ترواحت مواقف الشارع الليبي بعد إطلاق سراح العشرات من السجناء الاسلاميين بين الترحيب والقلق عن المستقبل. وكانت السلطات الليبية أفرجت يوم الأربعاء 24 مارس عن 214 مؤيدا وقائدا تائبا للجماعات الإرهابية بمن فيهم عشرات من الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة، بعد أن تخلى المقاتلون عن الإرهاب. وأصبح عدد الإسلاميين المفرج عنهم 705 لحد الآن, وحسب سيف الاسلام القدافي، ابن الزعيم الليبي معمر القذافي، مازال في السجون الليبية 232 سجينا سيطلق سراحهم عما قريب. وقال سيف الاسلام القدافي في ندوة صحفية بالمناسبة "هذا اليوم يعني يوم من أيام المصالحة والمصارحة ولم الشمل، فاليوم يعني بصفتي رئيسا لمؤسسة القذافي الراعية لهذه المبادرة ... مبادرة الحوار مع كل الجماعات الاسلامية التي في السجن أو في الخارج". ويضيف سيف الإسلام أن إطلاق سراح المجموعة الأخيرة التي تضم أمير الجماعة الليبية المقاتلة عبد الحكيم بلحاج وخالد الشريف المسؤول العسكري للجماعة "فتح جسور الحوار والنقاش وإعادة دمج كل الإخوان في المجتمع حتي يكونوا معاول بناء وليس هدم". وفي وثيقة تقع في 417 صفحة صدرت سبتمبر الماضي تحت عنوان " دراسات تصحيحية حول فقه الجهاد، الحسبة والحكم"، تبرأت الجماعة الليبية من القاعدة وأدانت قتل المدنيين بحجة الجهاد. وتضم لائحة مؤلفي الوثيقة أخا إرهابي القاعدة والزعيم السابق للجماعة الليبية المقاتلة أبو يحي الليبي الذي قتل في باكستان سنة 2008. العديد من الليبيين الذين اتصلت بهم مغاربية اعتبروا الإفراج الجماعي إيجابيا لكنهم يأملون أن تتخذ الحكومة خطوات إضافية. الناشط الحقوقي علاء محمد الدرسي، قال "نرحب بالإفراج وإن كنا نعتبره خطوة متأخرة جداً". لكنه أضاف "مازال هناك مساجين أبرياء أو أنهوا مدة حكمهم لم يكونوا من بين المفرج عنهم اليوم". الناشطة الحقوقية غيداء التواتي قالت "إن إطلاق قيادات هرمية في الجماعة المقاتلة الليبية يعتبر خطوة في الإتجاه الصحيح للمضي قدما في إصلاح البيت الداخلي الليبي"، وأضافت "أتمنى أن تستمر سياسة الحوار والمصالحة لأنني اعتبرها الطريق الوحيد لترتيب البيت الداخلي الليبي، ونبذ سياسة الإقصاء وتقييد الحريات". وختمت التواتي "لا أنسى أن أذكر في هذه اللحظة سجين الرأي زميلي الكاتب جمال الحاجي الذي لايزال يقبع في السجون الليبية وأتمنى أن يفرج عنه قريبا". فيما نبه آخرون إلى أن الإفراج عن السجناء ليس حلاً للمشاكل التي تواجه المجتمع الليبي وخاصة تلك التي تهم الجهاز القضائي. وفي تصريح لمغاربية قال المحامي عبد السلام المسماري "حين ننظر إلى المسألة من زاوية الحقوق التي تعرضت للانتهاك نجد أن الانتهاكات هذه المرة لم تقتصر على اعتقال غير قانوني لمشتبه فيهم، بل وقعت على أشخاص ثبتت براءتهم بأحكام قضائية". وأضاف "هذه الانتهاكات شكلت جرائم جنائية خطيرة منها حجز الحرية دون مبرر، والامتناع عن تنفيذ أحكام القضاء بل وإهانة وتسفيه القضاء بشكل علني لإيجاد ذرائع للاستمرار في اعتقال مئات السجناء الذين برأتهم المحاكم". ويضيف المحامي "لا ضمانة لعدم تكرار هذه الانتهاكات إلا بالردع القانوني للمسئولين عنها ومحاكمتهم، وإلا فإن الأمر سيتحول لما يشبه عبث كرنفالي سيء الإخراج يتمحور حول هدر حقوق الناس ثم المنة عليهم بمنحهم إياها في حفل يظهر فيه الضحايا وأهلهم البهجة والعرفان". وفي تصريحاته للصحفيين يوم 23 مارس، عرض سيف الإسلام القذافي نظرة أكثر تفاؤلا عن إطلاق السراح مشددا على دور مؤسسته في إعادة إدماج الإسلاميين المفرج عنهم في المجتمع. "هناك برنامج ونحن كلنا راعيناه، كيف نساعد هؤلاء الإخوان لما يخرجوا للحرية ويرجعوا للمجتمع كيف يتم تأهيلهم بحيث يكونوا مندمجين بشكل صحيح ويكونوا أيضاً فعالين وقوى بناءة في المجتمع من حيث التعليم ومن حيث فرص العمل". عن المغاربية