بعد سلسلة من الارتفاعات المتوالية لقيمة الدولار مقابل تراجع قيمة اليورو، أعلن بنك المغرب أمس أنه قرر بمعية وزارة الاقتصاد والمالية تحيين ترجيحات العملات المكونة لسلة تسعير الدرهم لكي تعكس البنية الحالية للمبادلات الخارجية للبلاد. وقال البنك المركزي إنه سيتم ابتداء من أمس 13 أبريل ، تحديد الترجيحات الجديدة في 60 في المائة بالنسبة لليورو و 40 بالمائة بالنسبة للدولار الأمريكي مقابل 80 و 20 في المائة على التوالي سابقا. وأشار بنك المغرب إلى أن عملية التحيين هاته لم تسفر عن أي تأثير على قيمة الدرهم التي تتطابق بشكل عام مع أسس الاقتصاد المغربي، كما يشهد على ذلك التقييم الأخير لصندوق النقد الدولي في إطار مشاورات المادة الرابعة لسنة 2014. ويشكل تحيين ترجيحات العملات المكونة لسلة تسعير الدرهم، خطوة أولى في إطار مسلسل الانتقال إلى نظام أكثر مرونة بهدف تعزيز التنافسية وقدرة الاقتصاد الوطني على مواجهة الصدمات الخارجية. ويأتي قرار بنك المغرب بمراجعة سلة العملات في ظل ارتفاع ملحوظ لسعر الدولار مقابل الدرهم، والذي وصل أمس الإثنين إلى 10.10 دراهم ليقترب بذلك من سعر صرف اليورو الذي سجل أمس 10.69 دراهم، وهو ما يحمل في طياته جملة من المتغيرات التي ستطرأ على ميزان الأداءات الوطني. ارتفاع قيمة الدولار مقابل العملة الوطنية الى هذا المستوى وللمرة الأولى، منذ أزيد من عقد من الزمن، قد يخلق عدة ثقوب في سلة الواردات المغربية القادمة من غير دول الاتحاد الأوربي، ومن شأنه أن يشكل في المستقبل أزمة حقيقية إذا ما استمرت أسعار النفط في الارتفاع، وهو ما يعني أن الفاتورة النفطية للمغرب قد تعرف زيادات هامة سيتكبد عواقبها المواطنون على الخصوص، خصوصا بعد قرار الحكومة رفع الدعم نهائيا عن المحروقات الأساسية ما عدا غاز البوتان. غير أن ارتفاع الدولار يشكل بالنسبة للمصدرين المغاربة الذي يصدرون إلى خارج دول الاتحاد الأوربي، فرصة لإنعاش توازناتهم المالية، زيادة على ما يمكن أن يشكله هذا المعطى من أثر إيجابي على قطاعات السياحة والأوفشورينغ وصناعة الطيران .. كما أن قيمة صادرات المغرب من الفوسفاط مرشحة هي الأخرى للارتفاع، في الوقت الذي ستنخفض في المقابل قيمة الهوامش الربحية للصادرات المغربية نحو الاتحاد الأوربي إذا ما استمر اليورو في التراجع مستقبلا. وكان والي بنك المغرب، عبد اللطيف الجواهري، قد أكد لنا مؤخرا أن بنك المغرب سينظم في ماي المقبل لقاء دراسيا جهويا بشأن تحديد التضخم يروم الإعداد للانتقال إلى سعر صرف مرن. وأكد الجواهري خلال ندوة صحفية عقدت عقب الاجتماع الأخير للبنك المركزي، أن "الانتقال الممكن إلى سعر صرف مرن سيتم بتشاور مع وزارة الاقتصاد والمالية". وأكد الجواهري على الحاجة بالنسبة المغرب للمضي قدما نحو نظام صرف مرن وتحرير تدريجي لحساب الرأسمال (تحرير بالنسبة للمقيمين لمعاملاتهم مع الخارج)، من أجل خدمة طموح البلاد في أن تكون مركزا ماليا إقليميا ودوليا. وأشار والي بنك المغرب إلى التحسن في احتياطيات الصرف في عام 2014، والذي يفسر بتدفق تبرعات هامة وعملية المساهمة الإبرائية برسم الأصول والسيولة بالخارج . ومن المرتقب أن يتزايد المبلغ الجاري للاحتياطات الدولية الصافية خلال سنة 2015 ليصل في نهاية العام إلى مستوى يعادل أزيد من 6 أشهر من الواردات.