رغم أهمية القصبة الإسماعيليةبالمدينة تاريخيا وثقافيا كجزء لا يتجزأ من هوية وشخصية سكان المنطقة ، فقد تركت للمصير المجهول بعدما بدأت في سنة 2002 عملية الترميم ، وتساءلنا أنذاك عدة أسئلة أهمها : هل سيتم ترميمها وفق المعايير الأساسية اللازمة لبناء القصبات في عهد السلطان المولى إسماعيل نوعية المواد والتربة المستعملة ، وتقنيات بناء القصبات و... كي تبقى صا مدة في وجه عوامل التعرية والكوارث الطبيعية لزمن طويل و تضمن للأجيال القادمة مشاهدة تراثهم التاريخي والإنساني؟ وهل سيتم ترميمها كاملة خارجيا وداخليا ؟ وقد تبين مع مرور الوقت بأن تلك الأسئلة كان لها ما يبررها ، إذ لم تمض سوى أسابيع على عملية الترميم حتى تشققت بعض الأجزاء التي تم ترميمها وسقطت قشرة بعض الجدران المرممة جراء الأمطار ، ليتم من جديد إصلاحها ،ولم يتم ترميم سوى الجهة الغربية وجزء من الجهة الشمالية ، وذلك عبر مراحل . وتركت الأجزاء الأخرى بدون ترميم ، عاكسة بذلك تناقضا بين جزء مرمم وآخر غير مرمم ، حيث لم يتم ترميم أو إصلاح ما بالداخل ، بل تركت عدة دور مهدمة لتتحول الى مراحيض وأماكن تمارس فيها أمور يندى لها الجبين وملاجئ للمتسكعين ، إضافة الى تراكم الأزبال بعدة أماكن داخل القصبة وخارجها وقد تم فقط الإكتفاء بإغلاق بعض الدور لتبقى في طي النسيان ، وتركت عدة ابواب بالداخل شبه مهدمة تتساقط حجارتها تدريجيا لتصبح عما قريب في خبر كان .. ونتساءل من المسؤول عن المآثر التاريخية ؟ وما هي الجهات المكلفة بترميمها وإعادة تأهيلها وصيانتها ومراقبتها والحفاظ عليها لكونها تشكل مراجع للتاريخ وشاهدا عليه ، وورقة للإستثمار السياحي ، وأماكن طبيعية للمتاحف وترويج بضاعة الصناعة التقليدية المعروفة بالمنطقة ومكانا للملتقيات الثقافية بالهواء الطلق ، وسببا وحافزا حقيقيين من اجل التنمية البشرية الدائمة و الهادفة للحفاظ على التوازن الإنساني وعلى هوية سكان المنطقة من اجل الاستمرارية في كل الميادين ،علما بأن القصبة تقع في قلب المنطقة ، بجانبها محطة القطار ومحطة حافلات المسافرين وسيارات الأجرة ، الكبيرة والصغيرة، وملتقى الطرق المؤدية الى كل الاتجاهات ، وما اختيار مكان بناء القصبة الإسماعيلية الا دليل على موقعها الإستراتيجي الذي ساهم في الازدهار التجاري للمنطقة وقلعة ظلت لأزيد من ثلاثة قرون تحمي الطرق التجارية وتصدت للمد العثماني. ونسأل هل تم إحصاؤها مؤخرا مع كل تلك البنايات المهددة بالسقوط من أجل إعادة الترميم والإصلاح وتبقى كشاهد على تاريخ المنطقة وصمود اهلها ؟ أم ننتظر متى ستسقط لتوقع ضحايا وتكون الكارثة ، وتكون نهاية تاريخ المدينة ؟ إن المطلوب من الجهات المسؤولة ، ماديا واخلاقيا، التحرك بسرعة والتعجيل بوضع حد لما تتعرض له القصبة الإسماعيلية من تلوث بيئي وأخلاقي يوميا وأمام الملأ دون ان يحرك أحد ساكنا . ونحن نحذر ، إن سقطت القصبة سينتهي بذلك تاريخ المنطقة وتزول ذاكرتها ، لأن المدينة بدونها ستصبح بدون هوية ! فأين هي الجمعيات وهيئات المجتمع المدني والهيئات الأخرى ؟