الحق حق، والقانون قانون. لكن يظهر أن القضاء في مراكش لا يعترف بذلك. الدليل، القضية التي نعرض لها هنا اليوم (كنموذج عن قضايا عدة مشابهة هناك). الأمر يتعلق بنزاع ورثة أرض بضواحي مراكش، تشكل جزء من أراض فلاحية أصبحت تسيل لعاب المنعشين العقاريين، كانت من أملاك الدولة قبل أن توزع على عدد من المستفيدين. وقصتنا تتعلق بواحد من هؤلاء المستفيدين رحمه الله، السيد مسعود مسعودي، الذي منحته من قبل أملاك الدولة البقعة 21 من تعاونية بوسكري بالجماعة القروية تسلطانت (الرسم العقاري عدد 04/103255، البالغة مساحتها 6 هكتارات و 60 آر و00 سنتيار). وهي القطعة الأرضية التي ألحقت كما هو معمول به في القانون الخاص بأملاك الدولة الفلاحية، إلى واحد من أبناء المرحوم السيد مسعود مسعودي، نيابة عن كل الورثة، هو خليفة مسعودي (الحامل لبطاقة التعريف الوطنية رقم 457572 E .)، مع إلزامه في الفصل الثاني من عقد التجديد المؤرخ ب 17 ماي 1999، بدفع قيمة الواجبات المستحقة إلى كل الورثة، وأنه في حال إخلاله بالشروط المنصوص عليها في الفصول 2 و 3 و 4، من ذلك العقد تعاد البقعة ولوازم التجهيز بها إلى الدولة. قام الإبن، النائب عن الورثة، خليفة مسعودي، سنة 2013، ببيع جزء من تلك الأرض (4 هكتارات و 99 آرا و 95 سنتيارا) لفائدة شركة «إمابو» بمراكش، بالشروط الواجبة قانونا، المحترمة لكل البنود التي تفرضها عملية تجارية مماثلة، بما قيمته 19 مليون درهم (حوالي 2 مليار سنتيم). إلى هنا الأمور عادية وقانونية، لكن غير العادي هو أن الإبن المستفيد من صفقة البيع لم يلتزم أبدا حتى الآن (رغم كل الدعاوى المرفوعة أمام محاكم مراكش) بالوارد في الفصل الثاني من عقد تجديد وزارة الفلاحة ووزارة المالية لتصرفه في قطعة الأرض الفلاحية التابعة لأملاك الدولة، أي منح حقوق الورثة من عملية البيع تلك. أكثر من ذلك، فقد قام والده المرحوم مسعود مسعودي قيد حياته، وهو في كامل قواه العقلية، بمنح زوج ابنته مينة مسعودي، السيد إبراهيم ميا، بعقد مسجل بالمحكمة عبر عدلين محلفين بتاريخ 10 يوليوز 1997، ثلث أملاكه جميعها كهبة غير قابلة للنقض (الوصية مسجلة بعدد 393، صحيفة 392 كناش 11. بالمحكمة الإبتدائية قسم التوثيق بالدارالبيضاء آنفا). ورغم كل هذه الوثائق القانونية الدامغة، ركب المستفيد السيد خليفة مسعودي وهم التحدي للقانون، ولم يقبل أبدا منح السيد إبراهيم ميا حقه بالثلث من قيمة صفقة بيع تلك البقعة الأرضية، مع تواصل حقه في باقي الممتلكات الموروثة عن الهالك مسعود مسعودي. بل رغم التجائه إلى باب العدالة بمراكش معززا بمستنداته القانونية الحاسمة، بقيت طلباته بدون رجع صدى، وبدون إنصاف. فهل القضاء في مراكش أعمى عن الحقيقة والعدل إلى هذه الدرجة