صدمة في غابة دونابو بطنجة: قطع الأشجار يثير غضب المواطنين    إضراب عام في المغرب احتجاجًا على تدهور القدرة الشرائية وتجميد الحوار الاجتماعي    مداهمة مطعم ومجزرة بطنجة وحجز لحوم فاسدة    نبيلة منيب: مدونة الأسرة تحتاج إلى مراجعة جذرية تحقق العدالة والمساواة -فيديو-    المغرب واليمن نحو تعزيز التعاون الثنائي    ارتفاع تحويلات مغاربة العالم    توقيف سائق طاكسي بأكادير بتهمة ترويج القرقوبي    أكادير تحتفي بالسنة الأمازيغية الجديدة بتكريم مايسترو الرباب لحسن بلمودن    مهرجان قرطاج لفنون العرائس يعود بمشاركة 19 دولة وعروض مبتكرة    التساقطات المطرية الأخيرة تعيد الآمال للفلاحين وتعد بموسم فلاحي جيد    وهبي: العدالة الانتقالية تجربة وطنية أفضت إلى المصالحة بين المجتمع المغربي وتاريخه    الشبيبة التجمعية تشيد بمجهود الحكومة استعداداً للمونديال وفي "تصفية تركة حكومتي العشر سنوات العجاف"    الاتحاد المغربي للشغل ينظم إلى الداعين لخوض "الاضراب العام"    الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يمنح فوزي لقجع الجائزة التقديرية ل2024    النصيري يمنح الفوز لفنربخشة أمام ريزا سبور    مفتاح الوقاية من السرطان.. دراسة تؤكد أن الرياضة وحدها لا تكفي دون الحفاظ على وزن صحي!    المفوضية الأوروبية تحذر من "رد حازم" إذا استهدف ترامب منتجاتها برسوم جمركية "تعسفية وغير منصفة"    ابن تطوان "الدكتور رشيد البقالي" ينال إعجاب علماء كبار ويظفر بجائزة عالمية في مجال الفكر والأدب    التساقطات المطرية الأخيرة ترفع نسبة حقينة سدود المملكة إلى أزيد من 27%    الشرع: الرياض تريد دعم دمشق    بني ملال ينتزع التعادل مع بركان    صادرات قطاع الطيران ناهزت 26,45 مليار درهم سنة 2024    خبير صحي يحذر: إجراءات مواجهة "بوحمرون" في المغرب "ضرورية ولكنها غير كافية"    المغرب يتسلم رئاسة التحالف الإفريقي للعلوم والتكنولوجيا لتعزيز التنمية المستدامة    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    بعد انضمامه للأهلي.. بنشرقي: اخترت نادي القرن لحصد الألقاب    فتح تحقيق جنائي بحقّ زوجة نتانياهو    أسعار المحروقات تشهد زيادة "طفيفة" للمرّة الثانية توالياً خلال شهر بالمغرب    العثور على مهاجر مغربي مقتول داخل سيارته بإيطاليا    تحولات "فن الحرب"    نشرة إنذارية (تحديث): تساقطات ثلجية وأمطار قوية مرتقبة من الأحد إلى الثلاثاء بعدد من أقاليم المملكة    المغاربة أكثر الجاليات اقتناء للمنازل في إسبانيا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الإثنين    الزوبير بوحوت يكتب: السياحة في المغرب بين الأرقام القياسية والتحديات الإستراتيجية    القيمة السوقية لدوري روشن السعودي تتخطى المليار يورو    الإرث الفكري ل"فرانتز فانون" حاضر في مهرجان الكتاب الإفريقي بمراكش    تطوان تحتفي بالقيم والإبداع في الدورة 6 لملتقى الأجيال للكبسولة التوعوية    القنيطرة... اختتام دوري أكاديميات كرة القدم    باب برد: تفكيك عصابة إجرامية متورطة في سرقة وكالة لتحويل الأموال    حكومة أخنوش تتعهد بضمان وفرة المواد الاستهلاكية خلال رمضان ومحاربة المضاربات    هكذا يخطط المغرب لتعزيز أمن منطقة الساحل والصحراء    الإعلام في خدمة الأجندات السياسية والعسكرية    الرجاء البيضاوي يتجه إلى إلغاء الجمع العام مع إناطة مهمة الرئاسة إلى بيرواين حتى نهاية الموسم    تجميد المساعدات الأميركية يهدد بتبعات خطيرة على الدول الفقيرة    دراسة: هكذا تحمي نفسك من الخَرَفْ!    استئناف المفاوضات بين حماس وإسرائيل الاثنين بعد رابع عملية تبادل للرهائن والمسجونين    الصين: شنغهاي تستقبل أكثر من 9 ملايين زائر في الأيام الأربعة الأولى من عطلة عيد الربيع    المنتخب الوطني لأقل من 14 سنة يجري تجمعا إعداديا بسلا    الجمعية المغربية لدعم إعمار فلسطين تجهز مستشفى الرنتيسي ومستشفى العيون باسطوانات الأكسجين    أولياء التلاميذ يؤكدون دعمهم للصرامة في محاربة ظاهرة 'بوحمرون' بالمدارس    مؤسسة طنجة الكبرى تحتفي بالكاتب عبد السلام الفتوح وإصداره الجديد    تفشي "بوحمرون" في المغرب.. أرقام صادمة وهذه هي المناطق الأكثر تضرراً    المجلس العلمي المحلي للجديدة ينظم حفل تكريم لرئيسه السابق العلامة عبدالله شاكر    محاضرة بأكاديمية المملكة تُبعد نقص الذكاء عن "أطفال صعوبات التعلم"    أي دين يختار الذكاء الاصطناعي؟    أربعاء أيت أحمد : جمعية بناء ورعاية مسجد "أسدرم " تدعو إلى المساهمة في إعادة بناء مسجد دوار أسدرم    غياب لقاح المينانجيت في الصيدليات يعرقل سفرالمغاربة لأداء العمرة    أرسلان: الاتفاقيات الدولية في مجال الأسرة مقبولة ما لم تخالف أصول الإسلام    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجرف الأصفر.. والبحث عن السلامة البيئية ومطرح نفايات الجديدة «ضيف» غير مرحب به

انطلاقا من استشعارنا بخطورة التلوث البيئي وتأثيراته المختلفة على حياة الإنسان والحيوان والنبات، وأمام الاهتمام الدولي بالبيئة واستعداد المغرب لتنظيم المؤتمر الدولي للمناخ بمراكش في نونبر المقبل، وما أثارته النفايات القادمة من إيطاليا من احتقان ، زارت الجريدة ميناء الجرف الاصفر لما يحتويه من منشآت صناعية قصد الوقوف على مدى تأثير مخلفاتها على البيئة ، كما زارت مطرح الأزبال في الجديدة...
انطلاقا من استشعارنا بخطورة التلوث البيئي وتأثيراته المختلفة على حياة الإنسان والحيوان والنبات، وأمام الاهتمام الدولي بالبيئة واستعداد المغرب لتنظيم المؤتمر الدولي للمناخ بمراكش في نونبر المقبل، وما أثارته النفايات القادمة من إيطاليا من احتقان، زارت الجريدة ميناء الجرف الاصفر لما يحتويه من منشآت صناعية قصد الوقوف على مدى تأثير مخلفاتها على البيئة، كما زارت مطرح الأزبال في الجديدة...
الجرف الأصفر و التلوث
ليست هناك صناعة بدون تلوث، لكن المهم هي درجة هذا التلوث ومدى تأثيره على الكائنات الحية، هذا هو رد المسؤولين على فضول الصحافيين كلما تعلق الأمر بميناء الجرف الاصفر، بخصوص النفايات الصلبة والغازية التي تطرحها الوحدات الصناعية في الهواء والماء.
ويعتبر المركب الصناعي للجرف الأصفر الذي أنشئ في ظرف أربع سنوات، أول أرضية كيماوية في العالم، يعود تاريخ بداية الإنتاج بها إلى سنة 1986، وتمكنت المجموعة الصناعية من تحويل نحو ثلث الإنتاج الوطني من الفوسفاط إلى حامض فوسفوري ثم إلى أسمدة.
وينتج الجرف الأصفر سنويا أزيد من مليوني طن من الحامض الفوسفوري وثلاثة ملايين طن من الأسمدة الصلبة و150 ألف طن من الحامض الفوسفوري الخالص يتم شحنها عبر ميناء الجرف الأصفر الذي أصبح أول ميناء لنقل المعادن وثاني أكثر الموانئ الوطنية أهمية من حيث حجم المبادلات.
المركب الصناعي للجرف الأصفر، الذي يعد أكبر مجمع كيميائي مندمج في العالم، تم اعتماده كامتداد لوحدات الإنتاج بآسفي، ضمنها كيماويات المغرب ومغرب فوسفور 1 ومغرب فوسفور 2 اللذان بدآ بالاشتغال على التوالي سنتي 1976 و1981 مما ساهم في الرفع من قدرة تقييم الفوسفاط من 6 إلى 16 مليون طن.
وقد عرفت منطقة دكالة منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين عدة مناطق صناعية توطنت خصوصا بالجرف الاصفر و مينائه العملاق على المحيط الأطلسي، فأصبح الاقليم يعد قطبا صناعيا بالمغرب نتج عنه ارتفاع في نسبة النمو الحضري، غير ان هذا القطب عوض أن يؤدي الى تنمية اقتصادية و اجتماعية على مستوى الاقليم، خلق ما يشكل بؤرة للتلوث تهدد المجال بكل مكوناته، حيث ان النفايات الصناعية تلقى في البحر، و الغازات السامة تنتقل في الهواء مهددة النبات و الحيوان و الانسان.
ومن خلال دراسات و تحقيقات ميدانية أشرف عليها العديد من الباحثين البيئيين و الجمعيات الحقوقية بالإقليم، بينت خلاصات علمية أن اقليم الجديدة تحدق به أخطار التلوث ، وهي خلاصات - للأسف - لم تؤخذ بعين الاعتبار من طرف الجهات المسؤولة اقليميا و وطنيا.
محطات صناعية .. وعوامل التلوث
المنظفات الفوسفاطية والاسمدة تقضي على نمو الطحالب والاسماك، حيث تستهلك البكتيريا الموجودة في الماء كميات من الاكسجين، الشيء الذي يقضي على حياة الطحالب، فالمركب الصناعي يتسبب بشكل كبير في التلوث، حيث يقذف بالمواد السامة في البحر كالزئبق والرصاص والكاديوم.
ومن أجل معرفة تأثير المواد المستعملة لتصنيع الفوسفاط والغازات المنبعثة منها، نلقي نظرة على هذه المواد وغازاتها السامة، لنقف على مدى تأثيرها على الإنسان والهواء والماء والتربة، ويمكن تمييز الأشكال التالية من الملوثات والغازات الناتجة عن صناعة الحامض الكبريتي، حيث يحتاج المصنع إلى مادة الكبريت الطبيعي أو المستخرج من البترول، ويتم تفريغه من البواخر ونقله عبر أحزمة إلى وحدات التذويب مما يؤدي إلى انتشار الغبار في الهواء و يؤدي إلى تهييج العيون. كما أن أخطار التلوث البيئي تنتج عن انبعاث غازات في الهواء تتكون من نسبة كبيرة من غاز ثاني أكسيد الكبريت وثالث أكسيد الكبريت ودخان الحامض الكبريتي وأكسيد الفناديوم.
ويعتبر ثاني أكسيد الكبريت غازا غير مشتعل وغير انفجاري٬ غير أنه مسؤول عن التلوث البيئي بشكل كبير في التجمعات الصناعية التي تنتجه وفي كل محيطها بمسافات كبيرة. فالتعرض له عن طريق الشم و بشكل مكثف يمكن أن تنتج عنه الإصابة بالتهاب القصبات الهوائية أو الالتهاب الرئوي النزيفي٬ وهو ماِ يؤدي إلى الإصابة بانحباس حاد في التنفس. كما أن التعرض له بشكل متكرر يرفع من احتمال التعرض لسرطان البلعوم.
أما ثالث أكسيد الكبريت فهو غاز لا لون له، وعند تفاعله مع الرطوبة يخلق ضبابا أبيض يصبح مرئيا بالعين المجردة، وهو غير انفجاري و يصدر كمية كبيرة من الحرارة ، بتماسه مع الماء يتحول إلى حامض كبريتي، وبتماسه مع قطع الخشب فإن الحرارة الناتجة عن التجفيف يمكن أن تكون كافية لإضرام النار. ويمكن لثالث أكسيد الكبريت أن يتسبب في التهابات و حروق المسالك التنفسية مصحوبة بألم حاد و لهاث. أما الفناديوم فمادة تستعمل للتحفيز حيث يتحول ثاني أكسيد الكبريت إلى ثالث اكسيد الكبريت، وينتج عن الفناديوم غبار له تأثير خطير على العيون و الجلد و الجهاز التنفسي و يتسبب في أمراض الكبد والتشوهات الخلقية كفقدان النطق، الولادة برؤوس كبيرة، أجسام نحيلة و عدم القدرة على النطق.
أمراض متعددة.. ضمنها السيليكوز
يسبب غبار الفوسفاط عند تسربه للجهاز التنفسي للإنسان، خلال مدة طويلة، مرض السيليكوز، و ذلك يرجع إلى مادة السيليس التي يحتوي عليها. كما أن صناعة الحامض الفوسفوري تنبعث منها غازات سامة مثل غاز الفليور الذي يؤدي إلى هشاشة العظام ، ومن بقايا الحامض الفوسفوري مادة الجبس التي تحتوي على الكادميوم التي تقذف في البحر بعد عملية الغسيل عبر القناة التي تحمل المياه الملوثة إلى البحر، وتعد مادة الكادميوم مادة سرطانية وسامة بنسب تركيز منخفضة جدا، وتتسبب في أضرار جسيمة للإنسان والحيوان حين التعرض بنسب مرتفعة منها مباشرة أو عبر السلسلة الغذائية.فيما الأمونياك غاز لا لون لهٌ يكِون سحابة عندما ينتشر عاليا في الهواء و له تأثير على الجهاز التنفسي،. يؤدي إلى الاختناق وتجفيف الماء الذي يكون في جسم الإنسان ويسبب آلام المفاصل والظهر والعنق وهناك غازات ومواد أخرى لا تقل خطورة، منها مادة ليد رازين التي تؤدي إلى انتفاخ البطن، ومادة النخ التي تؤدي إلى التهابات المعدة والجهاز الهضمي، ومادة الارسنيك التي تؤدي إلى تساقط الشعر، ومادة اليورانيوم التي تؤدي إلى نقص المناعة و مادة الكلور التي تؤدي إلى ضعف البصر، ومواد اخرى كثيرة سائلة و صلبة يتم رميها في البحر عن طريق المياه المستعملة في الإنتاج، وهي المواد التي لها تأثير على الإنسان والنبات والحيوان، كظاهرة أمراض العيون والأمراض الجلدية وانتفاخ البطون وتورم المفاصل ونقص السمع وقصر عمر الماشية وتجفف عروق وأوراق النباتات وغيرها.
في حين تشكل صناعة الحامض الكبريتي مخاطر كثيرة خاصة أنه يصنع من مادة الكبريت الطبيعي أو المستخرج من البترول، يستقبل ميناء الجرف الاصفر السفن المحملة بهذه المادة ليتم تفريغه عبر أحزمة إلى وحدات التذويب، مما يؤدي إلى انتشار رائحة كريهة، إضافة إلى ذلك الغبار ودخان الحامض الكبريتي، فرغم أن هذه المادة غير مشتعلة وغير قابلة للانفجار، فإن رائحتها مضرة بالإنسان، فالمتعرض لها بشكل دائم يصاب بالتهاب القصبة الهوائية و الالتهاب الرئوي ، و بالتالي الاصابة بالانحباس الحاد في التنفس، وكذلك احتمال التعرض لسرطان البلعوم، اضافة إلى تأثيرها على العيون.
وأكدت الدراسات العلمية المنجزة في هذا الموضوع أن غبار الفوسفاط عندما يتسرب إلى الجهاز التنفسي يسبب مرض السيلكوز، كما أن صناعة الحامض الفوسفوري تنبعث منها غازات سامة مثل غاز الفليور الذي يؤدي إلى هشاشة العظام، ومن بقايا الحامض الفوسفوري مادة الجبس التي تحتوي على مادة الكاديوم التي ترمى في البحر بعد عملية الغسل، الشيء الذي يساهم في تلوث البحر، حيث تعد هذه المادة سرطانية، ثم هناك غازات و مواد أخرى لا تقل خطورة على الانسان، المؤدية إلى امراض العيون والجلد وتورم المفاصل، ونقص السمع وقصر عمر الماشية..
الحديد .. الخردة .. وانبعاث الغازات السامة
تحتاج صناعة الحديد والصلب الى الخردة، خاصة خردة الصلب، إما كمادة خام رئيسية، كما هو الحال في مصانع صهر الخردة، أو كمادة خام مساعدة تخلط مع الحديد الاسفنجي بنسبة خردة تصل الى 80 % من الحديد الاسفنجي، كما هو الحال في مصانع الصلب المتكاملة. وتستخدم خردة وفضلات الحديد والصلب في استرجاع المعدن وتحضير المنتجات الحديدية المختلفة، وذلك عن طريق إعادة صهرها في الأفران مع مكونات الشحنة الأخرى. ولهذه الخردة والفضلات أنواع وأشكال متعددة، أهمها تلك الناتجة عن تقطيع أو تشكيل الأجزاء الحديدية مثل زوائد السباكة أو مخلفات البرادة والخراطة في شكل قشور أو رقائق من الحديد المؤكسد. أصناف معيبة من الحديد أو الصلب غير صالحة للاستعمال أو مستهلكة مثل خردة السيارات، خردة المعدات، خردة المرافق العامة.. تلوث البيئة المحيطة بالمنطقة الصناعية فتكون النتيجة انبعاث غازات سامة من الافران إلى الجو الخارجي والتي تؤدي إلى آثار ضارة بصحة العاملين. كما ان لها تأثيرا كبيرا على المحاصيل الزراعية وارتفاع درجة حرارة الجو مع تلوث مياه المجاري نتيجة المياه المتسربة من المصانع، وتصاعد الأتربة من قمة الفرن عند صب الحديد.
وتشتغل المحطة الحرارية بالفحم الحجري، ومن نتائج اشتغالها أنه تتسبب في أمراض كثيرة وتؤدي إلى الوفاة عندما تصل درجة تركيزها مستويات عليا، فيحل غاز الكاربون محل الاكسجين، خصوصا أن المنطقة تنعدم فيها الغابة، اضافة إلى ذلك، يخلف الفحم نفايات صلبة يتم التخلص منها بعملية طمرها قرب المركب الصناعي للجرف الاصفر، الشيء الذي تنتج عنه مخاطر على الانسان والحيوان والتربة والفرشة المائية.
تنتج هذه المحطة نسبة مهمة من الطاقة الكهربائية، ولها تأثير سلبي على المجال البيئي، لأنها تشتغل بالفحم الحجري بدرجات تركيز متفاوتة في الهواء، وهو ما يسبب المرض. بل إنه يسبب الوفاة عندما تصل درجة تركيزه إلى نسبة عالية، ويحل غاز الكربون محل الاكسجين في كريات الدم الحمراء و بذلك تقل كمية الأكسجين التي تصل إلى أجزاء الجسم المختلفة٬ ومن المعروف أن الاستمرار في نقص الأكسجين يؤثر على الدماغ والقلب. إضافة إلى مخلفات الفحم الحجري من نفايات صلبة يتم التخلص منها بطمرها في أماكن خاصة قرب المركب الصناعي، مما تكون له تأثيرات و مخاطر على صحة الإنسان والحيوان وعلى الفرشة المائية وعلى التربة.
وتكون من نتائج انتاج الكهرباء والضجيج و الضوضاء العديد من الآثار، ذلك أن بعض الدراسات أثارت مسائل مهمة تتعلق بالتأثيرات ذات التوترات سواء الضعيفة أو المتوسطة أو العالية، وذلك لتعرض العمال لخطر تأثيرات المجالات الكهرومغناطيسية الناتجة عن موزعات الكهرباء والخزانات الكهربائية والمنظومات الاوتوماتيكية والإلكترونية والخطوط الكهربائية ذات التيار العالي ومحطاتها ،حيث تظهر اضطرابات على العاملين بالقطاع الكهربائي وكذا المتواجدين في محيطه ونجد منها على الخصوص العياء، العصبية والإحباط، مما يرفع من نسبة التفكير في الانتحار٬ والضعف في الرغبة الجنسية٬والتقلصات العضلية اللا إرادية وانخفاض الدورة الليلية للميلان تولين، تغييرات في التخطيط الكهربائي، ومرض الزهايمر، الأمراض السرطانية والاضطراب في جهاز تنظيم ضربات القلب، الرجفان.. وتؤثر على الصمامات العصبية ومضخات الأنسولين. كما أن هناك عددا من الاضطرابات الناتجة عن التعرض للمجالات الكهرومغناطيسية. إضافة الى تأثير الضجيج على السمع والدورة الدموية ويحدث اضطرابات في دقات القلب٬ ويؤدي إلى ضعف ضغط الدم ويؤثر على وظائف اخرى.
مطرح نفايات بالقرب من إقامات وسكنيات راقية
مهما كان وصفنا لمعاناة أغلب سكان الأحياء والدواوير المحيطة بمطرح النفايات المتواجد بتراب جماعة مولاي عبد لله، والقريب من ضواحي مدينة الجديدة، ومهما حاولنا تقريب القارئ من فظاعة الروائح المنبعثة من المطرح، ومهما حاولنا نقل صورة المواطنين والأطفال العائدين من مدارسهم وسط موجة الروائح ...فلن نستطيع أبدا نقل الصورة كاملة كما عشناها خلال زيارتنا للمنطقة، ولن نستطيع ترجمة أنين السكان وشباب المنطقة الذين يعيشون وسط مزبلة بكل ما للكلمة من معنى مساحتها 27 هكتارا.
فعلى بعد كيلومترات من أرقى وأحدث أحياء مدينة الجديدة، ووسط دواوير عشوائية متواجدة بتراب جماعة مولاي عبد لله أمغار، دشن المسؤولون سنة 2006 أحد أكبر مطارح النفايات على مساحة 27 هكتارا، وسط أكبر التجمعات السكنية العشوائية (دوار الدراع وأولاد ساعد ودواوير قروية أخرى...) التي أصبحت تعيش وسط موجة من الروائح الكريهة والحشرات المنبعثة من أكوام الأزبال التي «تتهاطل «على المطرح من الجديدة والبير الجديد ومولاي عبد الله والحوزية، ومن قمامات أكبر الفنادق والمؤسسات بالمنطقة.. بمجرد الاقتراب من القنطرة المؤدية إلى دوار «الدراع» و«أولاد ساعد» التابعين للجماعة القروية مولاي عبد لله، تصادفك موجة من الروائح الكريهة وجيوش من الحشرات التي تملأ السماء والأرض، كما تكتشف أنك تسير على طريق متهالكة ومهشمة إلى درجة أنها تتحول في بعض المقاطع إلى عبارة عن حفر غائرة تستحيل معها الحركة. مصدر تلك الروائح الكريهة، هو مطرح النفايات الضخم المتواجد وسط أحد أكبر التجمعات السكانية العشوائية بتراب جماعة مولاي عبد الله، والمحاط بمجموعة من الدواوير القروية التي تنال حظها من الروائح الكريهة وجيوش الحشرات والذباب بالتناوب حسب اتجاهات الرياح.
المعاناة نفسها والألم نفسه يتقاسمه آلاف السكان بالمنطقة المحيطة بمطرح النفايات، بل إن بعض الذين التقيناهم أكدوا لنا أن سكان حي ملك الشيخ وحي الأمل ومنطقة حي المطار الحضرية والراقية المتواجدة بتراب بلدية الجديدة تنال نصيبها من الروائح من حين لآخر، كلما هبت رياح تتكفل بنقلها إلى عقر منازلهم، وتكسر عنهم هدوء المكان، هؤلاء تقدموا بشكايات متكررة إلى المسؤولين ببلدية الجديدة وعمالة إقليم الجديدة للمطالبة برفع الضرر القادم من قلب مطرح النفايات.
وتتوافد الشاحنات والعربات المحملة بالأزبال والنفايات كل صباح على المنطقة، لدفن السموم وسط سكان شاءت الأقدار أن يحط هذا المطرح رحاله بينهم سنة 2006، رغم أنه كان ضيفا غير مرحب به منذ البداية، فقد قرر مهندسو القرار أن يجثم المطرح على أنفاسهم لمدة تصل إلى 15 سنة في إطار صفقة فازت بها شركة «بيزورنو» الفرنسية . احتج السكان في البداية وحاولوا تحرير الشكايات والعرائض وانتفض الغيورون، لكن الأمر كان فوق طاقتهم، وكانت أكوام الأزبال تتراكم بالقرب منهم
مطرح بدل مدفن كما في كناش التحملات
عملية التخلص من النفايات داخل المطرح الذي تبلغ مساحته 27 هكتارا محاطة بسياج طويل، من المفترض أن تتم وفق معايير دولية معترف بها، حيث تديره شركة «سيجيديما» بتفويض من شركة «بيزورنو» الفرنسية، وأن المفروض والمتفق عليه في دفاتر التحملات التي تم توقيعها بشراكة مع الجماعة الحضرية لمدينة الجديدة، رغم أن المطرح متواجد بتراب جماعة مولاي عبد الله المجاورة، أن تحفر حفر غائرة وعريضة تغطى بغطاء مطاطي تدفن فيها النفايات بطرق علمية، وتدك بواسطة آلية ضخمة، قبل أن تتم تغطيتها بالحصى ثم الأتربة وتعالج بأدوية خاصة لمنع الروائح من الانتشار، إضافة إلى معالجة السوائل التي تعصر من الأزبال، إلا أن الآلية التي تستعمل في دك الأزبال أصبحت معطلة وبالتالي أصبحنا نتحدث عن مطرح للنفايات بدل أن يكون مدفنا لها بطرق علمية، الأمر الذي يزيد من درجة انتشار الروائح الكريهة بأرجاء المنطقة.
ويستقبل مطرح النفايات يوميا بين 250 و300 طن من الأزبال والنفايات التي تأتي من الجديدة ومولاي عبد الله والبير الجديد والحوزية، إضافة إلى الشركات والمصانع والفنادق التي ترمي بنفاياتها بهذا المطرح وفق عقود بين إدارة المطرح وهذه المؤسسات الخاصة، وفي فصل الصيف تزداد كميات النفايات التي يستقبلها المطرح لتصل إلى 350 طنا في اليوم الواحد بسبب توافد الآلاف من المواطنين على مدينة الجديدة للاصطياف وتزايد الحركة بالمؤسسات الفندقية والمطاعم...كما يتوقع بحسب الاتفاقية المبرمة بين الشركة والجماعة الحضرية للجديدة وجماعة مولاي عبد الله أن يستقبل المطرح أزيد من مليون ونصف مليون طن من الأزبال طيلة مدة العقدة التي تمتد من 2006 إلى غاية 2021. وكانت الشركة الفرنسية سبق لها أن التزمت بإحضار آلية متطورة متخصصة في معالجة «عصائر الأزبال» بتقنية عالية وتستخرج منه مياها صالحة للري، وآلية أخرى تتكفل بدور تبخر كميات كبيرة من الأزبال بتقنيات متطورة وتحترم المعايير الدولية، لكنها مازالت لم تحضرها ...بل إن أغلب الآليات التي تستعمل داخل المطرح معطلة ومتهالكة، بحيث تلجأ إدارة الشركة إلى كراء الجرافات والرافعات لإنقاذ الموقف...؟
كثيرة هي المرات التي تدخلت فيها عمالة إقليم الجديدة لحل المشاكل التي تطفو بين الفينة والأخرى بين إدارة شركة مطرح النفايات وبلدية الجديدة، خصوصا حين تتأخر هذه الأخيرة في أداء واجباتها المالية للشركة، التي تضطر في العديد من المرات إلى إغلاق باب مطرحها في وجه النفايات و تبقى الشاحنات محملة بها خارج المطرح إلى حين تحرك الهواتف والتوجيهات لحل المشاكل المالية التي تطفو بين الشركة وبلدية الجديدة، حيث تعجز الشركة عن أداء مستحقات مستخدميها وإصلاح آلياتها ومعداتها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.