صدر للكاتب والباحث المهتم بشؤون الطفولة والمجتمع محمد بنشقرون كتاب يحمل عنوان: «مراكش التي في خاطري»، عن منشورات دار التوحيدي ضمنه بعض النصوص والقصائد، جعلت منه صعب التصنيف، وان كان المرء يستطيعا أن يدخله في باب الخواطر باعتبارها تنتمي الى ماقبل الكتابة المجنسة. في الكتاب نفحات من السيرة الذاتية تسترجع طفولة الكاتب في مراكش، و تنقلات اسرته بين دور الكراء بها، قبل ان يتمكن الاب من شراء بيت للعائلة، والمواجع التي المت به لوفاة بعض الاخوة، مع التقاط بعض الاشارات عن الاحداث الوطنية التي شهدتها مراكش على عهد الحماية، ونفي محمد الخامس، وتدوين العديد من التفاصيل المتعلقة بفضاءات المدينة التي عاش فيها الكاتب، منازل ومدارس وازقة واحياء وأسواقا، في سرد كرونولوجي يتماشي مع نمو الطفل الذي كأنه الكاتب الى أن اصبح ربا لاسرته، مرورا بالمراهقة، التي يفتح لها في الصفحة 187 : «بين قوسين» للتأمل ، قبل الحديث عنها فيقول«امطت الستر، في زهاء 100 صفحة، عنا لماضي السحيق المتمثل في طفولتي المبكرة، كانت ريشتي اثناءها مطاوعة، ولكن بمجرد ان اطللت على المراهقة، صارت الكلمة عصبة، اقل استجابة، وذهني لا يركز الا بعناء، كان طفولتي تستطيب ازاحة حجب الزمن وسدول النسيان عنها، انني اشعر بلذة مناوشة الذاكرة في هذه المرحلة البعيدة من عمري». ولأن في الكتاب نفحات ولمحات طويلة من السيرة الذاتية، وان كان لا يمكن ربطه بجنس السيرة الذاتية، فان الكاتب يتحدث عن نفسه بضمير الغائب وهو يسرد تفاصيل ماعاشه طفلا ومراهقا ورب اسرة، وبلغة جميلة، وسليمة، يضطر كثيرا الى التدقيق في نحتها، بل في تعريب بعض مفردات اللغة الفرنسية، مع كتابة الاسم الفرنسي امامها: مثل كانت الكثير من السلع معروضة على المبسط الخشبي بباب الدكان (ص 103) او مثل: «فسيقتصر لباسه، بعد ذلك على الشورط او السروال مع قميص ويرد (127). مراكش التي في خاطري، كتاب خواطر وفيه من السيرة الذاتية الكثير، وهو مصاغ بلغة عربية انيقة وسليمة، نحويا ، وهي لغة ادبية تستحق المطالعة.