وثائق سرية تكشف تورط البوليساريو في حرب سوريا بتنسيق إيراني جزائري    الجهات تبصِم "سيام 2025" .. منتجات مجالية تعكس تنوّع الفلاحة المغربية    تصفية حسابات للسيطرة على "موانئ المخدرات" بالناظور    من فرانكفورت إلى عكاشة .. نهاية مفاجئة لمحمد بودريقة    أخنوش يمثل جلالة الملك في جنازة البابا فرانسوا    دول الساحل تعلن دعمها الكامل للمغرب وتثمن مبادرة "الرباط – الأطلسي" الاستراتيجية    مجلس جهة طنجة يشارك في المعرض الدولي للفلاحة لتسليط الضوء على تحديات الماء والتنمية    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    جريمة مكتملة الأركان قرب واد مرتيل أبطالها منتخبون    مؤتمر "بيجيدي".. غياب شخصيات وازنة وسط حضور "طيف بنكيران"    جريمة قتل جديدة في ابن أحمد    طنجة تحتضن النسخة الحادية عشرة من الدوري الدولي "مولاي الحسن" بمشاركة أندية مغربية وإسبانية    الشيبي يسهم في تأهل بيراميدز    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    هيئة: وقفات بعدد من المدن المغربية تضامنا مع غزة وتنديدا بالإبادة الجماعية    مرسوم حكومي جديد يُحوّل "منطقة التصدير الحرة طنجة تيك" إلى "منطقة التسريع الصناعي" ويوسّع نطاقها الجغرافي    وليد الركراكي: نهجنا التواصل وعرض مشاريعنا على اللاعبين مزدوجي الجنسية... نحترم قراراتهم    المفتش العام للقوات المسلحة الملكية يقوم بزيارة عمل إلى إثيوبيا    أخنوش يصل إلى روما لتمثيل جلالة الملك في مراسم جنازة البابا فرانسوا    بسبب التحكيم.. توتر جديد بين ريال مدريد ورابطة الليغا قبل نهائي كأس الملك    نشرة إنذارية: زخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح مرتقبة الجمعة بعدد من مناطق المملكة    قطار التعاون ينطلق بسرعة فائقة بين الرباط وباريس: ماكرون يحتفي بثمرة الشراكة مع المغرب    الأخضر ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    العالم والخبير في علم المناعة منصف السلاوي يقدم بالرباط سيرته الذاتية "الأفق المفتوح.. مسار حياة"    تقرير يكشف عن نقص في دعم متضرري زلزال الحوز: 16% لم يحصلوا على المساعدة    عناصر بجبهة البوليساريو يسلمون أنفسهم طواعية للجيش المغربي    بودريقة يمثل أمام قاضي التحقيق .. وهذه لائحة التهم    إسكوبار الصحراء.. الناصري يلتمس من المحكمة مواجهته بالفنانة لطيفة رأفت    متدخلون: الفن والإبداع آخر حصن أمام انهيار الإنسانية في زمن الذكاء الاصطناعي والحروب    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    افتتاح مركز لتدريب القوات الخاصة بجماعة القصر الصغير بتعاون مغربي أمريكي    إحصاء الخدمة العسكرية ينطلق وأبناء الجالية مدعوون للتسجيل    مذكرة السبت والأحد 26/27 أبريل    ضابط شرطة يطلق رصاصا تحذيريا لإيقاف مروج مخدرات حرض كلابا شرسة ضد عناصر الأمن بجرادة    مهرجان "كوميديا بلانكا" يعود في نسخته الثانية بالدار البيضاء    "أمنستي" تدين تصاعد القمع بالجزائر    أرباح اتصالات المغرب تتراجع 5.9% خلال الربع الأول من 2025    أبرزها "كلاسيكو" بين الجيش والوداد.. العصبة تكشف عن برنامج الجولة 28    طنجة.. ندوة تنزيل تصاميم التهيئة تدعو لتقوية دور الجماعات وتقدم 15 توصية لتجاوز التعثرات    على حمار أعْرَج يزُفّون ثقافتنا في هودج !    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يناقش "الحق في المدينة" وتحولات العمران    الإعلان عن صفقة ب 11.3 مليار لتأهيل مطار الناظور- العروي    السايح مدرب منتخب "الفوتسال" للسيدات: "هدفنا هو التتويج بلقب "الكان" وأكدنا بأننا جاهزين لجميع السيناريوهات"    كاتبة الدولة الدريوش تؤكد من أبيدجان إلتزام المملكة المغربية الراسخ بدعم التعاون الإفريقي في مجال الصيد البحري    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    الملك يقيم مأدبة عشاء على شرف المدعوين والمشاركين في الدورة ال 17 للملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    المديرة العامة لصندوق النقد الدولي: المغرب نموذج للثقة الدولية والاستقرار الاقتصادي    "الإيسيسكو" تقدم الدبلوماسية الحضارية كمفهوم جديد في معرض الكتاب    أكاديمية المملكة المغربية تسلّم شارات أربعة أعضاء جدد دوليّين    الرباط …توقيع ديوان مدن الأحلام للشاعر بوشعيب خلدون بالمعرض الدولي النشر والكتاب    كردية أشجع من دول عربية 3من3    دراسة: النوم المبكر يعزز القدرات العقلية والإدراكية للمراهقين    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في لقاء هيئة المحاميين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو .. قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 19 - 05 - 2015

إستراتيجية الهجرة تتعزز بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، ويتم، حاليا، التحضير لثلاث مشاريع قوانين أساسية: مشروع قانون خاص باللجوء، مشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر.
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».
عرفت المجتمعات البشرية الهجرة منذ القديم، غير أن تدفقاتها تطورت بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، مما جعل قضية الهجرة تشكل، اليوم، موضوع انشغال ونقاش مستمر ومصدر الكثير من الجدل.
حتى أواسط القرن الماضي، كانت الهجرة عبر أقطار العالم شيئا مرغوبا وظاهرة صحية، يقول الأستاذ محمد حيسي في كلمة افتتح بها الندوة التي جمعت، يوم الجمعة 8 ماي 2015، هيئة المحامين بالدار البيضاء ومركز اليونسكو «القانون والهجرة» لمناقشة موضوع «قانون الهجرة وحقوق المهاجرين مابين النظرية والتطبيق».
ويوضح نقيب هيئة المحامين بالدار البيضاء أن الهجرة كانت فرصة لتبادل المصالح والخبرات، ولم تكن موضوع أي اعتراض أو مراقبة من لدن العديد من الدول حتى تلك التي كانت لديها مقتضيات قانونية تنظم اليد العاملة. لكن في أواسط السبعينيات طرأت معضلات اقتصادية واجتماعية جديدة دفعت بالدول الغربية إلى مواجهة تدفق المهاجرين بإغلاق حدودها.
أمام هذا الوضع -يضيف المتحدث- بدأت إشكالية الهجرة السرية تطرح نفسها بحدة سواء بالنسبة للدول المصدرة للهجرة، أو الدول المستقبلة لها، وبدأت الدول الغربية في السنوات الأخيرة تنظر إلى هذه الظاهرة على أنها تشكل تهديدا لأمنها وإخلالا باقتصادها الوطني.
المغرب -يقول الأستاذ حيسي- عرف في السنوات الأخيرة عدة تغيرات في مجال الهجرة، حيث تحول من بلد مصدر وبلد عبور إلى بلد استقبال وإقامة للمهاجرين ووجهة متنوعة المسارات. هذا المعطى الجديد واجهه المغرب وبتعليمات ملكية سامية بإستراتيجية جديدة للهجرة لقيت إجماعا من قبل كل الفاعلين الوطنيين وتنويها من مختلف الحلفاء والشركاء الدوليين. وقد استندت هذه الإستراتيجية بالأساس على مقاربة احترام حقوق المهاجرين وبالعمل على مكافحة الهجرة غير الشرعية وتشجيع الهجرة القانونية وضمان حقوق اللاجئين. وتعززت هذه الإستراتيجية بتهييء الإطار التشريعي والمؤسساتي، حيث يتم التحضير، حاليا، لثلاث مشاريع قوانين أساسية هي: مشروع قانون خاص باللجوء ومشروع قانون خاص بالهجرة ومشروع قانون حول مكافحة تجارة البشر، فضلا عن مجموعة من التعديلات تهم مجموعة من النصوص القانونية تتماشى والتوصيات الواردة في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان بما يضمن احترام المغرب لالتزاماته الدولية فيما يتعلق بحقوق المهاجرين.
وللإشارة -يقول المتحدث- فإن المغرب كان من بين الدول السباقة إلى التصديق على مجموعة من الاتفاقيات الدولية التي لها علاقة بحقوق المهاجرين، وجاء دستور 2011 ليسجل خطوة مهمة حينما نص في ديباجته على تمتع الأجانب بالحريات الأساسية المعترف بها للمواطنين المغاربة وفق القانون ومكافحة كل أشكال التمييز.
خديجة المضماض، مديرة مركز «القانون والهجرة» محامية وأستاذة القانون، وزعت مداخلتها على نقطتين:
1 - الهجرة أنواع والمهاجرون أصناف، كيف التفريق بينهما، وأي قانون يجب تطبيقه؟
2 - تطور الهجرة وأثره على المفاهيم وعلى أنواع الهجرة وعلى القانون المطبق.
عرفت الأستاذة الهجرة بأنها كل تنقل سكاني من بلد إلى آخر بغرض الاستقرار أو الإقامة لمدة محددة، وهي تختلف باختلاف الأسماء وباختلاف الوسائل التي استعملت في الهجرة. والهجرة إما أن تكون طوعية بمحض إرادة المهاجر، وإما قصرية. وفي هذه الحالة، يصبح المهاجر مرغما على التحرك والتنقل. والهجرة إما أن تكون شرعية أي بالتوفر على الوثائق المطلوبة وباحترام قوانين دولة مقر الإقامة، أو هجرة غير شرعية. ولكل نوع من الهجرة يوجد قانون خاص يطبق، مضيفة أن المقصود بقانون الهجرة هو القانون المطبق على كل أنواع الهجرات وعلى المهاجرين، وهو الذي ينظم الهجرة ويفرض عقوبات على كل هجرة غير مسموح بها وغير مرخص لها، وهو قانون وطني يخضع لسيادة الدولة في فرض القوانين التي تتلاءم مع سيادة بلدها، لكن مع احترام المبادئ الدولية المتعلقة بحقوق المهاجرين، وهي القوانين التي تضمن للمهاجرين حقوقهم، وهي في غالب الأحيان تكون قوانين دولية -تقول الأستاذة- مثل قانون العمال المهاجرين الذي تشير إليه منظمة العمل الدولية، ثم القانون المتعلق باللاجئين وطالبي اللجوء، وقانون النازحين، وقانون يتعلق بمكافحة الاتجار في البشر. واعتبرت الأستاذة المضماض اتفاقية 18 دجنبر 1990 أم الاتفاقيات لكونها تضمن الحماية الحقوقية لكل المهاجرين وبكل أصنافهم، ولأن الحقوق التي تنص عليها هي حقوق يحتاج لها كل المهاجرين. ومن هذه الزاوية قررت الأمم المتحدة أن تجعل من 18 دجنبر من كل سنة يوما لكل المهاجرين. وأوضحت أن المغرب كان ثان دولة في العالم التي صادقت على هذه الاتفاقية.
النقطة الثانية في مداخلة الأستاذة المضماض تتعلق بالتطور الذي حصل على الهجرة وعلى قانون الهجرة، مشيرة إلى أن التحركات السكانية شهدت تطورا خاصة منذ سنة 1990، ووجدت تفسيرا لذلك بكثرة الحروب والنزاعات المسلحة خاصة في بلدان الشمال، وهو ما دفعها إلى اتخاذ إجراء إغلاق حدودها في وجه المهاجرين القادمين من ضفة الجنوب. ودخل منع عبور حدود دول الشمال بالنسبة لبلدان الجنوب حيز التطبيق في سنة 2001. وأوضحت أنه على الرغم من وجود عمال مهاجرين في بلدان الشمال، فإن هذه البلدان ترفض التصديق على اتفاقية دجنبر 1990 لكونها لا ترغب في منح الحماية للعمال غير الشرعيين المقيمين فوق ترابها.
وأنهت الأستاذة المضماض، المتحدثة باسم مركز اليونسكو «القانون والهجرة»، مداخلتها بالتساؤل عن الأسباب التي تدفع إلى الهجرة. ومن خلال البحث الذي قامت به مع بعض الباحثين، تبين لها أن الدوافع كلها ترجع خاصة للمهاجرين من جنوب الصحراء وتعود إلى غياب ثقافة احترام حقوق الإنسان وحصرتها في ثلاثة: الحقوق المدنية والسياسية، الحقوق الاقتصادية والثقافية والاجتماعية، الحقوق الجماعية كالحق في السلم والتنمية وحق العيش في مناخ سليم، لتقف في النهاية على حقيقة أن معظم الهجرات هي هجرات غير طوعية بل قسرية.
الأستاذ مصطفى زاهر اختار لمساهمته في هذه الندوة موضوع المنازعات الإدارية في قانون الهجرة. واستفسر في مناقشته لهذا الموضوع عن كيفية التطبيق القانوني أمام المحاكم الإدارية؟.. ثم كيف حدد القانون طريقة التقاضي أمام هذه المحاكم؟.. وهل محتواها يبرز ما أقره القانون للمحاكم الإدارية؟.. وما هي مجالات تدخل القضاء الإداري في هذا القانون؟.. لكن ما لفت انتباه نائب رئيس المحكمة الإدارية بالدار البيضاء هو أن حق الدفاع من أهم الحقوق في هذا القانون، ثم الحرية في اختيار المحامي، أو تعيين محام بصفة تلقائية من طرف رئيس المحكمة الإدارية أو الحق في الاستفادة من المساعدة القضائية بعد إشعار نقيب هيأة المحامين بذلك، دون إغفال حق الطاعن في الاستعانة بترجمان مع ضمان التمسك به بصفته مهاجرا.
جزء كبير من مناقشة محاور الندوة تركز حول الإكراهات التي يصادفها المحامي خاصة عند غياب المخاطب في المنطقة الأمنية بمطار محمد الخامس أو عند إغلاق الباب في وجه المحامي من طرف المسؤولين.
وأوصت الندوة، في ختام أشغالها، بمراجعة المادة 416 رقم 65.99 بمثابة مدونة الشغل بشكل يسمح للعمال المهاجرين بولوج المناصب الإدارية ومناصب التسيير بالنقابات التي ينضوون تحت لوائها، الدعوة إلى المصادقة على الاتفاقيتين رقم 97 و143 لمنظمة العمل الدولية حول العمال المهاجرين.
وقد كانت الغاية من تنظيم هذه الندوة، فتح نقاش حول المرتكزات القانونية الدولية والحقوقية بمساهمة من طرف خبراء ومختصين بارزين في قانون الهجرة، كما شكلت هذه الندوة كذلك مناسبة لمحاميي هيئة الدار البيضاء للإعداد للمشاركة في أشغال مؤتمر الاتحاد الدولي للمحامين التاسع والخمسين الذي سينعقد في الفترة مابين 28 أكتوبر وفاتح نوفمبر 2015 بمدينة فالنسيا في موضوع «تأثير العولمة وتنقلات الأفراد على قانون الهجرة».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.