صيحة أمل، وصيحة حياة تطلع هذه المرة من حي وشم بالمآسي في ذاكرتنا الجمعية. من خلال الأحداث الإرهابية التي شهدتها بلادنا، والتي نبهتنا إلى حجم التهميش الذي يعيشه جزء منا كبشر، والذي قد يدفع إلى ما لا نتوقعه. من هناك، من وسط أحياء سيدي مومن، يأتينا صوت «البنت» دنيا باطما، ليعيد لنا دفء الأغنية الجميلة التي تفاعل معها الجمهور المغربي، وتغنت بها سيدة الطرب المغربي نعيمة سميح، سميرة بنسعيد وعزيزة جلال والراحلة رجاء بلميلح وغيرهن. مناسبات مختلفة، كان صوت دنيا يصدح في القاعات ليحيي فينا مجد أغنيتنا المغربية الذي تحاول آلة الميوعة، سواء في بعض قنواتنا التلفزيونية أو في بعض حفلاتنا.. أن تطمسه، لتجعل من «المسْخ» عنواناً لفننا الحديث! دنيا.. هذه الفتاة التي لم تتمم سنتها العشرين بعد، والتي اختارت بنبرتها الضاربة في عمق الشاوية جانب الفن المغربي الأصيل، ما هي إلا سليلة آل باطما وابنة الفنان حميد باطما، أحد المؤسسين لفرقة مسناوة، والذي أتحفنا معها بروائع الفن الشعبي، المستوحى من عمق تراثنا المغربي، قبل أن يلتحق بالمجموعة الرائدة «ناس الغيوان»، رفقة أخيه رشيد باطما، ليتمما المشوار الذي أسس له أخوهم المرحوم العربي باطما إلى جانب الفنان عمر السيد والمرحوم بوجميع وعلال يعلي وعبد الرحمان باكو. لا غرابة إذن أن تعشق دنيا فن بلادها، فالوالد والأعمام من العربي مروراً بسي محمد وعبد الرحيم إلى العمة الحاجة أمينة والجدة حادة كانوا وراء إبراز جانب كبير من الألوان التراثية المغربية كل من موقعه. قد تعيد دنيا تجربة عميها العربي وسي محمد، اللذين جعلا من خلال «ناس الغيوان» و «المشاهب» للحي المحمدي عنوانا عالمياً، وهو الحي الذي كان مسكناً للبسطاء ليضفيا عليه إلى جانب كتاب ومبدعين آخرين منهم عبد الله راجع وبوجميع وعنيبة لحمري ومحمد مفتاح وسوسدي محمد والعربي الزاولي ودفاع وبؤاسا وحسن نرايس والمسكيني الصغير وكيراً وغيرهم مسحة أخرى تعبر عن مكنون ثقافي رائع سيصبح من بين قاطرات الإبداع المغربي ليعلن فينا بأن مطرب الحي يطرب. قد تعيد هذه الزهرة، الآتية من عمق الحي المحمدي البسمة إلى سيدي مومن، وقد تكون مثالا، يصرخ في أبواق العالم بأن سيدي مومن بسمة جميلة وفيه ما يشد الانتباه.