يوجد اليوم في إفريقيا أدب تنتجه النساء، إلا أنه لم يُعرف بعد بالشكل المطلوب سواء داخل القارة الإفريقية أو خارجها. لأن هذا الأدب النسائي الإفريقي لم يشرع في تأكيد حضوره إلا ما بين 1960 و 1980، حسب العكري شريفي، الحاصلة على الدكتوراه في الآداب الحديثة والسينما، الأستاذة الباحثة، كاتبة السيناريو التي صدر لها كتاب حول السينما تحت عنوان: «الكتابة البصرية في السينما النسائية بالمغرب العربي: سيناريو الأصل وسيناريو التبني». العكري شريفي بما أنهن لم تتعاطين الكتابة إلا مؤخرا، فإن الكاتبات الفرانكفونيات في إفريقيا لم تواجهن على الفور مختلف المشاكل التي واجهتها سابقاتهن الأنجلوفونيات. بذلك كانت لهن البدايات المُنَظَّرُ لها بشكل واسع لتقليد وشرعية أدبية أُنتجت واكتُسبت بصعوبة باسمهن من طرف نساء أخريات. ومع ذلك، فإن وريثات تلك المكتسبات الهشة تصطدمن، هن أيضا، بالمعارضة الزاحفة للنقد وللنشر. في مجال النقد، تواجه الأعمال النسائية تهميشا مُمَنهجا لفائدة « عمالقة « الأدب الإفريقي وهم كلهم رجال ( ليوبولد سنغور، سومبين أوسمان، مونغو بيتي حتى لا نذكر سوى البعض من هؤلاء العمالقة ). رغم ضعفها العددي، فإن حصة النساء الكاتبات لا يُستهان بها. نجدهن بشكل عابر في الأنطولوجيات والمجلات النقدية. تتم الإشارة « في أحسن الأحوال « للكتابات النسائية مرورا كما لو كانت جنسا قاصرا، يُنتَقَد تنازلا كما لو كان أدبا ثانويا، طُفوليا وأخرق. الحضور المكثف للكاتبات جنوب الصحراويات انطلاقا من الثمانينيات، بدأ التعرف على البروز الثقافي والروائي وتقديره من طرف الجمهور الواسع. لقد أحدث الظهور المكثف لكاتبات إفريقيا جنوب الصحراء انفجارا في أدب المنطقة. بدءا بمارياما با في « رسالة طويلة جدا « ( 1979)، حتى فاتو ديوم في « الأفضلية الوطنية « ( بريزونس أفريكان، 2001)، احتلت قرابة عشرة نساء مركز الأدب الإفريقي الفرانكفوني جنوب الصحراوي. ونتحدث هنا عن روايات أميناتا سوو فال، « إضراب المهزومين «، أنجيلا راويري، « إلونجا «، نافيساتو نيانغ ديالة، « اللعين جدا «، أوا كايتا، « نساء إفريقيا «، وروايات كاليكسث بيالا، « الشمس هي التي تحرقني «، « ستحملين اسم تانغا «. إنهن تكتبن، تبعا لحساسيتهن، لتناول عادات وتقاليد إفريقيا التي جعلت المرأة في المرتبة الثانية دائما. وهي تكتب، أثبتت المرأة الإفريقية من خلال المواضيع التي تتناولها، أن هناك عالما نسائيا تأخذ فيه تلك المرأة الكلمة لتأكيد حريتها واستقلاليتها. لم يكن بروز المرأة في الساحة الأدبية وليد الصدفة. بالنسبة لكين بوغول - واحدة من أوائل النساء الكاتبات جنوب الصحراء - ترجع الظاهرة لتعلم المرأة الإفريقية، ولاتصالها كذلك بنساء أخريات تنحدرن من قارات أخرى. ونجد في الأدب الفرانكفوني جنوب الصحراوي، أن المرأة الكاتبة أكدت شخصية وحساسية نسائيتين. بالفعل، فمنذ كتابها الأول، « البواب الأحمق « ( 1979)، تنتقد كين بوغول بحدة المجتمع القليل الاحترام للمرأة وتُحدث قطيعة مع نوع من الخضوع الظلامي للتقاليد. موضوعات الأدب النسائي الإفريقي سجلت العشرون سنة الأخيرة انتصارا للأعمال النسائية في إفريقيا جنوب الصحراء، الأعمال التي أصبحت تندرج في التراث الثقافي العالمي. لقد ولجت الروائيات العالم الأدبي من أوسع أبوابه. بدء من « جائزة نوما « التي حصلت عليها مارياما با حتى جائزة « الأكاديمية الفرنسية « التي حصلت عليها كاليكسث بيالا، خرج أدب هؤلاء المناضلات من الظل ولم يعد بالإمكان اعتباره أدبا هامشيا. لم تعد أعمال هؤلاء الروائيات تحصر نفسها في المواضيع النمطية، أي: الصراع بين التقليد والحداثة، تعدد الزوجات، المهر، العقم، الحياة الجنسية؛ بل إنها وسعت الحقل الأدبي بتقديمها أعمالا ترتبط بانشغالات عالمهن الراهنة. إنهن لا تترددن في الكشف عن بعض مظاهر الحياة، التي ظلت حتى اليوم محجوبة أو بمثابة طابوهات: زنا المحارم، الختان أو التشويه التناسلي، العهارة أو العلاقات بين الآباء والأبناء التي ليست مثالية دائما كما يوهمنا بذلك بعض الروائيين. لقد أصبحت أعمالهن تجسيدا لمواضيع الأدب النسائي، والنسوية التي طالما تم وصفها بأقلام الروائيات باعتبارها سلاحا فعالا يخدم الرغبة القوية في تغيير العقليات في الاتجاه الإيجابي. من خلال أبطالهن، تدعو النساء الكاتبات إلى تطوير نزعة نسائية إفريقية مفعمة بالقيم الإنسانية والحضارية. تتطلع هؤلاء البطلات إلى الازدهار الثقافي والديني في مجتمع حر حيث تحل روح التكامل بدل روح المساواة. ويدفعنا العدد المتزايد للروائيات اللواتي تضعن أسس نزعة نسائية إفريقية إلى جرد حصيلة أولى عبر إعداد قاموس للأعمال التي ظهرت قبيل الاستقلالات. على سبيل الخلاصة، نقدم تسلسل الصراعات التي كانت متوقعة: بعدما قاوم الرجال الأفارقة الاستعمار الذي جعلهم مستلبين ومنغلقين في أنماط بلغت حد الإنكار غير المشروط لشخصيتهم ولكرامتهم، ها هن النساء الإفريقيات تتسلمن مشعل النضال، لكن ضد عبء التقاليد والديانة تجاههن، هدفهن الأساسي خلق مجتمع حر ومتحضر. لأن إفريقيا التقليدية هذه، وهي تواجه التجربة اليومية كما لا تزال تعيشها العديد من النساء اليوم، تبدو غير منصفة إطلاقا في حقهن. وهن لسن مستعدات لنسيان الثمن الباهظ الذي دفعنه لأجل استقرار المجتمع و لأجل أمن المواطنين في إفريقيا جنوب الصحراء. من هنا جسامة المعاناة والغضب اللذين ينبعثان من نصوصهن. وقد أسهم انشغال الكاتبات الإفريقيات في اتخاذ النساء كبطلات لكتاباتهن في إثراء وأنسنة الأدب الإفريقي. بذلك حولت تلك المناضلات ما كان سلبيا بجعله إيجابيا. Chouf-Chouf.com - عن 2014