قرر المجتمعون في اللجن الدائمة التي عقدت خلال الأسبوع الأخير، تهييئاً لدورة يوليوز لمجلس مدينة الدارالبيضاء، تخصيص مبلغ 28 مليون درهم، أي مليارين و 800 مليون سنتيم، من أجل إصلاح الغرف الخاصة بتبريد اللحوم بالمجازر البلدية للدار البيضاء. وحسب مصادر حضرت اجتماعات لجنتي التعمير والمالية، فإن هذا المبلغ سيتم تخصيصه لهذه العملية، من خلال تحويلات مالية، كانت مخصصة لخدمات تهم المواطنين، بحيث كان سيتم حذفها من الميزانية المخصصة لتزفيت الطرق، وهو الأمر الذي رفضه من حضروا اللجنتين، كما رفضوا حذف أي مبلغ من الميزانية التي تهم البنى التحتية للعاصمة الاقتصادية. قرار تحويل هذا المبلغ، من أجل إصلاح غرف التبريد بالمجازر، يأتي بعد الفضيحة التي وقعت قبل سنتين، عندما اكتشف المهنيون والقصابة المتعاملون مع المجازر البلدية، بأن هناك تسريبات لمادة الأمونياك بغرف التبريد، وهو ما يتسبب في عدة أخطار، تهدد مستهلكي هذه اللحوم بالشلل. نقابة القصابة المنضوية تحت لواء الاتحاد العام للمقاولات والمهن كانت هي أول من فضحت هذا الخطر، وتدخلت السلطات والمصالح الموكولة لها مهمة الحفاظ على سلامة المواطنين، ليكتشفوا بأن الخطر فعلا قائم، وبأن الأمونياك وصل حداً من التسريب قد يهدد السلامة الصحية للمستهلكين، في تلك الفترة، وكما يذكر الجميع، كانت إحدى الشركات التركية هي من تقوم بعملية تدبير المجازر، وتم تكليفها باستثمار ما يربو من ثلاثة ملايير سنتيم، كما هو منصوص عليه في دفتر التحملات، من أجل حذف مادة الأمونياك من عملية التبريد، وتعويضها بمادة أخرى صالحة للتبريد، فعالة وغير مضرة. تماطل الشركة التركية في القيام بهذه المهمة صاحبه ضغط من طرف ممثلي المهنيين وأرباب اللحوم الحمراء، الذين يقصدون هذه المجازر من أجل عملية الذبح، خوفاً على سلامة ذبائحهم، بل منهم من غادر هذه المجازر إلى وجهات أخرى، إلى حين إصلاح العطب. بالفعل، قامت الشركة ببعض الإصلاحات من أجل ذر الرماد في العيون، لكن سرعان ما سيتضح أن الأعطاب مازالت قائمة، وأن الأمونياك مازال يتسرب، الشيء الذي لم يقبله ممثلو المهنيين، ونظموا سلسلة من الاحتجاجات والإضرابات سيعقبها تدخل للسلطات بالدارالبيضاء، وسيدفع بالشركة التركية إلى إبداء "حسن النية"، وستشرع في محاولات ثانية للإصلاح. الخطير في الأمر أن هذا الموضوع سيدخل منعطفاً خطيراً، ذلك أن الشركة التركية ستستغل فترة العطلة الصيفية في غشت الماضي، لتحزم حقائبها وتفر إلى حيث أتت ..إلى تركيا، تاركة سكان المدينة بدون مؤونة، ولحوم القصابة تحت رحمة الأمونياك. القرار سيفضح مسؤولي مجلس المدينة الذين اضطروا إلى تدبير المجازر بشكل مباشر، بتعاون مع السلطات، وسيتضح أيضاً أن الفارين تركوا وراءهم حوالي 70 مليون سنتيم كسيولة وأرقام مالية أخرى على شكل شيكات، وهي عملية للتمويه، لكن يجهل أين ذهبت تلك الأموال؟! إذ لم يصدر أي بلاغ في شأنها إلى حدود الآن. الأخطر أن الجميع سيكتشف أن ما يسمى بشركة تركية، ماهي إلا وهم، ذلك أن العقدة وقعت مع شخص تركي لا علاقة له بمجال المجازر، و يمتهن مهنة أخرى بعيدة عن هذا المجال. لكن بتواطؤ مع بعض مسيري المدينة، سيحصل على هذه الصفقة التي تخفي الكثير من الأسرار، خاصة إذا علمنا أن المجازر فرضت ضرائب متعددة على القصابة جعلت العديد منهم يتجه إلى أسواق أخرى. والعجيب أن مجلس المدينة الذي كان يواجه النقابيين ببلاغات تنفي تواجد الأمونياك، ينتظر اليوم آخر دورة في عمره ، لتمرير هذا التحويل ليؤدي بدلا عن "نصاب" استقدمه، ليؤدي البيضاويون ما بذمته عوضاً عنه، بدل أن يتابع قضائياً، وهو الأمر الذي سبق للمجلس أن رخص به للمسيرين، لكن أي مسطرة قانونية اتخذت في هذا الباب، ليهنأ "النصاب التركي "ومن وراءه من مسؤولين تعاونوا معه هنا، بما فازوا به من أموال؟.