يعود ارتفاع وتيرة الهجرة السرية أو ما يطلق عليه البعض «تجار العبيد الجدد» عبر الحدود المغربية الجزائرية إلى تنامي الشبكات الدولية للتهجير والتي تعمل في تنسيق ما بين البلد الأم ما يفوق 19دولة إفريقية و الجزائر المحطة قبل النهائية في الطريق إلى الضفة الأخرى ثم الجهة الشرقية من المغرب بلد العبور عبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي خاصة نقط أهل أنكاد، رأس عصفور، الواد، زوج بغال، لتتحول المنطقة الشرقية من منطقة وبوابة العبور للمغرب العربي إلى بوابة إفريقية نحو أوروبا. إنهم هناك في غابات وجبال الجهة الشرقية ينتظرون، يحملون آمالهم وآلامهم وحكايات مواكب الهجرة إلى الشمال، قطعوا عشرات الآلاف من الكلومترات باتجاه المجهول، باتجاه وجدة، عاصمة المغرب الشرقي ومدينة الألف سنة التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى منطقة عبور آلاف المهاجرين السريين نحو أوروبا، وأصبحت بالتالي «قارة إفريقية» مصغرة تضم أحلام العديد من المهاجرين السريين الأفارقة، سواء منهم الذين وصلوا إلى أبوابها عبر الحدود الجزائرية والذين تقدر أعدادهم بعشرات الآلاف خلال السنين الأخيرة ،أو أولئك الذين مازالوا هناك في بلدانهم الأصلية يحلمون بيوم الرحيل نحو المغرب، المحطة الأخيرة قبل العبور إلى الفردوس المفقود. حكاياتهم التي تكاد تتشابه في بعض تفاصيلها وتتوحد في وجهتها، هناك ما وراء زرقة المياه حيث الإنسان إنسان على حد قول بعضهم. منهم العامل والعاطل، الموظف والفلاح، الوالد والولد، الزوجة والأم، إنه تجمع إفريقي بامتياز، أكثر من خمس عشرة جنسية لم توحد بينهم لا الخطابات السياسية ولا العقائدية ولكن وحد بينهم حلم الهجرة نحو الشمال. إنه الجرح الإفريقي الغائر الذي يدمي في شرق المغرب، جرح عبارة عن وهم الأمل في العبور إلى الضفة الأخرى حيث «الفردوس المفقود»، إنه الأمل في الهجرة إلى الشمال، والذي يجعل المئات بل الآلاف يقطعون سنويا الآلاف من الكيلومترات مشيا على الأقدام أحيانا للوصول إلى المغرب، آخر محطة قبل العبور، فمنهم من عبر ومنهم من هُجِّر وآخرون مازالوا ينتظرون! يعود ارتفاع وتيرة الهجرة السرية أو ما يطلق عليه البعض « تجار العبيد الجدد» عبر الحدود المغربية الجزائرية إلى تنامي الشبكات الدولية للتهجير و التي تعمل في تنسيق ما بين البلد الأم ما يفوق 19دولة إفريقية و الجزائر المحطة قبل النهائية في الطريق إلى الضفة الأخرى ثم الجهة الشرقية من المغرب بلد العبور عبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي خاصة نقط أهل أنكاد، رأس عصفور، الواد، زوج بغال ، لتتحول المنطقة الشرقية من منطقة وبوابة العبور للمغرب العربي إلى بوابة إفريقية نحو أوروبا. لم نكن نعلم ونحن ننبش في هذا الملف ونحاور هؤلاء أننا سنكشف النقاب عن جرح حقيقي أصاب القارة الإفريقية بأكملها، إنه درجة اليأس التي أصابت هؤلاء لدرجة أنهم فضلوا ركوب مغامرة الموت على البقاء في أوطانهم. تختلف وسائل السفر والهدف واحد، ألا تشكل هذه الظاهرة استفتاء شعبيا حول «قادة» هذه الدول التي تنتمي إليها أفواج المهاجرين؟ أليست هذه الظاهرة إدانة شعبية لسياسات هؤلاء المسؤولين المتراخين على كراسي المسؤولية بتلك البلدان؟ إنها مأساة جيل بأكمله، إنه مكر التاريخ بالفعل، هي أسواق نخاسة القرن الحادي والعشرين، أسواق تتحكم فيها مافيات «العبيد» منذ نقطة الانطلاقة ما وراء الصحراء إلى نقطة الوصول بشمال البحر الأبيض المتوسط، مافيات حاولنا كشف بعض أسرارها من خلال حكايات هؤلاء الذين قادتهم الظروف وأقدامهم إلى ضواحي وجدة ليتسولوا في أزقتها طلبا لرغيف خبز أو شربة ماء أو دواء لعلاج جريح أو مغص، فكيف ذلك؟ يعود ارتفاع وتيرة الهجرة السرية عبر الحدود المغربية الجزائرية إلى تنامي الشبكات الدولية للتهجير أو ما يطلق عليه البعض « تجار العبيد الجدد» و التي تعمل في تنسيق ما بين البلد الأم ما يفوق 19دولة إفريقية و الجزائر المحطة قبل النهائية في الطريق إلى الضفة الأخرى ثم الجهة الشرقية من المغرب بلد العبور عبر الشريط الحدودي الجزائري المغربي خاصة نقط أهل أنكاد، رأس عصفور، الواد، زوج بغال.، لتتحول المنطقة الشرقية من منطقة وبوابة العبور للمغرب العربي إلى بوابة إفريقية نحو أوروبا. مصادرنا من وراء الحدود تتحدث عن غيتوهات تتمركز بضواحي المدن الجزائرية خاصة منطقة تمنراست، تلمسان و مغنية تضم آلاف المهاجرين السريين تحت الحماية من مختلف الجنسيات ( مالي، السينغال، سيراليون، الكوت ديفوار،الكامرون، غينيا، بوركينافاصو، بنين، الكونغو، غامبيا، جزر القمر ونيجريا ) في انتظار ترحيلهم إلى المغرب وبالضبط مدينة وجدة عاصمة الجهة الشرقية والتي أصبحت «قارة إفريقية» مصغرة بمعنى الكلمة، تضم آلاف المهاجرين السريين بأحلامهم المختلفة، الحلم بالعبور إلى الضفة الأخرى، الحلم بغد أفضل. مباشرة بعد مغادرة بلدانهم الأصلية تتكلف بهم مافيات مختلفة الجنسيات لتمكينهم من عبور الصحراء الإفريقية، عبر مجموعات مكونة من أزيد من عشرة أفراد تقودهم مجموعات مسلحة لحمايتهم بحيث تتكلف بإيصالهم إلى أهدافهم إلى حدود منطقة تمنراست الجزائرية أو ولاية تلمسان أو ضواحي مغنية للاستقرار في غيتوهات تضم كل واحدة منها أزيد من 2000 مهاجر إفريقي من مختلف الجنسيات، في انتظار الدخول للمرة الأولى للمغرب أو العودة إليه ثانية بعد أن يكون قد تم إبعادهم منه في إطار الحملات التي تقوم بها مصالح الأمن الوطني والدرك الملكي ضد شبكات الهجرة السرية. وأمام طول الرحلة وارتفاع تكاليفها خاصة أن الأمر يتعلق بمافيات متعددة بدءا من البلد الأصلي للمهاجر السري وصولا إلى الشرق المغربي، فإن مجموعة كبيرة منهم تضطر للانخراط في شبكات تهريب المخدرات أو تزوير الوثائق والعملات الأجنبية. أما النساء، فيشتغلن في البيوت ومنهن من يتم استغلالهن في شبكات الدعارة، بينما يشتغل الرجال و الشباب في الفلاحة بأجور زهيدة و أحيانا مقابل الأكل والمبيت عند مشغلهم. حكايات هؤلاء المهاجرين يصعب تصديقها في بعض الأحيان، إذ كيف يمكن تصديق أن أغلب هؤلاء المهاجرين قطعوا آلاف الكيلومترات مشيا على الأقدام انطلاقا من بلدانهم الأصلية. موغابي، وهو مهاجر التقيناه قبل مدة بالقرب من الحدود المغربية الجزائرية بمدينة وجدة، والذي صرح لنا بأنه من جمهورية البنين «.. غادرت كاندي منذ سنة تقريبا، كنا مجموعة تتكون من 15 فردا من نفس المدينة التحقت بنا مجموعة أخرى من دول مجاورة عند حدود البنين مع النيجر في انتظار موعد الإنطلاق باتجاه مالي ثم الجزائر فالمغرب..» واصل محدثنا كلامه بلغة فرنسية ركيكة مضيفا قوله «.. كنا نسمع عن المغرب كثيرا، فهو بالنسبة لنا أقرب نقطة إلى أوربا وكان كل حلمنا أن نصل إليه وعبور البحر باتجاه اسبانيا أو دخول مدينة مليلية على الأقل. لقد سبقنا إليها كثير من المعارف ونحن ننتظر دورنا..» . بعض الخبز وقليل من الدراهم مقابل الحديث معنا، لا أدري أين استقر به المقام الآن وإن كان قد نجح في العبور أم أنه من ضمن مئات المرحلين قسرا إلى بلدانهم؟ إنهم يتجولون في شوارع المدينة وأحيائها، يطرقون أبواب منازلها ، منهم من يطلب خبزا وآخرون يطلبون مالا وبعض النساء يطلبن عملا بأي ثمن. يضيف موغابي«.. قطعنا صحراء النيجر من مدينة كايا إلى نيامي وفي كل محطة كانت المجموعة تزداد عددا وهناك من كان يتخلف عن المسير بسبب المرض، وهناك من مات في الطريق ودفن بدون تحديد هويته. الطريق باتجاه المغرب لم تكن سهلة، ففي بعض المناطق كنا نضطر إلى قطع مئات الكيلومترات على الأرجل، وكنا نتعرض للسرقة والاعتداء ، لذا كان لابد من الأداء لحمايتنا، وعند نفاد المال كنا نقايض البعض بالنساء المرافقات لنا ونشتغل عند البعض ومع ذلك كنا مصرين على متابعة الرحلة..» ! رغم كل هذا كانوا يصرون على متابعة الرحلة باتجاه حلم قد يتحقق وهو عبور البحر الأبيض المتوسط، حلم لم يتحقق لهؤلاء الذين لقوا حتفهم في الطريق وللنسوة اللواتي اشتغلن في الدعارة على طول الطريق لينتهي المطاف بهن حاملات لفيروس السيدا. يضيف موغابي«.. قطعنا صحراء النيجر باتجاه كاو بمالي فتاوديني قبل التوجه إلى تامنراست بالجزائر. بالدخول إلى التراب الجزائري بدأت معاناة جديدة، فمافيا التهجير هناك ترغم الجميع على أداء المقابل المالي مقابل الحماية وإلا تم طردك من المجموعة وبالتالي مواجهة الوضع وحيدا مع مايشكله الأمر من خطورة على حياتك ..» . للإشارة فإن أعدادا كبيرة من هؤلاء المهاجرين متورطة في عمليات التهريب و تزوير العملة. وقد سبق أن تم ضبط خلال السنتين الأخيرتين مجموعة من المهاجرين السريين الأفارقة وسط مركز إقامة بواد أوردفو بضواحي تلمسان وهم على أهبة اجتياز الحدود المغربية وبحوزتهم أموال كثيرة يحتمل أنها من أرباح التهريب. ويتوزع هؤلاء المهاجرون على شبكات منظمة ومجهزة بأجهزة الهواتف النقالة للاتصال بشبكات المغرب ثم في مرحلة أخيرة الشبكات المتواجدة في إسبانيا. إنه مسلسل يومي تعيشه الجهة الشرقية، حيث آلاف المهاجرين يخترقون البوادي انطلاقا من مدينة وجدة باتجاه مدينة الناظور، في انتظار رحلة العبور.. إنها مواسم الهجرة نحو الشمال..!!