لشكر: المعارضة الاتحادية مسؤولة    "لبؤات الأطلس" يتدربن في المعمورة    الجزائر تدشن "كان السيدات" بانتصار    بعد فيضانات مميتة.. ترامب يعلن حالة "الكارثة الكبرى" في تكساس    إقليم النواصر.. وفاة طفل إثر سقوطه في حوض مائي غير محروس    إيلون ماسك يعلن رسميا عن تأسيس حزب سياسي جديد يحمل إسم "أمريكا"    جيش المغرب في استعراض بموروني    "مساندة الكفاح الفلسطيني" تنعى أندلسي    فضيحة.. قناة عمومية تبث خريطة مبتورة للمغرب خلال تغطية كأس أمم أفريقيا للسيدات    توقعات أحوال الطقس غدا الإثنين    بعد إغلاق "لافوكا".. دعوات لتعميم المراقبة على مقاهي ومطاعم طنجة "المحمية بالشهرة"    طنجة تضع توقيعها في خريطة الصناعة النظيفة .. المغرب يدخل عصر السيارات الكهربائية والحلول الذكية للتنقل    تلميذ آخر يُنهي حياته بجهة الشمال ويُرجح أن السبب هو الرسوب في الامتحان    توقيف سيدة في معبر باب سبتة مطلوبة للسلطات البلجيكية    الملك محمد السادس يهنئ رئيس جمهورية القمر الاتحادية بمناسبة العيد الوطني لبلاده    الوزيرة السغروشني: الرقمنة والذكاء الاصطناعي قادمان للقضاء على الفساد والرشوة    حرب الإبادة على غزة.. مقتل 54 فلسطينيا بغارات إسرائيلية على منازل ومدرسة وخيام نازحين    جمال موسيالا يغيب لفترة طويلة بسبب كسر في الشظية    "التقدم والاشتراكية": الحكومة فشلت على مختلف المستويات وغيَّبت مكافحة الفساد لأنها واقعة في تضارب مصالح    «وليتي ديالي»… إبداع جديد في مسيرة نصر مكري    باسو يشعل الدار البيضاء ب»أتوووووت» بعد نجاح جولته بين باريس ومراكش    لماذا النبش في علاقة الجدلية بين المسرح والديبوماسية، في الدورة 37 للمهرجان الدولي للمسرح الجامعي للدار البيضاء    السلطات تُغلق مخيمي "بن صميم" و"خرزوزة" بإفران بسبب افتقارهما لشروط السلامة    مفاوضات جديدة مرتقبة في الدوحة حول وقف لإطلاق النار في غزة    اللاعب المغربي محمد أوناجم ينضم إلى نادي كهرباء الإسماعيلية    فوضى عاشوراء .. انفجارات ومواجهات تثير الرعب    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم للسيدات 'المغرب 2024': المنتخب الوطني المغربي يتعادل مع نظيره الزامبي '2-2'    ريان إير تعلن عن تعديل جديد يخص أمتعة المسافرين        الحوثيون يقصفون مطار "بن غوريون" في إسرائيل    مشروع طرقي ضخم لتحسين الوصول إلى ملعب الحسن الثاني ببنسليمان    حكيمي يواصل التألق بمونديال الأندية        منتج الكبّار .. تعاونيات تبدع طرقا جديدة للتثمين وأقاليم تتلمّس الطريق    حريق بدراجة مائية في ميناء مارينا الحسيمة والوقاية المدنية تتدخل بسرعة    "حزب الله" يرفض التخلي عن السلاح    "الطعريجة".. رمز متجذر في احتفالات المغاربة بعاشوراء    المغرب يراهن على مليون سائح صيني بحلول 2030    في حوار مع الدار.. الخبير الدولي الصيني برنارد سوك: الصحراء أرض مغربية    إشهار ترويجي لشركة المراهنات "1xBet" يُظهر خريطة المغرب مبتورة على القناة الرياضية يثير الجدل (صورة)    المؤسسات والمقاولات العمومية.. زغنون يدعو إلى حوار إستراتيجي بين القطاعين العام والخاص    القهوة تكشف سرا جديدا.. "إكسير الشباب" يعزز صحة الأمعاء ببكتيريا نافعة    بومداسة يوقع "إثنوغرافيا الدرازة الوزانية"    الهيمنة المسمومة .. كيف دفعت الصين ثمناً باهضاً للسيطرة على المعادن النادرة    إخلاء طائرة رايان إير في مايوركا بسبب إنذار كاذب وإصابات طفيفة بين الركاب    نداء من أجل تأسيس مجلس مغاربي للثقافة موجه إلى وزراء الثقافة المغاربيين    الوعي الزائف:رسالة إلى امرأة تسكنها الأوهام!    بيان تضامني مع المعتقلة سعيدة العلمي صادر عن هيئات ومنظمات حقوقية وسياسية في أوروبا الغربية    غويركات يرثي محمد بهضوض.. "الفكرة التي ابتسمت في وجه العالم"    جامعة محمد السادس تشارك في ابتكار جهاز ينتج المياه العذبة من الهواء دون مصدر طاقة خارجي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    الحرارة القاتلة: دعوات عاجلة لحماية عمال البناء والزراعة بالمغرب    تفسيرات علمية توضح أسباب فقدان ذكريات السنوات الأولى    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    تغليف الأغذية بالبلاستيك: دراسة تكشف تسرب جسيمات دقيقة تهدد صحة الإنسان    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    طريقة صوفية تستنكر التهجم على "دلائل الخيرات" وتحذّر من "الإفتاء الرقمي"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في لقاء هيئة المحاميين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو .. قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 05 - 2015

إستراتيجية الهجرة تتعزز بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، ويتم، حاليا، التحضير لثلاث مشاريع قوانين أساسية: مشروع قانون خاص باللجوء، مشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر.
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.