كالمعهود فيها غنت « الديفا» اللبنانية جاهدة وهبة في مهرجان فاس للموسيقى الروحية فتألقت وأطربت عشاق الفن الجاد والأصيل. جاهدة التي جاهدت دوما من أجل الفن الراقي والأصيل بعيدا عن اللهث خلف الأغنية التجارية غنت للحلاج، وأبا فراس الحمداني، وأنسي الحاج، وطلال حيدر، إضافة إلى الأديب الألماني الحائز على جائزة نوبل غونتر غراس وآخرون. المطربة و الملحنة جاهدة وهبة فنانة لها أسلوبها الخاص والمميز في التلحين، وطاقة صوتية هائلة، و أداء موسوم برهافة حس نادرة، ورقة تحاكي بها الكلمة دلالة وتنفعل معها حد التماهي، إلا أن هناك القليل ممن يعرف أنها شاعرة .. . وشخصيا لم أكن أعرف حتى باحت لي بذلك على مضض وأسمعتني شيئا من قريضها الممتع المشمول بصفاء الروح، ونحن نتنسم رائحة البحر في جلسة حميمية مع ثلة من محبيها بحضور صديقتها الوديعة نادين عبد النور على تخوم شاطئ عين الذئاب بالدار البيضاء. نعم لقد زارت الديفا البيضاء، أبت إلا أن تشرفنا بحضورها بعد أن أنهت التزاماتها بفاس، تحدثنا كثيرا عن الفن والأدب في جلسة بوح قالت «حين أغني أحس وكأنني أعابث الزمن». غنت لنا ، وكانت تشع ألقا وهي تسافر بنا عبر صوتها الأوبرالي إلى ذلك الأفق الأبعد من زرقة المدى ، حيث يناجي صوتها تراتيل الملائكة. أدهشتني جاهدة وهي تغني قصائد تمنعت على كبار الملحنين.وزاد اندهاشي وإعجابي بقدراتها وهي تغني في السيارة ونحن عائدون إلى الفندق حيث تقيم، قصيدة السياب « عيناك غابتا نخيل ساعة السحر .. أو شرفتان راح ينأى عنهما القمر» كما غنت من لحنها لأدونيس ودرويش وسعيد عقل .. ولم تخفي إعجابها بكتابات الروائية الجزائرية ، وكلما غنت جاهدة حسبت غناءها تراتيل وصلوات في هيكل أفروديت. وبخصوص لقائها فنيا بصديقتها الروائية أحلام مستغانمي قالت الأخيرة على هامش توقيع كتابها « نسيان . كوم» أنها « لم تكن من قبل تعرف أنها اقترفت قصيدة» إلا حين أوقعتها بيروت في كمين محبة ، «ونحن ضعفاء أمام المحبة» على حد قول الروائية ذات الأسلوب الشاعري . ولنستمتع بمقطع من «كنت سأنجب منك قبيلة « تقول: يا ولدي .. ووالدي .. وأبا أولادي .. يا كبدي وكيدي ومكابدتي يا سندي وسندياني وسيدي قل: « يا بنيتي» كي تكون لي قرابة بقدميك عندما تقفان طويلا للصلاة فأدلكهما مساء بشفتي كما كنت بالقُبل أغسل قدمي أبي يا زَهْو عمري كن ابني كي أباهي بك و أختبر الأنوثة بوسامتك عساها تطاردك رائحتي ويحتجزك حضني وتحضنك النساء جميعهن فتعود منكسرا إليّ.