خلال لقاء مع رجال الأعمال استضافه البنك الشعبي،في شهر فبراير الماضي، لم يجد وزير الاقتصاد والمالية محمد بوسعيد أدنى حرج وهو يعدهم بمعدل نمو يقارب 3 في المائة، بل أغرق الوزير في التفاؤل وشرع يمني رجال الأعمال بما ستجود به سنة 2017، متوقعا معدل نمو في حدود 4.2٪ ، وذهب بوسعيد إلى حد توقع 4.6٪ كنسبة نمو عام 2018 و 4.8٪ في 2019 و5٪ في عام 2020 !؟ وأول أمس الاثنين، عاد نفس الوزير ليخبر المغاربة بأرقام هي أقرب إلى أرض الواقع، و بأن معدل النمو هذا العام سيكون أقل من 2 في المائة ، وهو نفس ما تنبأت به منذ بداية السنة مؤسسات وطنية كبرى كبنك المغرب والمندوبية السامية للتخطيط و مركز الظرفية الاقتصادية ، ليتأكد في النهاية أن جميع توقعات النمو التي بنت عليها الحكومة قانونها المالي 2016 كانت مجانبة للصواب وبعيدة عن الواقع ليس فقط على مستوى نسبة النمو ، الذي تحول من 3 في المائة إلى أقل من 2 في المائة ، بل وحتى على مستويات أخرى حاسمة في رسم معالم الميزانية ، كسعر النفط – 61 دولارا- بفارق أزيد من 20 دولارا عما هو عليه في الواقع ! وإنتاج الحبوب الذي توقعت له الحكومة 70 مليون قنطار فإذا بالرقم يتحول إلى 33 مليون قنطار..وقس على ذلك من التوقعات المغرقة في التفاؤل. ولا يبدو أن الحكومة استوعبت جيدا مضمون الرسائل التحذيرية التي أطلقتها في الآونة الأخيرة مجموعة من المؤسسات المهتمة بالظرفية الاقتصادية التي تمر منها البلاد ، والتي دقت جميعها جرس الإنذار حول انعكاس ضعف النمو الاقتصادي على الأوضاع الاجتماعية ، وخصوصا في خانتي التشغيل والقدرة الشرائية. وبعيدا عن الوعود الحالمة، التي جاءت بها الحكومة ضمن قانونها المالي بخصوص 3 في المائة المتفائلة كمعدل نمو، الذي اتضح اليوم أنه بني على فرضيات خاطئة، تشير جميع التوقعات الجادة إلى أن معدل نمو الاقتصاد الوطني لن يتجاوز 1.3 في المائة – حسب المندوبية السامية للتخطيط – أو 1.2 في المائة – حسب بنك المغرب ومركز الظرفية الاقتصادية – وهي أسوأ معدلات النمو خلال العشرين عاما الأخيرة ، بل يذهب بعض المحللين إلى احتمال بلوغ درجة الصفر أي الركود الاقتصادي، وهو السيناريو الأسوأ على الإطلاق. الثابت أن الواقع كذّب الحكومة، قبل مناوئيها، والواقع ،كما يقال، لا يعلى عليه!