يعتبر سرطان البروستتا ثاني سرطان يهدد الرجال بعد سرطان الرئة، ويشكل ربع السرطانات الجديدة المشخصة عند الذكور، إذ تم خلال سنة 2008 على سبيل المثال تشخيص ما مجموعه 913 ألف حالة إصابة عبر العالم، وكان للتشخيص المبكر دور مهم في الكشف عن أكثر من ثلثي حالات الإصابة بهذا المرض في عدد من الدول المتقدمة، التي يكون خلالها للتشخيص المبكر دور أساسي في تحديد طبيعة الأمراض التي قد يعاني منها الأشخاص دون الإحساس بها أو ظهور أعراضها. وفي المملكة المتحدة تشخص كل سنة 34 ألف حالة من سرطان البروستتا، وفي أمريكا يصيب هذا الداء حوالي مائة وثمانين ألف شخص سنويا . ويرتفع خطر الإصابة بسرطان البروستتا عند الرجل مع التقدم في السن، فهو نادر قبل سن الخمسين، في حين أن ثلث أرباع الحالات المشخصة هي بعد سن 65 سنة، وغالبية الحالات المشخصة هي لأشخاص يبلغون من العمر ما بين 70 و 74 سنة، وتصل نسبة الإصابة إلى ثمانين في المائة في سن 80 سنة. ويتميز سرطان البروستتا بنمو بطيء، مما يعني أن فئة كبيرة من الرجال مصابون بالمرض دون أن يكونوا على علم أو دراية بالإصابة، وسيموتون بأسباب مرضية أخرى، بحيث أن 3.8 في المائة من الرجال المصابين في هذا السن سيموتون بسبب سرطان البروستتا. وقبل مواصلة موضوع اليوم نود اطلاع القارئ على بعض وظائف غدة البروستاتا التي هي إحدى مكونات الجهاز التناسلي للرج،ل وهي مثل القسطلة في حجمها وتقع تحث المثانة البولية ويمر وسطها الإحليل البولي الداخلي، الذي ينقل البول من المثانة إلى الإحليل البولي الخارجي في القضيب، ومن بين وظائف غدة البروستاتا افرازها لسائل يغدي الأمشاج المنوية للرجل وإمدادها بالطاقة التي تساعد على حركات الامشاج للوصول إلى البويضة في رحم المرأة . ومن بين الأعراض التي يشتكي منها المريض والتي تشير إلى غدة البروستاتا ضعف سريان واندفاع البول وتكراره، خاصة أثناء الليل، وجود دم في البول، الشعور بالألم الذي يصاحب عملية التبول، ألم مستمر في أسفل الظهر وعلى الفخذين، وأمام هذه الأعراض يتساءل الطبيب المعالج هل الأمر يتعلق بالتهاب البروستاتا المزمن، أم تضخم البروستاتا الحميد، أو سرطان البروستاتا ؟ ويستعين الطبيب لتحديد التشخيص بالفحص الشرجي، والفحص المخبري، لقياس «ب س ا» في الدم، وبفحص البروستاتا ب «الاكوكرافيا» . نتوخى من هذا المقال الوقوف على أهمية الوقاية من سرطان البروستاتا وذلك بوضع برنامج للكشف والفحص المنتظم، لغرض الكشف المبكر عن سرطان البروستاتا، بالفحص الشرجي المنتظم من قبل الطبيب لكل رجل تعدى سن الخمسين سنة، والقياس المنتظم في الدم لمادة «ب س ا»، التي تعتبر زيادتها عن المستوى الطبيعي مؤشرا أوليا لاحتمالية إصابة البروستاتا بالالتهاب، أو بسرطان البروستاتا، كما تجب الإشارة إلى أهمية النظام الغذائي للوقاية من الداء، كتناول الأطعمة الغنية بالثوم والبصل وتعديد الخضراوات، والسمك، والشاي الأخضر، لاحتوائها على مركبات منشطة ضد الشوارد الحرة الضارة . وتشير الدراسات إلى أن هناك العديد من العوامل التي تساعد على ظهور سرطان البروستاتا من بينها السن، العرق، سن الرجل عند الممارسة الجنسية الأولى، الاستعداد الوراثي للإصابة بالمرض، الجنس مع عدة شركاء من الجنس الآخر، التدخين، والمبيدات الزراعية. علما بأنه قد تم اكتشاف جينات تسبب سرطان البروستاتا . وبالنسبة للخيارات العلاجية فهي تستند على التصنيف السريري الذي يفرق بين الحالات المتموضعة بدون تجاوز «الجفينة» وتصنف في الدرجة «ت 1» و» ت 2» ، والحالات التي تتجاوز الجفينة فتصنف في «ت 3» و «ت 4»، وكذلك الحالات السرطانية المتنقلة. وفي كل الحالات تعتمد المقاربة العلاجية إضافة إلى المرض البروستاتي على سن الأمل في الحياة للشخص المريض، وعلى الأمراض المصاحبة وعلى الاضطرابات البولية، كما يأخذ في الاعتبار اختيار الشخص المريض، ونسبة خطر تطور المرض. وتشمل الخيارات العلاجية الاستئصال الكلي للبروستاتا، العلاج بالإشعاع الخارجي، وخيار المراقبة الفاعلة، التي تعتمد على مراقبة «ب س ا» كل ثلاتة إلى ستة أشهر، الفحص الشرجي كل ستة أشهر إلى سنة، وتكرار الفحص المزرعي كل ستة إلى ثمانية أشهر. ويعتبر الاستئصال الكلي للبروستاتا العلاج المثالي بالنسبة للأورام المتموضعة للبروستاتا عند الرجل الذي يتوفر على مدة أمل في الحياة تتعدى 10 سنوات. كما يعتبر الإشعاع الخارجي بديلا عن التدخل الجراحي، ويتطلب الخضوع ل 35 حصة على نمط 5 حصص أسبوعية لمدة 7 أسابيع ...أما بالنسبة لأورام البروستاتا التي تتسم بنسبة خطورة عليا فيكون الخيار هو العلاج بالهرمونات، إضافة إلى العلاج بالإشعاع . وفي الختام نشدد على أهمية المراقبة الطبية بالفحص الشرجي عند الرجال بعد 50 سنة والمراقبة السنوية المنتظمة لقياس «ب س ا» في الدم .