تسلل فيروس يحمل اسم «ستاكسنت» ويهاجم البرامج المعلوماتية لإدارة الصناعة، الى ما لا يقل عن 60 ألف جهاز كمبيوتر في إيران دون التسبب في «أضرار خطيرة»، حسب مسؤولين إيرانيين . ويبحث فيروس «ستاكسنت »الذي اكتشف في يونيو ، في أجهزة الكمبيوتر التي يتسلل إليها، عن برنامج خاص طورته شركة سيمنز الالمانية ويتحكم بأنابيب النفط والمنصات النفطية في البحر ومحطات توليد الكهرباء وغيرها من المنشآت الصناعية. وبحسب صحيفة «فايننشال تايمز» التي كشفت القضية، فإنه أول فيروس معلوماتي لا يكتفي بشل نظام معلوماتي، بل يهدف الى تدمير المنشآت فعلياً. ويبدو أن «ستاكسنت» هاجم بشكل خاص ايران، وكذلك الهند وإندونيسيا وباكستان. وأعلن ليايي ان «ستاكسنت » ينقل الى جهة معينة معلومات عن خطوط الانتاج الصناعي والأنظمة الآلية. ثم يعكف مصممو الفيروس على معالجة المعلومات لتدبير مؤامرات ضد البلاد . وأضاف ان « حكومة أجنبية تقف على الارجح وراء هذا الفيروس» نظراً الى درجة تعقيده، من دون إضافة مزيد من التوضيحات. وتحدثت «ايران دايلي» عن «حرب معلوماتية يشنها الغرب على ايران»، مستندة الى عدة خبراء يتهمون الولاياتالمتحدة وإسرائيل. لايعرف على وجه اليقين ما إذا كان فيروس ستكسنت الذي يستهدف الكمبيوتر يعد حقا هجوما الكترونيا تشنه دولة على المنشآت النووية الإيرانية، ولكن من الصعب تتبع الهجمات التي تستهدف شبكات الكمبيوتر والتي ستكون على ما يبدو ملمحا للحرب في القرن الحادي والعشرين. ويقول خبراء غربيون إن مستوى تطور الفيروس وحقيقة أن 60 في المئة من أجهزة الكمبيوتر المصابة بالفيروس موجودة على ما يبدو في إيران، يشيران إلى أنه هجوم تدعمه دولة. وأثار البعض تكهنات بأن المحطة النووية الإيرانية الاولى في بوشهر ربما كانت مستهدفة من قبل إسرائيل، لكن اثبات ذلك أمر مختلف تماما. ويقول محللون إن معظم الدول الكبرى - لاسيما الصين وروسياوالولاياتالمتحدة لديها في السنوات الاخيرة استثمارات كبيرة في حرب الانترنت والدفاع ضد هذه الهجمات، ولكن التفاصيل غامضة بطبيعتها. قال ديريك ريفرون خبير حرب الانترنت في كلية الحرب البحرية الامريكية في رود ايلاند : «تحديد المصدر في هجمات الانترنت مسألة صعبة للغاية». واستطرد قائلا: «نظرا لكيفية انتقال البيانات حول العالم، فإن تحديد نقطة الانطلاق مسألة صعبة». ومن ثم هناك صعوبة في تحديد ما إذا كانت هناك دول ترعى هذه الهجمات. وبالطبع فإن ذلك نقطة أساسية في جاذبية تلك الهجمات. وأنحى باللائمة على روسيا على نطاق واسع في الهجمات الالكترونية على استونيا في عام 2007 بعد نزاع على تمثال للجندي الروسي في الحرب العالمية الثانية وكذلك على جورجيا أثناء الحرب الجورجية في عام 2008. ولكن لم يثبت شيء قط ،وأشار البعض إلى قراصنة يعملون باستقلالية بدلا من الوكالات الحكومية. والامر الذي يتفق عليه معظم الخبراء هو أن الاعتماد المتزايد على شبكات الكمبيوتر في البنية التحتية الوطنية الاساسية، يعني أن الضرر الناجم عن تلك الهجمات يتزايد. فالانوار قد تنطفئ والشوارع قد تتحول إلى طرق مسدودة باستهداف أنظمة التحكم في اشارات المرور الضوئية ويجري تعتيم الاقمار الصناعية وتصبح السفن الحربية جثة هامدة في المياه. ونتيجة لذلك تعتبر حرب الانترنت خيارا جذابا على نحو خاص بالنسبة لدولة تظل دون مستوى القدرة العسكرية التقليدية الامريكية إلى حد كبير. ولدى كوريا الشمالية مزايا خاصة في أية مواجهة الكترونية، إذ ان البنية التحتية الوطنية لشبكات الكمبيوتر عتيقة للغاية مما يجعل أي هجوم مضاد قد يشنه خبراء كوريون جنوبيون أو أمريكيون ضئيل الجدوى إذا كانت له أية جدوى أصلا. كذلك يعتقد أن جدار الحماية العظيم الذي أقامته الصين والمرتبط عادة بالرقابة، يقدم قدرا من الدفاع ضد هجمات الانترنت. ويرسم ريتشارد كلارك خبير أمن الانترنت السابق في البيت الأبيض في كتابه الصادر في عام 2010 بعنوان حرب الانترنت ، ملامح سيناريو كابوس تصاب فيه الولاياتالمتحدة بالشلل جراء هجمات على الانترنت ولا يستطيع الخبراء حتى تحديد الدولة التي هاجمتهم. ويقول انه يعتقد أن الولاياتالمتحدة والصين ودول أخرى تتبادل في ما بينها بالفعل عمليات قرصنة تستهدف الشبكات الوطنية الحساسة لدى كل منها ، ويقارن ذلك بسباق الأسلحة والمكننة التي سبقت الحرب العالمية الاولى. ويكتب كلارك قائلا: «تتحرك وحدات عسكرية من أكثر من 12 دولة بشكل خفي في فضاء جديد للمعركة». ويضيف: «نظرا لأن الوحدات غير مرئية، لم تلحظ البرلمانات ولا الجمهور تحرك هذه القوات». وبينما الانتباه موزع في أماكن أخرى، فإننا قد نمهد الأرض لحرب الانترنت. وحتى إذا لم يتحقق سيناريو يوم القيامة هذا أبدا، يعتقد معظم الخبراء أن القرصنة تتخذ بالفعل مكانها إلى جانب الهجمات الجوية والقوات الخاصة كأدوات للنشاط العسكري المحدود. وقال أنتوني سكينر محلل المخاطر السياسية في مؤسسة مابلكروفت ان هجمات الانترنت قد ثبت أنها أداة مفيدة ضد سوريا على المدى البعيد على افتراض أن دمشق تمضي قدما في ما يشتبه في أنه برنامجها النووي وضد حزب الله المسلح بشكل جيد. ومع هذا لا توجد ضمانة في احتمال أن ترد دولة تعرضت لهجوم انترنت إما من خلال عمل عسكري سري أو علني على تلك الدول التي تعتقد أنها مسؤولة حتى لو لم تستطع قط تحديد مصدر الهجوم بشكل قاطع. ولا يقتصر الامر على الهجمات، إذ يقول خبراء ان الاستخدام الرئيسي لقدرات الانترنت لدى معظم الدول في أغراض القرصنة والتجسس إما لمكافحة الارهاب أو لدواع تجارية. وكثيرا ما تتهم دول استبدادية ناشئة لاسيما الصين وروسيا باستخدام وكالات التجسس التابعة للدولة لمساعدة الشركات المرتبطة بالدولة، ويشتبه كثير من المحللين في أن الدول الغربية مدانة بالشيء نفسه. قال جوناثان وود محلل القضايا العالمية في مؤسسة كونترول ريسكس« ستستمر الدول في تطوير هجمات انترنت وهجمات على نظم المعلومات متطورة على نحو غير متماثل، ولا يمكن إنكاره». وأضاف قد تستخدم بعض هذه الهجمات أهدافا استراتيجية وعسكرية ويستخدم البعض الاخر لاغراض التجسس التجاري أو الدبلوماسي. لكن الخبراء يقولون ان هجمات الانترنت تقتصر إلى الآن على سرقة البيانات أو حذفها. ولم تصل بعد إلى حد الاضرار المادي. وقال ريفرون خبير حرب الانترنت «على حد علمي لا توجد حالة لهجوم انترنت أدى إلى تدمير مادي». لكنه تابع قائلا: «من المؤكد أنه ممكن ويؤدي إلى قدر كبير من التفكير بخصوص الدفاع الالكتروني. ولكن لا يوجد إلى الان أي أسلحة فائقة للانترنت وربما كان فيروس ستكسنت أحدها بالطبع وقد لا نعرف أبدا إذا كان كذلك».