كشفت ميدتيل بعد زوال يوم الأربعاء عن نتيجة عدة أشهر من المفاوضات حول تفويت حصة من رأسمالها لفاعلين أجانب، وتأكد أن الصفقة استقرت على فرانس تيليكوم الفرنسية على حساب «الاتصالات» الإماراتية التي قدمت بدورها عروضاً مالية ومهنية هامة على أمل اعتماد «ميدتيل» كمدخل للسوق المغربية. النتائج المعلنة حملت ما يؤكد : 1 - إن «ميدتيل» لم تكن مستعجلة على بيع حصة من أسهمها لأن ما تتوفر عليه من موارد بشرية ومن تراكمات، يؤهلها للاستمرار في خوض غمار المنافسة، فما اكتسبته من خبرة سواء طيلة مرحلة الشراكة مع الفاعلين الإسباني والبرتغالي أو طيلة مرحلة الإنشاء المتميزة بهيمنة «اتصالات المغرب» أو طيلة مرحلة التحاق الفاعل الثالث «وانا» الذي تحول في ما بعد إلى «إينوي»، فتغليب البعد الاستراتيجي على البعد التجاري الآني كان بارزاً في حصر الخيار بين «فرانس تيليكوم» و«الاتصالات» 2 - إن تفويت 20% من حصة كل من فينونس كوم التابعة لمجموعة عثمان بنجلون وصندوق الإيداع والتدبير مكن كلا الطرفين من تقاسم فائض القيمة، مقارنة مع قيمة شراء الأسهم من الشريكين الإسباني والبرتغالي، البالغ 120 مليون أورو أي ما يعادل حوالي 1,3 مليار درهم. وبموجب هذا التفويت، الذي لن يتم إلا بعد موافقة الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات، ستصبح حصة كل طرف مغربي في رأسمال ميدتيل هي 30% بينما ستصبح حصة الوافد الفرنسي هي 40%. أما إذا اعتمدنا تصريحات الرئيس المدير العام لفرانس تيلكوم ستيفان ريشارد، فإن حصة الشريك الفرنسي يمكن أن ترتفع ب 5% سنة 2011 وهي السنة التي يمكن أن تشهد إدراج سهم ميدتيل في بورصة الدارالبيضاء 3 - إن قيمة الصفقة التي حددت في 640 مليون أورو أي ما يعادل حوالي 7 ملايير درهم مضافة إليها قيمة المساهمة في الحساب الجاري التي حددت في 80 مليون أورو، سترفع قيمة مجموع التحويلات المزمع إنجازها إلى حوالي 720 مليون أورو أي ما يقارب 8 مليار درهم ستكون فرصة أمام المغرب للتعويض عن نقص السيولة الذي ساهم انسحاب الشريكين الإسباني والبرتغالي من رأسمال ميدتيل في تفاقمه. ولعل هذا المعطى الجديد ساهم إلى حد ما في تحفيز بنك المغرب على إبقاء سعر الفائدة المرجعي في 3,25% 4 - إن المنافسة القائمة بين الفاعلين الفرنسيين فيفاندي وفرانس تيلكوم فوق التراب الفرنسي مرشحة للانتقال إلى التراب المغربي، وبشكل أقوى إلى مجال التواصل بين المغرب وفرنسا، وفي هذا الصدد لابد من التذكير بأن ارتفاع عدد المشتركين في شبكة الخطوط الثابتة لاتصالات المغرب يعتمد في فرنسا كمحفز على الاشتراك في فرانس تيليكوم ، حيث صار بالإمكان الاتصال طيلة اليوم بالمجان من فرنسا مع كل الخطوط الثابتة لاتصالات المغرب، أما العكس فغير صحيح لأن العروض الحالية ل«ميدتيل» ليست في مستوى مواجهة مثل هذا العرض المجاني، ومن غير المستبعد أن تساعد وتيرة تطور خدمات الاتصال على تحويل فرانس تيليكوم إلى ورقة ضغط في اتجاه الضغط على التسعيرة المعتمدة في المغرب لتقترب من المستويات المعمول بها في جل الدول التي يمكن مقارنتها بالمغرب، وكذلك في اتجاه الضغط على «إينوي» للتعجيل بالبحث عن شريك استراتيجي قادر على خوض غمار المنافسة، وفي هذه الحالة من غير المستبعد أن تعاود «الاتصالات» الإماراتية الكرّة لتتموقع في السوق المغربية، فرغم أنها لم تفز بصفقة «ميدتيل» إلا أنها تعلمت الكثير من هذه التجربة، وما تعلمته يزيد من قدراتها على التعامل مع الصفقات المغربية المقبلة في انتظار أن تسمح السوق المغربية بتسليم الرخصة لفاعل رابع. على ضوء هذه المعطيات صار ترسيم الصفقة مرتبطاً بالوقت فقط، لأن ما اكتسبته كل من مجموعة عثمان بنجلون وصندوق الإيداع والتدبير من خبرات في مجال إبرام الصفقات يحصنهما من القيام بهفوات قانونية قابلة للاعتماد كورقة صالحة للطعن في المساطر المعتمدة. أما المنافسة بين الفاعلين الثلاثة فسوف لن تقف عند حدود الانعكاس إيجابياً على المستهلك، وإنما يمكنها أن تطور طريقة عمل الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات. فتأثير صفقة «ميدتيل» سوف لن يقف عند حدود قطاع الاتصالات وإنما سيتسع ليشمل حكامة تدبير المنافسة والتنافسية في السوق المغربية.