الجراح من الداخل، هذا ما لا يمكن تحمله، وسبب الجراح هذه المرة ما يشهده تدبير ما تبقى من الأراضي السلالية من ممارسات وأمام صمت السلطة الوصية بالبلدة ، ونحن نعتقد أن وزارة الداخلية باعتبارها الوصية على هذا القطاع ، من المفروض أنها تعتمد مساطر دقيقة وواضحة لتدبير هذا الشأن ، إلا أنه في فجيج ،خلال هذه السنوات الأخيرة،وحسب ما يعبر عنه العديد من المواطنين، فإن الموضوع يخضع لمساطير المزاج و الهوى و الشطط ، في غياب أي تدخل لهذه السلطة الوصية ، لإنصاف المستضعفين و المغلوب على أمرهم ، و أكيد أن هذه الممارسات ستجر على البلدة مشاكل كبيرة مرتبطة بالكرامة و الاستقرار، و أنتم تعلمون أن المدينة تعاني من نزيف حاد بسبب الهجرة والذي كان من أهم أسبابه موضوع الأرض، و بالتالي على السلطات المحلية و الوطنية أن تتبنى رؤية واضحة ومخطط استراتيجي للحد من هذه الهجرة ، و لدينا قناعة بأن موضوع الارض يشكل محوره الرئيسي ، فلا مجال فيه للارتجال و اللامبالاة ، و يجب أن يخضع لضوابط تنسجم مع المخطط الشمولي لتنمية البلدة. و لتدارك الأمر فمن الضروري إيفاد لجنة للتحقيق في الموضوع و الوقوف على تفاصيله، ثم إرجاع الأمور إلى صوابها، و إيقاف هذا الشطط في السلطة ، و الفردانية في القرار إلى درجة تستفز فيه مشاعر المواطنين. الموضوع هنا يخص توزيع و كيفية توزيع مئات الهكتارات من الأراضي السلالية على الأفراد ،من طرف نائبين من نواب هذه الأراضي، بقصر زناقة فجيج و بمباركة السلطة المحلية، و يمكن تقسيم هذا العمل الى ثلاث مراحل : المرحلة الاولى : كما هو الحال في جميع الأمور، تكون الانطلاقة في ظاهرها بنوع من الشفافية ، و الديموقراطية ،حيث وضعت إعلانان يخصان توزيع الأرض على المواطنين شريطة تخصيصهما للفلاحة ، و ذلك بتخصيص هكتار واحد للفرد ، و إذا لم يتم استغلالها فعليا في ظرف ثلاث سنوات سوف يقوم باسترجاعها ، كان هذا إجراء استحسنه البعض ، لكن مع عملية التوزيع تبين أن هناك من استفاد من مساحات شاسعة و صلت إلى 15 أو 20 هكتارا بدعوى أنهم كونوا جمعية أو مقاولين ، و لديهم إمكانيات ، و سوف يخلقون مناصب شغل ، إلا أن الذي اتضح مع الوقت أن أغلب الذين حصلوا على وثيقة تسليم الأرض لم يحركوا فيها ساكنا ، منذ ما يزيد عن 5 سنوات ، كما أن أغلب الذين استغلوا هذه الارض فعلا ، هم من المستضعفين. أما الذين كان يعول عليهم فلم يلتزموا، و لم يتم استرجاع هذه الأراضي و لا شيء من هذا القبيل. و كاد هذا الإجراء أن يدخل سكان المدينة في اصطدامات خطيرة، وصلت إلى حد التهديد بسيلان الدماء. المرحلة الثانية : لما تيقن بعض المواطنين بوجود خروقات و محسوبيات ، قاموا بالارتماء على بعض الأراضي الخاصة بالجموع و البدء في الأشغال ، لفرض الأمر الواقع ، و بالتالي استطاع البعض منهم انتزاع تساليمها، أما بقية المواطنين المغلوب على أمرهم ، فظلوا يتفرجون و يتحسرون ، فلا حول و لا قوة لهم . و السلطة المحلية لم تتدخل في الموضوع، و لم تعط أي توضيحات، فلا يمكن أن يوصف ما قام به هؤلاء بوصف آخر غير السرقة و محاولة الاستيلاء العلن على أرض الغير دون وجه حق. كيفما كانت حجتهم ، فلا يمكن تصحيح الخطأ بالخطأ ،نحن في دولة لها قوانين و يجب على الجميع التقيد بها ، و إلا دخلنا في قانون الغاب بمنطق الغلبة للأقوى. المرحلة الثالثة : موضوع التوزيع مع مرور الوقت ، و في غياب أي أرضية تحدد المعايير، دخل في منزلق كبير ، حيث أعقب المرحلة الأولى سيل من التساليم ، بمنطق لا نعلم حيثياته ، وفي كل مرة نسمع بفلان استلم أرضا ، كل وثائق التسليم هاته موقعة من طرف نائب واحد أو نائبين ، رغم أنه من المفروض وجود ثلاثة نواب ، و رغم أن أحدهما مقيم خارج المدينة منذ سنين طويلة بحكم عمله، و نحن نعلم أن من بين شروط الوكالة في الأراضي السلالية الإقامة ، ومع ذلك ما زلنا نرى من حين لآخر تساليم المساحات الأرضية موقعة من طرفه ، كما أن هناك الكثير ممن يتحدث عن وجود تلاعبات ومتاجرة في الموضوع ، و هنا لا نتهم أحدا ، بل نطلب من الجهات المسؤولة التحقيق في هذا الشأن ، وإن وجدت هناك تلاعبات معينة، فالعدالة ستكون صاحبة القول الأخير . على العموم نعتقد أن صور كل النسخ المرتبطة بالموضوع من المفروض أن تتواجد لدى المجلس الجماعي ، و يمكن اعتمادها . إن المجتمع المدني لم يتفهم صمت السلطة المحلية ، و لا يدري في أي سياق تتم فيه هذه العمليات ، و يجدد طلبه لإيفاد لجنة للتحقيق في الموضوع ،قبل أن يجر على المدينة ما لا يحمد عقباه.