يحمل أليكسيس نورامبوينا وجوناثان زوريلا الجنسية التشيلية ولا يجيدان اللغة العربية، لكنهما سيدافعان في كأس آسيا 2019 لكرة القدم عن ألوان المنتخب الفلسطيني الذي يضم لاعبين لم يعرفوا من الأراضي المحتلة سوى الجذور العائلية، أملا بتحقيق نتائج إيجابية. ويستعد المنتخب لمشاركته الثانية (بعد 2015) في البطولة التي تقام في الإمارات بين الخامس من كانون الثاني/يناير والأول من شباط/فبراير، بتشكيلة تضم في صفوفها لاعبين نشأوا بعيدا عن أرض أجدادهم الذين هاجروا بسبب ظروف الاحتلال الإسرائيلي والمعاناة المستمرة منذ عقود. ولد زوريلا في تشيلي عام 1992، وعاد الى الأراضي الفلسطينية مطلع عام 2017 كلاعب في صفوف أهلي الخليل. اللاعب الحالي لنادي هلال القدس، اكتسب في الأشهر الماضية تجربة التعرف الى لاعبين آخرين في المنتخب، ويستعد للدفاع عن ألوانه في أول بطولة رسمية له معه. ويقول زوريلا لوكالة فرانس برس على هامش المعسكر التدريبي ل “الفدائي” (لقب المنتخب) في الدوحة “ولدت في تشيلي لكنني أشعر بأنني فلسطيني أكثر بسبب هؤلاء اللاعبين الذين عرفتهم للعديد من السنوات”. ويوضح لاعب خط الوسط الهجومي الذي تعود جذوره العائلية الى مدينة بيت جالا في الضفة الغربيةالمحتلة “إنه لأمر جيد جدا أن أدافع عن هؤلاء الناس، أن أمثل في الملعب الناس الذين يخوضون قتالا دائما”. اقرأ أيضا: إقليمالصويرة .. تواصل عملية صرف الإعانات المالية لأصحاب "الراميد" بالوسط القروي من جهته، يقول نورامبوينا الذي دافع عن ألوان أندية تشيلية عدة خلال مسيرته الاحترافية “كرة القدم هي طريقة لتوفير الفرح للناس، وقيامنا بتمثيلهم في هذه الكأس هو أمر مهم بالنسبة الى البلاد (فلسطين)”. يضيف “نأمل في أن نمثلهم ونقدم لهم ما يكفي من الفرح”. تجربة المنتخب الفلسطيني ليست فريدة من نوعها، اذ تلجأ العديد من المنتخبات للبحث عن لاعبين متحدرين من بلادها للدفاع عن ألوانها. وتستفيد المنتخبات من إجازة قوانين الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) للاعبين باللعب مع منتخب الجذور العائلية (أو منتخب آخر يحملون جنسيته)، بشرط ألا يكونوا قد خاضوا أي مباراة مع المنتخب الأول للبلاد حيث ولدوا. ويوضح مسؤول سابق في الاتحاد الفلسطيني أن الأخير تواصل مع الجاليات المنتشرة حول العالم للبحث عن مواهب كروية تعود جذورها الى الأراضي المحتلة، قبل التأكد من شهادات ميلاد الآباء والأجداد، وضمهم للمنتخب الذي يدربه حاليا الجزائري نور الدين ولد علي. ويضيف المسؤول الذي طلب عدم كشف اسمه، لفرانس برس أن البحث تركز في تشيلي “حيث يتواجد فريق يحمل اسم فلسطين (“ديبورتيفو بالستينو”)” تأسس في 1920 على يد مهاجرين فلسطينيين، وقام لاعبوه أواخر عام 2016 بزيارة الأراضي المحتلة وخوض مباريات فيها. وتضم تشكيلة المنتخب الفلسطيني للبطولة، والمؤلفة من 23 لاعبا، عشرة لاعبين من جذور فلسطينية يحمل بعضهم كنيات عربية مثل جاكا حبيشة المولود في سلوفينيا، وآخرين “عر بت” أسماءهم نسبة لذويهم، مثل نورامبوينا المعروف بأليكس نصار والمتحدر من مدينة بيت لحم، وياسر بينتو المعروف بياسر إسلامي. ويطرح هذا المزيج بين اللاعبين معضلة التواصل في صفوف المنتخب، اذ إن العديد من حاملي الجنسية الأجنبية لا يتقنون اللغة العربية. ويقول نورامبوينا “للتواصل، البعض يتحدث بالإنكليزية وآخرون بالإسبانية ونتمكن من فهم بعضنا البعض”، معتبرا أن المعسكرات التدريبية على غرار الذي أقيم في الدوحة “تساعدنا على فهم بعضنا البعض بشكل أكبر”. اقرأ أيضا: طرد أستاذ أميركي بسبب تغريدات مؤيدة لغزة ويتابع “ربما لا نلعب جميعنا مع بعضنا البعض ولا يعرف بعضنا الآخر بشكل جيد، لكن ما يهم هو الفريق”. ولا يرى المدرب ولد علي أن لعائق اللغة تأثيرا على أداء المنتخب. ويقول ردا على سؤال لفرانس برس عن التواصل بين اللاعبين “يجب التأقلم، يجب فرض نظام وتنظيم ويجب أن يلتزم الجميع بذلك”، معتبرا أن الجامع بين اللاعبين سيكون “كرة القدم، والحافز من أجل التأهل، الحافز من أجل الفوز بمباراة، الحافز لتمثيل فلسطين بشكل جيد”. في بطولة 2015 في أستراليا، خسر المنتخب مبارياته الثلاث في دور المجموعات، وتلقى مرماه 11 هدفا مقابل تسجيل هدف يتيم. لكنه حقق في المباريات الودية التحضيرية لبطولة 2019 فوزا على باكستان وتعادلين مع الصين وإيران وخسارة أمام العراق، ما أعطاه أملا بتحقيق نتيجة أفضل في الإمارات 2019، على رغم وقوعه في المجموعة الثانية الصعبة التي تضم أستراليا حاملة اللقب والأردن وسوريا. ويخوض المنتخب مباراته الأولى ضد سوريا الأحد. وتشكل مشاركة المنتخب على رغم المعاناة من ظروف الاحتلال التي تؤثر سلبا على تنقل اللاعبين وفرص جمعهم للتمارين بشكل دوري، بارقة أمل للفلسطينيين. ويقول المدرب المحلي محمد سليمان “المنتخب يمثل الوطن وهو مفخرة، وبات ينافس على المستوى الآسيوي (…) نأمل في أن ينجز شيئا بين المنتخبات في مجموعته”. من جهتهم، يقر اللاعبون حاملو الجنسية الأجنبية بأن المنتخب قد لا يكون من المرشحين لتقديم نتائج إيجابية في البطولة، الا أن ذلك لا يحد من أملهم بمخالفة التوقعات. ويقول زوريلا “أرى أنها (المشاركة في البطولة) فرصة جيدة لكل اللاعبين في المنتخب. أعتقد أننا نستعد بطريقة جيدة جدا وسنحاول تحقيق مفاجأة”.