بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود جلالة الملك من أجل الاستقرار الإقليمي    سويسرا تعتمد استراتيجية جديدة لإفريقيا على قاعدة تعزيز الأمن والديمقراطية    وزير الخارجية الأمريكي يشيد بالشراكة مع المغرب في مجال الذكاء الاصطناعي    ترامب يهدد باستعادة السيطرة على قناة بنما على خلفية النفوذ الاقتصادي المتنامي للصين    هجوم ماغدبورغ.. دوافع غامضة لمنفذ العملية بين معاداة الإسلام والاستياء من سياسات الهجرة الألمانية    الجيش الباكستاني يعلن مقتل 16 جنديا و8 مسلحين في اشتباكات شمال غرب البلاد    "سبيس إكس" الأمريكية تطلق 30 قمرا صناعيا جديدا إلى الفضاء    سمية زيوزيو جميلة عارضات الأزياء تشارك ببلجيكا في تنظيم أكبر الحفلات وفي حفل كعارضة أزياء        تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإصلاح وتخليق الحياة العامة

قال صلى الله عليه وسلم : (أفاضلكم أحاسنكم أخلاقا، الموطؤون أكنافا الذين يالفون ويؤلفون وتوطأ رحالهم) الكنف هو الجانب أو الناحية (أي المضياف].
قال صلى الله عليه وسلم : (إن الله سبحانه فرض في أموال الأغنياء أقوات الفقراء فما جاع فقير إلا بما تمتع به غني، وما رأيت نعمة موفورة إلا وإلى جانبها حق مضيع، وعجبت لمن لا يجد قوت يومه كيف لا يخرج على الناس شاهرا سيفه].
الإدارة عند عمر بن الخطاب:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : (أيها الناس إني قد وليت عليكم، ولولا رجاء أن أكون خيركم لكم وأقواكم عليكم ما توليت ذلك منكم، ولكفى عمر انتظار موافقة الحساب...) وأضاف : (ولن يغير الذي وليت من خلافتكم من خلقي شيئا إن شاء الله، إنما العظمة له وليس للعباد منها شيء، فلا يقولن أحد منكم أن عمرا تغير منذ ولي، أعقل الحق من نفسي وأتقدم) ويقول : أنا مسؤول عن أمانتي، لا أكله إلى أحد إلا الأمناء وأهل النصح منكم، ولست أجعل أمانتي إلى أحد سواهم إن شاء الله).
ويقول عمر بن الخطاب رضي الله عنه: (القوة في العمل ألا تِؤخر عمل اليوم إلى الغد، والأمانة أن لا تخالف سريرة علانية، واتقوا الله عز وجل..) وقال : (الا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم، ولا تحمدوهم فتفتنوهم، ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم، ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم]
وتعتمد الأخلاق الإسلامية على قاعدة منهجية «لا ضرر ولا ضرار» ولها تطبيقات واسعة في الفقه الإسلامي في مجالات العدل والإنصاف والإصلاح ودرء المفاسد...
وفي هذا قال الشاطي : (... ومنه التعدي على النفوس والأموال والأعراض والغصب والظلم.. ويدخل تحته الجناية على النفس أو العقل أو النسل...) /الموافقات للشاطي.
ووصف الخالق سبحانه وتعالى قوة وخطورة الأمانة في مفهومها العام والخاص : يقول عز وجل : «إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان أنه كان ظلوما جهولا» صدق الله العظيم.
وسئل الإمام الصادق عليه السلام عن حسن الخلق فقال : (تلين جناحك/ وتطيب كلامك، وتلقى أخاك ببشر حسن].
وقال تعالي : «إنه لا يحب الظالمين» الشورى.
قال تعالى : «ولا تعاونوا على الاثم والعدوان» المائدة 2.
قال تعالى : «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» الحجرات 6.
قال تعالى : «.. لا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون» المائدة 78/79.
قال تعالى : «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها» النساء 58.
قال تعالى : «وأوفوا بالعهد إن العهد كان مسؤولا» الإسراء 34.
قال تعالى : «اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم» الأنفال.
قال تعالى : «والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس» آل عمران.
قال تعالى : «إن الله يأمر بالعدل والإحسان...» النمل 90
وقال تعالى : «ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وتدلوا بها إلى الحكام لتأكلوا فريقا من أموال الناس بالإثم وأنتم تعلمون» البقرة 188.
قال صلى الله عليه وسلم : (لعن الله الراشي والمرتشي والرائش الذي يمشي بينهما] .
قال ابن تيمية: (إن الله يقيم الدولة العادلة وإن كانت كافرة ولا يقيم الدولة الظالمة وإن كانت مسلمة].
قال صلى الله عليه وسلم : (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق].
قال ابن القيم رحمه الله : ( الدين الخلق، فمن زاد عنك في الخلق زاد عنك في الدين، ومن نقص عنك في الخلق نقص عنك في الدين].
وقال صلى الله عليه وسلم : (اتق الله حيثما كنت، وأتبع السيئة الحسنة تمحها، وخالق الناس بخلق حسن) رواه الترمذي حديث صحيح.
إن الدين الإسلامي في تخليقه للحياة العامة يرتكز على التصورات المبدئية الأولى :
- إن الحكم لله والقصد به بالخلق/ بالقضاء والقدر/ بالقدرة والإعجاز/ بالأمر كن فيكون/ بالأمانة/ بالبعث/ بالحساب.../ بشرعه ووحيه.../
- وإن الإنسان مستخلف في الأرض فعليه الحكم بما يرضي الله وبالطريقة التي ترضي عيال الله بغض النظر عن عقيدته .
- إن الشعب أو الأمة أو الأسرة أمانة في يد من يتولى أمرها أو يدبر شؤونها.
- إن إرضاء الناس ورعايتهم والاهتمام بشؤونهم بغض النظر عن إسلامهم من عدمه مسؤولية كبرى سيحاسبون عليها فلا ظلم ولا اعتداء ولا تمييز ولا تفاضل إلا بالخير والعمل الصالح والسعي من أجل خير الناس.
- إن أحب الناس إلى الله أحبهم لعياله/لأمته/لشعبه/لوطنه...
- إن إيمان المسلم لا يكمل إلا إذا أحب لنفسه ما يحب لغيره.
لهذا يمكن القول بأن الإسلام دين وعقيدة عادلين وصحيحين إيمانا وتطبيقا وسلوكا ونية بالنسبة للمسلم.
وهو دين الحق ودين الصالح العام ورعاية كل الشعب بالنسبة لغير المؤمن به.
تخليق الحياة العامة مدنيا:
... يقصد بها مختلف الجهود الفكرية والمادية والتنظيمية... التي تبذلها الدولة والمجتمع المدني من أجل مناهضة الفساد بجميع مظاهره كان من الدولة ومرافقها أو من الجماعات والأفراد، وجعل المصلحة العامة فوق كل اعتبار مع اعتماد قيم الشفافية والوضوح وتكافؤ الفرص في كل الأفعال العامة والخاصة... ومحبة العمل والإخلاص فيه، ومحبة المجتمع والتضحية من أجله ومحبة الدولة برعايتها ونصحها وتطويرها وحمايتها من كل الانزلاقات الداخلية والخارجية... مع سيادة الديمقراطية والشورى في كل المبادرات وجعل كل ذلك يخضع لمقاربة تكريم الإنسان والدفاع عن كرامته واحترام معتقداته وتنظيم الاختلاف وعقلنته.
... ويمكن أن نقول أن المقصود بالإصلاح الإداري هو برنامج عمل ومخطط يهدف إلى تغيير منهجية وأسلوب الإدارة العامة والتي تتجسد في مختلف أجهزة الدولة وكذا إصلاح المنظومة الإدارية لشبكات العلاقات المجتمعية بين القطاع العام والشبه العمومي والخاص والمرافق الخاصة ذات الطابع العمومي.. بما يحقق ويخلق إدارة مواطنة/فاعلة/متفاعلة إيجابا/مقاولة/منتجة/منخرطة في عملية التنمية والتأهيل/قريبة/مفتوحة ومنفتحة/منضبطة/متوازنة/قائدة وضامنة لتقدم الدولة/راعية لمصالح المواطنين بجميع طبقاتهم وأطيافهم/متجاوبة وكفؤة في علاقتها مع الأمم والحضارات الأخرى/تعيد تكوين وتأهيل وتطوير نفسها بشكل مرن وفعال/معاكسة لكل المفاهيم البيروقراطية/..معقلنة للتحملات المالية.
وقد أقدمت العديد من الدول في العالم على القيام بثورات في المجال الإداري حققت بها قفزات وتقدما هائلين ببرامج مثل برنامج مخطط بنيوزيلندة وبرنامج «إعادة ابتكار الحكومة» بأمريكا في عهد كلنتون... والبرامج المبتكرة بكندا...الخ
فعملية الإصلاح تلامس بشكل جوهري العنصر البشري/والخدمات التي يقدمها ونوعيتها/وتقليص التكاليف/وإرساء الأسلوب الإنتاجي بضبط التشغيل الذاتي/وضمان المردودية والتدبير المفوض والخوصصة عند الضرورة/وتقوية وتحصين الخدمات العمومية وجعلها ذات مردودية جيدة ومنتجة.
إن القفز من مرحلة الإدارة البيروقراطية المتخلفة والمتسلطة والمتعفنة إلى الإدارة المواطنة والصالحة يتطلب الوقوف على الإشكالات ومكامن الخلل من جهة وعلى الإكراهات التي تعترضها وعلى المتطلبات والإجراءات الواجب إقرارها لتحقيق المطلوب.
إن المتتبع لكل ما يكتب ويقال في هذا المجال لابد أن يقف على أن هناك إجماعا على تحديد وتدقيق أماكن الخلل، وعلى أن هناك إجماعا على أن ما ينجز لحد الساعة لا يحقق المطلوب والمتوقع، وعلى أن هناك إرادات تفشل وتجهض عمليات الإصلاح التي تطلق.
فإذا كان يقال أن العالم أصبح قرية واحدة في مجال التواصل وتنقل المعلومة، فإنه أصبح أو كاد يصبح كذلك على مستوى التأثير والتجاذب الاقتصادي والمالي إيجابا وسلبا.. كما أن المفاهيم الأخلاقية العالمية والأممية المتبناة من طرف الدول العظمى والمهيمنة تحولت إلى سلطة معنوية تتحكم في القرار السياسي والإداري العالمي، بل وأصبحت الولايات المتحدة الأمريكية كما نرى ونتتبع «إمبراطورية» «عظمى» تنتقد هذا الرئيس أو هذه الحكومة وتدعوه إلى إصلاح نفسه أو تدعو إلى الإطاحة به علنا أو ضمنا كما تدعوا إلى متابعته قضائيا على مستوى بلده أو عالميا... وتدعو إلى مقاطعته اقتصاديا وعسكريا... وتخطط لمواجهته ميدانيا... وأصبحت وزارة الخارجية الأمريكية تتنقل عبر جل دول العالم وبأعمال سفرائها للتدخل في الشاذة والفادة وكأن أمريكا هي «أم» العالم وباقي الدول حتى البعض من الدول العظمى أقاليم ذات استقلال سياسي لكن تسبح وتسير وفق تيار عالمي تتزعمه الدول الغربية اللهم إلا بعض الاستثناءات...
وكدنا نقول أنه إذا كان لليونان معلم أكبر هو أفلاطون صاحب المدينة الفاضلة فإن زعيم أمريكا يعتقد بل ويوحي لدول العالم أنه معلم أكبر لهذه الحقبة يعلق ويقترح ويأمر وينهي ويستنكر، ويستغرب، ويرى، ويثمن ويشكر وينوه وينقط بمؤسساته لدول العالم ويشفع على رأيه زعماء الغرب...
إن التواصل الاقتصادي واحتكار الدول الكبرى للتكنولوجيات والصناعات المؤسسة جعل العالم عبارة عن فضاءات مفتوحة للاستثمار العالمي حسب الحاجة العالمية.. وبات مؤكدا أن لهؤلاء شروطا قوية في تحديد منظومة تحركهم واستثمارهم تهم «البناء الديمقراطي» وإصلاح «المنظومة الإدارية» و «النهوض بحقوق الإنسان» و «استقلال وعدالة القضاء»...إلخ
وإن المغاربة الذين استقروا بمختلف دول العالم والذين يتحركون ذهابا وإيابا نحو الغرب من وإلى المغرب تشكلت لديهم قناعات جد متقدمة وتبلورت لديهم صور للمقاربة والمقارنة بين وطنهم والآخرين وارتفعت أصوات الجميع تطالب بالإصلاح الجوهري في كل المنظومات التي تتقاطع مع مصالحهم ?إصلاح الجمارك-إصلاح مؤسسات الأمن-تخليق الحياة العامة ومحاربة كل مظاهر الرشوة وفي كل أماكن تواجدها-تكافؤ الفرص ووضع حد للمحسوبية والزبونية-إصلاح والنهوض وتقوية خدمات قطاع الصحة العمومية التي أصبحت في وضع معقد وغير طيب-إصلاح المؤسسات العمومية المهتمة بالاستثمار وتشجيعه... إصلاح القضاء/ إصلاح التعليم... الخ
ومن هنا نرى ضرورة التأكيد على :
1 . إلحاحية الإصلاح الإداري نظرا لخطورة انتشار الفساد وتهديده للاستقرار والتنمية والعدل.
2 . الحاجة المستعجلة والقوية لتطوير وتحسين عمل ودور الإدارة ومواكبة التطور العالمي على مستوى الأهداف والتسيير والمردودية والآفاق المتجددة إيجابا.
3 . ضرورة محافظة الدولة على دورها العمومي وعلى الأهداف الإستراتيجية للتنمية والتوازن التنموي بين المناطق وإرساء العدالة التنموية بعيدا عن كل أشكال المحاباة والمعالجات الطبقية السلبية والمناسباتية...
4 . ضرورة إعادة تنظيم وتوزيع وتأهيل الموارد البشرية وخاصة في القطاعات المهيكلة والضامنة لنقاء الدولة : التعليم/الصحة/العدل/الأمن/المالية...
مع أهمية التفكير كما بعض الدول المتقدمة في إرساء منظومة الخدمة المدنية الإجبارية والخدمة العسكرية حسب القطاعات والفئات والاختصاصات نظرا لما لهذه المرحلة من دور في الخدمة العمومية وفي تفعيل الحسن الخدماتي الإجباري لمصلحة الوطن والحفاظ عليه في نفوس كل الفئات...
ولم لا توسيع العمل بمنظومة التعاقد في العديد من القطاعات وفق دفاتر تحملات تلزم الموظف العمومي كما تلزم الدولة بضرورة التحقق من إرساء المردودية والدينامية في جميع المجالات تحت طائلة عدم قبول المجتمع والدولة بكل من يأكل النعمة وأموال الشعب ولا يقدم أية خدمة أو يقدمها مغشوشة أو يتلاعب بها أو يستغلها لمصالحه الشخصية...
5 . محاربة الروتين الإداري والسعي نحو التحول بالإصلاح من منظومة أفكار واقتراحات وإجراءات شكلية إلى منظومة تنموية ترجع الثقة لدى المواطن في إدارته ومؤسسته وبالتالي إلى سياسة دولته.
6 . مأسسة الإصلاح الإداري يقتضي ويتطلب إدارة الإصلاح بالمتابعة، بالمراقبة، بالتقييم بإقرار أنظمة الشفافية... وبوضع فلسفة مواكبة له ذات صلة بإدارة الميزانية سواء العامة أو القطاعية أو المحلية... تجسد الأولويات وتسطر السياسة المالية بمرونة وتكيف مع كل القطاعات الملحقة بتسيير إدارة الإصلاح وإدارة مالية الميزانية.
7 . إن الإصلاح ليس مسؤولية الدولة فقط ولو أنها تمثل فيه القسط الأكبر وإنما هو مسؤولية جماعية يجب أن يشارك ويشرك فيه المواطن والموظف لأن هذين الأخيرين هما المعنيين المباشرين به يوميا...
8 . إن الإصلاح مسؤولية الأحزاب والهيئات، فلم يعد ممكنا القبول بوجود أحزاب تتحدث اكثر مما تعمل، تنتقد الإدارة وهي أكثر منها في حاجة للنقد، تدعو إلى التغيير وهي أحوج إليه، تطالب بالديمقراطية وهي تكرس عكسها بتنظيماتها، تدعو إلى الحريات العامة وحقوق الإنسان وهي لا تبلور ذلك في سلوكاتها الداخلية ولا حتى في بعض الحالات داخل المؤسسات العمومية التي يتواجد بها الحزبيون (البرلمان/الجماعات/الإدارات العمومية...]
9 . اعتماد معيار وطني متجدد /عام لقياس النتائج وتقييم الأعمال بالإدارة والمرافق العمومية وشبه العمومية وحتى الخاصة، ومواجهة كل مظاهر الانحراف ويضاهي أو يماثل المعيار العالمي...
10 . تطوير وهيكلة وتأهيل وتكوين المؤسسات المختصة بأعمال الرقابة والمحاسبة لتملك آلية الفهم والمواكبة والنصح والنقد والتقويم الموضوعي والمنهجي المنشئ للأثر الإصلاحي والمثمن للإدارة المواطنة... فتعقد وتعدد مصادر التشريع وتباين زمن التشريع من بداية الحقبة الاستعمارية حتى اليوم واستمرار العمل بنفس المنظومة القانونية، كما أن تنوع التنظيمات والتشريعات الخاصة بكل قطاع سواء على المستوى المالي أو على مستوى القوانين الخاصة بالموظفين والأنظمة الأساسية أو على المستوى الإداري وتداخل الاختصاصات بين إدارات الدولة ومؤسساتها مثلا (التعمير(وزارة الإسكان)/الوكالة الحضرية/مفتشية التعمير/العمالة/السلطة المحلية/البلدية...) ومثلا (أملاك الدولة تخضع لعدة مساطر وتشريعات حسب الجهة التي تؤول إليها : أراضي الجموع/أراضي الجماعات المحلية/أراضي الأحباس/أراضي الأملاك المخزنية/الأراضي الغابوية...) ونسوق هنا مثالا فقط : (الجماعات المحلية ملزمة بتحفيظ أراضي الدولة أما الأملاك المخزنية والأحباس... فغير ملزمة...) يبطئ كل العمل التنموي والتواصلي ويوقف عجلة التنمية أحيانا أ يعرقلها...
11 . حماية المؤسسات العمومية وتطوير خدماتها وإيلائها الأهمية القصوى لترقى إلى مستوى يشرف المواطن ويحقق لديه الاطمئنان والشعور بالانتماء مثلا : الصحة العمومية..؟!/العدل../التعليم والتعلم../الأمن.. وهنا نطرح فقط مثالين دون التفصيل لأن الموضوع مستوعب من طرف الجميع : هل كل المغاربة الذين يحتاجون إلى علاج وأغلبهم فقراء يجدون ما يريدون وما تتطلبه حالتهم المرضية بالمستشفيات وبالخدمة المواطنة الضرورية بالمستشفيات العمومية...؟!
..وهل المراكز الأمنية وخاصة لدى الأمن تتوفر فيها كل شروط أداء الخدمة الجيدة بالمعايير الحقوقية المتعارف عليها لفائدة كل المواطنين ونخص بالذكر هنا البنايات نفسها كيف هي؟ أماكن الحجز الاحتياطي كيف هي؟ التجهيزات والآليات كيف هي وما حجمها؟ قسم البطاقة الوطنية هل يستجيب وتتوفر فيه شروط أداء خدمة مرنة وجيدة أم لا؟ (جل المراكز تعاني من مشاكل وتزاحم وطوابير ونقص في الأطر..].
12 . وضع معيار وطني مختلف لفهم وتدبير الزمن... فالزمن ليس ملكية فردية ولو أنه يبدو كذلك.. إننا يجب أن نتعامل مع زمن عمل الموظف، والعمر الافتراضي للوظيفة/وزمن معالجة الإشكالات والملفات/وزمن تدبير المتطلبات اليومية التي لا تقبل التأجيل/وزمن التخطيط والتدقيق في المستقبليات القريبة والبعيدة ?تجعلنا ويجب أن تجعلنا نتعامل مع الوقت والزمن الإداري- على اعتبار أنه مقدس كزمن أداء العبادات من صلاة وصوم وزمن أداء مناسك الحج التي تصح ولا تتحقق إلا بوقتها وضوابطها، ويجب أن توضع معايير لاحتساب مردودية كل فرد فرد ومدى صلاحيته لأداء الخدمة العمومية أو الشبه العمومية وحتى الخاصة وهل هو مؤهل للبقاء بها ولو أنه أصبح عالة على الصالح العام ومفسدا لأمور الناس ومعطلا لمصالحهم...
وهنا لا بد كذلك أن يعاد النظر في العديد من التشريعات حتى تحدد المسؤوليات بشكل كلي وحاسم حتى يدار الزمن الإداري بشكل كامل : فأعمال التداول والتخطيط والتصديق وتصريف القرارات يجب أن تتحملها كل جهة على حدة مع أحقية المراقبة والمحاسبة المواكبين والمراقبة البعدية، مثلا : الجماعات المحلية لتقوم بتدبير مدة انتدابها تعتبر قراراتها قابلة للتنفيذ بمجرد التصديق عليها بالدورات وأن ما يتبقى للتصديق يجب أن يحول للعمل في الجانب الإداري والقانوني والمالي، وللمالية الإقليمية أن تقوم بدورها كاملا بدل أن يكون مجزءا بينها وبين الجهة والمركز مع تمييز القرارات القابلة للطعن والتي يمكن عدها على رؤوس الأصابع... وهنا يمكن أن نتحدث عن المرونة في إعداد وتنفيذ الميزانية الجماعية وجعلها هي الأخرى قطاعية، تخضع لضوابط المصلحة العامة والأولويات التي توضح في مخططات الجماعة (قد نعود بحول الله إلى هذا الموضوع في مقال آخر حول الميثاق الجماعي والمالية المحلية].
13 . جعل الإدارة فاعلة ومتفاعلة مع كل قضايا ومطالب المواطنين وليست إدارة سلبية ومحايدة في علاقتها مع المصلحة العامة في مجال الإعداد والتدبير التشريعي والقانوني والتنظيمي لإجراء كل الاستحقاقات الجماعية والبرلمانية... في جو من التنافسية الشريفة بعيدا عن كل مظاهر الإفساد والارتشاء الانتخابي وتبييض المفسدين لمركزهم بالدخول للمؤسسات المنتخبة وتحويلهم إلى شخصيات عامة. ولهذا الاستحقاق تأثير كبير على مصداقية قرارات الدولة وسياساتها، وعلى حقيقة وطبيعة الديمقراطية المعتمدة، وعلى صلاح الإدارة... إذ من البديهي أن تفسد الأمور إذا كان من بين المعنيين بالإصلاح وبالانتخابات هو نفسه يحتاج إلى إصلاح وإلى تغيير في عقليته وسلوكه ونمط حياته.
إن تخليق الحياة العامة هو نفسه من صميم مفهوم الأمن العام والاستقرار بأي بلد. لهذا فكلما كانت المقاربة المعتمدة فيه مقاربة تنظيمية شمولية عملية... مقاربة أخلاقية مواطنة راعية للشعور بالمواطنة وكرامة المواطن... مقاربة أن المواطن تصبح الإدارة إدارته بشكل فعلي يدافع عنها ويتبناها ويدعمها... مقاربة حب الوطن وحب المواطن... مقاربة الخوف من الله والدفاع عن مصالح الشعب وحمايتها... كلما ربحنا المواطن وربحنا الوطن وربحنا رضى الله
ونختم موضوعنا هذا الذي حاولنا فيه ملامسة بعض قضايا الإصلاح الإداري وتخليق الحياة العامة ببعض النصوص الدينية :
يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (ليس منا من لم يحاسب نفسه كل يوم) ويقول: (ثلاثة لا ترد دعوتهم، الصائم حتى يفطر،والإمام العادل ودعوة المظلوم، يرفقها الله تحت الغمام ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب وعزتي لأنصرك ولو بعد حين) رواه الترمذي يقول: (..كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته...]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.