ناقش الباحث محمد جاجا يوم الجمعة 13 مارس 2015 بفضاء كلية الآداب و العلوم الإنسانية بمراكش ، الأطروحة التي أنجزها لنيل شهادة الدكتوراه في موضوع « التحولات السوسيو ثقافية بطاطا « أمام لجنة علمية مكونة من الدكتور حسن لمباركي رئيسا و الدكتور حسن لمجاهيد مشرفا و مقررا و الدكتورين محمد ألويز و إبراهيم لباري عضوين . وبعد المداولات منحت اللجنة للأستاذ جاجا شهادة الدكتوراه بميزة مشرف جدا. لتكون بذلك أول أطروحة سوسيولوجية نوقشت في مركز الدكتوراه على مستوى جامعة القاضي عياض كلية الآداب والعلوم الإنسانية . و في ما يلي أهم خلاصات البحث كما صاغها صاحب الأطروحة تحكمت في اختياري لموضوع»التحولات السوسيوثقافية بإقليم طاطا»دواع ذاتية وأخرى موضوعية: - وترتبط الدواعي الذاتية؛بكوني أنتمي لهذا الإقليم أولا؛ - انتمائي الجغرافي والتاريخي له ارتباط سيكولوجي يذكي التعطش للبحث واستكمال سبر أغوار إقليم طاطا، بعدما بحثت على مستوى الماستر في جماعة أقايغان بالإقليم؛ - وعي تقاطع مع الرغبة في إشباع الفضول العلمي السوسيولوجي،وحنين إلى معرفة ماضي الإقليم،والنبش في جذوره،والبحث عن الأصالة فيه.إنها الرغبة في إحياء الصلة بماضي هذه الربوع والمجالات؛وبتعبير عبد الفتاح كليطو: «مجال وجدت فيه بسبب عثرة من عثرات التاريخ،أو الجغرافيا بالأحرى». وذلك من خلال الاستئذان التساؤل حول:ماهي الأولويات الحقيقية بالنسبة لدولة حديثة؟هل هي الرفع من مستوى العيش وإيجاد العمل والشغل؟ أو العدل في أداء الضرائب؟ أم ضرورة النمو الاقتصادي والنظام والأمن، وتنظيم وسائل الترفيه وإشعاع الثقافة؟ أم التعبير عن إرادة فعلية للإعلاء من شأن الإنسان؟. تساؤلات تعطي مشروعية للأسباب الموضوعية: - إقليم طاطا، من الأقاليم»العميقة» والتي تحتاج إلى تحليل مستمر ومتفاعل،سعيا إلى تفكيك بنياته على مستوى التحليل النظري،لتحديد عوامل الثبات والتغير، والمساهمة في إعادة تركيب هذه البنيات ومساءلتها ميدانيا. - في هذا السياق، وتمعّنا في التناقضات المتنوعة بين مختلف مجالات الوطن، انغرس قلق ووعي- شقي هيكلي - عميق؛ في دواخلي وأمشاجي؛ حول الجدوى العلمية،والآفاق السوسيولوجية؛ في غياب البحوث الميدانية الريفية. - ثم تساءلت مع نفسي لماذا يلاحظ أن المشتغلين بالسوسيولوجا القروية اليوم جلهم حضريون أوممن صاروا حضريين؟ ألا يحق للمجتمع القروي تملك علماء سوسيولوجيا مغاربة ذوي أصول قروية يدرسون المجتمع القروي؛مع مايستلزم ذلك من تباعد وقطيعة مع الذات للوصول إلى نتائج علمية موضوعية. - ولوجي للمرحلة الكولونيالية؛ تراث كثر فيه الجدل الإيجابي أوالمعارض؛إلا أنه في تقديري لايزال يصلح مرجعا للمشتغل في ميدان العلوم الاجتماعية سواء على مستوى المنهج أوالموضوع.ولهذا عرجت في التقديم العام على المسار السوسيولوجي لكل من: - روبير مونطانيMontagne R، الذي أبدع في تحليل السوسيولوجية السياسية للعالم البربري ؛كما تتبع مختلف المؤسسات الاجتماعية الأمازيغية في مختلف مناطق المغرب وشمال أفريقيا؛ - جاك ببرك Berque J على مستوى تعدد المقاربات في التحليل وعدم قدسية المفاهيم؛ - وبول باسكون PPascon في دراسته تاريخ دار إليغ1980(المقاربة المنهجية المستعملة والوثائق المستغلة والتي رغم حصرها في الجانب التجاري . تطرح في نظر باسكون طبيعة العلاقة بين المخزن والقوى المحلية). والتي حصرها بين مستويين: مستوى البيعة ومستوى الطاعة. كأعلام وشموا المسار السوسيولوجي المغربي عامة والقروي خاصة بعطاءات مؤسسة للسوسيولوجية المغربية. المقاربة التعددية وللوصول إلى ذلك ،اقترحت مقاربة تعددية في التحليل ،حيث إن طبيعة الظاهرة السوسيوثقافية المتناولة في البحث؛ تستلزم استخدام أكثر من مقاربة» لأن استعمال منهج واحد أو طريقة منهجية واحدة، قد لا تكون كافية في بعض الأحيان، لمساعدة الباحث في دراسة موضوع البحث ،دراسة كاملة وبشكل تفصيلي.بحيث تزوده بجميع الحقائق والمعلومات والبيانات المطلوب دراستها»( المقاربة: التاريخية والسوسيوتاريخية ، والإثنولوجية والأنثروبولوجية._) تحليل سوسيو ثقافي مجسّر. مستعينا بتحليل بنائي وظيفي، لكشف المستور وإزالة الحجب عن المطمور وبالتالي الاجتراع والتمحيص لمختلف التحولات السوسيوثقافية بإقليم طاطا. والتي عرّفها تايلور(Taylor) «بأنها الكل المركب الّذي يتضمن المعرفة والمعتقدات والفن والآداب العامة والقانون والأعراف المادية التي ابتكرها الإنسان لخدمة أغراضه داخل المجتمع. ونظرا لكون الواقع الاجتماعي لايجيب إلا إذا سألناه.فكما الطبيعة تخشى الفراغ بالنسبة للفيزيائي،الواقع الاجتماعي يخشى الصمت بالنسبة للسوسيولوجي.فهناك ظواهر اجتماعية كثيرة بالإقليم (طاطا) مسكوت عنها مالم يتدخل الباحث السوسيولوجي لتحويلها إلى مواضيع للدراسة والتحليل. انطلاقا من هذا التنظير، يبقى الاهتمام بموضوع التحولات السوسيوثقافية بإقليم طاطا مرتبطا بعوامل متعددة، تختلف من فئة اجتماعية إلى أخرى (حسب بورديوbourdieu B)،أو بلغة كارل ماركس( (karl Marxمن طبقة اجتماعية معينة إلى أخرى.وبلغة بول باسكونPaul Pascon))( مجتمع مركب). ولكون طاطا من المجالات العميقة،فهي لاتزال بكرا،وفي حاجة إلى استكشافات،وتشخيصات علمية «مجتمعية» وسوسيولوجية. وفي ارتباط مع توجهات بول لا زار فيلد(Paul Lazarsfeld) الذي يشير إلى أنّ السوسيولوجيا،» مثلها مثل العلوم الأخرى تتجه ضرورة نحو وضوح متنام في صياغتها،واضعة الانشغال بالبساطة الأسلوبية والمفهومية في قلب «لغة البحث العلمي وفي تمفصل أكيد مع» المعطيات الملموسة» التي يرتبط بها. من هذه المطلقات، أفترض مقاربة التحولات السوسيوثقافية لإقليم طاطا، مقاربة سوسيولوجية .لأنه لدراسة الإشكالية؛ لابد من رصد مكامن التحول، وبالتالي قياس تحول مختلف البنيات الثقافية الاجتماعية الأسرية،المجالية الاقتصادية،مظاهر وتمظهرات التحول،عوامل التغيير والديناميات الحاصلة والتي هي في طور التحول وذلك من خلال: - الأهداف العامة للتنمية الثقافية المحلية والإقليمية (الحياة الثقافية والفنية، الإشعاع الثقافي)؛ - تحسين إطار عيش السكان، وتشجيع انفتاحهم الثقافي؛ *الرفع من مساهمة المواطنين في الحياة الثقافية وذلك بجعل الثقافة في متناول أكبر عدد مهم من السكان؛ *التعريف بتاريخ المجتمع المحلي وبهويته،وتقوية الارتباط به.ومن ثم تعزيز الشعور بالهوية الوطنية والاعتزاز بها.بحيث استسمحت استعارة المنهج البركي (J.Berque) الذي يمزج بين ما هو ميكروسوسيولوجي وماهو ماكرو سوسيولوجي. وسعيا لرصد التحولات السوسيوثقافية بإقليم طاطا أو ما يسميه جاك بيرك»المأوى المهاب للهوية». وذلك من خلال دراسة الإنسان الطاطوي في ماضيه وحاضره،وفي تطلعاته المستقبلية. وللتحليل والتساؤل:اقترحت الإشكالية: الإشكالية - ما موقع التعبيرات والتحولات السوسيوثقافية كرأسمال رمزي في مجتمع انتقالي ذي تشكيلة مركبة كطاطا؟ وما هي التحولات السوسيوثقافية التي عرفها المجال الطاطوي؟ - أين تكمن هذه التحولات ؟ماهي طبيعتها ؟ ما هي ردود أفعال المعنيين تجاهها؟ - ثم، هل هذه التحولات عامة شاملة أصابت واستهدفت البنية الاجتماعية بكاملها؟ - وبعبارة أخرى هل كل البنيات المجتمعية مسها التحول،أم أن التحول تجاور مع الركود ؟ - وبالتالي ما هي المجالات التي تعرف التحولات، وماهي التي تعرف الركود داخل فضاءات يتشابك فيها الحضري بالقروي ،القديم بالحديث،على اختلاف مرجعيتهما؟ - كيف ستستقيم تحولات قيم ثقافية حديثة أو قديمة في ظل نزاع اقتصادي وسياسي، بدأ يفصح عن هويته الليبرالية الواضحة؟ تساؤلات حاولت الوقوف عندها مع الأمل في تقديم إضافة وقيمة علمية للبحث السوسيولوجي خاصة والاجتماعي عامة. ولكون الفرضية من الأساسيات في توجيه البحث،وتحديد أهدافه وبالتالي الجواب عن الإشكالية. الفرضيات ونظرا لكون إقليم طاطا عرف عدة تحولات مست مختلف مناحي الحياة الإنسانية به:اقتصاديا واجتماعيا وثقافيا- كمتغير مستقل- والتي ستنعكس على البنيات الاجتماعية الأساسية المؤطرة لحياة الناس؛وبالتالي افتراض التحولات السوسيوثقافية - متغير تابع- فرضيات حاولت من خلالها وبالدراسة والتحليل الإجابة والوقوف عند كل التحولات الميكرو والماكرو سوسيولوجية التي ساهمت في الحراك «بنوعيه» الذي عرفه المجال الاجتماعي والإيكولوجي بالإقليم. أفترض أن انتقال طاطا إلى مستوى الإقليم أحدث تحولات اجتماعية مست مختلف بنيات المجتمع. أفترض أن تدخلات الدولة في مجال طاطا على مستوى التجهيزات الأساسية أحدث تحولا في بنيات المجتمع الطاطوي. أفترض أن المدرسة والتطبيب أحدثا تحولا في تمثل الساكنة الطاطوية، حول الأسرة وأساليب التنظيم الاجتماعي والأسري. أفترض أن أساليب التنمية بالإقليم تستقطب اهتمام الشباب وتقلص من الهجرة. أفترض أن مؤشرات الفلاحة والسياحة بالإقليم تتجاوب مع البرامج الوطنية في إعادة تثبيت الساكنة بمجال طاطا. أفترض أن التحديث والعصرنة والانفتاح على وسائل الإعلام؛ أحدث تحولا في تمثل السكان بالإقليم حول الأضرحة والمواسم. أفترض أن مؤهلات الإقليم الطبيعية والبشرية واللوجيستيكية، استثمرت في إقلاع الإقليم وساكنته. أفترض أثر استمرار التجاذب ين الأساليب التقليدية والعصرية، على ديموغرافية الأسرة ومفهوم العائلة القروية المبنية على أساس وحدة الإنتاج؛و أثر ذلك على مسار الأسرة من الممتدة إلى النووية. وقد حرصت في كل فصل، على تناول الجانب الميداني الإجرائي بجدلية مع المستويات والسياقات النظرية المعتمدة سوسيولوجيا. مقاربة تفاديت من خلالها عزل الميداني عن النظري مادام البحث السوسيولوجي المتناول في خلفيته كله ميداني، يهدف ويستهدف المعيش والواقع في تناغم مع الإشكالية والفرضية. الخاتمة على المستوى النظري انطلاقا من كون البحث - الأطروحة،يهدف الى فهم المجال الطاطوي (الإنسان ومجتمعه،الطبيعة، الإيكولوجية). وبهدف تنوير العقول بتحقيق الفكر العلمي، وبما أن البحث يهم التحولات السوسيوثقافية،فإن التركيب والتحليل التجريبي والميداني ارتباطا بالنظرية،لما يشكله الإطار النظري من منطلقات لتتناول أجزاء الموضوع في إطار علائقي بالوحدة الكلية التي هي التحولات، فلايمكن ملاحظة أودراسة ظواهر الموضوع بدقة إلا بالتوجيه النظري، كما يؤكد كونت ذلك.»ارتباط المعرفة بالواقع الموجود. بخلفية المعرفة السوسيولوجية وباعتبار الوحدة الإنسانية المعنية بالتحولات والتطورات التاريخية،حللت الثابت والمتغير في مجتمع طاطا.ثم افترضت مع كونت الطبيعة الإنسانية االمتماثلة في الفكر والعقل كأساس لقيام المجتمع واستمراره.ومع بورديو كيف تساعد الجماعات الوسيطة وخاصة الأسرة والمؤسسات التعليمية والإعلامية ومؤسسات الرعاية الاجتماعية ومختلف المؤسسات ، على التماسك الاجتماعي على أنواع التنشئة دون اختلال التماسك الاجتماعي. وعلى مستوى منهجي :باعتبار أن موضوع الدراسة ميداني ذو سلطة معرفية وفكرية مرجعيتها المعيش اليومي وصيرورة الحياة ومختلف التحولات السوسيوثقافية المصاحبة لذلك، ونظرا لاهتمام الموضوع بالإنسان الطاطوي في ماضيه وحاضره وفي تطلعاته المستقبلية.ونظرا لكون المنهج البركي يسعى للغوص في كنه التحولات والثوابت»المأوى المهاب للهوية»والمتعلق بالأعماق السيكولوجية والثقافية والاجتماعية والاقتصادية والبيئية.ولأن الاهتمام بالوحدات الصغرى وبالوحدات الكبرى في مجتمع طاطا استلزم مني التحليل المزج بين ماهو ميكروسوسيولوجي وماهو ماكرو سوسيولوجي،دون الالتزام بمقاربة منهجية واحدة (االمقاربة الكمية، الكيفية،التاريخية، السوسيوتاريخية،الإثنولوجية والأنثروبولوجيا methodologique Cocktails) أو لمفهوم جاهز أويقيني صالح لكل زمان ومكان ،وهي العملية التي تسمى القطع السوسيولوجي. على مستوى الفرضيات: لقد صغت فروض البحث على قاعدة مساهمتها في عملية التفسير والتحليل. فروض افترضت فيها الوضوح والإيجاز بدون تناقض .كما افترضت فيها الربط بما سبقها من معارف للإثبات أو النفي.ولما كانت الفرضية المنطلق الأساس للتجريب.والفرضية في البحث الموضوع تواجهت مع الواقع بناء على مؤشرات وبيانات مستمدة من الواقع عن طريق الاستمارة في كل فصول البحث. فالمتغيرات المستقلة: - كارتقاء الإقليم إلى مستوى العمالة ومستوى تدخلات الدولة في مجال طاطا،كما متغيرات المدرسة والتطبيب ومختلف أساليب التنظيم الاجتماعي والأسري وأساليب التنمية:الفلاحة ،السياحة، وصولا إلى العصرنة والتحديث ومختلف التجاذبات بين الماضي والحاضر والمد العولمي.متغيرات قمت بتجريبها والتدقيق في شأنها انطلاقا من المتغيرات التابعة أو الشارحة.فعندما حللت ارتقاء الإقليم إلى مستوى العمالة كان ذلك انطلاقا من مؤشرات مستويات التحولات التي مست مختلف بنيات المجتمع الطاطوي وما أثر القرب الإداري على مستوى الخدمات والولوج؛ - وعلى مستوى البنيات السوسيو ثقافية والاجتماعية حللت الخدمات التعليمية ومؤشرات انتشار المدرسة في ربوع الإقليم (الخصوصي، الماقبل مدرسي، الابتدائي، الثانوي والتأهيلي ،معطيات وأرقام ، على هديها حللت أثر هذا القطاع في تحول البنيات الذهنية والعقلية للإنسان بطاطا؛سواء في تمثله للمواسم والأضرحة ومختلف الطقوس ،وبالتالي قياس تأثير المدرسة على مستويات التعاطي مع التطبيب خاصة لدى مختلف شرائح وأصناف النساء.بحيث نسب تتراوح من منطقة بحث إلى أخرى.أما على مستوى التنمية فقد قمت بتشريح مستويات الارتباط بالمجال ومستوى فرص الشغل المثبتة للسكان في المجال والتي تحد من الهجرة المستفحلة خاصة في صفوف القادرين على العمل .إذ يبقى نمط الإنتاج الزراع - فلاحي نمط شبه معاشي - غير مستقطب وغير مشجع حتى على إفراز الأسرة بمفهومها النووي الحديث.ليبقى نمط العيش في غالبيته تقليديا وغير متأثر بالتعليم والثقافة ولايزال مشجعا لنمط العشيرة العائلي و بأشكال ولبوسات مختلفة مظهرة للتطور السطحي دون عمق أوروح ،معبرة عن النسق المعيشي العصري(السكن ،العادات التقاليد...). ومن خلال هذه الدراسة»الأطروحة»حاولت جهد الإمكان، إبراز مدى التغيرات والتحولات السوسيوثقافية.التي عرفها الإقليم،الذي لم يكن عبوره إلى القرن الواحد والعشرين،مجرّد عبور من ألفية إلى أخرى؛إنما كان أيضا عبورا إلى عصر وسياق جديد.فتسارع التطورات التقنية والاقتصادية، والتغير في درجات التكامل بين المجتمعات، ومابين الإنسانية والبيئة.قد أديا إلى قلب نظم التفكير والمؤسسات التي صيغت عبر التاريخ،والتي أمّنت بهذا القدر أوذاك،نوعا من الضوابط الضرورية.هذا القطع،وبفعل الاختراعات العلمية والعلاقات التجارية المختلفة الانتشار من دون أن يحدّها حد.سمحت ببروز مختلف التحولات السوسيوثقافية بمجالات الإقليم. فنقاط الاستدلال الفكرية والأخلاقية والسياسية بصيغها التقليدية أمست مسوّسة،كما أشكال التعاضد التقليدية التي أصبحت هيّ أيضا منهكة[تحولات سوسيوثقافية مترددة ومتجاورة ومتجابهة مع الجديد والمعاصرة بطاطا]من دون أن يجد الجديد منها على الصعيد الكوني مبادئ ومؤسسات، وركائز ينبني عليها. رغم هذه المظاهر،فإن الاستعمار وبعده الاستقلال، لم يفرز تحولات عميقة في مجال طاطا.فالتحولات الريفية،بقيت ضعيفة ولم تفض إلى تمركز حضري كبير.وبالتالي لم تفرز طبقة عمالية أوصناعية.فالمجتمع الطاطوي بقي مجتمعا شبه قروي في جل معالمه،وبقي ملتصقا بالأرض(رغم شحها وندرة المياه وقلة الخصوبة). ولم تظهر بالإقليم إلاّ بعض المراكز الحضرية الجنينية ناقصة التجهيز والتهيئة. وفي البحث الأطروحة اعتمدت تشخيصا ترابيا مدمجا، لمختلف الإشكاليات والمواضيع. وذلك بدراسة ومقارنة تعدد القطاعات: الديموغرافيا، السكن .... مقاربة مندمجة، لأنه يصعب تناول التحولات السوسيوثقافية بصفة قطاعية، دون معالجتها في المحيط الترابي والمجالي المرتبط في إعداده وتهيئته بالتوجه العام للتنمية والتغيرات والتحولات الإقليمية والجهوية والوطنية.وضعية شجعت مستويات الهجرة :سواء وسط الفئة المتعلمة التي ما أن يعين موظف متخرج بمجال مديني حتى يقطع الصلة بالإقليم .ناهيك عن الهجرة الصارخة للفئة القادرة على العمل....إقليم طارد بامتياز. ورغم انفتاح المجتمع المغربي؛وارتقاء مدونة الأحوال الشخصية إلى مستوى مدوّنة الأسرة، يبقى تساؤل الأطروحة، حول التحولات التي لحقت البنيات الاجتماعية بطاطا الراهنة، وبتحول القيم الأسرية بالمجال المدروس؟ فإلى أي حدّ تعدّ الأسرة عنصرا هاما في التغير الإيجابي أو السلبي بمجتمع طاطا؟ وبمعنى آخر: هل ساهمت الأسرة بطاطا مساهمة فعالة في تنمية المجتمع؟وهل أدت دورها الكامل في التحديث،من خلال وظيفتها الطبيعية المتجلية في إعداد النشء وتربيته؟ أم أنها لعبت دورا في عرقلة تقدم المجال وفرملة نموّه؟ تساؤل خلصت معه، إلى أ ن القيم والمعايير والسلوكيات العصرية التي تبدو منبثقة من ثقافة مدينية. تبقى سطحية وتقليدية في العمق والسلوك.وغير متأصلة في العقلية البدوية الفلاحية والرعوية.التي تظهر بجلاء في حياة مختلف الساكنة في طاطا، كأفراد وكجماعات.وفي سلوك وأفعال النخب المحلية.إنها عقليات منغرسة في الماضي؛تفوت على المغرب عامة،وطاطا خاصة؛فرص التحول والتغيير بمفاهيم عقلانية وحداثية. رهان وسياق أستسمح أني استعرت معه تساؤلات»عبد الجليل حليم.حول التنمية وعلاقاتها بالثقافة بطاطا: هل الثقافة عامل من عوامل التنمية والتحول؟ أم أنها يمكن أن تكون حاجزا لذلك بالإقليم؟ متى؟ ولماذا؟ وأي ثقافة ستساعد حينا على التنمية،وحينا تعرقلها؟ وما السبب في ذلك؟ أسئلة من شأنها أن تعيد تجسير أواصر الثقة بين ساكني طاطا ومجالهم. وبينهم وبين مختلف المؤسسات التي يتعاملون معه،والتي من المفترض فيها استحضار الحمولة الثقافية والسوسيوثقافية للإنسان بهذه المجالات.والكف عن النظر إليه انطلاقا من الإسقاط الجاهز؛سواء بخلفية ماهو وطني أوماهو دولي.