3 أسابيع، ويطل علينا، شهر رمضان بجلاله وعظمته، وتطل معه، وجوه فنية محلية، بمسلسلات وأفلام درامية بنكهة مغربية، وستعود القنوات الأرضية منا والفضائية عينها، لتهلل بتقديم جديدها، في عالم الدراما والفكاهة، كما ستتجدد الأسئلة، ذاتها، بالشارع الفني المغربي، هل استفاد فنانونا من انتقادات السنة الماضية؟ وهل اطلعوا كغيرهم على الكتابات النقدية التي همت أعمالهم «الفنية»؟ وهل سيترجمون في رمضان المقبل، نبض الشارع المغربي في رغبته في ضحك «حقيقي»، نابع من القلب وليس في ضحك «مزيف» ، بلا نكهة ؟ أم أن فنانينا، ككل مرة، سيمارسون، سياسة «النعامة»، التي تخفي رأسها في الرمال، اعتقادا منها، هو الحل الأنسب، بعيدا عن مواجهة«الحقيقة» ؟ا . حقيقة، أن ما يقدم في رمضان، لا علاقة له بالفن ولا بالفكاهة، وما «التذمر» الذي عبر عنه الكثيرون سواء في الصحافة المكتوبة منها والإلكترونية وفي العديد من المنتديات الشبابية، على شبكة الانترنيت، أو في الشارع، إلا غيض من فيض. ف«الرداءة»، «التفاهة»، «المهازل»، «السطحية» وغيرها من الكلمات، التي صاحبت الحلقات الأولى، لسلسلات وسيتكومات، قال عنها أصحابها، أنها«فكاهية» وتهدف إلى تحقيق المتعة والترفيه، وانتزاع البسمة من المشاهدين، لكن في حقيقة أمرها، لم تحقق لهم، إلا مزيدا من «التأفف» و«التذمر» ، بالنظر إلى تفاهة وسطحية مضامينها و«للنية المبيتة لبعض أصحابها، التي لا تتطلب كثير ذكاء للوقوف عند حقيقتها التي سرعان ما ما تكشف عن نفسها في اقتسام «الكعكة» والحصول على الدعم ، باسم الفن وهو منهم براء.. أعمال فكاهية غاب عنها الإبداع كما غابت عنها عديد أشياء ..فجاءت هكذا، جامدة بلا روح، بلا حس فني، تدفع بك إلى التوتر والقلق ... بقدر حاجتك الشديدة إلى الضحك كأن، ليس من حق المغاربة، أن يضحكوا للحظات، ملء قلوبهم، كحقهم في الحياة، الشغل والصحة . أم أن قدرهم أن يعيشوا في هذه الحياة بلا ضحك، كما يعيشون بلا سكن، بلا شغل وبلا صحة. وما قيل عن مستوى أعمالنا الفكاهية السنة الماضية والسنة التي قبلها، والتي قبل قبلها، إن دل على شيء، فإنما يدل على أن «البطاقة»، لا تصنع فنانا وأن النقابات والاتحادات الفنية، التي تتصارع في ما بينها لحاجة لا يعلمها إلا أصحابها، لا يمكن لها أن تخلق لنا حركية فنية إبداعية، لأن في زمن توزيع البطاقات وفي زمن الدعم الحكومي وفي زمن المهرجانات والقنوات، وفي زمن تعدد النقابات والاتحادات الفنية، أصبحنا نعيش فوضى فنية وبامتياز، و أصبح من هب ودب يتحدث في الفن وباسمه، ولعل ما تقدمه قناتي«عين السبع ولبريهي» ، إلا صورة عن مستوى بعض فنانينا الذين عوض أن يبدعوا في مجال تخصصهم أصبحوا«خبراء» في مجال تقديم ملفات الدعم والحصول على نصيب من«الكعكة» ، فكانت «الأزمة» الفنية في المسرح، في السينما، في الدراما، في السلسلات الفكاهية و في السيتكومات وووو . «أزمة» طالت كل الفنون، لأن الساهرين عليها، أصبح كل همهم، هو الحصول على «المال» عوض الإبداع . هو التقرب إلى صندوق الدعم، عوض الدخول إلى قلوب الناس، هو حب الظهور بمناسبة وبدونها، عوض الحضور الوازن واللافت .. وأصبحنا لا نطالع أخبار بعض فنانينا وإلا وهم في وضعيات صحية حرجة ... وعوض أن تتصدر أخبار تتويجهم وحصولهم على الألقاب والميداليات ، الصفحات الأولى للمجلات والجرائد الوطنية ... أصبحت تطالعنا صورهم في قضايا المحاكم والفضائح ..أو هم مرضى أو أموات .. وهذا لعمري ، ساهم فيه العديد من الفنانين أنفسهم، فهم عوض أن ينتجوا ويبدعوا ويبتكروا فنا حقيقيا، يقربهم لقلوب الجماهير المتعطشة، للفن المغربي أصبح كل همهم ، هو«المال».. وغاب بالتالي، «الإبداع »عن فنهم وفقد أسا من أسسه التي من الممكن أن تجعل منه فنا راقيا لا يتأثر بعوامل الزمن وتقلبات الظروف . فهل ، سيشهد رمضان المقبل «صحوة » فنية قد تربك حسابات المشاهدين وتعيد لديهم الثقة في فنانينا المغاربة وفي إبداعهم، عوض الدفع بهم مرغمين ، إلى الهجرة إلى القنوات الفضائية العربية الأخرى ؟ وهل ممن الممكن أن ينتظر المشاهد المغربي «الأحسن» ، عوض أن ينتظر«الأسوأ»؟ أم أنه ستبقى دار لقمان على حالها ولا حياة لمن تنادي ؟