طالب والي طنجة، في مراسلة موجهة إلى وزارة الثقافة، بإخراج فيلا هاريس من قائمة المواقع المصنفة كمبان أثرية في أفق مباشرة إجراءات تفويت الفيلا لمؤسسة مالية ضخمة. وزارة الثقافة أوفدت لجنة مركزية للوقوف عن كثب على الوضعية الحالية للموقع الأثري وإعداد تقرير مفصل حول الفيلا التي صنفت كبناية أثرية في عهد محمد الأشعري وزير الثقافة الأسبق وفقا لقرار التقييد رقم 7. 1724 المنشور بالجريدة الرسمية عدد 5571 بتاريخ 22 أكتوبر 2007. مصادر مطلعة على تفاصيل الملف أكدت للجريدة أن المصالح المختصة بوزارة الثقافة طالبت بمعرفة الأسباب الكامنة وراء مطالبة الوالي محمد حصاد بإخراج الفيلا من قائمة المباني المصنفة، قبل اتخاذ القرار النهائي حول الموضوع، كما أن الوكالة الحضرية أكدت في تقرير لها على أهمية إبقاء فيلا هاريس ضمن المباني الأثرية بالمدينة. من جهة أخرى تساءلت ذات المصادر عن موقف اللامبالاة الذي ينتهجه عمدة المدينة، خاصة وأن الفيلا، التابعة للأملاك المخزنية، تتعرض لعملية إهمال ممنهج، بحيث أصبحت عرضة للنهب والتدمير، كل ذلك ضمن خطة محكمة لتسهيل عملية التفويت، في حين يقتضي الأمر من مجلس المدينة أن يبادر باتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على هذا الموقع باعتباره قيمة مضافة لرصيد طنجة التاريخي، بل يمكن تحويله إلى منتزه عمومي سيساهم ولا شك في خلق فضاء للترفيه بمدينة طنجة التي تحولت إلى مقبرة إسمنتية بامتياز. يذكر أن الفيلا تقع بكورنيش المدينة على بعد عشرات الأمتار من فندق موفينبيك، هي لمالكها جون والتر هاريس سليل إحدى العائلات الميسورة بإنجلترا استقر بطنجة منذ 1886. حيث قرر بناء إقامة سكنية فخمة على مساحة ثمانية هكتارات، حرص بنفسه على كل التفاصيل الدقيقة لعمليات البناء والزخرفة، مستلهما في ذلك روعة الفن المغربي، كما قام بغرس مساحات واسعة بأنواع نادرة من الأشجار والمغروسات، فضلا عن مسبح ضخم وملاعب رياضية، وكانت النتيجة تحفة فنية آية في الروعة. الفيلا تحولت بعد وفاة والتر هاريس إلى مؤسسة فندقية تابعة لنادي البحر الأبيض المتوسط وشكل قبلة لكبار الشخصيات العالمية، ومع نهاية التسعينات تم اتخاذ قرار بإغلاقه، ومنذ حينه وفيلا هاريس تثير لعاب كبار المنعشين العقاريين. إن ما يحاك ضد هذا الموقع الأثري الهام سيشكل جريمة كبرى سترتكب في حق مدينة تحظى بعطف خاص من لدن أعلى سلطة في البلاد، مدينة تحاول جاهدة استرجاع جزء من ماضيها المشرق.