توشيح حموشي بوسام الأنتربول من الطبقة العليا    مجلس النواب يصادق على قانون الانتخابات ويمرّر شرطاً تعجيزياً يُقصي الشباب من اللوائح المستقلة    حجز 200 كلغ من اللحوم الحمراء الفاسدة بأحد المحلات بحي الديزة بمرتيل    ترامب يهدد بإلغاء طلبات هجرة بايدن وترحيل من لا يقدم "قيمة إضافية" لأمريكا        محكمة استئناف تونسية تقضي بسجن قادة من المعارضة لفترات بين 5 و45 عاما    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة        إنزال مجموعة من المشردين والمختلين عقليا على مشارف الجديدة    كيوسك الجمعة | دعم اجتماعي أقوى للأسر الحاضنة للأطفال    ترحيل جثامين أربعة أفراد ضحايا حادث اختناق في ملاقا    "العلم" تتوج بجائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها الخامسة عشرة    طنجة …توقيف شخصين بسبب سياقة استعراضية تهدد سلامة مستعملي الطريق    سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 40 قتيلا على الأقل    وفاة داني سيجرين .. أول من جسّد شخصية سبايدر مان على التلفزيون    أزمة عطش تحاصر ساكنة إكيس أمزدار    المحكمة تدين المتورط في جريمة قتل بحيّ الموظفين بطنجة    اجتماع رفيع المستوى بالرباط بين أخنوش ومجموعة العمل المالي لمناقشة التزامات المغرب    المغرب يستعد للتقييم المالي الإقليمي    اجتماع رفيع يجمع المغرب وإسبانيا    حموشي: الدورة ال 93 للأنتربول كانت ناجحة على جميع الأصعدة والمستويات    أخنوش يجري مباحثات مع رئيس وزراء الصومال    مدرب الجيش: مواجهة الأهلي "صعبة"    مونديال قطر لأقل من 17 سنة.. منتخب البرتغال يتوج بطلا للعالم عقب فوزه على نظيره النمساوي ( 1-0)    الرابور "بوز فلو" يغادر سجن صفرو    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأمير مولاي رشيد، رئيس مؤسسة المهرجان الدولي للفيلم بمراكش .. المهرجان رسخ، منذ أولى دوراته، مكانته كمنصة للحوار والاكتشاف    لبؤات الفوتسال إلى ربع نهائي المونديال بعد تخطي بولندا    الجريدة الإسبانية "ماركا": صهيب الدريوش.. النجم الصاعد في كرة القدم المغربية    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    خمسة مغاربة ضمن قائمة حكام مباريات كأس أمم إفريقيا لكرة القدم 2025    ضربات إسرائيلية على أهداف لحزب الله في جنوب لبنان    بنجلون يدعو إلى اعتماد مقاربة إفريقيا أولا في صلب استراتيجيات التمويل    أداء إيجابي لبورصة الدار البيضاء    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    المخرجان طرزان وعرب ناصر حول صناعة فيلمهما "كان يا ما كان في غزّة":        الذهب يستقر عند أعلى مستوياته في أسبوعين    مكتب الصرف يفك خيوط "خسائر وهمية" لشرعنة تحويلات نحو الخارج    الحسيمة.. وفاة أستاذ بعد تعرضه لنزيف على مستوى الرأس اثناء لقاء تربوي        إدارة مهرجان الدوحة السينمائي 2025: المهرجان يبرز حضور الأصوات السينمائية المهمة في عالمنا اليوم    انقلاب عسكري في غينيا بيساو بعد أيام فقط من الانتخابات    "الكاف" تطرح تعديلات تنظيمية أبرزها رفع عدد اللاعبين لكل منتخب    حجيرة يدعو إلى تفكير إستراتيجي في سبل تعزيز الأثر الاجتماعي لقطاع الكهرباء    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    المغربي دريوش يقود أيندهوفن لإذلال ليفربول ومبابي ينقذ الريال من أولمبياكوس    مصرع 44 شخصا اثر حريق مجمع سكني في هونغ كونغ    مرجع لجبايات الجماعات من "ريمالد"    دراسة علمية حديثة: المراهقة تستمر حتى الثلاثينات من العمر    كيف أنقذت كلبة حياة صاحبها بعد إصابته بتوقف قلبي أثناء النوم؟    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    معمار النص... نص المعمار    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة المغربية بين المشرق والمغرب

ما هي خصوصية الثقافة المغربية في بلد يراوح بين الشرق والغرب، هل هي عودة إلى الشرق عن طريق الغرب، هل هي التراث الشعبي، أم أنها في الفكر فيما الشعر والأدب يمتان أكثر إلى مركزية مشرقية.
للمغرب تاريخ ثقافي عريق وتراث فني وحضاري تراكم عبر قرون متعاقبة، ويمكن أن نستجلي بعض صور هذا التراث الثقافي والفني في العمارة والطبخ والموسيقى والأزياء وأنماط العيش، وذلك منذ بداية الوجود الأمازيغي قبل ثلاثة وثلاثين قرنا، لكن حين يتعلق الأمر تحديدا بالأدب فالمغرب يعتبر حديث عهد بهذا اللون الثقافي، قياسا مع بلدان المشرق العربي. ولعل هذه المسألة الكرونولوجية جعلت الأدب المغربي يعيش مرحلة من التبعية والتردد وطرح ذلك السؤال المحيّر: هل نجاري أدب الشرق أم الغرب؟ قبل أن يضع خطواته الأولى في تلك الطريق التي تفضي إلى «أدب مغربي» يتقاطع مع الشرق والغرب من دون أن يكون بالضرورة عنصراً تابعاً لأحد الطرفين.
يرى الكاتب والناقد صلاح بوسريف أن الحديث عن خصوصية الأدب المغربي سيعيدنا إلى بعض الكتابات التي صدرت في النصف الأول من القرن الماضي، عند عبد الله كنون مثلا في كتابه «النّبوغ المغربيّ»، إذ حاول في عمله هذا تأكيد الخصوصية المغربية من خلال التلاقح الذي حدث مع الأندلس، «توقف كنون عند نماذج لشعراء كانوا يميلون إلى الجانب الفقهي، لكن الشرق كان حاضراً في كتابه، لأن المرجعية الأساسية التي تحكمت في هذه المرحلة كانت هي الشرق، فالمغرب حينها لم يكن طابعاً ولا ناشراً، بل مستهلكاً وقارئاً».
يستحضر بوسريف المختار السوسي أيضا، فهو الآخر تناول المحلية في بعدها الضيق أو الجهوي، حيث اكتفى بمنطقة سوس، وحاول أن يكتب عدداً من الكتابات التي ترتبط بهذه الخصوصية المناطقية، الشيء نفسه نجده عند كتاب آخرين نهجوا الطريقة نفسها.
يضيف صاحب (شرفة يتيمة): «لكن حين نعود إلى اللحظة الراهنة نجد أن السؤال طرح بحدة في السبعينيات، خصوصا بعد حصول المغرب على الاستقلال، حيث كان المغاربة في حاجة إلى تأكيد أن المغرب دولة مستقلة لها ثراتها وثقافتها الخاصة من أدب وغناء وأزياء وتقاليد وفنون، أما في مجال الكتابة الأدبية والفكرية فيمكن أن نجزم بأن الانتباه لمسألة الخصوصية المحلية بدأت مع ثمانينيات القرن الماضي».
لكن الجيل الذي طرح السؤال على نفسه حسب بوسريف - كان غارقاً في المشرق العربي أيديولوجياً، ساهم في ذلك ابتهاجه بالثورات العربية القادمة من الشرق: مصر والعراق واليمن وليبيا، فانعكست النزعة الثورية الاشتراكية على الكتابة، حيث كان الكاتب والشاعر والمثقف عموما في اليسار، لكن السؤال كان مركباً، وكان وجهه الآخر المقابل للمحلية هو الكونية، فنظرا للعامل الجغرافي وقرب المغرب من أوروبا كان السؤال هو: «لماذا سنذهب ثقافياً إلى الشرق ونحن قريبون إلى الغرب؟» وهو ما يمكن أن نسميه «عقدة التخلص من الشرق». يفسر بوسريف فكرته: «لقد اكتشفنا في ما بعد أننا نذهب إلى الشرق عن طريق الغرب، أي عبر الترجمة. لذلك هذه العودة إلى الغرب جعلت الكتابة المغربية مفتوحة عما هو كوني، فروايات محمد برادة ومبارك ربيع وأحمد المديني والميلودي شغموم انشغلت بما حدث ويحدث في المغرب، فكانت في الحقيقة - ببحثها في المحلي والخاص - تتلمس للقضايا المغربية أبعاداً كونية. لذلك فحين نبحث عن الخصوصية في الأدب المغربي سنحس أن هذه الخصوصية تم تذويبها في ما هو كوني، لا سيما في ما يكتب اليوم».
التلاقح والانفتاح
لم يعد الكاتب المغربي اليوم مشغولاً بما هو مغربي فحسب، هذا ما يراه صلاح بوسريف، ذلك أن المثقف المغربي يدرك أن المغرب اليوم هو بلد الانفتاح والتلاقح الثقافي، وبالتالي فالأدب المغربي عليه أن يكون منفتحاً على العالم، لا مشغولاً فقط بالبعد الوطني.
أردنا أن نتوقف عند جنس أدبي غالبا ما كان يشكل معيارا هاما في مسألة الخصوصية، وهو الشعر، لذلك توجهنا بالسؤال إلى الشاعر والباحث عبد السلام المساوي، فبدا له أن التسليم بوجود شعر مغربي معاصر من حيث التراكم أمر في حكم المؤكد، على الأقل بالاحتكام إلى عناوين الدواوين التي شرع في طبعها بدءا من ثلاثينيات القرن السابق، طبعا هذا الكم الكبير من النصوص لم يحظ بما يمكن أن يواكبه من نقد إلا في الحدود التي كانت ترسمها التوجيهات السوسيوثقافية المتحكمة في المشهد المغربي لزمن طويل، حيث ظلت تلك النقود تراوح في ممارستها بين التصنيف التاريخي التقليدي، والنبش الموجه في المضامين، الشيء الذي أبعد هذه النقود عن مواجهة النصوص جماليا، ومن ثم أهمل الشكل اللغوي الذي يشكل في الأساس لحمة هذا الشعر وكيانه والتي بإمكانها فحص الخصوصية القطرية في هذا الشعر إن كانت موجودة بالفعل.
يضيف صاحب (خطاب إلى قريتي): «ثمة محاولات قليلة حاولت أن تشتغل على النصوص، خصوصا بعد انفتاح الجامعة المغربية على محاولات تجديد الخطاب النقدي وبعد تلاقح المناهج في مرحلة ما بعد البنيوية ودخول القارئ كطرف منتج للمعرفة وكمتلق مخصب لتجربة التلقي، إلا أن الأمر ظل في عتبة الاحتشام التي تنقصها جرأة الاقتحام والمواجهة. وأفضت عموما تلك الدراسات إلى تسجيل نتيجة مفادها: اتّباع الشعراء المغاربة جماليا وفكريا للتيارات الشعرية التي كانت سائدة في المشرق، فأصبح بالإمكان الحديث عن السيابيين (بدر شاكر السياب) والأدونيسيين (أدونيس) أو الدرويشيين (محمود درويش) أو اليوسفيين (سعدي يوسف)».
هذا في ما يخص المراحل السابقة، أما في الوقت الراهن فلا يمكننا الحديث عن خصوصية قطرية تكشف عن هوية الشعر المغربي، هذا ما يراه المساوي مفسرا رؤيته للموضوع على النحو التالي: «يمكننا أن نتحدث عن جغرافيات متعددة ما تفتأ تنتج لذاتها حدودا فارقية؛ بله عن كيانات مستقلة ينحت فيها كل اسم توجهه الشعري الخاص، أقصد أن الشعراء الحقيقيين في المغرب يقفون وراء مشاريع جمالية خاصة، وهم قلة ويعزى ذلك إلى ثقافة هؤلاء الشعراء وانفتاحهم على الشعر الغربي. فيما تندمج باقي المحاولات في المنتوج «الشعري» النمطي العام الذي لا يملك أصحابه حق التوقيع عليه، وذلك بفعل غياب الوعي الشعري وغياب الوعي النقدي المحايث له. بل إن كثيرا من المكتوبات التي تنشر هنا وهناك، يصعب نسبها إطلاقيا إلى الحيز الشعري، هذا طبعا إذا اتفقنا على حدود معينة لمفهوم الشعر».
وفي اعتقاد المساوي أن الخصوصية القطرية في الشعر المغربي ينبغي تلمسها في الشعر العامي (الزجل)، اعتبارا بلغة كتابته. فهي لغة محلية تتضمن مفردات خاصة ببيئة الشاعر وتنهل من الأمثال والموروث الخاص. ومثل ذلك ينطبق على الشعر المغربي الذي يكتب بالأمازيغية. وهي أشعار تحيل على الروح الخاصة لمبدعيها وللفئات التي ينتمون إليها. وتبقى هذه الأنماط الشعرية الخاصة حبيسة التلقي القطري والمحلي.
المركزية المشرقية
يقول الشاعر والمترجم سعيد الباز «راج في وقت من الأوقات مفهوم المركزية المشرقية في الساحة الأدبية المغربية بل كان أحيانا محط سجال بين أسماء شعرية وازنة، لكن في تقديري الشخصي لم يكن سوى تعبير عن توق دفين لدى بعض المبدعين المغاربة للهروب من سطوة النص المشرقي الذي ظل يفرض سيادته عبر إملاءاته الجمالية والتعبيرية وحتى الموضوعاتية».
يضيف صاحب «ضجر الموتى»: «ليس غريباً في هذا الاعتبار أن يكون للنص الإبداعي عموماً والشعري تحديداً ما يمكن أن نطلق عليه بالخصوصية، وقد يذهب البعض إلى القول بأنها متأتية من مرجعيته الفرنسية وآخرون قد يطرحون السؤال الإشكالي العام عن طبيعة الثقافة المغربية التي ساد فيها منذ القديم وإلى اليوم إما هيمنة الفقه أو الفكر حسب ظروف العصر، فيما ظل الشعر والرسمي منه على الأخص حكرا على السلطة». يتساءل سعيد الباز: «هل لهذا السبب برع المغاربة في الأزجال من «ملحون» وغيره من الأشكال الشعرية المرتبطة بما قد يسميه النقاد بالأدب الشعبي؟ ربّما هذا الكلام قد يغضب عبد الله كنون الذي أمضى سنين طويلة في تجميع كل ما وصلت إليه يده من الشعر المغربي القديم في كتابه (النبوغ المغربي)».
هذا الوضع حسب سعيد الباز - ما زال إلى اليوم ساريا، «فوجه الثقافة المغربية يعلن عن نفسه من نافذة الفكر لا الشعر، وهذا الأمر لا بد أن يؤثر على الوضع الاعتباري للشاعر داخل المجتمع وخلال وسائطه التواصلية من إعلام وندوات ومعارض. لكن في النهاية ومع الموجة الجديدة من الشعر المغربي بدا أكثر وفاءً لتعددية المجتمع وروافده الثقافية وميلا إلى التعبير عنها».
عن «السفير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.