يواصل الفنان التشكيلي عبد الإله الشاهدي، الاحتفاء بالمرأة بطريقته الخاصة، حيث اهتدى في لوحاته الأخيرة إلى توجه يحصر دائرة الاحتفاء في زاوية معينة ركزت على رمزيات عيون النساء ، كما يبرز ذلك معرض لهذا الفنان افتتح اليوم الثلاثاء برواق (شلهام ) في الدارالبيضاء . وإذا كانت أعماله السابقة قد احتفت بمعاناة المرأة وجمالها بشكل عام ، فإن أعماله الجديدة المعروضة بهذا الرواق لمدة شهرين تحت عنوان جامع هو ( المرأة ، المرأة ، المرأة )، تركز على رمزيات عيون المرأة في مختلف تجلياتها من خلال استثمار تقنيات متعددة ، في استثمار الألوان والصباغة . وتؤسس هذه الأعمال لتجربة مغايرة عنوانها العريض هو السمو بجمال عيون النساء كمدخل لمشاهد بصرية يتقاطع فيها الجمال والحرية والوجود والمعرفة والإبداع . ولهذا السبب تحديدا ، فإن الأعمال الجديدة للشاهدي تحتفي بالعيون النسائية والألوان التي تستحضر معارف وثقافات ورؤى ، وهو ما يتجسد في جعل كل عمل من أعماله موسوما بعنوان يحمل دلالات عديدة ... فإحدى اللوحات أطلق عليها « حلم المرايا المتكسرة « ، وأخرى « العجائبي « ، وثالثة « ألف فكرة وفكرة « ، ورابعة « النهضة « ، وخامسة « موسيقى الروح «. وأبرز الشاهدي في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء ، أن استثمار عيون النساء في أعماله يحمل عدة دلالات ترتبط في مجملها بلحظة ولادة كل لوحة ، موضحا أن كل لوحة هي مرآة للحظة إبداعية . وأضاف أن العيون ترمز للفرح في بعض اللوحات ، في الوقت الذي ترمز للحلم في لوحات أخرى ، كما ترمز للحزن في مجموعة من الأعمال . وفي معرض تطرقه للجانب المتعلق بالتقنيات المستثمرة في اللوحات ، أوضح أنه اشتغل بعمق على الألوان والأشكال ، والتي تسمح لكل لوحة بأخذ ألوان متعددة وأشكال متغيرة ، حسب نوعية الإضاءة ، مشيرا إلى أن شكل ولون كل لوحة خلال فترات النهار يختلف عن شكلها ولونها خلال فترات الليل . وفي سياق متصل يقول الفنان والباحث الجمالي شفيق الزكاري ، في ورقة خاصة بالمعرض ، إن الإضافة التي يمكن استنتاجها من هذه التجربة الأخيرة « هو التكرار المنسجم للوجوه ورمزية العيون وتحديدها كرافيكيا بخطوط داكنة تملأ فراغاتها تدرجات لونية استمدت قوتها من ملون بني ضمن فضاء يدعو للاسترخاء والتأمل «. وحسب هذا الفنان ، فإن الأمر يتعلق « باقتران الفرجة بالتشويق والدهشة والانبهار ، من خلال أشكال ووجوه عائمة في فضاء طحلبي يتداخل فيه الماء بالسماء ، أي تداخل الحياة بالحرية التي استساغها الفنان بحس غرائبي وانسيابي ليجعل من المرأة طائرا بأجنحة ، تعانق في شكلها الأسطورة كل الحضارات التي حولت الإنسان إلى كائن مجنح «. وأضاف أن عبد الإله الشاهدي عمل على استنباط مخزون لاشعوري في تجربته الأخيرة ، حيث حضر موضوع المرأة بشكل مهيمن وقوي في جل أعماله ، وبتسلسل حكائي يفصح عن لحظات حلم هارب اجتمعت فيه الأسطورة والرمز والحلم . وتجدر الإشارة إلى أن الأعمال الأخيرة للشاهدي ، التي استطاعت التأريخ بالفرشاة لجمال المرأة ومعاناتها ، تقدم تجربة فريدة في عالم الصباغة، لأنها مزيج من التعبيرية والتجريدية والرمزية . وبشكل عام ، فإن تجرية هذا الفنان التشكيلي تقتضي قراءة مفصلية لتحديد نوعية المواد المستعملة في مغامراته الإبداعية ، التي تستثمر جمال المرأة في تجلياته المختلفة ، مع تحويله إلى عمل فني قابل لقراءات متعددة . وقد بدأت المسيرة الفنية للشاهدي ، المزداد سنة 1959 بالدارالبيضاء ، سنة 1981 حيث نظم أول معرض له بالعاصمة الاقتصادية ، فتوالت بعد ذلك سلسلة معارضه داخل وخارج الوطن ، فكان آخر معرض له سنة 2014 بمراكش .