من جديد ألعاب القوى في محور جدل واسع بشأن المنشطات، حيث ألقت القضية بظلال هائلة على النسخة الخامسة عشر من بطولة العالم لألعاب القوى، التي تنطلق منافساتها بالعاصمة الصينية بكين يومه الجمعة وتستمر على مدار تسعة أيام. فقد أثيرت ضجة كبيرة في عالم ألعاب القوى بعد الادعاءات الخاصة بنتائج أظهرت نسبا مثيرة للشبهات في عينات رياضيين فازوا بميداليات، وكذلك في ظل الشكوك التي تحوم حول تحقيقات تتعلق بالمنشطات أجريت في روسيا، والكشف عن أن 28 رياضيا سقطوا في اختبارات المنشطات من خلال إعادة تحليل عينات سحبت منهم من قبل. ويؤكد الاتحاد الدولي لألعاب القوى أنه يكافح المنشطات بشكل أكبر من أي اتحاد آخر. ولكن في الوقت نفسه قد تشهد اللعبة تتويج العداء الأمريكي غاستين غاتلين، المدان سابقا في قضية منشطات، بطلا للعالم إذا واصل عروضه المذهلة لهذا الموسم، واستمر تفوقه على النجم الجامايكي البارز يوسين بولت. وقال الألماني هيلموت ديغل، العضو المنتهية ولايته في مجلس الاتحاد الدولي لألعاب القوى، في تصريحات لوكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ): "تأتي الظلال عندما تذكر رياضتنا مع قضايا المنشطات قبل فترة قصيرة من بطولة العالم". ومن بين الأمور التي لا بد أن تشكل ناقوس خطر أيضا بالنسبة للاتحاد الدولي لألعاب القوى هي أن بعض الرياضيين بدأوا يفقدون الثقة في الاتحاد. وقال بطل العالم والأولمبياد في رمي القرص، الألماني روبرت هارتينغ في مقطع مصور نشره بموقع "يوتيوب" قبل أيام :"عزيزي الاتحاد الدولي لألعاب القوى لم يعد باستطاعتنا الثقة بك.. لقد دمرت رياضتنا يجب أن نتحرك الآن وهذا ما كان يجب علينا قوله." وكانت شبكة "إيه.آر.دي" التليفزيونية الألمانية وصحيفة "صنداي تايمز" البريطانية قد ذكرتا قبل أيام أن قاعدة بيانات مسربة من الاتحاد الدولي لألعاب القوى تشمل نتائج 12 ألف تحليل دم لنحو خمسة آلاف رياضي، توضح أن ثلث الرياضيين الذين حصدوا ميداليات بالدورات الأولمبية وبطولة العالم بين عامي 2001 و2012، جاءت نتائج تحاليل عيناتهم بنسب مثيرة للشبهات. واعترف الألماني ديغل بأن البيانات "مقلقة"، ولكنه أبدى أيضا غضبه لأن "الضرر الواقع على ألعاب القوى كبير ويعد توريطا للعديد من الرياضيين ذوي الصفحات النظيفة". وقال الاتحاد الدولي لألعاب القوى إن تلك البيانات لا تثبت الإدانة ثم أعلن بعدها أن جهوده في مكافحة المنشطات تتكلف ثلاثة ملايين دولار سنويا، وقد أسفرت عن إيقاف 28 رياضيا وجهت إليهم تهمة تعاطي المنشطات بعد إعادة تحليل عينات سحبت منهم في نسختي 2005 و2007 من بطولة العالم. وتتجدد القصص المتعلقة بالمنشطات بشكل شبه يومي، وقد أعلنت محكمة التحكيم الرياضي الدولية يوم الاثنين سحب الميدالية الذهبية لسباق 1500 متر، التي توجت بها التركية أسلي كاكير ألبتيكن في أولمبياد لندن 2012 مع إيقافها ثمانية أعوام. ولكن لن تعلن حتى الآن تطورات التحقيقات التي يجريها الاتحاد الدولي والوكالة العالمية لمكافحة المنشطات، بشأن ادعاءات انتشار تعاطي المنشطات في روسيا. كذلك ينظر الاتحاد الدولي في ادعاءات أخرى ضد ألبرتو سالازار ، مدرب العداء البريطاني محمد فرح بطل العالم والأولمبياد. ولم يتورط فرح بتهمة المنشطات، بينما يؤكد المدرب سالازار أنه لم يعط لاعبيه منشطات. وقال لوسيانو بارا، المسؤول السابق بالاتحاد الدولي، إن سياسة "السجلات والثروات" التي يتبعها لامين دياك الرئيس المنتهية ولايته للاتحاد، لم تساعد في مكافحة المنشطات. وستشكل قضية المنشطات اختبارا مهما للرئيس للرئيس الجديد البريطاني سيبستيان كو، الذي ظفر أول أمس الأربعاء بمنصب رئاسة الاتحاد. ووعد كو مباشرة بعد انتخابه بدعم تعهد حملته الانتخابية بإنشاء جهة مستقلة لمكافحة المنشطات في هذه الرياضة. وفي الوقت الذي قال فيه كو (58 عاما) إن إنشاء جهة مستقلة هو السبيل الوحيد لضمان وإنهاء أي جدل حول يقظة الاتحاد الدولي، فإنه أكد أنه ورث "رياضة قوية جدا" من السنغالي الأمين دياك. وسيتولى كو المسؤولية خلفا لدياك، الذي شغل منصب الرئيس لمدة 16 عاما بعد نهاية بطولة العالم لألعاب القوى، التي ستقام في العاصمة الصينية بكين بين 22 و30 غشت الجاري. وقال كو "سبق لي الشعور بلحظات السعادة في الأولمبياد، وسبق لي الاستمتاع بالوجود ضمن شيء استثنائي في لندن منذ سنوات قليلة، لكن هذه هي أهم مناسبة بالنسبة لي." وأضاف "هذه هي رياضتي التي أحبها، وهي الشيء الذي اعتدت دائما فعله. سأبذل كل جهد ممكن في قدراتي البشرية للتأكد من احتفاظ رياضتنا بالقيم والاحتفاظ بتراثها القوي وبالأسس القوية جدا التي تركها لي الرئيس دياك." وتابع "هذه رياضة قوية وتتمثل مسؤوليتي في جعلها أكثر قوة وسأفعل ذلك."