تسعى هذه الأرضية إلى بلورة تصور عام حول الجهوية ودورها في التطور الديمقراطي والتنموي في المغرب، في سياق النقاش العام الذي تعرفه الساحة السياسية والمدنية والإعلامية وأجهزة الدولة منذ الخطاب الملكي في 3 يناير 2010 بمناسبة تشكيل اللجنة الإستشارية للجهوية. ولعل بلورة هذا التصور لكفيل بالمساهمة في تأطير «مذكرة حزب اليسار الأخضر المغربي» حول الجهوية المزمع رفعها الى اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية. تتغيا هذه المساهمة المتواضعة- حسب ما حمله نص الأرضية- الإجابة عن مجموعة من الأسئلة تؤطر مفهوم الجهوية؟ والجهوية الموسعة؟ شروطها وحدودها؟ الصيرورة التاريخية للجهوية في المغرب؟ الحدود الممكنة للمشروع المقبل؟ فمن خلال هذه الأرضية هناك سعي بلورة تصور عام حول الجهوية ودورها في التطور الديمقراطي والتنموي في المغرب، في سياق النقاش العام الذي تعرفه الساحة السياسية والمدنية والإعلامية وأجهزة الدولة منذ الخطاب الملكي في 3 يناير 2010 بمناسبة تشكيل اللجنة الإستشارية للجهوية. ولعل بلورة هذا التصور لكفيل بالمساهمة في تأطير «مذكرة حزب اليسار الأخضر المغربي» حول الجهوية المزمع رفعها الى اللجنة الملكية الاستشارية للجهوية. تتغيا هذه المساهمة المتواضعة الإجابة عن مجموعة من الأسئلة تؤطر مفهوم الجهوية؟ والجهوية الموسعة؟ شروطها وحدودها؟ الصيرورة التاريخية للجهوية في المغرب؟ الحدود الممكنة للمشروع المقبل؟ كان واضحا منذ البداية إذن، أن قانون الجهة 47-96، جاء في فترة مخاض الانتقال الديمقراطي، حيث اتسمت ممارسات الدولة بتوسيع مجالات الديمقراطية بشكل حذر، وإعادة ضبط المجال الترابي عن طريق الادارة الترابية بشكل جديد، يشرك الهيئات السياسية على المستوى الجهوي ويساعد على فرز نخب جديدة قادرة في الميدان على تجسيد التوافق والتراضي الذي سترفع مشعله حكومة «التناوب-التوافقي» خلال تجربتها، وهو الأمر الذي أبرزته مكوناتها السياسية خلال عشرية التسعينات من القرن الماضي. لقد غذت الجهوية في طبعتها الجديدة المنظمة بقانون 47-96 آمالا وخيبات في نفس الوقت، فهي لم تتخذ من التجربة الألمانية نموذجا لها كحلم انتشر وسط المتفائلين من الفاعلين السياسيين غداة خطاب فاس سنة 1984، ولكنها شكلت خطوة أولى وهامة في مسيرة الألف ميل لبناء «مغرب الجهات» على أساس توافقي، عبر عنه إجماع البرلمان على القانون. وهذا مايعطي لهذا القانون طابعه الانتقالي في ورش البناء التدريجي للديمقراطية الجهوية. استمدت الجهوية في المغرب قوتها من المجال السياسي/ترسيخ الديمقراطية، والمجال الإقتصادي والإجتماعي/تحقيق التنمية وتجاوز الاختلالات واللاتوازن بين الجهات. ولم تأتي استجابة لمطالب جهوية، وهذا لا يعني بأن المغرب يبفى بمنئى عن مطالب جهوية في وقت لازالت العشائرية والعرقية-اللغوية تجد مجالا للانتعاش، في تساكن مع التطور الديمقراطي وحقوق الإنسان. فاحتياطات بعض القوى السياسية إن لم نقل جلها، وخوفها من النزعات الانفصالية جعل القانون المنظم للجهات ياتي بالشكل الذي جاء به، بحيث في الوقت الذي يمكن رئيس الجهة من صلاحيات مهمة يخضعه لسلطة عامل مركز الجهة الذي يتحمل مسؤولية السلطة التنفيذية في الجهة. هذا فضلا عن منع أي نقاش سياسي في مجلس الجهة. وعموما بعد بيان أسباب النزول جاء قانون الجهة مقسما على سبعة أبواب محتويا على 70 مادة لتنظيم الجهة يمكن تركيزها في: تشكيل الهيئة التداولية- تنظيم مكتب المجلس الجهوي- هيكلة الإختصاصات- نظام الجهاز التنفيذي - نظام الرقابة والوصاية - مجالات التعاون والتشارك - المالية - مجال النشر والإعلام(أنظر نص القانون 47-96 الجريدة الرسمية عدد 4470 بتاريخ /1997،ص.556). وقد صدر مرسوم في 17 غشت 1997(الجريدة الرسمية عدد 4509، بتاريخ 18 غشت 1997، ص.3275) يقسم المملكة على 16 جهة، ويحدد أسماءها ومراكزها ودوائر نفوذها وعدد المستشارين الواجب انتخابهم في كل جهة وكذا توزيع المقاعد على مختلف الهيئات الناخبة وأعداد المقاعد الراجعة للجماعات المحلية وتوزيعها على العمالات والأقاليم المكونة لكل جهة. ويهمنا في هذه الدراسة بعد التسجيل بأن المجالس الجهوية تتشكل عبر انتخابات غير مباشرة، أن نركز على ثلاث عناصر نعتبرها مفاتيح القانون المنظم للجهة، وهي: 1- الاختصاصات، 2- المالية، 3- سلطة الوصاية والرقابة. أ- الإختصاصات: عمل المشرع المغربي على تصنيف اختصاصات المجالس الجهوية إلى ثلاثة أنواع: - الاختصاصات الخاصة بالمجلس الجهوي، - الإختصاصات المنقولة، - الإختصاصات الإستشارية، ويتبين من خلال الاختصاصات الخاصة بالمجلس الجهوي أنها تتكون من جهة من الاختصاصات المناطة عادة بالجماعات المحلية وتتمثل عموما في: دراسة ميزانية الجهة والتصويت عليها، دراسة الحسابات الإدارية والمصادقة عليها، إعداد مخطط التنمية الاقتصادية والاجتماعية للجهة، إعداد التصميم الجهوي لتهيئة التراب، تحديد كيفية وضع أساس الرسوم والأتاوى ومختلف الحقوق المحصلة لفائدة الجهة وتحديد تعريفاتها وقواعد تحصيلها، تحديد البت في مساهمة الجهة في مقاولات الاقتصاد المختلف ذات الفائدة الجهوية أو المشتركة بين الجهات. ومن جهة أخرى من اختصاصات غير تقليدية تتعلق بالتكوين المهني، وانعاش التشغيل والثقافة الرياضية، والأنشطة الاجتماعية والتضامن الاجتماعي، والعمل الانساني، وحماية البيئة، والمحافظة على الخصائص المعمارية، والمساهمة في السياسة المائية، إلى غير ذلك. والجدير بالذكر أن المشرع حين نص على أن هذه الوظائف تدخل ضمن اختصاصات الجهة، لا يعني ذلك أن الدولة ستتخلى عن هذه القطاعات، مما يتطلب باستمرار تحديد المجالات بين الدولة والجهة عبر إصدار قوانين منظمة لذلك. أما الاختصاصات المنقولة بصفتها الشطر الثاني من الاختصاصات، فقد حددها القانون في إقامة وصيانة المستشفيات والثانويات والمؤسسات الجامعية وتوزيع المنح الدراسية. ويبدو من خلال القانون أن الدولة احتفظت لنفسها بحق نقل اختصاصات أخرى كلما دعت الضرورة لذلك، حيث استعمل المشرع عبارة «خاصة في المجالات التالية»، مما يوحي بامكانية إضافة مجالات أخرى دونما حاجة الى قانون جديد. وطبعا لا يمكن نقل اختصاصات الدولة دون نقل الاعتمادات المالية المخصصة للمجالات التي تم نقلها. أما النوع الثالث من الاختصاصات المنصوص عليها في قانون الجهة، فيتعلق بتقديم الاقتراحات وإبداء الرأي. وفي هذا الاطار يمكن للمجلس الجهوي: - اقتراح الأعمال الواجب القيام بها لإنعاش تنمية الجهة، على الإدارة وعلى الأشخاص المعنويين الآخرين الخاضعين للقانون العام، إذا كانت هذه الأعمال تتجاوز نطاق اختصاصات الجهة المذكورة أو تفوق الوسائل المتوفرة لديها أو الموضوعة رهن تصرفها. - إحداث المرافق الجهوية وطرق تنظيمها وتدبير شؤونها. - اقتراح كل تدبير يتعلق باختيار الاستثمارات المراد انجازها. - إبداء الرأي في السياسات المتعلقة بإعداد التراب الوطني والتعمير ووسائلها. - إبداء الرأي في السياسة المتعلقة بإقامة المؤسسات الجامعية والمستشفيات في الجهة. ب- المالية: تتمتع الجهة بصفتها «مجموعة مستقلة» بالاستقلالية المالية، وتخضع حسب المادة 65 من القانون المنظم للجهة، «لنظام المحاسبة العامة الجاري به العمل فيما يخص الجماعات المحلية وهيئاتها وكذلك النظام المتعلق بمراقبة صحة الالتزام بنفقات الجماعات المذكورة.» وتستفيد الجهة وفق المادة 66 من بين مداخيل أخرى، من حصيلة الرسوم والأتاوى المحدثة لفائدتها بالقانون رقم 89-30 المحدد بموجبه نظام الضرائب المستحقة للجماعات المحلية وهيئاتها وكذا من حصيلة الضرائب أو حصص ضرائب الدولة المخصصة لها بمقتضى قوانين المالية ولا سيما فيما يتعلق بالضريبة على الشركات وبالضريبة العامة على الدخل وبالضريبة الاضافية على الضريبة السنوية الخاصة على العربات ذات المحرك. فمداخيل الجهة يمكن تصنيفها الى مداخيل ضريبية، وأخرى خارجة عن الضريبية: 5- المداخيل الضريبية: تشكل الضريبة الجهوية جزءا من الضريبة التي تتحصلها الدولة. مثل: الضريبة على الشركات، الضريبة العامة على الدخل والضريبة الإضافية للرسم الخاص بالسيارات. جزء من هذه الضرائب مخصص سنويا للجهة حسب الظرفية. حيث ليس هناك نسبة محددة كما هو الحال بالنسبة للضريبة على القيمة المضافة التي تخصص للجهة. بالموازاة مع هذه المداخيل هناك رسوم عديدة تقررت للجهة. يهم الأمر في جزء منها الرسوم الإضافية، أي الرسوم التي تلتصق بالرسوم الأصلية والتي تتغير نسبها حسب طبيعة ونوع الإقتطاع، نشير على سبيل المثال: - الرسم الإضافي على ضريبة النظافة(5 إلى 10 / ). - الرسم الإضافي الى رسم عقود التأمين. - الرسم الإضافي الى الرسم الجماعي الخاص باستخراج المقالع(10 / ). وإلى جانب الرسوم الإضافية، توجد هناك رسوم خاصة بالجهة، مثل: - الرسم الخاص برخص القنص. - الرسم الخاص بالاستغلالات المنجمي - الرسم الخاص بمصالح الميناء(2 إلى 5 / من قيمة المعاملات). المداخيل الخارجة عن الضريبة: يدخل في نطاق هذه المداخيل غير الضريبية العديد من المداخيل من بينها: - دعم الدولة المخصص للجهات. - القروض التي يمكن أن تحصل عليها الجهات خاصة من «رصيد التضامن الجماعي». - المنح والتعويضات التي يمكن أن تحصل عليها الجهة من الخدمات المقدمة. ورغم أن الجهة تتمتع بشخصية معنوية، وباستقلالية مالية، فإنها لازالت دون مستوى التحكم في نظام التدبير نظرا لضعف الموارد البشرية واستمرار هيمنة سلطة الوصاية. فالقضايا الجهوية ليست انفرادا للادارة اللامركزية، ولكن كذلك تدخل في صلاحيات الادارات اللاممركزة، الشيء الذي يبرر الدور الموكول لعامل مركز الجهة كمنسق لعمل المصالح الخارجية للإدارت، وكمدير للإدارة الجهوية. وبالفعل فالعامل هو المسؤول على إعداد الميزانية الجهوية، ويسهر على تنفيذها حسب الصلاحيات التي تخولها له المادة 55 من القانون الخاص بتنظيم الجهة. وعلى أساس هذه الصلاحيات، يقوم بالمناقصات، ويعقد عمليات الأكرية، ويقوم بالحساب الإداري، ويتخذ قرارات التضريب والتعويضات. يتمتع رجل السلطة في الشروط الحالية لللامركزية بصلاحيات واسعة رغم مطالبته قانونا بالتعليل لكل قراراته، ويكتفي رئيس مجلس الجهة بالتوقيع الى جانب رجل السلطة على الاجراءات المتعلقة بتنفيذ قرارات المجلس. ج- سلطة الوصاية والرقابة: لم يأت المشرع بجديد يذكر في موضوع الوصاية على الأشخاص، حيث اقتصر على الأخذ بالمبادئ العامة للوصاية المطبقة على المجالس الجماعية فيما يخص الاستقالة الاختيارية أو الإقالة أو التوقيف أو العزل أو الإنقطاع عن مزاولة المهام، أو فيما يتعلق بتوقيف المجلس أو حله وتعين اللجنة الخاصة. وتمارس الوصاية على الجهات عن طريق الموافقة المسبقة من طرف سلطة الوصاية. فالعديد من مداولات المجلس الجهوي تخضع لموافقة مسبقة، خاصة في مجال المالية: - ميزانية الجهة. - القروض. - فتح حسابات خاصة. - إقامة حسابات جديدة. - نمط الحساب في التسعيرة ونظام استخلاص الضرائب والتعويضات الخاصة بالجهة. وقد مكن القانون مجلس الجهة بخلق نوع من التوازن مع سلطة الوصاية عن طريق اللجوء الى المحكمة الإدارية. وجاء بعدة عناصر في مجال الوصاية الادارية والمراقبة أهمها: - تقليص لائحة المواد الخاضعة للمصادقة المسبقة إلى تسع مواد فقط تتعلق بقطاعات المالية والممتلكات مع تحديد آجال المصادقة في ظرف لا يتعدى 30 يوما. - ضرورة تعليل طلب القراءة الثانية، و بخصوص مبدأ التعليل تجدر الاشارة إلى أن المشرع جعل منه القاعدة العامة خلافا للمبدإ العام المعمول به في القانون العام المغربي الذي يتبنى إعفاء الإدارة كقاعدة والتعليل كاستثناء. - سحب سلطة الاعلان عن البطلان أو الإبطال من اختصاص السلطة الإدارية واسنادها إلى القضاء. - التنصيص صراحة على إمكانية اللجوء إلى القضاء الإداري من قبل المجلس الجهوي في حالة رفض المصادقة المسبقة داخل أجل ثمانية أيام من تاريخ تبليغ الرفض. -6- ولقد نص القانون الخاص بتنظيم الجهة على نوع جديد من الرقابة تهم مخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والتصاميم الجهوية لتهيئة التراب، التي لاتخضع للوصاية الادارية بل تجري عليها نفس المسطرة المتعلقة بمخططات وتصاميم الدولة، حيث ترفع مباشرة إلى المجلس الأعلى للإنعاش الوطني والتخطيط بالنسبة للأول وإلى اللجنة الوزارية لتهيئة التراب الوطني بالنسبة للثاني. رابعا- مواطن الضعف في التجربة الجهوية الحالية. وإن كان القانون الحالي الخاص بتنظيم الجهات يعتبر متقدما بالمقارنة مع قانون 1971 ، إلا أنه يعاني من معيقات كثيرة، تجلت بوضوح من خلال التجربة، حيث بقيت المجالس الجهوية ومكاتبها عاجزة على مواكبة الاقتصاد الصاعد الذي أصبحت تتميز به بلادنا في السنين الأخيرة. ولم تبرز مبادرات قوية للجهات تستهدف التنمية المستديمة، بل ربما برزت اختلالات كبرى على مستوى الحكامة في العديد من الحالات، وفي حالات أخرى اضطرت الجهات الى مسايرة مبادرات المركز(الميثاق الوطني لإعداد التراب- المغرب الأخضر- برنامج إقلاع الصناعي- ورواج التجاري- المبادرة الوطنية للتنمية البشرية ....)، أو المبادرات الملكية في إطلاق المشاريع الكبرى. ونعتقد أن الوضع الذي تعيشه التجربة الجهوية يرجع الى أسباب متعددة يمكن إجمال أهمها في : التقطيع الترابي -تشكل الأجهزة الجهوية - الإختصاصات - ضعف اللاتمركز - الموارد البشرية - الموارد المالية - سلطة الوصاية . أ- التقطيع الترابي: تم إحداث 16 جهة بناء على المادة 4 من القانون 47-96 التي تنص على أنه يحدد بمرسوم عدد الجهات وأسماؤها وحدودها الترابية ومراكزها ويحدد عدد المستشارين الجهويين الواجب انتخابهم في كل جهة وكذا توزيع المقاعد على مختلف الهيآت الناخبة وفقا للتشريع الجاري به العمل. ويبدو أن هذا التقطيع، بالاضافة الى أهدافه الأمنية والسياسية/الانتخابية، كانت له رغم ذلك أهداف تكوين مجموعات جهوية متجانسة ومندمجة ومنسجمة، نظرا لما تتوفر عليه مكونات الجهات من طاقات وخصائص اقتصادية واجتماعية متكاملة. إلا أن التجربة أظهرت الصعوبات في تحقيق الاندماج والانسجام المنشودين. كما أبرزت التواضع في المبادرات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية ذات الأهداف التنموية، مما أصبح يطرح التساؤل حول جدوى هذا التقطيع؟ وهل بلادنا في حاجة الى العدد الحالي من الجهات؟ لقد أبانت بعض الدراسات عن نجاعة التقليص في عدد الجهات، موضحة أن نجاح اللامركزية يكون أكثر قوة كلما كانت هناك جهات كبرى لها من الحجم المجالي والموارد البشرية والاقتصادية والمالية ما يمكنها من تحمل المسؤوليات المسندة إليها بفعالية. ب - تشكل الأجهزة الجهوية: يتولى تدبير شؤون الجهة مجلس ينتخب بطريقة غير مباشرة لمدة ست سنوات، ويتكون هذا المجلس وفق التشريع الجاري به العمل من ممثلين منتخبين للجماعات المحلية والغرف المهنية والمأجورين. كما يضم كذلك أعضاء البرلمان المنتخبين عن الجهة وكذا رؤساء مجالس العمالات والاقاليم الواقعة داخل الجهة والذين يحضرون اجتماعاته بصفة استشارية. ووفق المادة 10 المتعلقة بتنظيم المجلس الجهوي وتسييره، ينتخب المجلس الجهوي من بين أعضائه رئيسا وعدة نواب للرئيس يؤلفون مكتب المجلس، وينتخب أعضاء المكتب لمدة ثلاث سنوات قابلة للتجديد. كما تناولت المادة 36 مسألة تشكيل اللجن الدائمة للمجلس. ويبدو من خلال التجربة، ضعف إن لم نقل انعدام الثقافة الجهوية لدى المستشار الجهوي، فهو لم يستطع بعد التخلص من انتمائه للدائرة الانتخابية الجماعية التي انبثق منها. فهيمنة عقلية المنتخب الجماعي في تفكير وانشغالات المستشار الجهوي، تجعله حبيس حسابات انتخابوية ضيقة لا ترقى إلى الدور المنتظر منه على مستوى الجهة بكاملها. هذا فضلا عن أن المواطن لا يحس بأية علاقة تربطه بمجلس الجهة، فهو يلمس ارتباطه بالمجلس الجماعي أكثر من الجهة. فرابط الانتخاب المباشر الذي يشكله صوت المواطن والمواطنة كرقابة ديمقراطية مفترضة لا يوجد إلا مع المجلس الجماعي. لذا أصبح من الضروري الفصل بين العملية الانتخابية الجماعية والعملية الانتخابية الجهوية، وهذا ما يتطلب إعادة النظر في طريقة انتخاب المجالس الجهوية ونمط الاقتراع، على أن يتم تشكيل المجالس الجهوية بانتخابات مباشرة تربط المواطنين مباشرة بمجالسهم، وتجعل المستشار الجهوي أهل بموقعه وفق مقتضيات مدونة انتخابات جديدة. ج- ضعف اللاتركيز: الجهوية نتيجة لمجهود يتجه الى تحليل المجال الوطني وتركيبه، تهدف إلى إعطاء البلاد إطارا للتنمية المستديمة يمكن من تحديد الاستثمارات اللازمة والاحتياجات الضرورية لتحسين شروط حياة الساكنة، ومن تجميع المصالح المشتركة أوالمتكاملة، ومن بناء لامركزية إدارية ضرورية كتجسيد لتقاسم السلطة والنفوذ بين المركز والجهات. والجدير بالذكر أنه لا يمكن نجاح اللامركزية كأساس للجهوية دون لا تركيز إداري. تشكل العمالة أوالإقليم بنية تجسيد سلطة الدولة، واعتبر مجالها الترابي مجالا عاما وأساسيا لعدم التركيز، مما جعلها تشكل نقطة استقطاب لكل إدارات الحكومة- ما يسمى بالمصالح الخارجية للوزارات-، سواء كانت تتصل بالمجال الاقتصادي أوالاجتماعي أوالعمراني أوالسياسي أوالثقافي الخ.. فالعامل يعتبر إطار الدولة البين-وزاري لضمان تحقيق فعالية أكبر في تسيير مصالح الدولة. فهو المنسق الفعلي بين مختلف المصالح الخارجية للوزارات. ويتوقف تحقيق التنمية على مدى التعاون القائم بين عامل مركز الجهة ورئيس مجلس الجهة. ويتوقف هذا التعاون على مدى وجود ممثلي كافة الادارات في مختلف الاقاليم والجهات. والحال أن المصالح الخارجية للإدارات لا تغطي مختلف الاقاليم والعمالات، نظرا للتزايد المستمر لهذه الأخيرة. كما أن العديد من الوزارات لاتتوفر على مصالح خارجية أو لاتغطي التراب الوطني. يضاف الى هذا أن الوزارات التي تتوفر على هياكل جهوية قليلة جدا. وإذا عرفنا بأن الجهة لا تتوفر على هيكل إداري وتقني خاص بها وتعتمد أساسا على المصالح الخارجية التابعة للدولة يتضح لنا هشاشة عمل الجهة الاداري وارتباطه الكلي بعامل مركز الجهة. فيصعب تطور الجهوية دون لاتركيز إداري متقدم، وتقاسم جديد للاختصاصات بين ممثل الدولة/العامل ورئيس الجهة.