على باب الاعتراف، نافذة ورسم جديد لأسماء ظلت دوما تمنحنا وحدة لقياس المرحلة، لقياس الزمن الذي لانلتفت إليه إلا حين نصبح أمام الفراغ. على باب الاعتراف ، لحظة لاستعادة الأمل قليلون جدا، هم الذين يدركون ويعلمون، أن عبد الرزاق مكوار، هو أول من نادى بأن المغرب يجب أن يترشح لاحتضان كأس العالم. عبد الرزاق مكوار الذي أوصل فريقه الوداد الى أعلى درجات العطاء، كان سباقا في العديد من الأفكار والبرامج، فبعد مناداته بكأس العالم بالمغرب، أصر رحمه الله أن تخرج الكرة من الوقت الثالث الى وقت وزمن الكرة المنتجة والمساهمة في الاقتصاد وأن تلعب دورها الحقيقي داخل المجتمع. لم يكن عبد الرزاق مكوار يتكلم في الهواء كما يفعل الكثيرون، بل كانت له أفكار ورؤى وعيون ينظر بها الى المستقبل، وهكذا كان رئيس الوداد، يفهم مجال الكرة تحديدا، والرياضة العامة. كنت مازلت أخطو خطواتي الأولى في هذا الميدان الجاحد، وأتذكر أن أول مرة التقيته كان بفضل أستاذ وزميلي أحمد الصبار كان عبد الرزاق في أعلى المراتب إداريا وكرويا. وبصوته الرخم وبلكنته ذات الدبدبات العريقة، تحدث كثيرا عن الكرة المغربية التي مازالت لم تعلن خروجها بعد إلى مراتب تجعلها تدق باب المستقبل بقوة. عبد الرزاق مكوار كان فاتحا في مجال الاستشهار والاحتضان. وأعطى بذلك نموذجا للمسير الذي يبدع لا ذاك الذي يفدع. لامس بأفكاره ما كان يجري وقتها في دول قريبة منا، وظل مصرا على أن النظام الذي يحكم المنافسات في البطولة الوطنية، هو نظام ضيق لا يتسع ولا يساير التطور الكمي الذي تعرفه الكرة المغربية. ورغم أن عبد الرزاق مكوار، كان قد طالب بتفعيل رؤاه منذ ما يزيد عن ال 25 سنة، فمازالت الكرة المغربية اليوم، تعيد صياغة نفس الاسئلة التي صاغها الرجل وطالب بها وعمل على تفعيلها. عبد الرزاق مكوار، من الرجالات الذين لم نستمع إليهم، كما لم نسمع لكثير من القادة السياسيين الأنقياء، كما لم نسمع العديد من مثقفينا الذين خرجوا بصوت مرتفع ليقولوا إلينا، نحن خارج الزمن، وهذه هي الطريق التي تعيدنا إليه. صحيح أن مكانته الادارية والاعتبارية، ساعدته في أن يفرض نفسه داخل القلعة الحمراء وداخل خريطة التسيير الكروي، لكن ما رفع عبد الرزاق مكوار الى الأعلى، هي أفكاره ورؤاه وتحليلاته التي دفعته إلى خلاصات وأهداف محددة. بالرغم من ذلك عانى عبد الرزاق مكوار من المقربين إليه الحاسدون والحياحة على حد سواء. أتذكر أن عبد الرزاق مكوار تعرض للسب والشتم والضرب بالحجارة بملعب البشير بالمحمدية، لأسباب بسيطة وتافهة، نتيجة تعثر الوداد هناك، فقام الصغار والتافهين بالهجوم على هذه المعلمة الرياضية، وربما كان ذلك من الأسباب المباشرة التي دفعت بالرجل الى اتخاذ قرار الابتعاد، وهكذا فعل ويفعل كل الذين يعرفون حجم قدرهم وحجم تفكيرهم. هكذا خرج الرجل من دائرة الفعل، ليدخل عالم المتابعة من بعيد، سواء عبر حوارات صحفية هنا أو هناك أو عبر ندوات متلفزة، كانت دوما تشكل الحدث. أتذكر ها هنا الصراع الذي خاضه عبد الرزاق مكوار مع أحد رجالات الوداد المرحوم الحريزي الذي وافته المنية في الشهر القليلة الماضية، كان صراعا حاميا وقويا. صراعا أفقه البعيد خدمة هذا الفريق القادم من رحم الوطنية. كان الرجلان من طينة خاصة من لون خاص. وكانت الوداد دوما مساحة لإنتاج الأفكار. لكن هذه الوداد عاشت سنينا بعد ذلك في صراع ضيق في صراع حول الكرسي، لم تخرج منه إلا بعد أن أضاعت سنين كثيرة في الجدل العقيم. عبد الرزاق مكوار. سيظل دائما اسما كبيرا، في عالم الكرة المغربية. لكن لم نستفد منه مع الأسف الشديد.