فيروس غامض شبيه ب"كورونا" ينتشر في المغرب ويثير مخاوف المواطنين    مقتل شخص وإصابة عناصر شرطة في "عمل إرهابي إسلامي" في فرنسا    التعادل يحسم مباراة آسفي والفتح    الجيش والرجاء يستعدان ل"الكلاسيكو"    تمارة.. حريق بسبب انفجار شاحن هاتف يودي بحياة خمسة أطفال    رمضان يعيد ضبط ساعات المغاربة    اختتام رالي "باندا تروفي الصحراء" بعد مغامرة استثنائية في المغرب    منتخب أقل من 17 سنة يهزم زامبيا    انطلاق مبادرة "الحوت بثمن معقول" لتخفيض أسعار السمك في رمضان    توقيف عميد شرطة متلبس بتسلم رشوة بعد ابتزازه لأحد أطراف قضية زجرية    في أول ظهور لها بعد سنة من الغياب.. دنيا بطمة تعانق نجلتيها    الملك محمد السادس يهنئ العاهل السعودي    الأمن يوقف فرنسيا من أصل جزائري    أخنوش يتباحث بباريس مع الوزير الأول الفرنسي    توقعات أحوال الطقس ليوم الاحد    "مهندسو طنجة" ينظمون ندوة علمية حول قوانين البناء الجديدة وأثرها على المشاريع العقارية    المغرب بين تحد التحالفات المعادية و التوازنات الاستراتيجية في إفريقيا    تجار سوق بني مكادة يواجهون خسائر كبيرة بعد حريق مدمر    السينما المغربية تتألق في مهرجان دبلن السينمائي الدولي 2025    رئيس الحكومة يتباحث مع الوزير الأول الفرنسي    الصويرة تحتضن النسخة الأولى من "يوم إدماج طلبة جنوب الصحراء"    الوداد الرياضي يتعادل مع ضيفه النادي المكناسي (0-0)    البطلة المغربية نورلين الطيبي تفوز بمباراتها للكايوان بالعاصمة بروكسيل …    غرق ثلاثة قوارب للصيد التقليدي بميناء الحسيمة    الرئيس الفرنسي يعرب عن "بالغ سعادته وفخره" باستضافة المغرب كضيف شرف في معرض الفلاحة بباريس    تشبثا بأرضهم داخل فلسطين.. أسرى فلسطينيون يرفضون الإبعاد للخارج ويمكثون في السجون الإسرائلية    عجز الميزانية قارب 7 ملايير درهم خلال يناير 2025    "البيجيدي" مستاء من قرار الباشا بمنع لقاء تواصلي للحزب بالرشيدية    التخلص من الذباب بالكافيين يجذب اهتمام باحثين يابانيين    مساءلة رئيس الحكومة أمام البرلمان حول الارتفاع الكبير للأسعار وتدهور الوضع المعيشي    "الصاكات" تقرر وقف بيع منتجات الشركة المغربية للتبغ لمدة 15 يوما    مشروع قرار أمريكي من 65 كلمة فقط في الأمم المتحدة يدعو لإنهاء الحرب في أوكرانيا دون الإشارة لوحدة أراضيها    رئيسة المؤسسة البرازيلية للبحث الزراعي: تعاون المغرب والبرازيل "واعد" لتعزيز الأمن الغذائي    في حضور أخنوش والرئيس الفرنسي.. المغرب ضيف شرف في المعرض الدولي للفلاحة بباريس    رفض استئناف ريال مدريد ضد عقوبة بيلينغهام    بين العربية والأمازيغية: سعيدة شرف تقدم 'الواد الواد' بحلة جديدة    إحباط محاولة تهريب مفرقعات وشهب نارية بميناء طنجة المتوسط    الكوكب المراكشي يبحث عن تعزيز موقعه في الصدارة عبر بوابة خريبكة ورجاء بني ملال يتربص به    متابعة الرابور "حليوة" في حالة سراح    استثمار "بوينغ" يتسع في المغرب    السحب تحبط تعامد أشعة الشمس على وجه رمسيس الثاني    تحقيق في رومانيا بعد اعتداء عنيف على طالب مغربي وصديقته    فيديو عن وصول الملك محمد السادس إلى مدينة المضيق    الصحراء المغربية.. منتدى "الفوبريل" بالهندوراس يؤكد دعمه لحل سلمي ونهائي يحترم سيادة المغرب ووحدته الترابية    الصين تطلق أول نموذج كبير للذكاء الاصطناعي مخصص للأمراض النادرة    رمضان 2025.. كم ساعة سيصوم المغاربة هذا العام؟    دراسة: هذه أفضل 4 أطعمة لأمعائك ودماغك    رفع الستار عن فعاليات الدورة الثالثة من مهرجان روح الثقافات بالصويرة    المؤتمر الوطني للعربية ينتقد "الجائحة اللغوية" ويتشبث ب"اللسانَين الأم"    حوار مع "شات جيبيتي".. هل الأندلس الحقيقية موجودة في أمريكا؟    "ميزانية المواطن".. مبادرة تروم تقريب وتبسيط مالية جهة طنجة للساكنة    الحصبة.. مراقبة أكثر من 9 ملايين دفتر صحي وتخوفات من ارتفاع الحالات    من العاصمة .. الإعلام ومسؤوليته في مواجهة الإرهاب    على بعد أيام قليلة عن انتهاء الشوط الثاني من الحملة الاستدراكية للتلقيح تراجع نسبي للحصبة وتسجيل 3365 حالة إصابة و 6 وفيات خلال الأسبوع الفارط    اللجنة الملكية للحج تتخذ هذا القرار بخصوص الموسم الجديد    أزيد من 6 ملاين سنتيم.. وزارة الأوقاف تكشف التكلفة الرسمية للحج    الأمير رحيم الحسيني يتولى الإمامة الإسماعيلية الخمسين بعد وفاة والده: ماذا تعرف عن "طائفة الحشاشين" وجذورها؟    التصوف المغربي.. دلالة الرمز والفعل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في لقاء هيئة المحاميين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو .. قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 05 - 2015

إستراتيجية الهجرة تتعزز بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، ويتم، حاليا، التحضير لثلاث مشاريع قوانين أساسية: مشروع قانون خاص باللجوء، مشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر.
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.