كنا قد تطرقنا في الأسبوع الفارط إلى الجزء الأول المتعلق بمرض متلازمة «أضداد الفوسفليبيد»، احد أمراض المناعة الذاتية، من خلال تقديم تعريف عنه، وطبيعة انتشاره، وفي هذا الجزء الثاني سنسلط الضوء على تداعياته المتنوعة التي ترتبط مباشرة بمكان حدوث تجلط الدم في الجسم، وهنا يجب التوضيح على أن التخثر الوريدي هو أكثر شيوعا من تجلط الدم في الشرايين، ويمكن أن يخص الأوردة العميقة للساقين،علما أنه إذا بقيت الجلطة في نفس المكان فإن الوريد ينسدّ ويلتهب وعندها تحمرّ الساق و تتضخم، وتتسبب في ألم عند اللمس والمشي. ويكون للمرض تبعات عصبية عندما يطال تجلط الدم شرايين الجهاز العصبي، وغالبا ما تقع الجلطة في الدماغ بنسبة 35٪ من الحالات، التي يمكن أن تودي إلى السكتة الدماغية، وفي حالات نادرة قد تعطي هذه الجلطة الدماغية المتكررة اضطرابات نفسية أو تتسبب في الخرف، كما يمكن أن تحدث أيضا علامات عصبية أخرى، مثل الصرع، أو بشكل أكثر ندرة الرقاص المتمثل في تحركات غير نظامية وجيزة لا إرادية. أما على صعيد القلب، فقد تحدث انتهاكات صمامات القلب وذلك بشكل جد شائع في متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد»، ومع ذلك تكون الحالة صامتة في غالب الأحيان دون أن تعلن عن نفسها، لكن يمكن أن تسبب ضيقا في التنفس، أو في حالات نادرة جدا وذمة الرئة، و في حالات أكثر ندرة، تحدت إصابة الشرايين التاجية للقلب تعطي احتشاء عضلة القلب. ومن العلامات الأكثر شيوعا على صعيد الجلد، نجد التزرق، (le livédo)، وهو طفح جلدي ينتج عن تمدد الأوردة ويكون على شكل شبكة لونها أزرق أرجواني وخطوطها واسعة ومفتوحة، وغالبا ما يظهر هذا التزرق بعد التعرض للبرد أو للضغط، ويوجد بشكل رئيسي على الجذع والساقين والساعدين، علما أنه تتطور عند بعض المرضى فرفرية، (purpura)، تتجلى في بقع حمراء أو زرقاء صغيرة على الجلد يكون سببها نزيف دقيق، كما يمكن أن تحدث مظاهر جلدية أخرى مثل التقرحات أو «ظاهرة رينود»، وهو تحول لون أصابع اليدين أو القدمين، ينجم عن التعرض للبرد أو التوتر، مع ظهور شحوب أولي يتحول إلى لون أزرق وبعد ذلك إلى أحمر أحيانا، يصاحبه ألم شديد. كما أنه من العلامات النموذجية للمرض ظهور بقع تحت الأظافر على شكل شرارة تعبر عن نزيف صغير. وتعدّ الكلي من الأعضاء التي تتأثر بالداء، بالنظر إلى أن الجلطة يمكن أن تصل إلى جميع أوعية الكلى، والتي تجعل الأعراض تختلف على نطاق واسع أو تكون حتى غير موجودة. ويمكن كشف تأثر الكلى بواسطة تحليل البول، ويعد المؤشر على ذلك وجود فائض من البروتين، وفي حالات أخرى، قد تتسبب في ارتفاع ضغط الدم، كما أنه في أشكال حادة، يمكن للمرض أن يؤدي إلى فشل كلوي. أما على صعيد العين، فقد يقع انسداد الشريان الذي يمد الدم إلى شبكية العين وهو ما قد يؤدي إلى فقدان مفاجئ للرؤية وحتى العمى بشكل لا رجعة فيه. أما عند الحمل، فقد تتسبب متلازمة «أضداد الفوسفوليبيد» في حدوث إجهاض تلقائي متكرر ومضاعفات بنسبة عالية، ورغم أن الحمل يكون ممكنا، لكن وجود الأجسام المضادة يزيد بشكل كبير من مخاطر الإجهاض الذي يمكن أن يحدث في أي مرحلة من مراحل الحمل، خصوصا خلال 3 أشهر الأولى، كما يرتفع خطر نمو الجنين ببطء أو أن يولد قبل الأوان.