دعا الملتقى البرلماني للجهات، الذي نظمت دورته الأولى الإثنين بالرباط، إلى إصلاح عميق لهياكل الجهوية المتقدمة باعتبارها «التزاما سياديا لدولة موحدة». وأكد التقرير التركيبي للملتقى، الذي صادق عليه المشاركون بالإجماع خلال الجلسة الختامية لهذا اللقاء الذي نظمه مجلس المستشارين وشارك في أشغاله برلمانيون ومسؤولون حكوميون ومستشارون جهويون وجماعيون ومسؤولو مؤسسات دستورية، أن التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس الواردة في الخطب الملكية ذات الصلة بالجهوية تشكل مرجعية تاريخية وفلسفية تنير طريق تنزيل الجهوية. واعتبر التقرير أن الجهوية يجب أن تكون قاطرة للتنمية الاقتصادية والاجتماعية والاصلاحات الديمقراطية «في إطار سيادة الدولة ووحدة ترابها الوطني وكذا وحدتها السياسية والتشريعية والقضائية وممارستها لاختصاصاتها المحددة بالدستور والقوانين كما هو الحال في كل الدول الموحدة». وفي ما يتعلق بالنموذج التنموي الجديد للأقاليم الجنوبية، أبرز التقرير أن إعطاء جلالة الملك محمد السادس انطلاقة هذا النموذج في 6 نونبر 2015 يشكل إشارة دالة لتفعيل الجهوية المتقدمة على أرض الواقع وتعزيز التعاون جنوب-جنوب. وأضاف أن هذا النموذج كان ثمرة مقاربة تشاركية مع مختلف الفعاليات المحلية والجهوية بالأقاليم الجنوبية، مسجلا أنه يتميز ببرمجة واعتمادات واضحة ودقيقة تتوخى تثمين الموارد الطبيعية واستثمارها لفائدة الساكنة المحلية. وعدد التقرير سلسلة من الإكراهات والتحديات المطروحة أمام الجهوية المتقدمة والتي تهم بالخصوص التملك الجيد لمزاياها الإيجابية والتعامل مع التحديات التي يطرحها تنزيلها إلى جانب ضمان الاستقلالية المالية للجهة. وطالب التقرير بالإسراع في إصلاح النظام الجبائي المحلي، وإقرار اللجوء الى الاقتراض في حدود مؤطرة، فضلا عن النهوض بأنشطة ومشاريع مبتكرة تؤدي الى خلق الثروات مع المراقبة الصارمة لنفقة التسيير. وفي الجانب المتعلق بالتنمية، دعا التقرير إلى إحداث محركات جديدة للنمو كأساس لخلق الثروة، ورافعة أساسية للتنمية الاقتصادية والاجتماعية تساهم في تقليص الفوارق بين الجهات. وشدد التقرير على ضرورة تضمين البرامج التنموية الجهوية التحديات المتعلقة بالولوج الى الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية المندرجة في مجال اختصاص الجهة. واقترح في هذا الصدد خلق أقطاب جهوية للتشغيل تشكل أساسا لتقوية التماسك الاجتماعي وإعادة النظر في التوزيع المجالي للاستثمار العمومي. ودعا التقرير الى تبني رؤية واضحة وتدبير معقلن واستباقي في ما يتعلق بحماية الموار الطبيعية وتثمينها، وتحفيز الاقتصاد الأخضر، وإدماج التغيرات المناخية في تصورات وسياسات الجماعات الترابية. تجدر الإشارة إلى أن هذا الملتقى الذي نظم تحت شعار» انخراط جماعي مسؤول في بحث ممكنات التنزيل ورهانات التفعيل» يروم، حسب المنظمين، خلق آلية للتفاعل الإيجابي بين المجالس الجهوية المنتخبة ومختلف الفاعلين والبرلمانيين، وكذا تمكين أعضاء مجلس المستشارين، باعتباره امتدادا مؤسساتيا للجهات، من تملك الملفات والقضايا المرتبطة بالجهوية المتقدمة حتى يتسنى لهم بلورتها وتوظيفها بالأولوية في عملهم البرلماني سواء على مستوى التشريع أو على مستوى الرقابة وتقييم السياسات العمومية. وتضمن جدول أعمال هذه الدورة عدة جلسات للنقاش تمحورت حول «اللاتركيز ونقل الاختصاصات من الدولة الى الجهات» و«تعزيز الموارد للجهات» و«الجهوية المتقدمة ومتطلبات التنمية المستدامة» والديمقراطية التشاركية.. رافعة لانجاح ورش الجهوية المتقدمة».