نتجه في هذه المقالة للحديث بطريقة أخرى عن حاضر اليسار المغربي، ونوجِّه نظرنا أساساً نحو التحديات التي واجهته ولا تزال تُواجهه بِصُوَّر مختلفة، الأمر الذي يستدعي التَّوَقُّف أمام بعض معاركه، للنظر في كيفيات مواجهته لطبيعة الصراع السياسي والاجتماعي في بلادنا. فقد ظل اليسار بمختلف تياراته بل وفي مختلف أطوار هذه التيارات، الوريث الفعلي للحركة الوطنية، في استقلاليتها ومنزعها التقدُّمي وانفتاحها على مكاسب التاريخ والمعرفة في عالمنا. يرتبط حديثنا عن راهن اليسار المغربي بأسئلة الانتظارات السياسية في واقعنا، ذلك أننا لا نخوض في هذه المقالات في قضايا نظرية خالصة، بل إننا نهتم أساساً بكيفيات تطوير آليات العمل اليساري في ثقافتنا ومجتمعنا. وعندما نقول آليات العمل اليساري، نفكِّر أساساً في القيام بما يسمح بتوسيع وتدعيم منطق الفكر التاريخي في ثقافتنا وفي مجتمعنا. فنحن نسلِّم بأن لليسار في التاريخ سمة بارزة تميِّزُه عن باقي تيارات الفكر والسياسة في مجتمعنا، إنه سليل نظرة تعتمد أولاً وقبل كل شيء، مبدأ المُعايَنَة التاريخية للظواهر والأحداث، قصد فرز نوعيات الصراع الدائرة في المجتمع.