دعا البروفسور عمر بطاس، رئيس قسم الطب النفسي بمستشفى ابن رشد بالدارالبيضاء، الأطباء العامين إلى المساهمة الفعّالة في معالجة حالات الاكتئاب الخفيف، الذي بإمكانهم تشخيصه والمساهمة في التخفيف من حدته وتبعاته اليومية على المرضى، بالنظر إلى أن هذه الفئة من الأطباء قادرة على تحديد حالة مرضية واحدة من بين 5 مرضى يزورون الطبيب العام، موضحا أن هذا المرض النفسي الذي يدخل ضمن أمراض المزاج، وفقا لتعريف الجمعية العلمية الأمريكية، المتخصصة في هذا المجال، هو يصيب ما بين 15 و 20 في المئة من المواطنين، عبر العالم، في وقت كانت قد أشارت دراسة لوزارة الصحة في 2006، إلى أن المعدل مرتفع عند المغاربة والذي يتمثل في 26.5 في المئة، في حين بينت نتائج الدراسة التي أنجزها اختصاصيو مصلحة الطب النفسي في الدارالبيضاء، والتي شملت 2485 متمدرسا في ثانويات بيضاوية، أن 24.2 من التلاميذ يحملون أعراض الاكتئاب. وشدّد الأستاذ عمر بطاس، خلال حديثه في ندوة ضمن برنامج الأبواب المفتوحة للصحة النفسية، التي نظمها طلبة كلية الطب والصيدلة بالدارالبيضاء، المنضوون تحت لواء الجمعية المغربية للتواصل الصحي، يومي السبت والأحد فاتح وثاني أبريل الجاري، على «أن مرض الاكتئاب، هو على رأس قائمة الأمراض النفسية التي تصيب الإنسان، والتي يتجاوز تعدادها 350 نوعا، تتراوح مستوياتها بين الخفيفة والثقيلة، وهي من الأمراض التي ستكون سببا في ارتفاع نفقات العلاج، بحلول سنة 2020 عبر العالم»، مؤكدا «أن خطورة هذا المرض تكمن في كونه يشكل عاملا من عوامل التفكير في الانتحار ومحاولة تنفيذه، بنسبة 80 في المئة، شأنه في ذلك شأن الفصام، خاصة عند الذكور. وأضاف المتخصص في طب النفس «أن الاكتئاب هو مرض نسائي بامتياز، لكونه يصيب سيدتين إلى ثلاث مقابل رجل واحد، رغم غياب تفسير علمي دقيق حول الأمر، وإن كانت هناك بعض التفسيرات التي تربط السبب بما هو بيولوجي على مستوى الهرمونات، لكون الإصابة بالمرض تكون معدلاتها متساوية بين الإناث والذكور قبل فترة المراهقة». وأوضح بطاس، «أن حالة الحزن تصبح مرضا اكتئابيا في حال استمر الأمر لأكثر من أسبوعين، المرفوقة بالسواد والسلبية سواء على مستوى الذات أو المجتمع التي تتطور إلى إحساس تام بالفشل». وأكد البروفسور بطاس، أن الاكتئاب هو مرتبط بالهشاشة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، إذ يُسجّل خاصة في وسط الفئات التي تعاني من هذا الثالوث، رغم عدم وجود إثبات علمي أو وبائي حول علاقة الفقر بالاكتئاب، داعيا إلى المساهمة الجماعية في نشر الوعي بالمرض النفسي الذي يختلف عن المرض العقلي، كما هو شائع عند بعض المواطنين، موضحا أن الاكتئاب الذي هو إحدى العلل النفسية، يحسّ معه المريض بفقدان الحيوية والنشاط، والذاكرة، ولذة الأشياء، وعدم القدرة على التركيز، والإحساس بالوهن، والبطء في الحركة والتفكير، وكذا النسيان والإعياء الشديد والاضطراب في النوم ...، مضيفا أن الطبيب العام، أو طبيب العائلة، يجب أن ينتبه إلى استمرار تشكّي المريض من آلام في غياب أسباب عضوية، مؤكدا أن مدة العلاج هي تختلف من حالة إلى أخرى، وهي في العادة تتراوح ما بين 6 أشهر وسنة، محذرا من انقطاع عدد من المرضى عن العلاج وعيادة الطبيب لمجرد اختفاء الأعراض واعتقادهم بكونهم عولجوا، لأن هذه الخطوة تترتب عنها انتكاسات أخرى قد تظهر بعد سنة أو سنتين، مشيرا إلى أن من يتعرض لثلاث أو أربع نكسات فهو يصبح أمام مرض مزمن. وشدّد الاختصاصي في طب النفس أن الاكتئاب هو ليس حكرا على الكبار فقط ، بل يصيب حتى فئة الصغار، مؤكدا أن عوامل متعددة تؤدي إلى هذه الحالات، خلافا لما قد يشاع في كون السبب فيها يكون مردّه إلى التربية التي ينهجها الآباء مع أطفالهم.