رحبت النيجر، اليوم الثلاثاء، بمصادقة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على القرار التاريخي رقم 2797، الذي يكرس، في إطار السيادة المغربية، مخطط الحكم الذاتي الذي اقترحته المملكة كأساس جدي، وذي مصداقية ودائم للتوصل إلى حل لقضية الصحراء المغربية.    التوقيع على اتفاقية انضمام مجلس النواب إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    وصول السفير الأمريكي الجديد ريتشارد بوكان إلى الرباط    إحباط محاولة تهريب 12 كيلوغراما من مخدر الكوكايين بمركز باب سبتة    حملة أمنية واسعة بمركز الدرك الملكي بالعوامرة لتعزيز اليقظة وسلامة المواطنين    بوتين: روسيا مستعدة للحرب مع أوروبا    المغرب يشارك بعرضين في المنافسة الرسمية لمهرجان المسرح العربي في القاهرة    لفتيت: الاستحقاقات الانتخابية القادمة ستتم في أجواء مشبعة بالنزاهة والشفافية والتخليق    المعارضة الاتحادية تتّهم الحكومة بخدمة لوبيات التأمين: "مشروع حوادث السير تشريع على المقاس"    المنتخب المغربي الرديف يهزم جزر القمر بثلاثية في مستهل مشواره بكأس العرب    أزمور/ افتتاح الدورة الثالثة من المهرجان الدولي للفن والتراث "أزمآرت"    الفنان والمنشد محمد أنس الكوهن مقدم الطريقة العيساوية يصدر فيديو كليب جديد    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    تخفيض 50% في تعريفة النقل السككي للأشخاص في وضعية إعاقة بالمغرب    افتتاح قاعة مراقبة جديدة مجهّزة ب 262 كاميرا لتعزيز الأمن بالمدينة العتيقة بمراكش    تكثيف الحضور الأمني بعمالة المضيق–الفنيدق لمواجهة شائعات الهجرة السرية    كأس العرب.. المنتخب المغربي يفتتح مشواره في البطولة بالفوز على جزر القمر (3-1)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأربعاء    شهد شاهد من أهلها.. منظمات إسرائيلية تكشف أبشع عام قتل وتهجير للفلسطينيين منذ 1967    نشرة إنذارية .. تساقطات ثلجية وهبات رياح قوية غدا الأربعاء بعدد من مناطق المملكة    انطلاق التسجيل في اللوائح الانتخابية للغرف المهنية لسنة 2026    "تمثيلية GST" تزعج الأطر الصحية    فنانون مغاربة: المهرجان الدولي للفيلم منصة لا غنى عنها للإبداع السينمائي    توظيف مالي مهم من فائض الخزينة    تشكيلة السكتيوي أمام جزر القمر    جلالة الملك يهنئ رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة بمناسبة العيد الوطني لبلاده    "شي إن" في ورطة.. تكساس تفتح تحقيقًا واسعًا بعد العثور على دمى جنسية شبيهة بالأطفال    خط بحري جديد يربط ميناء أكادير بلندن وأنتويرب لتصدير المنتجات الفلاحية الطازجة    مشروع كلّف 900 مليون… غضب الحرفيين يوقف توزيع معدات في سوس ماسة لعدم مطابقتها لدفتر التحملات    مشروع مالية 2026 يتخطى العقبة الأولى بمجلس المستشارين بعد المصادقة على جزئه الأول    فليك يؤكد غياب لاعبه أراوخو عن مواجهة أتلتيكو مدريد لأسباب شخصية    "كاف" يحيل أحداث مباراة الجيش الملكي والأهلي للجنة الانضباط        قاموس أكسفورد يعلن عن كلمة العام 2025    "فيفبرو" تؤازر لاعبي منتخب ماليزيا الموقوفين    كيوسك الثلاثاء | كندا تختار المغرب كأول بلد في العالم للتأشيرات الرقمية    قراءة نقدية لقانون مالية 2026    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    فنزويلا.. ترامب يجتمع بمستشاريه ومادورو يحشد أنصاره ويقسم "بالولاء المطلق" لشعبه    الصين وباكستان في مناورات عسكرية    الذهب ينخفض مع جني المستثمرين للأرباح    الرئيس الفرنسي يبدأ زيارة للصين غدا الأربعاء    كندا تلتحق ببرنامج دفاعي أوروبي    القصر الصغير.. وفاة شابة حامل بتوأمين تهز قرية ظهر الخروب وسط غضب بسبب نقلها بين مستشفيين    قطر وكأس العرب 2025 .. تمجيد إعلامي مبالغ فيه ومقارنات تستفز الشارع الرياضي العربي    التوزاني: فيلمي "زنقة مالقة"عودة إلى الجذور والأكثر حميمية في مساري    الحصبة تتراجع عالميا بفضل التطعيم    "الصحة العالمية" توصي بأدوية "جي إل بي-1" لمكافحة السمنة    التهراوي : انخفاض حالات الإصابة الجديدة بالسيدا خلال السنوات العشر الأخيرة    فيلم زنقة مالقة لمريم التوزاني .. نشيد الذاكرة والحب على عتبة الثمانين    لمجرد أمام القضاء بتهمة الاغتصاب    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الثقافة المغربية بين المشرق والمغرب

ما هي خصوصية الثقافة المغربية في بلد يراوح بين الشرق والغرب، هل هي عودة إلى الشرق عن طريق الغرب، هل هي التراث الشعبي، أم أنها في الفكر فيما الشعر والأدب يمتان أكثر إلى مركزية مشرقية.
للمغرب تاريخ ثقافي عريق وتراث فني وحضاري تراكم عبر قرون متعاقبة، ويمكن أن نستجلي بعض صور هذا التراث الثقافي والفني في العمارة والطبخ والموسيقى والأزياء وأنماط العيش، وذلك منذ بداية الوجود الأمازيغي قبل ثلاثة وثلاثين قرنا، لكن حين يتعلق الأمر تحديدا بالأدب فالمغرب يعتبر حديث عهد بهذا اللون الثقافي، قياسا مع بلدان المشرق العربي. ولعل هذه المسألة الكرونولوجية جعلت الأدب المغربي يعيش مرحلة من التبعية والتردد وطرح ذلك السؤال المحيّر: هل نجاري أدب الشرق أم الغرب؟ قبل أن يضع خطواته الأولى في تلك الطريق التي تفضي إلى «أدب مغربي» يتقاطع مع الشرق والغرب من دون أن يكون بالضرورة عنصراً تابعاً لأحد الطرفين.
يرى الكاتب والناقد صلاح بوسريف أن الحديث عن خصوصية الأدب المغربي سيعيدنا إلى بعض الكتابات التي صدرت في النصف الأول من القرن الماضي، عند عبد الله كنون مثلا في كتابه «النّبوغ المغربيّ»، إذ حاول في عمله هذا تأكيد الخصوصية المغربية من خلال التلاقح الذي حدث مع الأندلس، «توقف كنون عند نماذج لشعراء كانوا يميلون إلى الجانب الفقهي، لكن الشرق كان حاضراً في كتابه، لأن المرجعية الأساسية التي تحكمت في هذه المرحلة كانت هي الشرق، فالمغرب حينها لم يكن طابعاً ولا ناشراً، بل مستهلكاً وقارئاً».
يستحضر بوسريف المختار السوسي أيضا، فهو الآخر تناول المحلية في بعدها الضيق أو الجهوي، حيث اكتفى بمنطقة سوس، وحاول أن يكتب عدداً من الكتابات التي ترتبط بهذه الخصوصية المناطقية، الشيء نفسه نجده عند كتاب آخرين نهجوا الطريقة نفسها.
يضيف صاحب (شرفة يتيمة): «لكن حين نعود إلى اللحظة الراهنة نجد أن السؤال طرح بحدة في السبعينيات، خصوصا بعد حصول المغرب على الاستقلال، حيث كان المغاربة في حاجة إلى تأكيد أن المغرب دولة مستقلة لها ثراتها وثقافتها الخاصة من أدب وغناء وأزياء وتقاليد وفنون، أما في مجال الكتابة الأدبية والفكرية فيمكن أن نجزم بأن الانتباه لمسألة الخصوصية المحلية بدأت مع ثمانينيات القرن الماضي».
لكن الجيل الذي طرح السؤال على نفسه حسب بوسريف - كان غارقاً في المشرق العربي أيديولوجياً، ساهم في ذلك ابتهاجه بالثورات العربية القادمة من الشرق: مصر والعراق واليمن وليبيا، فانعكست النزعة الثورية الاشتراكية على الكتابة، حيث كان الكاتب والشاعر والمثقف عموما في اليسار، لكن السؤال كان مركباً، وكان وجهه الآخر المقابل للمحلية هو الكونية، فنظرا للعامل الجغرافي وقرب المغرب من أوروبا كان السؤال هو: «لماذا سنذهب ثقافياً إلى الشرق ونحن قريبون إلى الغرب؟» وهو ما يمكن أن نسميه «عقدة التخلص من الشرق». يفسر بوسريف فكرته: «لقد اكتشفنا في ما بعد أننا نذهب إلى الشرق عن طريق الغرب، أي عبر الترجمة. لذلك هذه العودة إلى الغرب جعلت الكتابة المغربية مفتوحة عما هو كوني، فروايات محمد برادة ومبارك ربيع وأحمد المديني والميلودي شغموم انشغلت بما حدث ويحدث في المغرب، فكانت في الحقيقة - ببحثها في المحلي والخاص - تتلمس للقضايا المغربية أبعاداً كونية. لذلك فحين نبحث عن الخصوصية في الأدب المغربي سنحس أن هذه الخصوصية تم تذويبها في ما هو كوني، لا سيما في ما يكتب اليوم».
التلاقح والانفتاح
لم يعد الكاتب المغربي اليوم مشغولاً بما هو مغربي فحسب، هذا ما يراه صلاح بوسريف، ذلك أن المثقف المغربي يدرك أن المغرب اليوم هو بلد الانفتاح والتلاقح الثقافي، وبالتالي فالأدب المغربي عليه أن يكون منفتحاً على العالم، لا مشغولاً فقط بالبعد الوطني.
أردنا أن نتوقف عند جنس أدبي غالبا ما كان يشكل معيارا هاما في مسألة الخصوصية، وهو الشعر، لذلك توجهنا بالسؤال إلى الشاعر والباحث عبد السلام المساوي، فبدا له أن التسليم بوجود شعر مغربي معاصر من حيث التراكم أمر في حكم المؤكد، على الأقل بالاحتكام إلى عناوين الدواوين التي شرع في طبعها بدءا من ثلاثينيات القرن السابق، طبعا هذا الكم الكبير من النصوص لم يحظ بما يمكن أن يواكبه من نقد إلا في الحدود التي كانت ترسمها التوجيهات السوسيوثقافية المتحكمة في المشهد المغربي لزمن طويل، حيث ظلت تلك النقود تراوح في ممارستها بين التصنيف التاريخي التقليدي، والنبش الموجه في المضامين، الشيء الذي أبعد هذه النقود عن مواجهة النصوص جماليا، ومن ثم أهمل الشكل اللغوي الذي يشكل في الأساس لحمة هذا الشعر وكيانه والتي بإمكانها فحص الخصوصية القطرية في هذا الشعر إن كانت موجودة بالفعل.
يضيف صاحب (خطاب إلى قريتي): «ثمة محاولات قليلة حاولت أن تشتغل على النصوص، خصوصا بعد انفتاح الجامعة المغربية على محاولات تجديد الخطاب النقدي وبعد تلاقح المناهج في مرحلة ما بعد البنيوية ودخول القارئ كطرف منتج للمعرفة وكمتلق مخصب لتجربة التلقي، إلا أن الأمر ظل في عتبة الاحتشام التي تنقصها جرأة الاقتحام والمواجهة. وأفضت عموما تلك الدراسات إلى تسجيل نتيجة مفادها: اتّباع الشعراء المغاربة جماليا وفكريا للتيارات الشعرية التي كانت سائدة في المشرق، فأصبح بالإمكان الحديث عن السيابيين (بدر شاكر السياب) والأدونيسيين (أدونيس) أو الدرويشيين (محمود درويش) أو اليوسفيين (سعدي يوسف)».
هذا في ما يخص المراحل السابقة، أما في الوقت الراهن فلا يمكننا الحديث عن خصوصية قطرية تكشف عن هوية الشعر المغربي، هذا ما يراه المساوي مفسرا رؤيته للموضوع على النحو التالي: «يمكننا أن نتحدث عن جغرافيات متعددة ما تفتأ تنتج لذاتها حدودا فارقية؛ بله عن كيانات مستقلة ينحت فيها كل اسم توجهه الشعري الخاص، أقصد أن الشعراء الحقيقيين في المغرب يقفون وراء مشاريع جمالية خاصة، وهم قلة ويعزى ذلك إلى ثقافة هؤلاء الشعراء وانفتاحهم على الشعر الغربي. فيما تندمج باقي المحاولات في المنتوج «الشعري» النمطي العام الذي لا يملك أصحابه حق التوقيع عليه، وذلك بفعل غياب الوعي الشعري وغياب الوعي النقدي المحايث له. بل إن كثيرا من المكتوبات التي تنشر هنا وهناك، يصعب نسبها إطلاقيا إلى الحيز الشعري، هذا طبعا إذا اتفقنا على حدود معينة لمفهوم الشعر».
وفي اعتقاد المساوي أن الخصوصية القطرية في الشعر المغربي ينبغي تلمسها في الشعر العامي (الزجل)، اعتبارا بلغة كتابته. فهي لغة محلية تتضمن مفردات خاصة ببيئة الشاعر وتنهل من الأمثال والموروث الخاص. ومثل ذلك ينطبق على الشعر المغربي الذي يكتب بالأمازيغية. وهي أشعار تحيل على الروح الخاصة لمبدعيها وللفئات التي ينتمون إليها. وتبقى هذه الأنماط الشعرية الخاصة حبيسة التلقي القطري والمحلي.
المركزية المشرقية
يقول الشاعر والمترجم سعيد الباز «راج في وقت من الأوقات مفهوم المركزية المشرقية في الساحة الأدبية المغربية بل كان أحيانا محط سجال بين أسماء شعرية وازنة، لكن في تقديري الشخصي لم يكن سوى تعبير عن توق دفين لدى بعض المبدعين المغاربة للهروب من سطوة النص المشرقي الذي ظل يفرض سيادته عبر إملاءاته الجمالية والتعبيرية وحتى الموضوعاتية».
يضيف صاحب «ضجر الموتى»: «ليس غريباً في هذا الاعتبار أن يكون للنص الإبداعي عموماً والشعري تحديداً ما يمكن أن نطلق عليه بالخصوصية، وقد يذهب البعض إلى القول بأنها متأتية من مرجعيته الفرنسية وآخرون قد يطرحون السؤال الإشكالي العام عن طبيعة الثقافة المغربية التي ساد فيها منذ القديم وإلى اليوم إما هيمنة الفقه أو الفكر حسب ظروف العصر، فيما ظل الشعر والرسمي منه على الأخص حكرا على السلطة». يتساءل سعيد الباز: «هل لهذا السبب برع المغاربة في الأزجال من «ملحون» وغيره من الأشكال الشعرية المرتبطة بما قد يسميه النقاد بالأدب الشعبي؟ ربّما هذا الكلام قد يغضب عبد الله كنون الذي أمضى سنين طويلة في تجميع كل ما وصلت إليه يده من الشعر المغربي القديم في كتابه (النبوغ المغربي)».
هذا الوضع حسب سعيد الباز - ما زال إلى اليوم ساريا، «فوجه الثقافة المغربية يعلن عن نفسه من نافذة الفكر لا الشعر، وهذا الأمر لا بد أن يؤثر على الوضع الاعتباري للشاعر داخل المجتمع وخلال وسائطه التواصلية من إعلام وندوات ومعارض. لكن في النهاية ومع الموجة الجديدة من الشعر المغربي بدا أكثر وفاءً لتعددية المجتمع وروافده الثقافية وميلا إلى التعبير عنها».
عن «السفير»


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.