الجيل الرقمي المغربي، قراءة سوسيولوجية في تحولات الحراك الإفتراضي وإستشراف مآلاته المستقبلية.    نتانياهو يعلن عزمه الترشح مجددا لرئاسة الوزراء في الانتخابات المقبلة    ياسين جيسيم: عازمون على انتزاع اللقب العالمي وإسعاد الجماهير المغربية    طقس الأحد.. أجواء حارة نسبيا بالجنوب الشرقي وسحب منخفضة قرب السواحل    استدعاء كاتب فرع حزب فدرالية اليسار بتاونات بسبب تدوينة فايسبوكية    ارتفاع مفرغات الصيد الساحلي والتقليدي ب 64 في المائة عند متم شتنبر في ميناء طانطان    باكستان/أفغانستان: اتفاق على "وقف فوري لاطلاق النار" بعد محادثات في الدوحة    إسرائيل تتعرف على هوية جثة رهينة    بعد توقف ثمانية أيام.. حركة "جيل زد" تستأنف احتجاجاتها في أكثر من مدينة وسط أجواء سلمية    "مرحبا بيك".. إينيز وريم تضعان بصمتهما الفنية في كأس العالم النسوية بالمغرب    انطلاق المهرجان الوطني للفيلم بطنجة.. تكريم المعنوني وتأكيد على ربط السينما بالصناعة والإبداع    الصحافة الأرجنتينية: قيمة فريق "التانغو" تفوق خمس مرات "أشبال الأطلس".. لكن الحسم سيكون فوق العشب    مدرب بركان: "لن نخجل من الهزيمة"    "الأشبال" ينهون التحضيرات للقاء الأرجنتين    انتقادات تطال وزيرة المالية وسط صمت حكومي وتأخر في عرض مشروع قانون المالية على الملك    رعاية ملكية لمستقبل الماء في إفريقيا.. مؤتمر عالمي يجمع الخبراء من القارات الخمس بالمغرب    نتنياهو: معبر رفح بين غزة ومصر سيظل مغلقا حتى إشعار آخر    "جيل زد" بطنجة تجدد انتقاد الحكومة    البطولة: المغرب الفاسي ينفرد بالصدارة والزمامرة يعود بالنقاط الثلاث من أكادير    هل هو انقسام داخل "جيل Z"؟.. جدل داخل الحركة بسبب تصريحات متضاربة من الشرق تعلن الانسحاب    شباب جهة الشرق يعلنون القطيعة مع "جيل زاد": انسحاب جماعي يكشف أزمة الثقة داخل الحركة    إدريس لشكر يؤكد أن تجديد ولايته على رأس "الاتحاد الاشتراكي" جاء بإرادة القواعد الحزبية    شركة يابانية تختار تطوان لبناء مصنع ضخم للسجائر    جشع الباعة بالتقسيط ينفخ أسعار "اللحوم البرازيلية" في مجازر المغرب    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    الوداد يكمل الاستعداد للتنافس بأكرا    حادث اشتعال بطارية يحول مسار طائرة صينية    فتح بحث قضائي لتحديد ظروف وملابسات وخلفيات إقدام موظف شرطة على محاولة الانتحار    الهندسة رافعة التنمية... سودو يؤكد أن المهندس المغربي في قلب مشروع مغرب 2030    المحكمة "الجنائية الدولية" تؤيد مجددا مذكرات توقيف مجرمي الحرب نتنياهو وغالانت    أشبال الأطلس في موعد مع التاريخ أمام الأرجنتين لانتزاع المجد العالمي    الفنان فؤاد عبدالواحد يطلق أحدث أعماله الفنية    خريبكة تحتضن الدورة 16 للمهرجان الدولي للفيلم الوثائقي بمشاركة دولية ومحلية واسعة    انتقاء أفلام المهرجان الوطني للفيلم.. جدلية الاستقلالية والتمويل في السينما    محلل برازيلي: المغرب يتوفر على فريق قادر على التتويج بلقب كأس العالم لأقل من 20 سنة    البرلمان الياباني يصوت الثلاثاء المقبل لاختيار رئيس وزراء جديد    ارتفاع المداخيل الجبائية إلى 258 مليار درهم خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    الإحصاء المدرسي ينطلق في المغرب    الدفاع المدني ينعى 9 أشخاص في غزة    مشروع "ميهادرين" الإسرائيلي لإنتاج الأفوكادو بالمغرب يثير جدلاً وسط أزمة المياه وتزايد الدعوات لوقف التطبيع    لشكر يواصل قيادة الاتحاد الاشتراكي    "جيل زد الأمازيغي" يعلن التمسك بقرار الانسحاب ويرفض "الوصاية الفكرية"    باحث روسي: مؤشرات الاقتصاد المغربي تؤهله لشراكة استراتيجية مع موسكو    "الحال" يفتتح فعاليات الدورة 25 من المهرجان الوطني للفيلم في طنجة    وفاة الفيزيائي تشين نينج يانج الفائز بجائزة نوبل    الدرك الملكي بالجديدة يلقي القبض على شخصين قاما بالتبليغ عن عملية سطو مفبركة    غموض لافت في مشروع قرار مجلس الأمن حول الصحراء: بين دعم الحكم الذاتي وضمان حق تقرير المصير    مغربيان ضمن المتوجين بجائزة كتارا للرواية العربية    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    414 مليار درهم قيمة 250 مشروعا صادقت عليها اللجنة الوطنية للاستثمار    ممارسة التمارين الرياضية الخفيفة بشكل يومي مفيدة لصحة القلب (دراسة)    "الصحة العالمية": الاضطرابات العصبية تتسبب في 11 مليون وفاة سنويا حول العالم    العِبرة من مِحن خير أمة..    حفظ الله غزة وأهلها    الأوقاف تعلن موضوع خطبة الجمعة    رواد مسجد أنس ابن مالك يستقبلون الامام الجديد، غير متناسين الامام السابق عبد الله المجريسي    الجالية المسلمة بمليلية تكرم الإمام عبد السلام أردوم تقديرا لمسيرته الدعوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فصل من سيرة روائية فنية قيد الطبع:


قال الراوي
حين فاجأتني صديقتي الفرنسية هيلين لما شاهدت رسوماتي التشكيلية المنشورة على حائطي في موقع الفايسبوك ، وأرسلت إليّ ايميلا جميلا تبدي فيه إعجابها بهذه الرسومات من جهة و دهشتها من كونها قد اكتشفت فيّ شخصا آخر غير الكاتب الذي تعرفه ، اكتشفت فيّ صورة الفنان التشكيلي الذي كانت دائما تحلم بأن تكون صديقته الأبدية ، سررت كثيرا من إعجابها أولا ومن دهشتها ثانيا ، فكان أن قررت أن أكتب روايتي هاته لأحكي فيها علاقتي ليس فقط مع الفن التشكيلي فحسب وإنما مع باقي الفنون الأخرى ، من مسرح وسينما ورقص و أدب وموسيقى ونحت وتشكيل ، لكي أستعيد عن طريق التخييل بعض ما عشته في خضم هذه الفنون السبعة الجميلة . هكذا قررت وهكذا كان .
الفصل الأول: التعلم في الصغر
في البداية كنت طفلا معجبا بتشكيل الصور، ربما كباقي الأطفال الذين كانوا في مثل سني. طيلة النهار وأنا أقوم برسم الصور الموجودة في كتب المطالعة التي كنت أجدها في البيت، سواء تلك التي كانت في مكتبة أبي أو تلك التي كنت أجدها في بيت الجيران. وهو ما جعلني أنغرس بعمق في محيط الرسم ،دون حتى شعور مني بذلك ، لا سيما وأن رسوماتي هاته كانت تحظى بتشجيع كبير من لدن أبي وأمي من جهة ومن لدن زوارنا من الأقارب من جهة أخرى .ولست أدري لحد الآن هل كانت هذه التشجيعات ناتجة بالفعل من جمال رسوماتي التي كانت تثيرهم كما كانوا يدعون في ذلك الوقت ، أو فقط لأن هذه الرسومات كانت تبدو في نظرهم جزءا من التكوين المدرسي ، وعليهم تشجيعي في الاستمرار فيها حتى أحظى بالنجاح الذي أستحقه فحسب . لكن ما كان يثيرني بالفعل أن شهرتي في الرسم قد امتدت أبعد من ذلك، لتشمل أصدقائي في الحي ثم بعد ذلك لتنتقل إلى رحاب المدرسة الخاصة التي أدخلني إياها أبي استعدادا للولوج إلى المدرسة العمومية بعد ذلك في السنة الموالية ، هذه المدرسة التي حملت وما زالت تحمل اسم « مدرسة الوفاق» و التي ما تزال مستمرة في الوجود إلى اليوم . فما أن عرف أصدقائي من التلاميذ قدرتي على تشكيل الصور حتى بدؤوا يطلبون مني رسم الصور التي كان يطلبها منا أستاذنا خصوصا في مادة الرسم أو في مادة الطبيعيات . وهو الأمر الذي حولني بسرعة من طفل عادي كباقي زملائي في القسم إلى نجم داخل أوساط التلاميذ، وجعلني بالتالي أحظى باهتمام كبير طيلة سنة بأكملها.
ولقد كان من الممكن أن أستمر في الرسم وأتقنه أكثر من أي شيء آخر، لولا ووفود إحدى التلميذات على مدرستنا و كانت السنة على وشك الانتهاء. وما أن استقر المقام بهذه التلميذة بيننا حتى بدأت شهرتها في عالم الرسم تطبق الآفاق، وحتى تحولت بسرعة فائقة إلى نجمة المدرسة الأولى في هذا الميدان الذي كان حكرا عليّ وحدي. حاولت في البداية الصمود أمامها وشرعت في رسم أشكال تتميز بالغرائبية لكنها تصدت لي ورسمت نفس الأشكال بطريقة أجمل ، وإذا بأصدقائي بدؤوا يتخلون عني واحدا تلو الآخر ويذهبون صوبها لترسم لهم ما يحتاجونه من رسوم إلى أن استولت على كل تلاميذ القسم ، وبعد ذلك كل تلاميذ المدرسة . وكرد فعل سلبي تجاه عملها هذا قررت في لحظة غضب التخلي عن الرسم والاتجاه إلى إتقان الخط. وهو الأمر الذي جعل من أستاذ مادة اللغة العربية بالخصوص يشيد بي ، ويكلفني مرارا وتكرارا بكتابة الدروس بدلا عنه على السبورة . هكذا استرجعت مكانتي التي فقدت مني بواسطة الخط ، في حين ظلت التلميذة نجاة ، وكان هذا هو اسمها تستحوذ على فن الرسم بشكل لم يستطع أحد أن يزاحمها فيه .
ومع كل هذا الإحباط الفني في مجال الرسم، ظللت محتفظا بعلاقة سرية معه. كنت حين أعود إلى البيت أنفرد في غرفة صغيرة بنيت على السطح وأظل أرسم الساعات تلو الأخرى، وحين كنت أتعب من الرسم آخذ كتابا من الكتب التي كنت أجدها في هذه الغرفة السطحية التي حولها أبي إلى مكتبة خاصة به، وأنغمس في القراءة . هنا قرأت كثيرا من الكتب بدءا من كتاب « ألف ليلة وليلة « و « سيف بن ذي يزن» و « حمزة البهلوان» و « عنترة بن شداد» وما إلى ذلك. ونظرا لأن هذه الكتب قد شدتني إلى عالمها السحري فقد بدأت في رسم شخصياتها المتعددة. هكذا رسمت شهريار وشهرزاد كما رسمت السندباد البحري والسندباد البري، و رسمت سيف بن ذي يزن كما رسمت عنترة بن شداد ، ورسمت حمزة البهلوان كما رسمت مهر دكار . وكنت كلما انتهيت من رسم صورة معينة أقوم بتعليقها من فرط إعجابي بها على جدران الغرفة. وكان أبي كلما رأى صورة من هذه الصور وهي معلقة على الجدار، يضحك كثيرا لكنه لا يقوم بنزع أي واحدة منها تشجيعا لي ورغبة منه في عدم إحباطي.
هكذا امتد حب الرسم في داخلي، لكن حب الكلمات طغى عليه بعد ذلك، فقد أخذتني الروايات بعيدا في عوالمها ولم يعد لي وقت للرسم. كما أن فن الكتابة هو الآخر قد جرني إلى عوالمه فبدأت أرسم الخطوط وأتفنن في عملية رسمها، كما بدأت أحس بروعة الحروف العربية وأشكل منها عوالم سوريالية لا أريها لأحد . ومضت الأيام كما تمضي . وحين بزغت القصيدة المغربية الحداثية وهي تتحلى بكاليغرافيتها مزهوة كما الأنثى في ليلة زفافها مع كل من الشعراء المغاربة سالم حميش ومحمد بنيس وأحمد بلبداوي وعبد الله راجع ومحمد الطوبي ومصطفى أجماع بعد ذلك وسواهم ، وهي تزف نفسها إلى قارئها ومشاهدها في ذات الآن ، عادت تسكنني الرغبة في كتابة قصائدي بخطي ، لكنها لم تكن تحظى بالنشر إلا بعد أن يتم تجريدها من لباسها الأصلي ، أي الخط اليدوي الذي كتبت به ، وإلباسها الخط الطباعي المتداول. وفي سنة 2000 وأنا أبعث بقصيدة لي حملت عنوان « هدية الصداقة» كتبتها باللغة الفرنسية، إلى مجلة « أغورا» المغربية ، فوجئت أن المشرفين على هذه المجلة الصادرة باللغة الفرنسية ، قد ارتأوا نشر القصيدة بخطي الشخصي على الغلاف الأخير من المجلة . هل لأن القصيدة كانت جميلة وبسيطة، أم أنها بالإضافة إلى ذلك كان الخط الفرنسي الذي كتبت به رائعا؟ لست أدري. لكن الجميل في الأمر ، وهو ما يستدعي الحديث عنه طبعا ، هو أنني في تلك الليلة لم أنم من الفرح ، وحين جاءني النوم مثل طيف جميل ، حمل لي معه حلما رائعا ، إذ رأيت نفسي في هذا الحلم أنني أجلس في أحد المقاهي الراقية في وسط المدينة ، و ارشف بكامل الهدوء والثقة من فنجان القهوة الذي أمامي رشفات رائقة وأنا أقرأ مقالا نقديا كتب عني بالمناسبة ، لكني للأسف لم أر اسم موقعه وان حاولت ذلك ، إذ لسبب ما كان يختفي هذا الاسم كلما حاولت النظر إليه، ليعود إلى الظهور مجددا كلما استغرت في كلمات المقال وتظاهرت بعدم الرغبة في معرفته . وحين استيقظت من نومي ابتسمت كثيرا، وعلمت أن الأمر لم يكن سوى مجرد حلم جميل حتى وان ظلت كلمات المقال راسخة في ذهني إلى اليوم. هكذا أعدت قراءة المقال مرارا وتكرارا في ذهني، بل قمت وسجلته بالتمام والكمال في مفكرتي اليومية كما لو كان بالفعل مقالا حقيقيا.
سيزداد بعد ذلك عشقي للكتابة الجميلة، أو على الأصح المكتوبة بالخط الجميل ، لا سيما حينما قرأت كتاب «ديوان الخط العربي» لكل من الكاتبين عبد الكبير الخطيبي ومحمد السجلماسي الذي ترجمه الكاتب الروائي محمد برادة. هذا الكتاب الفني الرائع الذي غاص في عوالم الخط العربي وسعى إلى الإمساك بها بكثير من العمق الفكري والجمالية الفنية. يعرف الكاتبان فن الخط بهذه الكلمات الجميلة الدالة : «المقصود بفن الخط هنا ، في معناه الدقيق، الفن الذي يعتبر نفسه متوفرا على هذه الصفة، وقائما على بنية متميزة ، وقواعد هندسية و زخرفية . وعندما نقول : فن قائم الذات، فإننا نعني أنه يستتبع في تخطيطه نظرية في اللغة وفي الكتابة . وقبل كل شيء ، فإن هذا الفن يدخل في نطاق البنية اللسنية ، ويشكل معجما ثانيا للرموز ، منحدرا من اللغة ، إلا أنه يلعب بها ويضاعفها عن طريق حركة مرئية.»
وحين قرأت ذات ليل بهي « حصان نيتشه « للكاتب عبد الفتاح كيليطو ، مترجما إلى اللغة العربية من لدن الكاتب عبد الكبير الشرقاوي ، توقفت كثيرا عند هذه الكلمات الفاتنة بسحرها: « أثناء العطل ، كنت أستمر بشكل طبيعي تماما في النسخ، لحسابي الخاص، كنت أقضي أيام الصيف الطويلة الخانقة في نسخ الكتب المدرسية. كانت أمي فخورة أن تراني أعمل دون انقطاع، أبي لم يكن يقول شيئا، لكنه كان يرميني بين اللحظة واللحظة بنظرة متهمة، خصوصا حين يراني أرسم، فعل كان يبدو له دون شك عابثا، لا علاقة له بالانضباط العلمي للدراسة. وبالفعل لم أكن أقنع بنسخ النصوص، كنت كذلك أستنسخ أحيانا الصور التي تصاحبها «.
حقيقة لقد تخيلت نفسي و أنا أقرأ هذا الكتاب الممتع سواء باللغة العربية كما أسلفت ، أو حين عدت إليه بعد ذلك و هو مكتوب باللغة الفرنسية كما خطه صاحبه عبد الفتاح كيليطو بغية تهيئ دراسة عنه بهذه اللغة ذاتها ، تخيلت نفسي كما قلت ، في موقع هذا الطفل المجد الذي كان يسعى جاهدا لتحويل هذه الكلمات والصور من الكتب الموجودة فيها إلى ملكيته الخاصة ، فحين تكتب شيئا بخطك فأنت تشعر كما لو أنه قد أصبح ينتمي إليك ، حيث تتقوى أواصر الصداقة بينك وبينه . وهو ما كان يقع لي في غالب الأحيان حينما كنت طفلا أسعى للقبض على الكلمات والصور المصاحبة لها. لقد تراءت لي صورتي أنا الآخر، حين كنت صغيرا أرسم في دفتري عصافير ملونة لا حصر لها ، و أجعلها محلقة في الهواء الطلق تارة و واقفة على أغصان الأشجار تارة أخرى ، لكني لم أتذكر يوما أنني قد رسمت أي عصفور وهو محبوس في القفص ، ربما لأنني كنت كثيرا ما أفضل تربية الحمام تاركا له حرية التحليق فوق سطح بيتنا ، على شراء عصافير مغردة ووضعها في أقفاص،على الرغم من أنني كنت أستمتع بغناء العصافير وهي تأتي إلى سطح البيت مشاركة للحمام في الحبوب التي كنت أرميها له . وعلى ذكر الحمام، فما أن أرى لحد الآن لوحة فنية يحتل فيها الحمام مكانه اللائق به داخل اللوحة حتى أظل مشدوها أمامها. ومن هنا ربما أتى عشقي الشديد للوحات الفنان المغربي أحمد بن يسف خصوصا حين تكون الحمامة حاضرة فيها. فالحمام طائر جميل شكل رمزا للسلام و رسولا للمحبة بين العشاق على مر تاريخ الإنسانية. وهو ما دعا الفنان العالمي بابلو بيكاسو إلى رسم حمامة بيضاء بطريقة تشكيلية فذة في لوحة من لوحاته الخالدة على مر الزمن . هذا الزمن الذي يمضي و تطير حمائمه في السماء زاهية محلقة بأفق رمزي هائل، تاركا لنا فرصة استعادتها كلما جرفنا الحنين إلى ذلك وهو ما نقوم به الآن و في هذه اللحظة بالذات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.