يدفع تمسك الحكومتين الليبيتين في الشرق والغرب بشرعيتهما حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأممالمتحدة لأن تتحول إلى سلطة ثالثة منافسة بدل أن توحد البلاد في مواجهة الخطر الجهادي المتصاعد. ويرى خبراء في الشان الليبي أن الولادة المتعثرة لحكومة الوفاق والمستندة إلى بيان موقع من أغلبية نواب البرلمان المعترف به دوليا بعد الفشل في حيازة الثقة عبر التصويت، تعمق الانقسام وتزيد المشهدين السياسي والأمني تعقيدا. وشكلت حكومة الوفاق التي تضم 18 وزيرا بموجب اتفاق سلام وقعه في المغرب في دجنبر الماضي نواب في البرلمان المعترف به (في طبرق شرق ليبيا) والبرلمان الموازي في العاصمة طرابلس، إنما بصفتهم الشخصية. ويلقى الإتفاق معارضة نواب آخرين في البرلمانين الأمر الذي حال دون اعتماده في أي منهما منذ التوقيع عليه، ومنع بذلك حكومة الوفاق من أن تنال ثقة المجلس المعترف به في أكثر من جلسة تصويت. لكن المجلس الرئاسي الليبي الذي شكل الحكومة، وهو مجلس منبثق عن اتفاق السلام ويضم تسعة أعضاء يمثلون مناطق ليبية مختلفة، أعلن من تونس في 12 مارس بدء حكومة الوفاق عملها مستندا إلى بيان دعم لها موقع من قبل مئة نائب من بين 198. لم يوضح المجلس كيفية ممارسة الحكومة لعملها من العاصمة أو أي منطقة أخرى في ظل تواجد رئيسها فايز السراج في تونس وتوزع وزرائها على مناطق ليبية مختلفة. وفي بيانه، طلب المجلس الرئاسي من السلطتين المتنازعتين تسليم الحكم إلى السلطة الجديدة. إلا أن الحكومة المدعومة من مجلس النواب في طبرق والتي كانت تحظى باعتراف المجتمع الدولي ومقرها مدينة البيضاء في الشرق، والحكومة الموازية التي تسيطر على طرابلس ومعظم مناطق الغرب، رفضتا ذلك. وفي ظل هذا الرفض، أصبح في ليبيا بحكم الأمر الواقع ثلاث حكومات، تتقاسم إثنتان منهما السلطة الفعلية على الأرض، بينما تعمل الحكومة الثالثة من الخارج متعهدة بدخول طرابلس الخاضعة لسيطرة تحالف جماعات مسلحة تحت مسمى «فجر ليبيا»، خلال فترة قصيرة. لكن المجلس الرئاسي لم يكشف عن كيفية الدخول إلى طرابلس، رغم أنه أعلن في اكثر من مناسبة أنه يحظى بدعم بعض المجموعات المسلحة المنضوية في هذا التحالف. ورغم أن حكومة الوفاق الوطني لم تنل ثقة المجلس النيابي كما نص إتفاق السلام، بل اعتبرت أن بيان النواب المائة يمثل «الضوء الأخضر» لبدء عملها، لأنها حظيت بدعم الأممالمتحدة والدول الكبرى. ويدفع الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة منذ أكثر من عام نحو إنهاء النزاع في ليبيا عبر توحيد السلطات في حكومة وحدة تصب جهودها على مواجهة تنظيم الدولة الإسلامية لمنع تمدده في هذا البلد الواقع على بعد 300 كلم فقط من السواحل الأوروبية، وعلى التصدي للهجرة غير الشرعية. (أ ف ب)