أسابيع بعد إعلان اسم الشركة نائلة صفقة تدبير النفايات المنزلية بالصويرة، وبعد عودة الأجواء داخل المجلس البلدي إلى هدوء ، قد يكون مقنعا، في انتظار الآتي من تفاعلات هذا الملف، يحق للمواطن الصويري أن يتساءل عن مبررات كل ذلك الكم من التوتر، والعنف اللفظي، والتحامل، وتبادل الاتهامات، وترويج المغالطات الذي أحاط بهذه الصفقة التي قصمت ظهر الأغلبية الغض، وغيرت معالمها ستة أشهر فقط بعد تنصيب المجلس البلدي الحالي. يحق للمواطن البسيط، وللسياسي، والفاعل المدني، والاقتصادي كذلك، أن يتساءل عن الدوافع ويطالب بضمانات أخلاقية أولا، وقانونية ثانيا تحمي الشأن العام من خلفيات هذا النزول الخطير بالحوار داخل المؤسسة التمثيلية إلى مستويات لا تطاق من العنف، والتحامل... مستشار من الأغلبية مخاطبا رئيس المجلس البلدي « أنا للي درتك تم ...» ، اتهامات بالعبث بملفات الشركات المتنافسة، جلسة فتح أظرفة عمومية عرفت احتجاجات عمال الشركة المفوضة الحالية ضد محاولتها نيل الصفقة الحالية عبر المشاركة باسم شركة أخرى، نائب للرئيس يطلب حضور الشرطة العلمية بعد اتهامه من طرف أحد المستشارين بتغيير مكونات ملف إحدى الشركات، عمال النظافة يرابطون قرب مقر المجلس البلدي ليمنعوا أطرافا داخل المجلس البلدي ، يتهمونها بالتواطؤ مع أحد المتنافسين، من العبث بالملفات بعد فتحها، اتهامات متبادلة بين مكونات المجلس البلدي ، بل والأغلبية نفسها، بدعم شركات متنافسة دون غيرها، انسحابات أعضاء من أشغال لجنة فحص العروض، رئيس لجنة المالية يرفض توقيع المحضر ويرفع تقريرا إلى مجموعة من الجهات، تواتر أنباء عن تلقي رئيس المجلس البلدي لتهديدات واحتجاج مجموعة من الجمعيات دعما له، تراشق بالتأويلات والقراءات في شأن قرار فتح أشغال جلسة فتح أظرفة العروض للعموم حيث رآه المؤيدون مؤشرا للتدبير الشفاف ووضعه آخرون في خانة الشعبوية والرغبة في التضييق على حظوظ شركة بعينها عبر التأثير على قرارات اللجنة، عامل الإقليم يعين دورية لحراسة أظرفة الشركات المتنافسة... مشاهد غير طبيعية ضمن أخرى طبعت زمن تمرير صفقة تدبير النفايات المنزلية لمدينة الصويرة بالموازاة مع توترات داخل الشركة المفوضة الحالية أنتجت توقفات عن العمل لأسباب متباينة، غرقت على إثرها المدينة في الأزبال لعدة أيام في مناسبتين، ليصل الوضع إلى أقصى درجات التوتر وكاد يفضي إلى تطورات غير مرغوب فيها لولا ترجيح السلطة المحلية لكفة الحوار وتأطيرها للنقاش مع العمال، حيث تم التوصل إلى صيغة للحل تضمن حقوقهم الاجتماعية في مقابل ضمان استمرارية خدمة التطهير الصلب للمدينة وتدبير المرحلة الانتقالية بالوسائل البشرية واللوجيستية المتوفرة بدعم من جماعات محلية أخرى بالإقليم. قبل إعلان حصول إحدى الشركات الدولية على الصفقة، حضر الجانب القانوني في النقاش، حيث ترك تغييب القانون المنظم للتدبير المفوض لضوابط الفصل بين المتنافسين، المجال لموقف يرفض إعمال مقتضيات قانون الصفقات العمومية في هذا النوع من الصفقات. بالتدريج تنامت عوامل التناقض ككرة ثلج لتفضي في نهاية الأمر إلى انسحاب النائب الثالث من لجنة فتح الاظرفة، وبعده رئيس لجنة المالية الذي رفض التوقيع على المحضر وأعد تقريرا ضمنه 12 ملاحظة على مستوى الشكل والموضوع ووجهه إلى مجموعة جهات، في مقابل الحديث عن إمكانية لجوء شركات متنافسة إلى القضاء طعنا في نتائج أشغال لجنة الفحص والتأهيل والتنقيط. رئيس المجلس البلدي يضع كل هذه التوترات في سياق تدبير الإرث الصعب لثمان عشرة سنة. حيث أكد للجريدة بأن المجلس السابق لم يقم بأية تدابير إعدادا لصفقة تفويض تدبير النفايات المنزلية. وهو الأمر الذي حدا بالمجلس الحالي إلى رفع الاعتماد المخصص للصفقة من 11 إلى 25 مليون درهم مع إدماج الفضاءات الخضراء في الصفقة، حفاظا على المكتسبات التي حققتها المدينة في إطار برنامج التأهيل الحضري وحتى تكون هذه الخدمة آلية لدعم جمالية المدينة وتقوية جاذبيتها. الصفقة تشمل النظافة، الفضاءات الخضراء ثم تدبير المطرح المراقب، حيث تم إنجاز ثلاث دراسات مباشرة بعد المصادقة على الاعتماد من طرف المجلس. إثر إعلان طلب العروض، تقدمت خمس شركات بعروضها الخاصة بصفقة جمع النفايات . رئيس المجلس البلدي أكد للجريدة بأن توسيع مكونات لجنة فتح الاظرفة وفتحها للعموم لم يكن من باب الشعبوية، بل ضمانا لشفافية العملية وحماية لها من كل تشويش اعتبارا لأهميتها وأثرها المباشر على حياة المواطن وعلى مجال العيش المشترك، مؤكدا بالمناسبة بأن قانون التدبير المفوض بصيغته الجديدة طبق لأول مرة بمدينة الصويرة. رئيس المجلس يرفض كل أشكال التشكيك، ويحيل الجميع على المحاضر المشتركة لمكونات اللجنة المتعددة الأطراف، مؤكدا بأن الرهان كان على اختيار الأصلح للمدينة حيث آلت الصفقة لشركة بمواصفات عالمية تشتغل بمدينتي مراكش ومونتريال تم الاتفاق معها على مباشرة مهامها انطلاقا من فاتح ماي بدل فاتح يونيو 2016. وعلاقة بوضعية الشركة المفوضة الحالية، أوضح المتحدث بأن المجلس البلدي قد شرع في إجراءات إلغاء العقد الذي يربطه بها (mise en régie) في انتظار ترخيص وزارة الداخلية، حيث تم تبليغها عن طريق عون قضائي مع الامتناع عن اقتطاع الجزاءات المطبقة عليها مباشرة في الوقت الراهن تفاديا لزيادة التوترات، حيث سيتم خصمها لاحقا من مبلغ الضمان المودع لدى الخازن البلدي. صفقة التدبير المفوض لخدمة جمع النفايات المنزلية ستكلف بلدية الصويرة 20 مليون درهم بمساهمة من وزارة الداخلية قيمتها 18 مليون درهم على ثلاث سنوات. وهي صفقة تعتبر محليا من حجم كبير بالنظر لميزانية المجلس البلدي التي لا تتجاوز 70 مليون درهم سنويا وضعف مداخيلها بفعل العجز الحاصل على مستوى الاستخلاص والذي يصل إلى 60 مليون درهم. وفي انتظار استكمال مكونات هذه الصفقة ودخول الشركة المفوضة الجديدة إلى العمل بداية شهر ماي القادم، يستمر المواطن العادي في مراقبة الوضع من بعيد، يناقش المشكل في مستويات معينة... يستهجن هذا الكم من العنف، يرفض التوظيفات السياسوية لملف ذي أثر مباشر على حياته اليومية ، ولا ينتظر من كل هذا الصخب سوى إنتاج خدمات يومية بجودة تحترم كرامته، تحمي صحته، مجال عيشه المشترك، وتصون سمعة المدينة ، تنوعها الايكولوجي، ذاكرتها وقيمتها التاريخية والرمزية.