احتضنت مدينة الدارالبيضاء يوم 2 فبراير الجاري أشغال منتدى باريس، حيث تم اختيار مسألة «تأمين التنمية» موضوعا للنقاش. وعرف اللقاء إلقاء مداخلات ألقاها خبراء ومتخصصون، حاولوا الربط بين التنمية الاقتصادية والاجتماعية وانعكاسات ذلك على التغيرات التي يعرفها العالم، والمنطقة العربية على وجه الخصوص. وتميز اللقاء بإلقاء فتح الله ولعلو، عمدة مدينة الرباط، مداخلة في اختتام اللقاء، في ما يلي نصها. «كنا في السنة الماضية (2010) نتساءل عن السبيل للخروج من الأزمة، أما في هذه السنة، فيتعين علينا التفكير في مسألة تأمين التنمية. غير أن الخروج من الأزمة لا يتم بنفس الطريقة، فبعض البلدان (تلك الصاعدة بقوة) لم تعرف الأزمة، رغم أنها تأثرت بشكل جزئي، حتى أن معدل النمو بالنسبة لتلك البلدان يتراوح ما بين 10 بالمائة، في حين أن ذلك المعدل لا يتجاوز 1.5 بالمائة في أوربا. وهنا لا ننسى أن الاقتصاد العالمي تمكن من تفادي ركود اقتصادي كبير بعد الانهيار الذي تعرضت له أسواق المال سنتين 2008 و2009، وذلك بفضل عاملين كانا غائبين تماما بعد أزمة 1929. المشاورات الدولية بين الدول الكبرى من أجل بلورة سياسات النهوض (السياسة المالية) وسياسة التقنين (السياسة النقدية). وهذا هو الإطار الذي يمكن أن نضع فيه ما قامت به مجموعة العشرين في لندن، بيتبورغ وسيول والخطوات التي اتخذتها الأبناك المركزية الكبرى. أما العامل الثاني فيتمثل في الدور الذي لعبته الاقتصادات الكبرى الصاعدة، سيما الصين التي تمكنت بفضل حفاظها على نفس مستوى الطلب من استئناف المبادلات التجارية، أما الفائض فكان يسمح بتمويل البلدان المتقدمة، والتي كانت مع ذلك تعاني من عجز مالي. ولقد أضحى الترابط بين الاقتصادات الوطنية واقعا يكبر باستمرار ويفرض نفسه أكثر من أي وقت مضى. كما أن فترة الأزمة وتلك التي تلتها، أظهرتا إذن أن مركز الجاذبية بالنسبة للاقتصاد العالمي، أي المحرك الرئيسي لها، انتقل في اتجاه آسيا والمحيط الهادي. وتتعلق مسألة التأمين بثلاثة مستويات: المستوى العالمي، والوطني مرورا بالإقليمي. والتفكير في تأمين النمو في بلدنا يعني موقعته على المستويين المزدوجين، الدولي والإقليمي، وكذا العودة إلى الحكامة الاقتصادية والسياسة الوطنية مع الأخذ بعين الاعتبار ما يحدث في الضفة الجنوبية لحوض المتوسط. 1- المقاربة الدولية للتأمين: تهم هذه المقاربة طبيعة السياسات الاقتصادية في البلدان الكبرى المؤثرة ومستوى التشاور في ما بينها. أ - يتعين قبل كل شيء استخلاص الدروس من الأزمة. فسوء الاستغلال الذي مارسته الليبرالية المفرطة (منذ 1980) هو الذي تسبب في خلق اللامساواة، وتراجع كبير لدور الدولة وسوء تمويل الاقتصاد. وأمام الحجم الكبير الذي بلغته الأزمة، لجأ النظام الاقتصادي إلى الدول، الأبناك المركزية وبالتالي إلى السياسة من أجل التدخل: الإنقاذ، التقنين، النهوض والتوجيه. ولقد فضلت الدول التي تعاني من مديونية كبيرة اليوم ،العودة من جديد إلى السياسات المالية المعمول بها، سيما في أوربا، فاسحة المجال أمام الأبناك المركزية من أجل إعمال السياسات النقدية للحفاظ على مستوى مقبول من التنمية. بمعنى أنه يتعين على معادلة الدولة والسوق على المستوى الدولي، كما هو الشأن على المستوى الداخلي للبلدان المتقدمة، أن تخضع لإعادة التوظيف والعودة إلى مسألة الاقتسام. وفي النهاية، فإن خيار مراقبة أنظمة التمويل وتقنينها يفرض نفسه وينبغي العمل به في إطار التشاور الدولي. 2- ضرورة أخذ التغيرات في الحكامة الدولية بعين الاعتبار: لقد حلت مجموعة العشرين محل مجموعة الثمانية. وحلت مجموعة الاثنين (أمريكا والصين) محل العالم الأحادي القطبية (الذي كانت تقوده الولاياتالمتحدة). - ومما لا شك فيه أن مسألة تقنين الاقتصاد المالي تهم بالخصوص الولاياتالمتحدة وأوربا، لكنها تهم الصين أكثر من خلال توظيف الأموال بالدولار كما بالأورو. غير أن المشاورات ما بين الاقتصاديات الفارغة وأركانها الماكرو اقتصادية تتم أساسا ما بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين. إن إحداث ظروف للنمو المتوازن في العالم يعني خلق اتفاقات لأجل تفادي اللاتوازنات المفرطة: الفائض من جهة والعجز من جهة ثانية. إنه العمل من أجل أن تقدم الصين بعضا من الأولويات للاستهلاك المنزلي، وإلى الرفع من الأجور.إنها تقوم بذلك، وإنها لا تعتبر فقط بمثابة ورشة بالنسبة لباقي العالم. إنها تنتج أكثر فأكثر لسوقها و أيضا ، بكل تأكيد، من أجل إضفاء قيمة على عملتها. وعلى الدول الأخرى العمل على التقليص من عجزها في الميزانية، والتخفيض من النسب العالية للدين العمومي و مراقبة الأداءات الخارجية. بذل الجهد كله لأجل تفادي حرب الصرف بين كبريات العملات. وأيضا من أجل تفادي تقلبات أسعار المواد الأولية والطاقة. وهذا أيضا بهدف تأمين النمو: ج) يجب في الأخير دعم المحركات الجديدة للنمو. إن جميع الأزمات الكبرى للرأسمالية تسببت في بزوغ قوى محركة جديدة (الكهرباء، السكك الحديدية، السيارة.. إلخ...). واليوم إن الطاقات المتجددة والاقتصاد الأخضر يمكنهما أن يصبحا قاطرات جديدة لتأمين النمو بالرغم من إخفاق قمة كوبنهاگن وغموض خلاصات قمة مكسيكو. 3) المقاربة الوطنية لتأمين النمو: هنا، إننا نفكر أولا وقبل كل شيء في بلدنا، غير أنه في الواقع يجب على كل الدول أن تؤمن نموها لأجل أن تحسن قدرتها على التفاوض حول تداخل الاقتصاديات الوطنية. أ) التحكم في إطار ماكرو اقتصادي جيد. أي درجات العجز في الميزانية متحكم فيها ونسب مديونية مقبولة. إن الدول التي لم تنجح في هذا التحكم كانت أقل مقاومة في مواجهة وقع الأزمة (اليونان). البدء في إيجاد حلول لمشاكل صناديق التقاعد ونظم الاستشراف في اتجاه الانصاف والاكتفاء. على هذا المستوى، من المهم أيضا التوفق في تقنين نظم التمويل وأيضا ، بكل تأكيد، محاربة انحراف التضخم. ب) إعادة تحديد معادلة الدولة السوق: دولة مخططة وموجهة ومقننة تنخرط في محاربة الفقر وأيضا سوق دينامي مجدد ومبتكر. إن البعد الاجتماعي بالغ الاهمية: ودور الدولة أساسي (من أجل تحقيق الدعم «داڤوس»). إن هذا يفرض وضع رؤية استراتيجية تشاركية متأسسة على إمكانيات الاقتصاد الوطني، ومرنة بشكل كاف لأجل التأقلم مع تقلبات الاقتصاد العالمي. إن النفس الجديد للإصلاحات، إصلاحات الجيل الثاني التي تمس أداء المؤسسات، والذي أساسا يعمل على إعادة تأهيل السياسة، وتخليق العمل العمومي، يولي اهتماما خاصا لمحاربة الفقر. إن تراجع السياسية من شأنه أن يشكل عائقا للمكاسب والتطورات الإقتصادية والاجتماعية، إصلاحات القضاء، الإدارة والجماعات المحلية. وبشكل عام، إن الديمقراطية يجب أن تكون ضمن جدول العمل اليومي. 3) إن تأمين النمو وتأكيد تنوع النظام الانتاجي يعني محاربة اقتصاد الريع، دعم السياسات القطاعية، وأسس الاقتصاد الحقيقي: الفلاحة، الصناعة، الصيد البحري، السياحة، البناء والاشغال العمومية، الخدمات، التكنولوجيا الحديثة، التعليم، التكوين والمعرفة. إن تأمين النمو الوطني يعني انجاح الشراكات على المستوى الدولي ، وخصوصا عبر نهج استراتيجيتين: - استراتيجية القرب: المساهمة في اطلاق المغرب العربي (على الرغم من المشاكل السياسية الكبرى) وتشجيع الشراكة الأورومتوسطية لإعطاء الجهة صبغة شمولية. -استراتيجية البعد: باتت ضرورية اليوم للشراكة مع الولاياتالمتحدةالامريكية ومع بلدان الخليج وخاصة مع الدول النامية الكبرى: كالصين ، الهند، البرازيل، المكسيك، افريقيا الجنوبية، وتركيا. إن مواردنا من الفوسفاط تشكل مكسبا بالنسبة لبلادنا للمساهمة في تفعيل هذه الاستراتيجية المزدوجة ( سياسة القرب وسياسة البعد) والتي تأخذ بعين الاعتبار التحولات الكبرى الثلاثة التي يجتازها العالم اليوم : -التحول الطاقي - التحول البيئي - التحول الغذائي وهذا يقودنا إلى المقاربة الجهوية لتأمين النمو. 3 - المقاربة الجهوية لتأمين النمو: إن الامكانيات الاقتصادية لبلد ما، لا يمكن أن تقاس اليوم إلا بمدى الاشعاع الذي يتوفر عليه محيطه الجهوي. وهذا هو الدرس المستخلص خلال الخمسين سنة الماضية. وإن المنطق الجهوي هو الذي سمح بتطور ونمو الاقتصاديات الأوربية منذ الخمسينيات إلى حدود سنة 2000. وإن المنطق الجهوي هو الذي سمح لدول آسيا بالنهوض والاقلاع اعتمادا على العوامل الاقتصادية والجيوسياسية، فطوال عشرات السنين أحسنت اليابان والنمور الآسيوية واليوم الصين والهند ..القيام بدورها كقاطرة قبل كل شئ لخلق قطب جهوي. والحالة هذه، فإن جهتنا المغاربية والأورومتوسطية تتسم بغيابها، فهي لا تمثل أي منطق شمولي في هذا العالم المتحرك حيث مركز الجاذبية أخذ يبتعد عنها . إن الشراكة الأورومتوسطية في حاجة اليوم إلى نفس جديد ، فهي تعاني من ضغوط الشرق الأوسط، ومن غياب الاتحاد المغاربي ومن ضعف الدينامية الأوربية، ومن الهشاشة على مستوى الانسجام السياسي والاستراتيجي والاقتصادي. إن حوض البحر الأبيض المتوسط هو اليوم مجرد صلة وصل ولم تعد أوربا مركز العالم. والواقع أننا نحن المغاربة، ونحن المغاربيون، في أمس الحاجة لأوروبا قوية ولعملة أوربية قوية. ولهذا السبب ينبغي لنا أن نشجع أوربا على الحد من اختلالاتها و تأمين اقتصادها الذاتي، تشجيعها على التوحد وعلى الانخراط بشكل جدي في حل مشاكل الشرق الأوسط لإحلال سلام مستدام ، وعلى الانفتاح صوب الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط كمصدر للدينامية. فمنذ سبع سنوات أصبح معدل نمو دول الضفة الجنوبية أكبر من معدل نمو الضفة الشمالية للبحر الابيض المتوسط. في الجنوب: هناك غياب لشراكة الجوار ، وهيمنة لاقتصاد الريع ولأنظمة سياسية تتهاوى كما شاهدنا في تونس. إن بلداننا في حاجة لمراجعة نموذجها، وفي حاجة للانفتاح على الحداثة السياسة (أي على الديمقراطية) وعلى الحداثة الاقتصادية (أي على تنويع النسيج الانتاجي) ، وعلى الحداثة الاجتماعية والثقافية ، أي محاربة الفقر و طبعا على وضع حد للنزعات الانفصالية والعمل، عكس ذلك ، على توحيد الصفوف من أجل توسيع الأسواق الذاتية لهذه الدول و من أجل التدبير المشترك لعلاقاتها مع شبيبتها، ومع التناقضات التي تعج بها مجتمعاتها، ولكن أساسا من أجل التفاوض والتموقع الأمثل أمام أوربا التي هي الأخرى في حاجة إلى هذه الدول. إن مرحلة ما بعد الأزمة تمثل فرصة ، كما سبق أن أكدنا على ذلك، فالعالم سوف يشهد ثلاثة تحولات خلال العشريات القادمة. إنها فرصة تنتصب أمام بلدان المغرب العربي، كما هي فرصة أمام الشراكة الأورومتوسطية. التحول الطاقي: المنطقة تتوفر على جوهر الموارد: النفط والغاز من جهة والشمس من جهة ثانية و أوربا يمكنها أن تساهم بتكنولوجيتها التحول البيئي: منطق الاقتصاد الأخضر سيفرض نفسه وهو يهم الطاقة والبيئة وتدبير المياه، و حوض البحر الابيض المتوسط سيواجه تحديات كبرى بهذا الخصوص، وبالتالي فإن التعاون الجهوي يفرض نفسه هاهنا بشكل حيوي. التحول الغذائي: إن نموذج الاستهلاك الغذائي آخذ في التحول خصوصا في آسيا حيث يتوجه نحو النمط الغربي،والطلب على الغذاء سوف يعرف ارتفاعا طبيعيا، بعد آسيا سيأتي الدور على إفريقيا التي ستشهد دينامية هامة على المستوى الزراعي. ويمكن للمغرب العربي، مدعما برصيده من الغاز ومن الفوسفاط، أن يخلق فرعا مشتركا ( الأسمدة، الأمونياك ، الآزوت) يمكن أن يجعله فاعلا هاما في الوضع الغذائي الجديد، كما يمكنه أن يخلق مع الدول النامية الكبرى علاقات مشتركة في هذا الجانب. هاهنا تكمن عناصر تأمين التنمية المستدامة، وهي تحتاج إلى جهود كبرى وإلى منطق جهوي و إلى قدرة على التأقلم مع التحولات الدولية. 4- الانتباه إلى تحولات الضفة الجنوبية لحوض المتوسط. إن الاهتمام الذي ينبغي أن نوليه لمنطقة الضفة الجنوبية لحوض المتوسط يقودنا إلى الانتباه لما وقع في تونس ومصر. وإلى قراءة للنهوض بالمنطقة المغاربية والأورومتوسطية. فالأمر بتعلق بوقائع ذات حمولة هائلة منذ العهد الاستعماري (بالنسبة للمغرب العربي) ومنذ طغيان نظام الحزب الوحيد (العالم العربي 1952). ويجدر التذكير هنا بالتاريخ النضالي المشترك لحصول بلدان المغرب العربي على استقلالها، وخصوصا بثلاث وقائع: اغتيال الزعيم النقابي فرحات حشاد في 8 دجنبر 1952، نفي محمد الخامس في 30 غشت 1953 واندلاع الثورة الجزائرية في فاتح نونبر 1954 . ولكن لنبق في الحقل الاقتصادي ولنوسع بعد ذلك النقاش. إن ما وقع في تونس هو قبل كل شئ رفض لنظام سياسي ولتسلط اقتصادي للأسرة الحاكمة. ولكن قبل ذلك كان هناك خلل اجتماعي كبير : متمثل في بطالة الشباب .. سيدي بوزيد نموذجا..ممزوج بخلل سياسي ، بمعنى أنالوضع كان في أمس الحاجة إلى التغيير. هذا الخلل الاقتصادي والاجتماعي ، والمتجسد خصوصا في عطالة الشباب وعلى هوامش المراكز الاقتصادية الكبرى، يعكس في الحقيقة محدودية النموذج التنموي المعتمد. نموذج اقتصادي مبني على الانفتاح لبلد منفصل عن محيطه الجهوي على الشغل. فالشراكة المعتمدة اليوم في الاتحاد الأورو متوسطي هي شراكة ثنائية أكثر منها شراكة جهوية.. بين تونس ..بين المغرب .. وبين الاتحاد الاوربي.. لقد انعكست الأزمة الأوربية وركود اقتصادها وتراجع الطلب الاوربي على الاقتصاد التونسي ، وخصوصا على الصادرات والسياحة و تحويلات المهاجرين . فغياب علاقات جنوب -جنوب في اطار سوق داخلي موسع سمح بتأثر القطاعات الاساسية في أوربا بالأزمة. لنعد الآن إلى اللحظة الكبيرة التي تعيشها منطقة جنوب المتوسطي والعالم العربي... (يناير 2001). إن الأمر يتعلق، كما سطرنا على ذلك، بلحظة ذات أهمية كبرى. أ- يتوجب علينا أن القيام بالتحليل والإنصات من اجل استخلاص الدروس مع الأخذ بعين الاعتبار خصائص كل بلد على حدة. إن الأمر يتعلق بحركة عميقة، شعبية، شابة، حديثة (بدون قيادة). إنها مطالبة (تطلع إلى) بالتغيير والقطيعة. إن الضفة الجنوبية لحوض المتوسط، والتي ظلت في حالة من الكود، تتحرك. تحرك باسم كرامة المواطنين. تحرك ضد القمع الذي فرضه الحزب الواحد/ الفكر الواحد، ضد جشع أسرة، ضد اقتصاد الريع، ضد الإقصاء الاجتماعي، ضد الخلط بين ما هو سياسي وما هو ديني، وبين ما هو سياسي وما هو متعلق بالأعمال. من أجل ديمقراطية أكثر... وتعددية أكبر. ب- إن الأمر يتعلق أيضا بضرورة التعبير والمصاحبة. ينبغي التضامن مع هاته المطالب الرامية للتغيير والإصلاح والدمقرطة، المساهمة في خلق ثقافة تعددية منظمة وحديثة، وينبغي على القوى التقدمية في بلدنا تقديم الدعم الكافي للتونسيين من أجل مواصلة مسيرة النهوض بالديمقرطية، والمقصود هنا هي الأحزاب السياسية... مع احترام استقلالية وخصوصيات كل بلد على حدة. ج- ضرورة استخلاص الدروس من خلال وضع حد لكل الانتهاكات، وإعادة تأهيل المجال السياسي، بما في ذلك الأحزاب السياسية، تشجيع ثقافة المشاريع على حساب ثقافة الانتهازية الفردية، مباشرة إصلاحات من الجيل الثاني، بعد تلك التي تم اعتمادها متم سنوات التسعينات والعقد الأخير، مباشرة الإصلاحات، إلى جانب إعادة الروح في الحكامة الاقتصادية، من خلال تنويع النسيج الإنتاجي، بإيلاء الأهمية للسياسات القطاعية وخلق انسجام في ما بينها، وخوض معركة ضد الإقصاء الاجتماعي بالنظر إلى أهمية الانسجام الاجتماعي، مع متابعة الإطار الماكرو اقتصادي من أجل تجنب انزلاقات قد تعيق الحركية الاقتصادية على المدى المتوسط. د- ضرورة النهوض بشراكة جنوب- جنوب من خلال الدمقرطة. إن التطلع إلى الديمقراطية في المنطقة قد يكون فرصة من أجل النهوض بشراكة حقيقية في اتجاه جنوب- جنوب. فأنظمة الحزب الواحد المهيمنة أسفرت عن دولاتية وطنية ممركزة على حساب الاندماج الإقليمي (الذي تراجع منذ خمسين عاما). لنعد إلى هذا التضامن الإقليمي من خلال الدمقرطة... من أجل تأمين اقتصاد المنطقة في مواجهة الأقطاب الإقليمية الكبرى. ه - ضرورة إعادة بناء شراكة أورو- متوسطية حقيقية واتحاد المغرب العربي. فبناء على أساس القيم الديمقراطية المشتركة، لا تزال أوربا غير واضحة، صامتة، ومخطئة في تحليلاتها، وسمحت لأوباما وكلينتون بتقزيم دورها. و- ضرورة توفير شروط السلام في الشرق الأوسط، فمن خلال الاعتماد هذه المرة على القيم الديمقراطية، يتضح أن أنظمة التفكير الواحد أثبتت فشلها، كما أن التطرف الإسلامي لا تفتح آفاقا حقيقية. وهنا أيضا يتأكد أن الديمقراطية، ممن خلال الإصلاح، قد تحمل في طياتها حل الإنقاذ. وهذه القراءة الجديدة للمنطقة تأخذ بعين الاعتبار آثار الأزمة والمعطيات السياسية الجديدة، كما تسمح للمنطقة بتأمين التنمية وتأمين بلدان المنطقة.