بالرغم من إقدام «الجزيرة الرياضية» على نقل مباراة المنتخب المغربي ضد نظيره التنزاني أول أمس السبت بدون تشفير، فإنه من غير المستبعد استقبالا أن يستمر مسلسل معاناة المشاهد المغربي مع القناة الرياضية القطرية، الذي يبدو أنه لم يصل بعد إلى حلقته النهائية بانتهاء أحداث تظاهرة كأس العالم الأخيرة التي احتكرت بثها القناة على مستوى المنطقة العربية، وفرضت، خلالها، تسعيرة مرتفعة جدا على المشاهد المغربي الرياضي، كما العربي، لم يسبق لها مثيل في تاريخ البث التلفزيوني العربي حتى عندما كانت «امبراطورية» الشيخ الكامل الإعلامية (الإي آر تي) تحتكر بث هذه المنافسة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إذ لم تتجاوز قيمة الاشتراك في باقتها مقابل مشاهدة كأس العالم بألمانيا 400 درهم، في حين أن القناة القطرية، وهي تبتلع «امبراطورية » (الإي آرتي) بشرائها منها أولا حقوق البث التلفزيوني لأكبر المنافسات الرياضية العالمية التي تحتكر بثها بما فيها كأس العالم، وثانيا ب «تصفية» قنواتها الرياضية الست مقابل ملايين الدولارات، رفعت قيمة الانخراط في باقة كأس العالم ، ودون اعتبار للوضعية الاجتماعية والمادية المتواضعة للمشاهد العربي وخاصة في شمال أفريقيا إلى مستويات قياسية، تجاوزت 100 دولار، ضاربة في الوقت نفسه الشعار/ اللازمة التي تتغنى بها منذ انطلاقها، بأنها «قناة كل العرب»، الحلقة الجديدة، في هذا السياق، وكما يبدو من خلال الأصداء والكواليس الإعلامية - الإخبارية، ستكون أكثر حدة وإثارة من سابقاتها، وستحمل هذة المرة عنوان «المنتخبات الوطنية». فحسب ما كشفت عنه مصادر إعلامية رياضية متخصصة، فإن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (الكاف) قرر في اجتماع مكتبه التنفيذي موخرا، والذي صادف وضع المغرب ترشيحه لتنظيم نهائيات كأس أفريقيا للأمم سنة 2015 أو 2017، سحب بساط حقوق تسويق البث التلفزيوني لمباريات المنتخبات الوطنية الأفريقية الرسمية من جامعات بلدانها، اعتبارا من بداية السنة المقبلة ( يناير 2011)، وبالتالي تخويل ذلك للاتحاد الأفريقي الذي سيكون مسؤولا عن النقل التلفزيوني برمته، على أساس بيع حقوقه حصريا للشبكات التلفزيونية المعنية بالبث حسب المناطق والجهات دون الكشف عن تفاصيل أخرى، مثل هل سيقوم الاتحاد الأفريقي لكرة القدم ببيع هذه الحقوق لنفسه لتنمية موارده المالية على حساب الجامعات الوطنية؟ أم سيقوم بتعويض الجامعات ( الاتحادات الوطنية)، دون اعتبار ما سيكون لذلك من تداعيات على القنوات التلفزيونية التي ستخضع لشروط شراء حقوق البث مباريات منتخباتها أو تنسحب من لعبة النقل من منطلق عدم التوفر على الإمكانيات التي تجعلها تقف عاجزة حتى عن القيام بنقل تلفزيوني في المستوى المطلوب بسبب انعدام الوسائل التقنية، أو ضعفها (الإمكانيات) التي لاتخول لها الاستجابة لشروط المالك الحصري للحقوق، مثلما كانت الحكاية الدرامية بين الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والشبكة التلفزيونية القطرية (الجزيرة الرياضية) في الصيف الماضي، حيث كانت هذه الأخيرة بطلتها بامتياز من خلال مطالبة الشركة المغربية مقابل البث الأرضي ل22 مباراة من الدرجتين الثانية والثالثة من نهائيات كاأس العالم بجنوب أفريقيا، بأكثر من 15 مليون دولار أمريكي، الأمر الذي جعل الشركة الوطنية تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الشروط المادية المجحفة، وترفع «الراية البيضاء»، تاركة المجال للمشاهد المغربي، كما أغلبية مشاهدي شمال أفريقيا حيث تحتكر الجزيرة البث، بتدبير أمور متابعتهم لنهائيات المونديال، سواء عبر انتهاج أسلوب القرصنة أو التحايل على عملية الانخراط في الباقة الرياضية القطرية كما هو حال معظم المقاهي المغربية، حيث كان الانخراط لديها على أساس الاستعمال المنزلي، لكن في الواقع تم توظيفه في الاستعمال العمومي، بالرغم من التحذيرات التي أطلقتها «الجزيرة الرياضية» قبل وأثناء المونديال. قرار الكاف الجديد في ما يخص تسويق المنتوج الكروي الإفريقي تلفزيوينا في سياق تفعيله، بقدر ما سيسعد الشبكات التلفزيونية العملاقة، بقدر ما سيصيب القنوات الوطنية - التي على قدر الحال - في مقتل، ومن ثم جميع المهووسين بمتابعة مباريات منتخباتهم الوطنية باعتبار أسلوب الأداء مقابل المشاهدة الذي ستسلكه معظم الشبكات والقنوات التي ستمتلك الحقوق الحصرية للتظاهرة الرسمية التي ستسوقها الكاف ومنها، بكل تأكيد - وفي ظل موقف المتفرج الذي هو عليه اتحاد الإذاعات والتلفزيونات العربية الذي كان يقوم في مامضى بالبث المجاني لجميع التظاهرات والمنافسات في المنطقة العربية - «الجزيرة الرياضية»، التي ستدخل، لامحالة، كطرف رئيس في لعبة النقل الجديدة، بل دخلت، كما دخلتها في السنوات الأخيرة في النقل الحصري لدوري عصبة الأبطال الأفريقية و دوري كأس الاتحاد الأفريقي، لكن هذه المرة بشكل أقوى وأشمل، ويهم شريحة عريضة من المشاهدين المغاربة على الخصوص، لأن الأمر يتعلق بنخبة وبتمثيل العلم الوطني .. بل ستدخل كطرف وحيد في المنطقة (شمال أفريقيا) من منطلق الإمكانيات المالية الضخمة المتوفر عليها، والتي ستخول لها فرض شروط تعجيزية على القنوات المغربية لا يمكن الاستجابة إليها لبث مباريات المنتخب المغربي، وبالتالي حرمان ملايين المغاربة الذين لا يمكن أن يعوضهم ملء خزائن الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم بملايين الدولارات في حال الاستفادة من قرار الكاف الأخير، بطلعة أسود الأطلس على شاشة التلفزيون، تلفزيونهم بالرغم من إعلان المدير العام لقنوات الجزيرة الرياضية ناصر بن غانم الخليفي، أنه «سيتم بث مجموعة من مباريات التصفيات المؤهلة إلى بطولة كأس أمم أفريقيا لكرة القدم المقرر إقامتها في غينيا الاستوائية والغابون في العام 2012، على القناة المفتوحة».. «وتأتي هذه الخطوة ضمن سياسة الجزيرة الرياضية في التواصل مع الجمهور العربي».. و التي« لا تسعى الى تحقيق مكاسب مادية، وإنما تريد أن يشاركها الجميع بالمتعة الرياضية»!