الملك محمد السادس يهنئ سلطان عمان بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم    أخنوش: 20 ألف منخرط جديد في حزب "التجمع الوطني للأحرار" منذ شتنبر الماضي    ارتفاع درجة الحرارة العالمية..الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية    تواصل التوتر.. وزير الخارجية الفرنسي: على باريس أن "تردّ" إذا واصلت الجزائر 'التصعيد"    زياش يمنح موافقة أولية للانتقال إلى الفتح السعودي    ذكرى 11 يناير تذكر بصمود المغاربة    مطالب متجدّدة لأمازيغ المغرب وأماني وانتظارات تنتظر مع حلول "إض يناير" 2975    استعدادا للشان .. السكتيوي يوجه الدعوة إلى 30 لاعبا    حادثة سير مميتة بطنجة: وفاة لاعب وداد طنجة محمد البقالي في يوم يسبق عيد ميلاده ال16    اعتداء عنيف على الفنان الشهير عبد المنعم عمايري في دمشق    نفسانية التواكل    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    انخفاض طلبات اللجوء في الاتحاد الأوروبي والنرويج وسويسرا خلال 2024    أخنوش يؤكد أن الحكومة "تفي بالتزاماتها بأرقام دقيقة"    الصناعة التقليدية تعرف تطورا إيجابيا بتحقيق نسبة نمو 3% خلال سنة 2024    افتتاح مدرسة لتكوين حراس الأمن بمراكش.. بنية جديدة لدعم منظومة التكوين الشرطي    الصين تعرب عن رغبتها في نهج سياسة الانفتاح تجاه المملكة المتحدة    الاتحاد الأوروبي يرصد زيادة الأسعار في معاملات العقار    حرائق مدمرة تؤجل لقاءين بالدوري الأمريكي لكرة السلة    واشنطن "تتساهل" مع مليون مهاجر    إسرائيل تواصل التوغل في سوريا    الإقبال على ركوب الدراجات الهوائية يتباطأ بين الفرنسيين    الشرطة المغربية تتدخل ضد أم عنفت طفلها بعد تبليغ من مدرسته    توقيف مهربين في سواحل الريف أثناء محاولة هجرة غير شرعية    ارتفاع درجة الحرارة العالمية.. الأمم المتحدة تدعو إلى التحرك لتجنب أسوأ الكوارث المناخية    المديرية العامة للأمن الوطني تقوي منظومة التكوين الشرطي بمدرسة جديدة    مكناس.. الاحتفال بالسنة الأمازيغية الجديدة على نغمات فني أحواش وأحيدوس    بعثة نهضة بركان تصل إلى أنغولا استعداداً لمواجهة لواندا سول    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 1304 أشخاص بمناسبة ذكرى 11 يناير    لقطة تلفزيونية تفضح طفلا هرب من المدرسة لحضور مباراة نيوكاسل    طنجة... الإعلان عن الفائزين بجائزة بيت الصحافة وتكريم إعلاميين ومثقفين رواد (فيديو)    كيوسك السبت | المغرب يستحوذ على خمس واردات إسبانيا من الخضر والفواكه    وفاة وفقدان 56 مهاجرا سريا ابحرو من سواحل الريف خلال 2024    بطولة ألمانيا.. بايرن ميونيخ يستعيد خدمات نوير    خابا يعزز غلة الأهداف في الكويت    إنفوجرافيك l يتيح الدخول إلى 73 وجهة دون تأشيرة.. تصنيف جواز السفر المغربي خلال 2025    الصين: تنظيم منتدى "بواو" الآسيوي ما بين 25 و 28 مارس المقبل    الصين: تسجيل 1211 هزة ارتدادية بعد زلزال شيتسانغ    مأساة غرق بشاطئ مرتيل: وفاة تلميذ ونجاة آخر في ظروف غامضة    رواية "بلد الآخرين" لليلى سليماني.. الهوية تتشابك مع السلطة الاستعمارية    مراكش تُسجل رقماً قياسياً تاريخياً في عدد السياح خلال 2024    الصويرة تعزز ربطها الجوي بثلاث وجهات فرنسية جديدة    الضريبة السنوية على المركبات.. مديرية الضرائب تؤكد مجانية الآداء عبر الإنترنت    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    أسعار النفط تتجاوز 80 دولارا إثر تكهنات بفرض عقوبات أميركية على روسيا    أغلبهم من طنجة.. إصابة 47 نزيلة ونزيلا بداء الحصبة "بوحمرون" بسجون المملكة    وفاة صانعة محتوى أثناء ولادة قيصرية    بوحمرون: 16 إصابة في سجن طنجة 2 وتدابير وقائية لاحتواء الوضع    "بوحمرون.. بالتلقيح نقدروا نحاربوه".. حملة تحسيسية للحد من انتشار الحصبة    بوحمرون يواصل الزحف في سجون المملكة والحصيلة ترتفع    "جائزة الإعلام العربي" تختار المدير العام لهيسبريس لعضوية مجلس إدارتها    ملفات ساخنة لعام 2025    ارتفاع مقلق في حالات الإصابة بمرض الحصبة… طبيبة عامة توضح ل"رسالة 24″    الحكومة البريطانية تتدخل لفرض سقف لأسعار بيع تذاكر الحفلات    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    فتح فترة التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1447 ه    وزارة الأوقاف تعلن موعد فتح تسجيل الحجاج لموسم حج 1447ه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في لقاء هيئة المحاميين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو .. قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 05 - 2015

إستراتيجية الهجرة تتعزز بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، ويتم، حاليا، التحضير لثلاث مشاريع قوانين أساسية: مشروع قانون خاص باللجوء، مشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر.
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.