إننا إزاء منجز قصصي لم يعر اهتماما كبيرا بالقدر الذي كان يجب ، لاسيما وأن مادته الحكائية حافظت على الحد الأدنى من ثوابتها وقوانينها منجز اتسم بسخرية انتقادية لغوية ولفظية عملت على تأويل المحكي على مستويات متعددة سواء دلاليا أو تداوليا . فالقصص تبرز تعذيبا نفسيا وحياة شخوص مليئة بالشكوك والتوتر إلى حد التدمير الفعلي للنفس ليضحى الحتف دلالة على التخلف ومسار مؤدي إلى مآل قاتم فهي ( النصوص) ذات بعد درامي يعري النقائص ويبدي استهزاء ماكرا ووخزا له دلالته الكبرى التي تفجر لحظة ابلاغ رسائلها ما يجعلها قائمة على التوتر بين التجلي والاختفاء وأحيانا بين الفراغ والعدم . لقد استطاعت قصص الغرباني إبراز ملامح انسان المغربي في مختلف أحواله وانتماءاته ومشاربه انطلاقا من تفجير مكبوته وغرائزه الحيوانية ( الشراهة / الفتك / الجنس / ..) من خلال تحريك لغات الجسد الذي ظل في جل القصص شامخا في ذهن كل من المثقف والمبدع ليبدو من خلال النصوص له معنى وغم كونه منبوذا واقعيا وساقطا ومبتذلا وبدون معنى ، ليضحى سقفه يتجاوز الطبيعي ( ما دمنا نعتبره ليس بمقدس فالصورة التي قامت عليها العديد من الوقائع نحت نحو البحث عن تطويع رمزي للجسد نفسه ودلالته . لقد تم استعمال ضمير المتكلم في الكثير من النصوص لما يحمل من صدق لكن المتلقي في الواقع لايدرك ما ينصب له في الخفاء من خدع تلعب فيها حيل الكاتب دورا أساسيا ، خدع غير مرئية هذفها الايهام بصدق الوقائع وتسهيل الاختراق والاحتواء وهنا يكمن سر قصص المختار الغرباني بما تحمله من جماليات وأفكار وتوظيفات ما يجعل منها منجما حقيقيا للإشتغال النقدي ومختبرا متحركا للأشتغال القصصي وهي برسائلها تنتصر لأنسانية الانسان في الأول والأخير . فماهي أهم القضايا التي طرحتها المجموعة وبأية خلفية إبداعية كتبت ؟ صور القهر الاجتماعي في المساءات الباردة بسرد هادر يفتح المختار الغرباني أحداث نصوصه التي تفتح كوى داخل سديم الحياة الملئية بالفواجع أمام قهر متعدد الأوجه والمراقي ، سواء المصدر عبر وسائل الاعلام أو المعاش واقعيا أو المحلوم به ككابوس هرعب ، ولعل النص الحامل لعتبة المجموعة « فتنة المساءات الباردة « الذي شيد انطلاقا من تقابلات مشهدية بين الداخل ( المقهى ) والخارج ( شرفة العمارة ) أو بين ( عنف الصورة المرئية ) أو المنقولة عبر التلفاز ما حول المشهد إلى حالة مضطربة من المشاهد والمواقف المضادة بين رفض لعنف الواقع وقبحه وبين ما يتسرب قهرا نحو الأعماق من تقابلات هجينة بين : الشرف والخطيئة /الحزن والفرح / الموت والحياة / السمو والانحطاط / النبل والقذارة / ، يقول السارد « أحكم ( الشرطي) قبضته على عنق الصغير ، تتقطع أنفاسه .. الصغير يرفرف في الأعلى .. الأم الفلسطينية تحتضر دم أحمر متخثر يتدفق من راسها « ص 71 إن هذه الصورة المرة والخارقة سينقل السارد من خلالها إلى إقامة تقابلات لها مليئة بالقبح يقول « في العمارة المجاورة .. في الطابق الثاني في الشرفة امراة مكتنزة في عمر المرأة التي كانت في التلفاز توزع الابتسامات على الرائحين « ص 72 فالمشدان الأول والثاني معا لم يكونا سوى جسرا للوصول إلى أفق آخر من خلال خلق حوار داخلي وكأن السارد يهرب الأحداث من الخارج نحو الداخل بعدما لفته الدهشة والحيرة واستبدت به الصور القاهرة يقول « نبهني الصائت الثالث إلى ما ينتظرني من قذف للخطى الزاحفة في دروب ظالمة ..أسعل وأبصق سائلا مرا .. المساءات الباردة هشمت صدري « ص 77. فهذا الربط بين الخارجي والجواني سيمهد لنقل مشهد آخر منقول عبر التلفاز « المسافة بين الصقر واليمامة نفسها المسافة ما بين زبائن مقهى الزمن وجهاز التلفاز .. وما بين أنثى الشرفة وبيني « ص 76 فالمتمعن في هذه التقابلات والمقارنات سيلاحظ أنها تحليقات بليغة الدلالة على الضيق والرفض والتذمر ، عراك بين الروح والجسد قد يصل حدا من الانفصام ، فأمام القهر والعنف لامناص من الاحتراق يقول السارد « بخطو شبه زاحف قرأ حذائي المسافة بين الشقة ومقهى الزمن والدروب الضيقة الضاجة بالسن ,,المارة وروث البهائم» ص 69 صور تجسدت لنا كذلك من خلال نص «عروس المساء « ص 7 الذي صيغ على شكل حوار بين فئات عمرية مختلفة ما أبرز الهرم السكاني للبلاد، وبالتالي عوى عن أزماتها ونوعية العقليات المتحكمة في قراراتها الحاسمة. فالسلطة البطريكية بممارساتها وإقراراتها وأوامرها تسببت إبان فترة الجفاف في ضياع الممتلكات (البقرات الثلاث) وتشريد العائلة المتماسكة (هجرة الابن المعيل الوحيد للأسرة واختفاؤه) صمت الزوجة واستمرار امتناع الابن (الحفيد) عن المشاركة في القرارات لتظل الجدة والجد يمارسان عنادا أزليا نظرا لاعتقاداتهما الغيبية وتعنتهما إزاء المواقف الحياتية، فاللعنة استمرت (كالجفاف) والاختفاء طال ( الابن) لكن النتائج كانت أفظع من أن يتقبلها الآخرون يقول السارد «هكذا ذبحت البقرة الصفراء وما أمطرت ..وكذا السوداء وما حان اللقاء وتلتها البيضاء .. وما زلت شبيه أبي بالهجرة سأزفها عروسا لي في المساءات الباردة « هذا الوضع الكارثي له تجلياته في نص « خليها على الله « ص 11 من خلال استحضار صورة المربي (المعلم) بين قهر الواقع ومتطلباته والحلم بالقدرة على الحياة بشكل طبيعي فبداخل الصورة القبيحة التي نقدمها عن أنفسنا والشخصية الكاريزمية يكمن الانكسار والكبت والضعف والجنون أحيانا . لقد قدم السارد بطله القاسي الملتحي الجبار العنيد .. الذي أضحى وحشا كاسرا على امتداد صفحات وأحداث إلى درجة شد فيها أنفاسنا من الألم والقسوة ليعصف بنا على حين غرة وهو في صورة الفارس المهزوم أمام إكراه الواقع وما تصرفاته سوى محاولة للتصريف والترويح عن النفس ، يقول السارد « تهيئي يا صبية للخروج أما الرائحة فخليا على الله ..» ص 15 لقد وقفنا على تداخل بين منظور الأشياء وملفوظها من خلال تحقيق توازن بين ما يرسمه الأطفال ، وبين ما يفكر فيه المعلم ، فإذا كانت أقلام الصغار تجترح بياض الورق بحثا عن تأثيث جمالي فإن قلم المعلم حسب السارد « كان يحترف الحساب ..يستنزف مساحات البياض ..الذبيحة .. العقيقة « ص 13 هواجس لم يكن يوقف زحفها سوى تنقلاته وصدى خطوات حذائه الشبيه» بجمجمة حصان أجرب «ص 12 فالتركيز على الجانب النفسي للمعلم القلق المضطرب الملتحي .. أبرز عمق قهر الإنسان واستسلامه في مواجهة زوجته المسلطة التي لا تتوقف عن التفريخ كآلة لفقس البيض . حالات الشرود والانفصام سنلاحظها في نصوص أخرى « خيبة سفانكس « ص 21 وظهور الرسم كمحاولة للهرب من عنف فضاء الخمارة الموبوء وكمحاولة للتفريغ وهو أمر يتجلى من خلال تأرجح حركة القلم بين أنامل البطل لترسم ماساته العميقة كما أنها محاولة لفك العزلة عن الذات وتخلصيها ، وقد نعتبرها محاولة للهرب نحو العوالم الداخلية وهي العوالم الممجدة لدى الإنسان المقهور يقول السارد « السكارى أقزام تكبر أجسادهم كلما عتقوا الروح بعشق الخمارة .. السكارة أقزام في حجم الكؤوس في عين بعضهم البعض « ص 23 ولعل درجات القهر ستبلغ أشدها عندما نطلع على شروط عرض العمل من خلال الجريدة « ان يكون الفنان سميرا بامتياز .. ومن رواد حانة سفانكس ..أن يتعهد بألا يوظف من مواد التشكيل غير قطع الفحم أو طلاء روث البهائم والدواب « ص 25. إن الانتقاد الموجه للمنظومة الأخلاقية والثقافية هنا يتجاوز المألوف فاللاشعور يهفو للجميل لكن عنف الواقع وقهره يعجل بالرحيل والهجر كهجرة « الطيور لأزمنة الجليد» ص 26 فواقع القهر الاجتماعي بلغ أشده فينا في نص الزعيم وما أبرزه من عنف الاعتقال السياسي وقسوة سنوات الجمر وخيبة آمال اليسار المغربي ومآل مناضليه وأشرافه فالمناضل الشاب الذي وجد نفسه في صلب النضال السياسي سيبلعه جدار الصمت والنار في الغياهب وتقفل عليه مسارب الأمل إلى حد دخول الصمت المطبق « ما جدوى الكلام ونحن في بطن الظلام « ص 32 نصوص أبرزت بسخرية سوداء كيف تم الاقتيات من الروح والذات ومن الأزمة لتصريف العنف وهو ما سيفتح آفاق الحديث عن لعبة الزنزانة والذي يحيل اسمها على غير واقعها فلمواجهة العنف يتم الهرب نحو العوالم الأخرى وهو أمر لمسناه في نص « الإبريق « ص 43 كذلك الدال في ظاهره على لعبة تمرد شخوص رواية على كاتبها وساردها ، لكن المؤلم هو أنها كانت تنقل لحظات احتضار مريرة وموت الكاتب الذي «خر ر أسه وتهاوى على مكتبه لتنقضي أنفاسه مرة واحدة « الإشتغال السردي عند المختار الغرباني (المختبر المتحرك) تميزت كتابة المختار الغرباني بالدقة والعمق والقوة والإيجاز من خلال لغة واضحة ساخرة وجذابة ، هذا الاشتغال اللغوي برز كذلك من خلال اختيارات الكاتب وتضميناته المتعددة من نصوص محمد شكري وخورخي لويس بورخيص . كما أنها لغة نحثث من صخرة المعاناة والواقع المغربي وهي تنقش شخوصا متعددة بسطاء من البادية ( عروس المساء) المبدع التشكيلي ( خيبة سفانكس) المناضل اليساري ( الزعيم) الروائي (الإبريق) وزير النساء والبستاني و... نصوص شيدت على بناء تقابلي واستعمال معجم غني جدا مع استخدام تقنية الفلاش باك في أكثر من نص كأفول وهو يرصد وقائع جلسة التحقيق العاصفة والتي لم يتم الكشف عن نقابها إلا في نهاية النص كما جاء على لسان السارد « ومع ذلك أمر الكبير رجاله بتعذيبي أشد العذاب إلى حين اعترافي ..(وفي الأخير) تبين للكبير أني مجرد مجنون يرعب الأرواح والروائح بالحديقة « ص 68 لقد كتب القاص المغربي أنيس الرافعي على ظهر غلاف المجموعة ما يلي « قصص تدخل الحبور ذاته الذي سوف يصير دهشة باسقة عند الشروع في قراءة المساءات الباردة التي صاغت عوالمها الشائكة ومتخيلها إلى روح مبدعة ومدربة لصبر روائي على الحفر .. في اتجاه الجداول الصغيرة الغامضة التي قلما تلتفت إلى لمعان النهر « كتابة امتازت بتشييد التقابلات على مستوى الأحداث وتسرد بإيقاع سريع لإبراز التوتر والحالة النفسية للشخوص يقول السارد في نص « عواء» ص 49 وهو يقارن بينه وبين معشوقته راعية الغنم « وأسي تعج بالأسماء بالروائح بالبطائق بالهواتف والبرقيات .. رأس راعية الغنم تعج هي الأخرى بالأسماء بالانخطاف المآسي الأماسي والزيارات « ص 50 فهذه السرعة حققت الانتقال السلس من الواقعي نحو الخيالي من خلال الامتزاج والتداخل تحليقا نحو أفق عجائبي .يوق السارد « طلاء الجدران .. رسوم البساط ونسوره التي كانت تحاصرني أخاف أجنحة الرياح الكئيبة « ص 51 إنها كتابة تنطلق من حقل دلالي لآخر لتمتد إلى ذاكرة السارد وقرائه ونظرته إلى الأشياء من حوله « نونجا نونجا مدي ضفيرتك أتسلقها نحو أقاصي الفتنة « ص 52 وهو يصور لحظة منيرة ،دافئة ودافقة حافلة بالوصال والرغبة يقول « تهم بي أهم بها .. قد قميصي وقميصها من دبر .. ومن الفتنة آه كم كان جسدها مثقلا باللغات المسافرة في البعد الفتنة « ص 53 كتابة بقدر ما مجدت الجسد أبرزت طبيعة العلاقات الإنسانية المليئة بالحب والعشق والقداسة وإبعاد لكل الفوارق الاجتماعية بين الأفراد . كما انها رصدت عمق الجنون والحمق ودرجات عالية من العزلة وبالتالي التمرد والإثارة يقول سارد نص بازيليك الدارالبيضاء ص 55 عن بطلته التي كانت تتوقف الحركة وتنقطع النفاس لمرورها « كانت تشهق خطوا وتثبيتا ..تتأبط محفظتها الجلدية السوداء وتحطم قوامها الرشيق الممتد في عرض الشارع .. تمضي شاهقة في شوارع المدينة طولا وعرضا .. لتستقر شهية العاشقين لأنغام الجسد « ص 55 فهي المرأة التي يلاحقها الجميع من أجل رشاقتها وسمرة بشرتها وهي متجهة نحو مكان ما حيث يربض ذئب في صورة معشوق سلب لبها ، وحيث تتهاوى لرؤيته فرحا ودموعا وهي تتسلقه كشجرة بحثا عن قطاف لم يكن سوى البازليك . ولعل دلالة عنوان النص بارتباطه مع مضمونه حسب الكاتب وهي زواحف خرافية يعتقد أنها ذات قدرة خارقة على قتل فريستها بمجرد النظر إليها والقتل في هذا النص ما رسته الخيانة المتكررة للمعشوق وهي «تعثر فوق سريره على تبان غيرها مبللا بقطرات غريبة، كما عترنا على ملامح كتابة مسرحية من خلال نصين سيطر فيهما الحوار إلى درجة خلق درامية وتأثير كبير ا نص ا»لزعيم «بالإضافة إلى نص «عروس المساء «في حين نص «خيبة سفانكس « تم فيه توظيف لغوي قوي إلى درجة جانب التشكيل والموسيقى، خليط أبرز كتابة نفسية كالخمر المعتق في قنينات منسية وهذه الكتابة اقتربت من السيناريو المسرحي نظرا لغلبة الثأثيث السينوغرافي على المشاهد والحوار المتواصل والأدوار وتطور الأحداث أبرز فظاعة الواقع وقدرة الكتابة على محوه وإعادة تشكيله فنيا وهي تؤرخ لجانب من صفحات تاريخ مظلم وحالك . فالألم الصامت ساعد على ممارسة كتابة تمحو الذات في مقابل تخليصها من أردان العالم من خلال خلق تناصات بين نصوص الكاتب وغيره من الكتاب إلى حد التماهي بين الرواية والمسرح والقصة القصيرة ما أبرز أن العالم القصصي عند المختار الغرباني هو عالم مستمد من الواقع ومن المحيط ومن إعاقات وعاهات مرحلة مظلمة من تاريخ المغرب كما تضمنتها رسائله البليغة الدلالة وكأنه كان ينتظر هذا الموت المفاجئ ؟ !! أنها نصوص ذات نهايات موجعة وكذلك إحالاتها واقتباساتها من أعمال خالدة ( خورخي لويس بورخيص / وشكري من خلال الإضاءة المثيرة « كو هو مليء بالعزلة هذا الذهب ..» عنف اللغة وعنف الصورة في المساءات الباردة «كل موقف من الجنس في الثقافة هو بالضرورة موقف من الموت» ( 2) ، إننا إزاء اشتغال مخالف بين صراع الغرائز والرغبة والموت التي لا حظنا أنها كانت تطوق العديد من شخوص النصوص فالجسد هو الحامل لمفاهيم وقواميس اللذة والجنس وبالتالي حمال للعديد من الرموز الدالة على المنع والمصادرة وكأننا إزاء أجساد ضائعة مدنسة أو ملعونة لكن لماذا هذا الاحتقار للجسد والجنس إلى حد الابتذال ؟ فالجسد شكل بلغاته رمزا من رموز الكتابة في قصص المختار الغرباني لكنه جسد بعنف مارسته اللغة الواصفة أحيانا نحو الضعف وأخرى نحو الشهوة وأخرى نحو الموت والفناء . كما شكلت كل من الصورة واللغة العمود الفقري للعديد من النصوص في محاولة لإبراز حالات بالغة الدلالة يقول السارد « ألج مسارب الذهاب ... بخطو شبه زاحف قرأ حذائي المسافة ما بين مقهى الزمن والشقة « ص 77( فتنة المساءات الباردة ) «تركض أركض تنخطف أنخطف ..تحبو أحبو أنجذب وتنجذب « ص 51 ( عواء) «كان الوقت عصرا حين أرسلت نقرات متناسقة على باب الشقة .. كان همسها ممتدا طول الليل ويشاركه عمر الامتداد صوت فاطنة بنت الحسين « يرتل» موالا عاشقا ماجنا « ص 51 ( بازيليك الدارالبيضاء ) «كانت رأسها تدور تسكنها الأشباح والأرواح وكأن الساعة قامت قيامتها «../» كانت الشمس أنثى تنحني طائعة وتكتوي حمرة بلهيب الأفول ولأن الجدران لا تتكلم شرعت هي تكلم نفسها كالمجنونة « ص63 66 ( أفول) «ذابت صورة ماريا .. تناسلت في مخيلته (..) السماء الزرقاء بالخرافة البيضاء « الإبريق ص 47 « ماذا لو طلب منا «المخزن « استنساخ شبيه لمشهدنا هذا في جملته وتفصيله ؟ .. ماذا لو حول هذا المشهد الساخن العاقر تمثالا في مدينة ؟ ! ماذا لو حررنا للفرد الواحد منا كامل الحق ونحت تمثال رسمي للزعامة بالمدينة « ( الزعيم ) ص 35 وإلى جانب اللغة شكلت الصورة بهالتها ودقتها وانسيابها لتبليغ الحدث إلى العمق ومنحه قوة وجاذبية ، فالصورة اشتغلت بإيعاز من عوامل أساسية ( الحكاية « كما في نص « عروس المساء») وما أثارته من نقد للفكر الغيبي والاستبداد في القرار في ظروف جفاف مقلق أبرز جفاف المشاعر والقلوب والوجوه العابسة ، وكذلك صورة تمثل الرعب في ذاكرة الأطفال من خلال نص « خليها على الله « ص 11 وهي تتآلف بشكل فسيفسائي لتشكل صورة قاتمة عن المعلم « يركل أحد الصبية / استلذ المعلم الملتحي / ص 16 عقل المعلم الملتحي يتحلق بأجواء قصة الذبيحة « ص 17 مخاطبا الريح ص 29 كتابة خلقت صورا متوترة ومرتعشة مدهشة ومقلقة في الآن ذاته وهي تشد الأنفاس على درجة تسريب القسوة للقارئ عن الأمل الضائع والحلم المجهض والحب المغتال والصدق المفقود والإنسانية الجريحة ، والكرامة المغتصبة صور يقدمها عارية مكشوفة لإبراز الحسرة على الضياع المطلق والوقوع ضحية قرارات غاشمة اجتماعيا، وسياسيا وإبداعيا وإنسانيا نص المداخلة التي ألقيت بالفقيه بنصالح يوم 4 دجنبر 2010 بمناسبة تأبين المرحوم ميمون المختار الغرباني وتكريم القاصة السعدية باحدة المنظم من طرف جمعية تواصل ومدوبية التعاون الوطني بالفقيه بنصالح . ( 1) المختار ميمون الغرباني فتنة المساءات الباردة قصص دار التنوخي ط 1 2009 ( 2) علي العماري التفكير في الجنس بالمغرب العلم الثقافي العدد 8413 سنة 2006